المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جنس العقل



أدهم مطر
29/12/2008, 01:18 AM
الفصل الأول

الاختلافات












قبل مائة سنة، كانت ملاحظة أن الرجال كانوا مختلفين عن النساء، في المدى الكامل من الكفاءات، المهارات، والقدرات، تعتبر أمراً يكاد يكون بديهياً أو أشبه بشهادة واضحة مُملّة تدعو للتثاؤب، إلاّ أن مجرد النطق بمثل هذه الملاحظة في الوقت الحاضر، سوف يستدعي ردود أفعال شديدة الاختلاف وهذا ما قاله"الرجل"بأن ذلك سوف يؤدي إلى حماقة اجتماعية مؤكدة وإلى فوضى الحساسية فيما يتعلق بأمور السياسة الجنسية، وإلى عجز يدعو للحزن في الحكمة التقليدية، أو أن ذلك سيكون مجرد محاولة خرقاء وليست أكثر من محاولة استفزازية.
كما أن المرأة التي تخاطر في طرح مثل هذه الرأي سوف يُنظر إليها باحتقار على أساس أنها خائنة لجنسها ولبنات جنسها وعلى أنها تخون " الانتصارات الكفاحية الصعبة" التي حققها الجنس الأنثوي في العقود الأخيرة حينما أرادت النساء فرض منزلة المساواة وحق الفرص والاحترام.
لكنه، وعلى الرغم من ذلك، فقد كانت الحقيقة العملية بأن كلّ عالم وباحث محترف في هذا المضمار البالغ الحساسية قد استنتج بأن أدمغة كل من الرجال والنساء هي مختلفة بالفعل، بيد أنه لم يخل الأمر من وجود نادر لتقسيم أعظم بين الذين يحملون آراء ُمطّلعة و ذكية في افتراض أنّ الرجال والنساء لهنّ نفس الدماغ - والذي يعرفه العلم جيداً - وبناء عليه فأدمغة كل منهما لا تختلف.
عندما قامت عالمة النفس الكندية بتقديم تقرير أكاديمي مؤهل بعنوان" هل تختلف أدمغة كل من الرجال والنساء حقاً؟" وقد اعترفت بأن الجواب على هذا السؤال كان واضحاً:
" نعم، بالطبع، لأنني سوف أتعجّب إذا لم تكن عقول كل من الرجال والنساء مختلفة ، وقد مُنحت التركيبة الإجمالية [الهيكلية] والاختلافات السلوكية المميّزة في أغلب الأحيان بين الرجال والنساء.
يشعر معظمنا وبشكل حدسي بأن الأجناس مختلفة,لكن ذلك أصبح يعتبر سر الذنب العالمي المشترك وقد يكون ذلك ناتجاً عن توقفنا عن الثقة بحسّنا العام.
أن الحقيقة العملية لاستحواذنا-كجنس بشري على كوكبنا-تتلخص في كوننا قد كنا نمثل النوع الجنسي الأكثر تطورا, فتركيبتنا العضوية قد تخصصت في وظائف جنسية مختلفة ومنفصلة بين كل من الذكر والأنثى في الجنس البشري,كما أن مسيرة تطورنا عبر الزمن قد ساهمت في تعزيزها.
لكنه وعلى الرغم من ذلك ,إلا أن كلانا كجنسين مختلفين لا نزال نشعر بالخوف,بل ونتحدى التاريخ في بعض الأحيان,لأننا نخشى بأن نظهر بمظهر المتواطئين بجرائم العصور القديمة للإجحاف الجنسي,نتحداه لأننا نريد أن نعتقد بأن الجنس البشري قد أنجز أخيرا هروبه السريع وتحرر من الجاذبية الموحلة من ماضينا الحيواني وفرضياتنا"النياندرلتالية"*,وقد استطاعت,في الثلاثين سنة الأخيرة,مجموعة صغيرة من الأشخاص الملهمين وعميقي التأثير ومن ذوي النوايا الحسنة,إقناعنا لتبني هذا التقرير المتحدي الجديد فقد اكتشفوا بأن الأديان والثقافات كانت مجرد مكيدة بل ومؤامرة ذكورية من أجل الإبقاء على تبعية وخضوع منزلة المرأة.
من المحتمل بأن هذا الاكتشاف قد يكون صحيحاً ,فقد وجدوا بأن حضارتنا المزعومة عبر التاريخ قد تأسست على العدوانية والهيمنة الذكورية,ومن المحتمل بأن هذا الاعتقاد صحيحاً أيضا, فلا تزال الهيمنة الذكورية سائرة في طريقها قدما على ما يرام,بيد أن المشكلة الحقيقية تظهر عندما نحاول البحث عن أيما تفسير "لماذا حدث ذلك؟"فإذا ما كان الرجال والنساء متماثلون وكانوا دائما في ذات الدرجة والأسلوب من مستوى استخدام كل منهم لعقولهم المتماثلة,فكيف استطاع الجنس الذكري إذاً من قيادة الدفة بنجاح؟.
