المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التحالف الامرياسرائيلي- السوري



مروان الدوسري
23/12/2008, 06:14 PM
الحوار الامرياسرائيلي-السوري

في ظل الماراثون المتزايد المتسابقين،تسعى الولايات المتحدة الى استقطاب اكبر عدد ممكن من الحلفاء في منطقة الشرق الاوسط للحد من النفوذ الايراني المتصاعد علما ان الاخير يشكل واجهة لدول وتكتلات اكبر واكثر قوة منه.
ان سعي الولايات المتحدة الى انشاء وخلق معسكرات وتحالفات جديدة لتطويق الافعى الايرانية جاء عصارة لتاريخ تحالفات وتجارب كـُوّنَت سابقا وادت الى انهيار دول وكيانات قوية,كحلف بغداد والحلف الاطلسي والناتو...الخ,مما اوصل الى قناعة تامة بان الطوق هو افضل وسيلة لقتل او انهاك ماصعب من الفرائس.فعبر التاريخ كانت الجيوش المتحاربة حال فشلها في القضاء على اعداءها بالمواجهة المباشرة تلجأ لطرق ووسائل اخرى كالحصار وتوجيه الضربات عن بعد والتي تصب في مجرى واحد هو محاولة قطع الاسناد والامدادات او المعونات باشكالها المادية والسياسية والعسكرية التي تؤدي الى انهاك العدو وجره الى طاولة المفاوضات او الاستسلام.
واليوم قد نجحت الولايات المتحدة الى حد ما في احكام واستكمال عدد كبير من حلقات الطوق الامريكي حول الرقبة الايرانية،فها هي في افغانستان والخليج والعراق وتركيا...تباعدا الى باكستان والهند,اسرائيل ومصر مصبا ً اليوم في سوريا والتي تمثل جزءا اساسيا من جذع الافعى الايرانية في المنطقة ودورها المحوري في تغذية الذيل المزروع في قلب المنطقة الاكثر حساسية بالنسبة لاسرائيل وأمنها ألا وهو(حزب الله),بالاضافة للدور السوري الكبير في زعزعة الامن - بالمفهوم الامريكي- في العراق بالتعاون مع ايران عن طريق فتح الاذرع والاحضان للمعارضة العراقية الحالية بشتى اشكالها الرافضة للتواجد الامريكي في العراق..؟والسماح للمقاتلين الاسلاميين وغيرهم، العرب وغيرالعرب بالمرور عبر اراضيها وصولا الى العراق,بما يتناسب مع منظورها في المصالح الستراتيجية.
لذلك واكثر كان لابد لامريكا نسج خيوط قوية لتحالفات اساسية مع سوريا والصلح مع نظامها،وفي الوقت ذاته ادركت القيادة السياسية السورية بانها غير قادرة على المضي قدما في متابعة برنامجها النووي بصورة سرية بعدما تعرض له مفاعلها الرئيسي من ضربة قصمت ظهره وشلت مستقبله،مما يدل على قدرة اسرائيل او امريكا الاستخباراتية في اختراق اجهزة الامن والمخابرات السورية وتجنيد الجواسيس من قلب المفاعل ذاته،وهذا امر تدركه القيادة السورية بمختلف منشاتها الامنية والسياسية.
اذن لابد لسوريا ان تغير تحالفاتها وستراتيجياتها بعدما شاهدت بعين اليقين قدرة عدوها الجار والمتاخم لحدودها(اسرائيل) وضعف سوريا المتمثل بعدم قدرة اجهزة الدفاع الجوي السوري ولو باصابة طائرة اسرائيلية اجترأت على قطع مئات الكيلومترات داخل العمق السوري مجيئا ومثلها ذهابا وتمكنهم من اصابة الهدف بدقة بدون أي خسائر تذكر سوى وقود الطائرات وقذائفها!
فأين الوعود الايرانية والكفاءات الكورية والروسية...؟؟
استغلت الولايات المتحدة هذه النقطة المهمة وأدرك الطرفان مدى قوة الآخر وضرورة استقطابه،وبوساطة تركية ورعاية امريكية كانت المحادثات الاسرائيلية –السورية عن الجولان السوري المحتل جوهر الصراع بين الطرفين.
ففي حالة الاتفاق على الارض مقابل السلام تكون سوريا قد حققت وبشكل سلمي ودبلوماسي,نصرا تاريخيا لم يسبق له مثيل في المنطقة برمتها يعود عليها بفوائد سياسية واقتصادية كبيرة اكثر مما كانت تتوقعه او حسبت له في التحالف مع ايران المحاصرة.
وهذا في الحقيقة ماادركته القيادات السورية الان وقبل فوات الاوان مما وجه ضربة قوية لايران والمعارضة السورية في الداخل والخارج والتي غضت امريكا ومنظماتها الانسانية مؤخرا الطرف عن مايتعرض له عناصرها من اضطهاد وتعذيب وملاحقة داخل سوريا وخارجها مع الاحتفاظ بهذه الورقة كما تفعل حيال مجاهدي خلق في العراق وخارجه.
فبهذا تكون الولايات المتحدة قد استكملت حلقة جديدة تضيفها الى الطوق حول ايران,لابل انها حلقة اساسية لاسيما اذا مااعتبرنا سوريا قلب حزب الله وشريانه،ذلك المشكل الاساسي والخطير في استقرار لبنان احدى حلقات سلسلة التحالفات الامريكية الاستراتيجية في المنطقة.
تمتلك القيادات السياسية السورية مستوى من الدهاء يمكنها من السير على الحبال وسط الجبال الشاهقة وتياراتها العاتية،ولهذه القيادات القدرة على امساك العصا من وسطها لئلا تعصف بها رياح الصراعات في المنطقة المحيطة،ولقد تعاملت هذه القيادة بذكاء تجاه كل المواقف على خلاف جارها العتيد بنظامه السابق المتمثل بصدام حسين وحزبه.
فسوريا لاتريد ان تخسر ايران باعتبارها قرشا ابيض ينفع بالزمن الاسود،وكذلك لاتريد ان تثير حفيظة اسرائيل ومن ورائها عواصف الولايات المتحدة وحلفائها العرب في الخليج والاردن ومصر بالاضافة للعراق حاليا.ولهذا تعمل القيادة السورية على التعامل ببطيء شديد يساعدها على الاقتراب عند ساعة الصفر لتحديد موقفها الصريح والمعلن عندما ترتسم خيوط فجرالقوى الجديدة في المنطقة بعد ان ينكشح الضباب عن جبهة الصراع الاساسية في المنطقة المتمثلة بارض العراق،الذي يتحكم الصراع الدائر فيه بتارجح كفة الميزان للقوى المستقبلية المسيطرة على العالم.




مــــــــروان الدوسري

30-تموز-2008