المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مجنون الأشجار-عبد الناصر لقاح



حسن العابدي
29/12/2008, 01:01 AM
مجنون الأشجارعبد الناصر لقاح
*حسن العابدي

أجمل التحايا عاطرة وأزكى سلام.


- يسعدني أن ألتقي اليوم الشاعر عبد الناصر لقاح، وأن أحضر حفل تكريمه في مدينة جميلة وهادئة، مترعة بالأشجار، وهو أصلا مجنون أشجار.إنسانا وشاعرا، أستاذا وصديقا من المقربين.لم تثمر صداقتنا المتبادلة إلا ما يطيب ذكره،ويستحق إذاعته في الناس. من أجل ذلك حضرت لأدلي بشهادتي في حقه. وهي على اقتضابها وصدقها ، تبقى قاصرة عن الإحاطة بشخص هذا الرجل،وبتجربته الشعرية المتميزة.

1-أن تقرا لعبد الناصر لقاح ، وتسمع منه عن كثب، خير لك من أن تسمع عنه من قبل أي وسيط نكرة كان أو معرفة. وليس الخبر كالعيان.
-علي إذن أن أقول كلمتي في هذا الرجل كما أعرفه،وفق ما تراءى لي في صفحة النفس والفكر. ولغيري واسع النظر .

*الشكل والصورة:
عبد الناصر لقاح طائر صداح،لكن خارج السرب،لأنه لا يحب التناسخ،ويأنف من انتحال ريش غيره من أطيار الشعر.شاعر يكاد يكون نسيج وحده في المشهد الشعري الحديث.
- مبدع ينماز بتعاطيه للأمومة موضوعة أدمنها بشكل لافت في سره كما في علنه. لم يبرحها إلى ما سواها إلا لماما.وبذلك يكون شاعرنا شاعر الأمومة بامتياز.وخاصة في مجموعته الشامخة"شهوة الأشجار"،التي تعتبر برأيي إنجيل مذهبه الشعري في الأمومة،بله إنها تمثل إضافة نوعية في مخبرها ومظهرها الفني،في وقت تشابهت فيه الأصوات وتهافتت التجارب، واعتم الأفق الشعري أيما عتمة بدخان التناسخ والاجترار،فاختلط الحابل بالنابل في سوق النقد والإبداع.يقول مقطع من قصيدة شرود.ص.29:

* كل قبر هو قبر لأمي / فلا تدخل إلى قلـــبي
حتى تغـــــسل اسمك بالتــــربة والأسئلـة
أو تغزل وجهك بالجسم الأول / والشهــــقة المستحيلة
لا تدخـــل في الأنوثة حتى ترحل في الماء.

-عبد الناصر لقاح كينونة جميلة تحسن الاستماع وتفيد الأسماع. وتلك عملة نادرة في سوق التواصل اليومي والثقافي المعاصر. غير أن هذه الميزة لا تمنع صاحبنا من استنفار قدراته البلاغية كلما اقتضى الحال في الرد أو المنافرة بشكل صريح ومباشر.وقلما خانته البديهة.

- شاعرنا مثقف عربي اللسان والفكر والوجدان، مزدوج البيان قولا، وما يسطره بالبنان. معتز بعروبته، متمكن من لغته، ممسك بناصيتها، ومتمرس بآلة نــثرها وصناعة شعرها.

- قارئ جيد ومتمثل للشعر العربي قديمه وحديثه،وضابط لوزنه وقافيته.ومتتبع مراقب لنبضه وحركته.

- وذو نظر ثاقب في إشاراته إلى مواطن الجمال والقوة والضعف في بعض أشعار أساطينه وسدنته.

- يحب الشجر حد الفتون،وبخاصة السرو لأنه نوع عربي أصيل.

- يكره الورد لأنه رمز النفاق ودخيل.

- يعشق البساطة في كل شيء؛في المأكل والمشرب والمفرش والحديث ويمقت التكلف والنفاق...