عملي, فإن كل ثقافة,وكل مجتمع في العالم سوف يخترع وسيلة ما من اجل التآمر على إبقاء وضع الأنثى بحالة خضوع وتبعية لسلطة الذكر.
هل كان ذلك النجاح الذكوري يعود إلى التفوق العضلي للذكر,وزيادة وزنه والذي جعل من مملكة الأنوثة مجرد عالم محتل بالكامل لآلاف الأعوام الماضية؟.
أم هل لأن النساء كُنّ في الحقيقة-وحتى القرون الأخيرة-يبقين حبالى معظم الأوقات؟أو هل على الأرجح-وكما تقترح الحقائق-لأن الاختلافات بين عقل الذكر والأنثى متجذرة في المجتمعات التي نعيش ضمنها وفي حقيقة هويتنا كبشر.
تتجلىّ بعض الحقائق الحيوية(البيولوجية)في الحياة بأن ه ومع أفضل وأكثر الرغبات الجنسية عزما وتصميما على التحرر في العالم,إلا إننا لا نستطيع مجرد المراهنة عليها, بدلاً من الاهتياج العقيم ضد
الاختلافات بين الأجناس و ذلك من اجل زيادة المعرفة الاطلاع والمأثرة,بل وحتى من اجل الاستمتاع بها أيضا.
لقد حاول العلماء وعلى مدار المائة عام الماضية شرح تلك الاختلافات ,على الرغم من انه لا بد من الإشارة هنا إلى أن العلوم الأولى لدراسة اختلاف الأجناس قد بدا كمنهج علم خام تماما كفرضياته الأولى.
وعلى ما يبدو فقد أثبتت التجارب و المقاييس البسيطة للدماغ بأن النساء قد افتقرن إلى الموهبة الدماغية الضرورية لادّعاء المساواة في الفكر,وقد كان الألمان على الأخص قلقين بل وتنتابهم الهواجس جراء ثقافة تلك المقاييس التعليمية,فقد وجدها العالم"بايرثالBayerthal "في عام 1911 بأن ها تشكل الحد الأدنى لما يتطلبه أستاذ الجراحة المختص الذي يتعامل مع محيط رأس يبلغ بين52-53 سنتيميتر,(فدون قياس52سم للجمجمة لا يمكننا توقع أي أداء أو نشاط ثقافي ذو أهمية تذكر في حين أن قياس محيط الرأس البالغ دون50.5سم ,فانه لا يمكن توقع أية فعاليات أو نشاطات طبيعية أو أي نوع من أنواع الذكاء)وقد لاحظ في هذا الصدد أيضا على انه"ليس من الضروري أن نسال عن محيط
.................................................. ...........................................
*النياندرتالية:نسبة إلى إنسان النياندرتال الأول والذي يعزو إليه تطوره من إحدى فصائل القرود(المترجم)*
رأس النساء العبقريات,لأنه وببساطة غير موجود" لاحظ العالم الفرنسي"غوستاف ليبونGustave LeBone " بأن حجم العديد من أدمغة النساء الباريسيات هو اقرب إلى حجم دماغ "الغوريللاتGorillas " منه إلى حجم دماغ الرجل ، مستنتجاً بأن عقدة النقص الأنثوية كانت واضحة للغاية بحيث لا يمكن لأحد أن يجادل فيها ولو للحظة,وقد حذر بشدة من الوقت الذي سوف تسيء فيه النساء فهم مستوى الوظائف التي منحتها إياها الطبيعة وتترك بيتها لتشترك في معارك الرجال,وفي ذات الوقت,فان ثورة اجتماعية سوف تنفجر لتقضي على كل الروابط المقدسة المتبقية للعائلة.
بالإضافة إلى الثورة الاجتماعية التي تواجهنا لبعض الوقت,فان هناك ثورة علمية أخرى في الاختلافات بين العقول,فالكثير من- وربما معظم - الألغاز عن كيفية عمل الدماغ لم تزل دونما حل بعد,لكن أوجه الاختلافات بين الذكور والإناث-والعمليات التي تؤدي إلى وجود هذه الاختلافات-قد أصبحت الآن أكثر وضوحا.
بل أصبح هناك الكثير مما يُعرف,الكثير من التفاصيل,والمؤهلات التي يجب إضافتها,إلا أن طبيعة وسبب الاختلافات بين الأدمغة قد أصبحت معروفة وبعيدة عن التخمين و كذلك عن الإجحاف والشك المعقول.
لكنه الآن, وفقط في اللحظة ذاتها عندما أصبح بمقدور العلم أن يخبرنا عن ماهية تلك الاختلافات, ومن أين تنبع,فان المطلوب منا ببساطة هو إبعاد فرضية الاختلافات كما لو أنها فكرة آثمة.
لقد شهدت العقود الأخيرة عمليتان متناقضتان تلخصا في تطور الأبحاث العلمية المتعلقة بالاختلاف بين الجناس والنكران السياسي الذي تسببه مثل هذه الاختلافات,فهذين التيارين الثقافيين-بشكل مفهوم-ليسا شرطين لتمثيل الاختلافات إذا جاز التعبير,في حين يدرك العلم مدى خطورة الانهماك في أمور الاختلافات الجنسية على أساس"أن هذا العمل لا يجب أن يعمل".
وقد اخبرنا باحث أخر بأن ه قد تخلى عن عمله بسبب الضغط السياسي-الضغط على الحقيقة-قد فاق حده.
من ناحية أخرى فيبدو أن البعض من أولئك الذين يعملون في مجال الاختلافات الجنسية قد برهنوا على إهمال مفرط للنتائج العلمية إلا أنهم قد غضوا النظر عن مضمون النتائج بعد أن أيقنوا من أن الاعتراف بها سيكون امرأ مزعجا للغاية.
أجريت الاختبارات المنظمة الأولى لاستكشاف الاختلافات الجنسية في عام 1882من قبل"فرانسيس غوتونFrancis Gutton "في متحف جنوب مقاطعة"كينسينغتونKensington"في لندن وفد أفاد بأن ما ميز الاختلافات الجنسية الهامة التي تفضل الرجال يتركز في قوة القبضة,الحساسية المفرطة لصرير الأصوات الصافرة,والقدرة على العمل تحت الضغط,في حين لوحظ أن النساء أكثر حساسية تجاه الألم.
اكتشفت الدراسات التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية بعد عشر سنوات على أن النساء يمكن أن يسمعن أفضل من الرجال,كما إنهن أكثر تمسكا بالأعراف وقواعد السلوك، بالإضافة إلى أنهن يستعملن مفردات اللغة التقليدية ويفضلن اللون الأزرق على الأحمر في حين يفضل الرجال اللون الأحمر عوضا عن الأزرق,ويستعملون مفردات لغوية أكثر جرأة ومغامرة,ويميلون لتفضيل الفكر المجرد العام,بينما تفضل النساء المشاكل العملية والمهن الفردية.
اثأر نشر"هافلوك أليسHavelock Ellis"لكتابه "الرجل والمرأة"في عام1894اهتماما فوريا منقطع النظير,الأمر الذي أدى لإصدار ثماني طبعات متتالية,وعلى الأخص في بحثه المتعلق بالاختلافات التي تدون تفوق النساء على الرجال من حيث الذاكرة,الخداع,النفاق,الشفقة,الصبر,والترتيب.
إلا أنه وجد على أن عمل العالمات من النساء يكون أكثر دقة من عمل العلماء الرجال,على الرغم من افتقاره ربما لشيء من العرض والمبادرة- إلا انه يبقى جديرا بالإعجاب.
لقد بدا كما لو أن عبقرية المرأة تحتاج إلى دعم الرجل,وقد ضرب "هافلوك أليس"مثالا على ذلك في قصة "المدام كوريCurie"التي كانت زوجة عالم بارز,كما أشار إلى أن أجمل القصائد التي كتبتها السيدة"براونينغBrowning"كانت بعد أن حظيت بالحظ السعيد في لقاء السيد"براونينغ"وقد وجد"هافلوك أليس " على أن النساء كن يكرهن العمليات الفكرية الجوهرية من التحليل,فقد كان لديهن شعور فطري بأن التحليل قد يحطم العُقَد العاطفية,التي يتحركن من خلالها بشكل كبير,والتي تروق لهن في ذات الآن.
أن هذه الملاحظات التي كان يمكن أن تبقى مجرد فضول ثقافي دونما تطوير والتي بدأت في الستينات من خلال الأبحاث العلمية الجديدة التي تتعلق بالدماغ وللمفارقة,فقد جاءت بنتائج الاختلافات الجنسية متوافقة مع الفترة التي كان فيها النكران السياسي لوجود أي اختلافات يعتبر امرأ لفظيا ليس إلا،وللمفارقة أيضا,فان الاهتمام بتلك الاختلافات قد نتجت أساسا عن دافع علمي لقمعها,فقد نشأت المشكلة عن اختبارات معامل الذكاء حيث لاحظ الباحثون أن الاختلافات الثابتة تفضل جنسا واحدا عن الآخرين في البعض من القدرات التي تم اختبارها,إلا أن هذه لم تنتج عن كورس جوقة الجالية العلمية,وفي الحقيقة,فقد تم اعتبارها على أنها مصدر إزعاج,بل وتعكر صفو المقياس الدقيق للذكاء.
وجد العالم الأمريكي الدكتور"دي ويشسلرD.Wechsler " في الخمسينات من القرن العشرين,الذي طور اختبار الذكاء ذا الاستعمال الأكثر شيوعا اليوم بعد إجراء أكثر من ثلاثين اختبار"مميزا"لمصلحة احد الأجناس على حساب الآخر كما يقترح الاستعمال ذاته لكلمة "التميّز" على أن الاختبارات ذاتها قد كانت- بطريقة من الطرق- خاضعة للملامة من حقيقة أن اختلاف الأجناس تنجز اختلافا في نسب النجاح.