- سخي مع نفسه وكريم مع غيره بأفكاره وعواطفه. محب لأبنائه وفي لأصدقائه الروحيين من الشعراء- وعامة الناس من البسطاء.

- عاشق نهم لصنوف اللذاذات،وله في هذا المضمار صولات وجولات، ونوافل ومستحبات:

- ** صراطي شراب وحزن بليد /وجسم هواء وقوت قليل.ــــــــــــــ ص.61.

+ قيل لي مرة- من بين ماقيل لي- اتق شر عبد الناصر لقاح.يقصدون بذلك أنانيته، وسلاطة لسانه.فقلت في نفسي ،إن اتقاء الشر والفتن من عزم الأمور وحسن الفطن. وقلت وقالوا،وكل له مقال.إلى أن قيل:وما قولك في أنانية الشاعر؟
+ قلت :اللهم إن كان مايعزى إلى هذا الرجل أنانية،فاجعلني مثله من الأنانيين السعداء. وهذه عبارة يحلو للشاعر أن يرددها نقلا عن علال الفاسي.
-ما أجمل أن يكون الإنسان أنانيا وسعيدا! ضدا على كوكبة من المبدعين الذين ينتابهم شعور ديناصوري غريب وهم يحسبون أنهم على شيء، وإن يقولوا، تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة.لو بعث احدهم وامرؤ القيس ،ما وسع الملك الضليل إلا أن يـــــتبعه.

*شاعرنا والأمومة:-بيدين طفوليتين ناعمتين، ونزوع طفولي جامح،يمسك الشاعر بتلابيب الأمومة حد التوحد والفناء في الأنثى والحلول في معادلها الدلالي/ الأشجار.حتى غدا كل شيء عنده شجرا،وكل أنثى شجرة مختلفة الأعمار والثمار.

فإذا كان الشاعر القديم، وهو هائم بالوادي قد تساءل قائلا: هل ليلاه من الظباء ا م هي من البشر؟ فضاع صوته في اطواء الصحراء،فان شاعرنا/ لقاح يجرد من أمه ومن كل النساء أنثى من جنس الشجر يناجيها.فإذا الشجرات نساء من مختلف الهيئات والألوان والأثمار والصفات. واذا النساء شجرات يقطف من ثمرهن، ويتفيا ظلالهن.وهذا ملمح يغطي مساحة كبيرة من مجموعته الشعرية:" أشجار نصيرة الجذلى".
وانتصارا للام هام الشاعر بها وتلبستها أشعاره من حيث لايذكر أباه الاعرضا وبما يجلي صورة الأم.وكأنه اوديب جديد ملكا على الشعر.
الأم قصيدة لاتنتهي وذكرى تلاحق الشاعر،تدعه دعا،وتلح عليه سرا وجهرا.وبين الطفل والرجل في شخصية الشاعرمساحة يملؤها الحنين وتغذيها الشهوة العارمة والحلم الجامح والأنين،والجنون العاقل والتناقض الجميل.وهذا نموذج تمثيلي:

*هذا صراطي/ أن أهوى دمها
ورائحة الصوف في يدها
وخوفها وأوجاع الحنين.

-وهلم جــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــنــــ ــــــــــونــــــــــــــــــــــــــــــا.

جواد وحمو
24/02/2009, 12:25 AM
العزيز والغالي دوما الاستاذ حسن العابدي
شهادة بالغة البهاء وعميقة وصادقة في شاعر شاهق من قامة عبد الناصر لقاح
مع خالص المحبة أيها البديع

حسن العابدي
27/02/2009, 11:40 PM
الشاعر الجميل جواد أحمو

شكرا على ملاحظتك ، ولأنك أدرى بحقائق الأشياء تحرك كلامك في الاتجاه الصحيح.
تحياتي

عبدالله بن بريك
20/03/2013, 05:51 AM
مساحة ضوء وهاجة ،كشفت ملامح من شاعرية الأستاذ "عبدالناصر لقاح" و من شخصيته المحبوبة.
تحياتي لك ،أخي الأستاذ "حسن العابدي" ،و لمجنون الأشجار.