لقد أراد العالم"ويشسلر"من بين العلماء الآخرين إيجاد حل للمشكلة وذلك بإزالة كل تلك الاختبارات التي أدت إلى نتائج اختلافات الجنس الهامة,عندما كان من الصعب إثبات وتقديم نتائج جنسية محايدة حيث قدموا عن عمد بنود"التشوهات الذكورية"أو"التشوهات الأنثوية"للوصول إلى نتائج متساوية تقريبا,إلا أنها تبقى عبارة عن طريقة شاذة لإجراء الدراسة العلمية,فإذا لم تعجبك النتيجة التي تحصل عليها من التجربة,فبإمكانك تعديل البيانات للحصول على خاتمة مستساغة أكثر ستؤدي المساواة الرياضية إلى إعاقة سباق العدل*الأولمبي بالأوزان الثقيلة أو أقطاب المسافة المختلفة وذلك لضمان سيادة الحقيقة المرغوبة والتي تنصّ على أن الوثبات القطبية-بغض النظر عن البراعة الفائقة أو الرشاقة-قد خلقت متساوية وعلى الرغم من ذلك،فقد انبثقت اختلافات الجنس بعناد، مثل نباتات الهند باء العنيدة الُمعالجة كيماوياً والمُسمّدة في أكمة مخضرة .
لكنه ، وبعد أن توصل العالم الباحث "وشسلر Wechsler " إلى مجموعة من النتائج من خلال سلسلة الاختبارات الثانوية التي، و لربما يكون من الممكن أن تُظهر بوضوح التفوق القابل للقياس للنساء على الرجال في اختبارات الذكاء عموماً.
من ناحية أخرى، فإن 1105 من الاختبارات التي تقيّم المهارات في حلّ لعبة ألغاز المتاهة، والمتضمّنة السكان الأكثر تباينا في كافة أنحاء العالم، تُراوح بين المستوى الأكثر بدائية إلى الأكثر تحضّراً ، وقد أظهر99 ذكراً تفوقاً حاسماً في ذلك.
لربما كان الخلاف الأقل إثارة للجدل يكمن في تأليف تركيبة هذه النتائج والتي كان يمكن أن تكون فيها البنات أذكى بكثير من أن يضايقن أنفسهن بأي شيء سخيف كاختبار لغز المتاهة.
اعتبر الباحث "وشسلرWechsler " المنشغل بإيجاد تقنيات مُعامل ذكاء الجنس المحايد أن الدليل على اختلاف الأجناس ليس أكثر من مصدر إزعاج مجرّد، كما لو أن "كولومبس" Columbus قد نظر إلى اكتشافه لأمريكا كشيء لا علاقة له بالموضوع، بينما كان مع ذلك،يبحث عن جزر الهند الشرقية،وقد لاحظ "وشسلرWechsler " بشكل اعتراضي تقريباً على أن :
" نتائجنا تؤكّد ما صرّح به كل من الشعراء والروائيين في أغلب الأحيان، واعتقاد الإنسان العادي لمدة طويلة، يعني، بأن الرجال لا يتصرّفون فقط، لكنهم " يفكّرون" أيضاً بشكل مختلف عن النساء."
إن الأفكار التي طرحها الرائد البريطاني الأول حول اختلافات الجنس "دعيت بمؤامرة الصمت الذي يحيط بموضوع الاختلافات الجنسية الإنسانية " والتي سرعان ما أُغرقت قريباً في تخاريف التفسيرات الاجتماعية.
أُثير الجدال من جديد من أن الأطفال، إنما يولدون من الناحية الفيزيائية محايدين جنسياً؛ ثمّ يبدأ الآباء،
سواء كانوا معلمون، أرباب أعمال، سياسيون، وكذلك كلّ الجنّيات الشرّيرة للمجتمع، تبدأ جميعها بالعمل على العُذرية البريئة للعقل وقد كانت المجموعة الرئيسية التي دافعت عن نظرية الحياد تحت قيادة الدّكتور"جون موني John Money" من جامعة "جونزهوبكنز Johns Hopkins في الولايات المتحدة الأمريكية.
يكون الجنس غير متمايز عند الولادة، ثم ما يلبث أن يصبح متمايزاً كذكر أو كأنثى من خلال التجارب المختلفة مع تقدم العمر.
لذا، فإذا ما كان كلاً من الرجال والنساء مختلفين فيما بينهم، فإن ذلك يجب أن يكون نتيجةً للتكيّف الاجتماعي، ويقع اللوم في ذلك على المجتمع، الذي، من وجهة نظر علم الاجتماع، هو كذلك.
إذا كان لا يزال هناك ثمة نزاع حول كيفية ظهور الاختلافات الجنسية، إلاّ أنه لا حجة الآن في الجدال الدائر بين أوساط الجالية العلمية في أن مثل تلك الاختلافات موجودة، ولذلك فإنه لا يمكن لمثل هذا الكتاب أن يشدّد أحيانا على الاهتمام بالرجل العادي والمرأة العادية، بذات الشكل حين نقول بأن الرجال أطول من النساء ويكفي مجرد النظر إلى أيّ غرفة مزدحمة ،حيث سيكون واضحاً، بالطبع فإن هناك استثناء في أن بعض النساء سيكنّ أطول من بعض الرجال، ومن المحتمل على أنه قد تكون المرأة الأطول أطول من الرجل الأطول، لكنه وبشكل إحصائي، فإن معدل طول الرجال يزيد بنسبة 7 % عن طول النساء، كما أن الشخص الأطول في العالم، بعيداً عن نموذج الغرفة، هو رجل بالتأكيد.
إن التباينات الإحصائية في الاختلافات الجنسية التي سنستكشفها، في المهارات أو الكفاءات أو القدرات، أعظم بكثير من تلك التي تتعلق بالطول، حيث سيكون هناك دائما الاستثناء الذي يتعلق بالمعدل للأشخاص ذوي المهارات الاستثنائية "للجنس الخاطئ" لكن ذلك الاستثناء لا يبطل القواعد العامة، كما أن لهذه الاختلافات صلة اجتماعية عملية فعلى مقاييس فحوصات اللياقة المختلفة، فإن الاختلاف بين الأجناس من حيث النتائج الوسطية كبيرة على هذه الاختبارات يمكن أن تكون بقدر 25 % رغم وجود اختلاف صغير لا يتجاوز5% قد يكون أشد تأثيراً على الوظائف أو النشاطات في حال رجال أو نساء قد يتفوقون في ذلك المعدل.
إن المنطقة التي وجدت فيها الاختلافات الأكبر تكمن فيما دعاه العلماء "القدرة المكانية"القادرة على تصوير الأشياء، شكلها وموقعها وجغرافيتها ونسبتها بدقة في عين العقل (كل المهارات الحاسمة للقدرات العملية في العمل بالأجسام أو الرسوم الثلاثية الأبعاد ).
إلا أن عالماً واحداً فقط قد راجع الأدب الشامل حول الموضوع وقد استنتج أن " القدرة المكانية" ليست هي محل النزاع" بل من المؤكد حرفياً أن السبب الرئيسي يكمن في مئات الدراسات العلمية المختلفة.
أثبت الاختبار المثالي الذي يقيس مهارة الرجال والنساء في تجميع جهاز ميكانيكي ثلاثي الأبعاد على أن ربع النساء فقط يمكنهن أن يؤدّين المهمّة بشكل أفضل من الذكر العادي، و في النهاية العليا من مقياس الكفاءة الميكانيكية سيكون الرجال ضعف عدد النساء.
منذ السنين الأولى من عمر المدرسة وما يتلوه، فإن الأولاد سوف يتفوقون على البنات في مجالات الرياضيات والمفاهيم المجردة للفضاء، العلاقات، والنظريات.
وطبقاً للمسح الأكبر الذي تم إجراؤه في الحد الأعلى ذاته من البراعة الرياضية، فقد ثبت على أن الأولاد المتفوقين جداً أفضل جداً من البنات المتفوقات، وقد عمل كل من عالمتيّ النفس الأمريكيتين الدّكتورة جوليان ستانليJulian Stanly وكاميليا بندوCamilla Bendow "مع الطلاب الموهوبين جدا من كلا الجنسين، ولم تكتشفا بأن الفتاة الفضلى لم تستطع التغلب على الفتى الأفضل فقط ، بل واكتشفتا أيضا نتيجة نسبة جنسية مروعة فيما يتعلق بالتألق الرياضي المتمثل في أن " كل فتاة استثنائية، يقابلها ثلاثة عشر فتى استثنائي ".
يدرك العلماء تماماً على أنهم كمن يمشي فوق قشور البيض وذلك حين يخاطرون بسنّ أية نظرية حول السلوك البشري، لكن الباحثين في الاختلافات الجنسية غير صبورين جداً فيما يتعلق بالمحاولة المؤدّبة لإيجاد تفسير اجتماعي لهذه الاختلافات.
بينما تقول العالمة كاميليا بندو Camilla Bendow "الآن في دراساتها التي تظهر تفوق الذكر لدى الأطفال الموهوبين رياضيا:
" بعد 15 سنة من البحث عن تفسير بيئي والحصول دائماً على نتيجة الصفر فقد استسلمت"، وقد اعترفت لنا بسهولة عن اعتقادها الاختلاف في القدرة يستند على قاعدة بيولوجية (عضوية).
كما أن الأولاد أيضاً يتمتعون بالتفوّق التنسيقي اليدوي – العيني(الرؤيوي) الضروري أيضا للألعاب الرياضية الكروية، و تلك المهارات نفسها تعني بأنه يمكنهم وبسهولة أكثر القدرة على التخيّل، والتعدّيل، وتدوير الموضوع في عين عقولهم.
يجد الأولاد أنه من السّهل عليهم - بشكل أكبر من البنات- القيام ببناء بنايات الكتل المؤلفة من المخطّطات الثنائية الأبعاد، وتقييم - بشكل صحيح - كم تبلغ زاوية المستوى السطحي للماء في دورق الماء والتي تتغيّر عند ميلان الدورق إلى الزوايا المختلفة.
إن هذه الميزة الذكورية في رؤية النماذج والعلاقات المجرّدة ، والتي يمكن تسميتها بالإستراتيجية العامة بدلاً من التفكير التكتيكي المفصّل، وربما يوضّح ذلك الهيمنة الذكورية في لعبة الشطرنج، وحتى في بلاد مثل الإتحاد السّوفيتي، حيث تعتبر تلك اللعبة من الألعاب الرياضية الوطنية لكلا الجنسين.
قد يكون هناك تفسيراً بديلاً، ومقبولاً أكثر لأولئك الذين ينكرون القاعدة الحيوية (البيولوجية) لاختلافات الجنس، ذلك بأن النساء قد أصبحن أكثر تكيّفاً إلى حقيقة تفوّق الذكر في لعبة الشطرنج واللاتي خصّصن أنفسهن لا شعورياً لقبول التوقعات الأكثر انخفاضاً، لكن الأدلة العلمية كانت ترفض بالأحرى وبعناد في الإبقاء على ذلك الإجحاف.
يمكن أن تساعد القدرة المكانية الأفضل للرجال بالتأكيد على توضيح ذلك التفوق الذكوري في قراءة الخرائط كما لاحظنا سابقاً، وهنا ثانية يبدو إجحاف القادة الذكور والمؤكّد بالتجربة؛ فقد أُعطي كل من البنات والصبيان خريطة بشوارع المدينة، وبدون إدارة الخريطة، فقد طُلب منهم الوصف فيما إذا كان ينبغي عليهم الاستدارة نحو اليسار أو اليمين في التقاطعات المعيّنة وبعدما حكّموا عقولهم شقّوا طريقهم عبر المدينة ثم عادوا، وقد اتضح أن الأولاد الذكور قد تفوقوا بشكل أفضل على أداء البنات، بيد أن معظم النساء يُفضّلن أكثر من الرجال في إدارة الخريطة، لمجاراة الاتجاه الذي سيسلكنه جسدياً وهن يحاولن إيجاد طريقهن.
بينما يعطي دماغ الذكر الحدود في التعامل مع الأشياء والنظريات، فإن الدماغ النسائي قد نُظّم للاستجابة بشكل أكثر حسّاسية إلى كلّ المحفّزات الحسّية، فالنساء تتفوق على الرجال في اختبارات القدرة الشفوية والكلامية ، كما أن الإناث مجهّزات لاستقبال مدى أوسع من المعلومات الحسّية، لإيصال وربط تلك المعلومات بالوسيلة الأعظم، ولوضع الأسبقية للعلاقات الشخصية، ومن أجل التواصل، وقد تعزز التأثيرات الثقافية هذه القوى، لكن هذه الميزات هي ميزات فطرية.
تظهر الاختلافات منذ الساعات المبكرة الأولى بعد الولادة، وسرعان ما يظهر بأن الأنثى الوليدة تبدو مهتمّة أكثر بكثير في تفقد وجوه الناس من حولها، في الوقت الذي يكون فيه المواليد الذكور سعداء للغاية بجسمٍ أو لعبةٍ مُعلّقة أمامهم.
كما تنطق البنات كلماتهن الأولى ويتعلّمن التحكم في الكلام باختصار في وقت أبكر من أقرانهن الذكور، ويصبحن عموما، أكثر طلاقة في اللسان قبل بلوغهن مرحلة السنوات الدراسية، بالإضافة إلى أنهن يستطعن القراءة في وقت أبكر أيضاً، ويبلين بشكل أفضل في قدرتهن على بناء اللغة مثل القواعد والترقين والتهجّئة، بيد أن عدد الأطفال الذكور يفوق عدد البنات بحدود 1/4 في صفوف القراءة العلاجية، ولاحقاً، فإن النساء يجدن من السّهل إتقان اللغات الأجنبية، وبل وأكثر مهارة في ملكاتهن اللغوية، مع قيادة أفضل في القواعد والتهجّؤ، كما يعتبرن أيضا أكثر طلاقة في حين تحدث التأتأة وعيوب الخطاب الأخرى تقريبا بشكل خاص بين الأولاد الذكور..
تسمع البنات والنساء بشكل أفضل من الرجال. فعندما تتم المقارنة بين الجنسين ،فإن النساء يُظهرن حسّاسية أعظم، فحنفية الماء المعطلة التي تقطر الماء برتابة على سبيل المثال ستُقضّ مضجع المرأة وُتبعدها عن السرير حتى قبل أن يستيقظ الرجل،كما أن البنات أكثر قدرة بحدود ستة أضعاف من الأولاد الذكور بحيث يمكن أن يُغنّين بشكل متناغم ، إضافة إلى أنهن أكثر براعة بكثير أيضا في ملاحظة المتغيرات والتفاصيل الصغيرة في جهارة الصوت ،والذي يقود في شكل من الأشكال إلى توضيح حسّاسية النساء المتفوّقة إلى " نغمة الصوت" بالمقارنة مع أقرانهن الذكور الذين يتّهمون في أغلب الأحيان بتبنّي ذلك.
يرى الرجال والنساء بعض الأشياء حتى بشكل مختلف، فالنساء يمكنها أن ترى بشكل أفضل في الظلام، كما أنهن أكثر حسّاسية إلى النهايات الحمراء للطّيف، فترى الأشكال الحمراء أكثر من الرجال، ويتمتعن بذاكرة بصرية أفضل، في حين يرى الرجال - بشكل أفضل من النساء - في الضوء اللامع، وتُظهر النتائج المثيرة أيضا بأن الرجال يميلون إلى أن يكونوا بشكل حرفي نصف مفتوحي العيون بحيث يرون من خلال مجال رؤية ضيق - رؤية نفقية معتدلة – مع التركيز الأعظم على العمق، فلديهم إحساس أفضل من النساء من حيث المستوى المنظور من النساء، إلاّ أن النساء، على أية حال، يؤخذن وبدون مبالغة في الصورة الأكبر لكونهن يتمتعن برؤية خارجية أوسع لأن لديهن أوعية دموية ومخاريط في شبكيّة العين، خلف مقلة العين، والتي يتمكنَّ من خلالها من استقبال قوس أوسع من المساهمة البصرية.
تمتد الاختلافات إلى الأحاسيس الأخرى، فردة الفعل لدى النساء تكون أسرع، وأكثر حدّة حيال الألم، على الرغم من أن مقاومتهن العامّة إلى تحمّل المضايقة الطويلة المدى أعظم مما هي عليه لدى الرجال، وفي عيّنة الشباب، فقد أظهرت الإناث - بشكل كبير - حسّاسية أعظم لدى الضغط على طرف الجلد وذلك في كلّ الجسم، أما في مرحلة الطفولة والنضج، فإنه يكون لدى الإناث حسّاسية عالية جداً تجاه بعض التجارب التي أثبتت على أنه ليس هناك تداخل بين النتائج الكبيرة بين الجنسين؛ وقد توضّح على أن المرأة الأقلّ حسّاسية، تعتبر حسّاسة أكثر من الرجل الأكثر حساسية.
هناك دليل قوي على أن كلا الرجال والنساء لديهم أحاسيس مختلفة فيما يتعلق بالتذوق، فالنساء أكثر حسّاسية إلى النكهات المُرّة مثل الكينين، ويفضّلن كميات أعظم من الأشياء الحلوّة، في الوقت الذي يحرز فيه الرجال معرفة أكثر في النكهات المالحة إلاّ أنه عموماً، وعلى أية حال، يبدو الدليل جلياً وبقوة على تفوق الإناث لمصلحة الفهم النسائي الأعظم فيما يتعلق بالطعوم والتذوق.
هل يجب أن يكون كبار الطبّاخين العظماء من النساء؟ أو هل أن العديد من كبار الطبّاخين الذكور العظماء لديهم أسهم أكثر من غيرهم من الأحاسيس الأنثوية؟
يُعتبر أنوف النساء، بالإضافة إلى أذواقهن، أكثر حسّاسية من الرجال؛ وتكمن القضية هنا في إدراكهن لذلك حيث يستطعن اشتمام رائحة شبه المسك الصناعية المرتبطة بالرجال، والتي تكون بالكاد ملحوظة لديهم، فقد اكتشفت النساء تلك الرائحة الجذّابة بشكل مثير للانتباه، هذه الحسّاسية المتفوّقة تزداد مباشرة قبل مرحلة الإباضة و في وقت حرج من دورتها الحيضية، وذلك ما يجعل المرأة لأن تكون بيولوجياً (حيوياً) شديدة الحساسية بالنسبة للرجل.
إن هذا التفوق في العديد من الأحاسيس يمكن أن تقاس سريرياً، رغم أنّ علم ما وراء الطبيعة يفسّر تفوق تلك الأحاسيس لدى النساء تقريبا على أنه " حدس"، في حين أن النساء أفضل تجهيزا حقّا لملاحظة الأشياء التي يُعتبر فيها الرجال فاقدين للبصر وصمٌّ نسبياً، إلاّ أنه ليس هناك سحر في هذا الفهم المتفوّق، لكونه ببساطة يُعتبر لاحسّياً فقط من ناحية الأحاسيس الذكورية الأكثر صراحة، كما أن النساء يُعتبرن أفضل حالاً من الرجال في التقاط النماذج الاجتماعية، حيث أنه بمقدورهن أن يلتقطن فروقاً دقيقة ومهمة من المعنى من نغمات الصوت أو كثافة التعبير، فيما يصبح الرجال أكثر إثارة أحيانا حيال ردودّ فعل امرأة إلى ما يقولونه، فهم لا يدركون بأن النساء من المحتمل أن يكُنّ أكثر سماعاً حتى لما يعتقد الرجل بنفسه بما يقوله.
تميل النساء إلى أن يكن أفضل حُكماً على الشخصية، فلدى الإناث الأكبر سنّا ذاكرة أفضل لحفظ الأسماء والوجوه، بالإضافة إلى حسّاسية أعظم إلى إنجازات الناس الآخرين.
لقد لوحظت الاختلافات الجنسية في الذاكرة المقارنة لكل من الرجال والنساء، فذاكرة النساء يمكنها أن تختزنّ، ولفترات قصيرة على الأقل، معلومات غير ذات علاقة وأكثر عشوائية، بل وتتفوق في تلك الناحية على الرجال؛ وفي ذات الوقت، فإن الرجال يمكنهم فقط أن يتعاملوا مع معطيات هذه الميزة عندما تكون المعلومات منظّمة إلى بعض أشكال الترابط أو لها صلة معيّنة معها.
لذا، فهل الرجال أكثر أنانية ومركزية ؟ وإن كانوا كذلك، فما الجديد في الأمر؟.
الجديد هو أنّ الفولكلور الجنسي - و الذي هو دائما عرضة للرأي العصري الرافض والمدفوع سياسيا – قد أظهر الآن على أنه يستند إلى قاعدة ثابتة ضمن الحقائق العلمية.
يقاوم العديد من الناس التفسيرات (البيولوجية)الحيوية الأصيلة التي سنقترحها للعديد من الاختلافات بين الأجناس، لكنهم على الاستعداد للاعتقاد، بطريقة مبهمة بالأحرى، بأنه من المحتمل أن يكون لديهم أموراً تتعلق بالهورمونات.
يعتبر ذلك نصف الحقّيقة فقط، فالهورمونات، كما سنرى، هي التي ُتقرّر الذكر المتميّز أو التنظيم الدماغي لدى النساء والذي يتطوّر في الرحم، فنحن نشترك في نفس الهوية الجنسية فقط للأسابيع القليلة الأولى بعد الحمل، ثم تبدأ التغيرات بالظهور في الرحم فيما بعد، حيث أنه وعلى الرغم من أن التركيب ذاته وكذلك نمط الدماغ، إلاّ أنهما يبدآن الآن بأخذ الشكل الذكوري أو الأنثوي بشكل محدّد، ففي كافة مراحل الطفولة والمراهقة ومن ثم سنوات البلوغ التي تليها، فإنه قد تمت صياغة الدماغ من حيث التفاعل غير الملحوظ بالهورمونات، بحيث ينعكس مستوى التأثير بشكل أساسي على المواقف، والسلوك، والانشغال العاطفي والثقافي للفرد.
إن أكثر علماء النفس والباحثين في ألغاز الدماغ يستعدّون الآن، كطبيب الأعصاب الأمريكي الدّكتور"ريتشارد ريستاك Richard Restack لتأكيد تلك المزاعم الجريئة:
"يبدو أنه من غير الواقعي الاستمرار في إنكار وجود الاختلافات بين كل من أدمغة الذكور والإناث لمدة أطول من ذلك، فكما أن هناك اختلافات طبيعية (بيولوجية) بين الذكور والإناث، فأن هناك أيضاً اختلافات مثيرة وعلى حد سواء من حيث عمل الدماغ.
إن الطريقة التي تتبعها أدمغتنا في جعلنا قيد التفاعل في كيف نفكر، ونتعلّم، ونرى، ونشمّ، ونلمس، ونشعر، ونتصل، ونحبّ، ونمارس الجنس، ونتقاتل، وننجح، أو نفشل.
وهكذا، فإن فهم ماهية عمل أدمغتنا، وأدمغة الآخرين، يجعل الأمر ذات أهمية غير قليلة على الإطلاق.
كما أن الأطفال الناشئين ليسوا مجرد ألواح فارغة، نقوم بالخربشة عليها بتعليمات أوامر السلوك الملائم جنسيا، فقد ولدوا على أية حال وهم يمتلكون عقولاً ذكورية أو أنثوية ، ذلك لأن تلك العقول قد ُخلِقت - وبدون مبالغة - في الرحم، وفي مأمن من جحافل المهندسين الاجتماعيين التي تنتظرهم بنفاذ الصبر.
هل نحتت لنا السنوات الأخيرة وسائل بناء إطار جديد لفهم اختلافات الجنس في كلا الجنسين من خلال استقلالية وتلاقي التقدّم علمي، وقد تلخص الإنجاز الأول من خلال التقدم الهائل في فهم آلية عمل الدماغ، وتلخص الثاني في الاكتشافات الجديدة المتعلقة بيولوجياً وسلوكياً حول حقيقة هويتنا، وماذا نحن؟ هل نحن ذكوراً أو إناثاً ؟؟.