المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "التلاعن العربي"...تظامناً مع غزَّة!!



أمين الوائلي
30/12/2008, 03:49 PM
[ "التلاعن العربي".... تظامناً مع غزة!!!؟



أمين الوائلي
الحرب تطحن غزة .. الطائرات تنشر الموت والدمار .. الصواريخ تدك الحياة والأحياء .. أطفال ممزقون .. رجال ونساء بالعشرات تحصدهم القذائف .. جثث متفحمة .. الجرحى يلفظون حياتهم في المشافي وفي الطرقات وتحت الأنقاض .. ولا إسعاف أو دواء.

الغارات تتواصل .. الموت يهطل من جهات مختلفة .. والعرب يتلاسنون علناً في الفضائيات والمنابر الإعلامية، يتضامنون على طريقتهم الخاصة .. يتلاعنون .. ويتبادلون الشتائم المقذعة والتهانئ بالمجزرة الدائرة .. وبالعام الهجري الجديد.

هذه هي الحصيلة الموجزة .. والخلاصة المستمرة والدائمة للتضامن العربي؟! وهناك ثلاث شاحنات محملة بالأدوية في طريقها لإنقاذ الموقف!.

“التلاعن العربي” في أحسن أحواله .. والجامعة العربية تبذل جهودها لترشيد التلاعن العربي وحشد المزيد من التضامن والمزيد من الاتصالات مع وزراء الخارجية العرب (المزدحمة جداولهم) لتأمين اجتماع (عاجل) .. ربما بعد انتهاء العدوان وانصياع العدو الصهيوني لأوامر (الموتى العرب) .

غزة لوحدها .. ينفرد بأهلها الوحش .. وحوش العرب يخوضون المعركة (المصيرية) عبر الفضائيات العربية .. هذه المرة يستخدمون أسلحة متطورة جداً - النصر حليفهم بكل تأكيد - التخوين والتحقير والشتائم والملاسنات - العربية / العربية - كلها أسلحة متطورة أكثر من السابق .. ولن تجد أحداً يصوب باتجاه الوحش الإسرائيلي. الوحوش العربية تتصارع مع نفسها ومع بعضها .. في هذه الأوقات خصوصاً .. وخصوصاً جداً في هذه الأوقات العصيبة.

طبعاً، ولم لا! فالعربي على ابن عمه .. وابن عمه على أخيه .. وأخوه على ابن خالته، وهكذا؛ هذه أمة متكافلة من أيام العلقمي! لن تعدم عربياً يخون العدو ويخذله فيأكلك بالنيابة عنه ولا يخاف غضبته! شجعان هم “الأعراب” وخصوصاً في الحرب أو زمن الحروب مع العدو الغاصب : يسخرون منه ويضحكون عليه .. وبكل جسارة يلتفتون لبعضهم البعض .. بعضهم لبعض .. ويبدؤون الحرب .. ويحضر - من ساعته وفوره - “ابن كلثوم - عمرو” وهو يرتجل ويهزج : “ألا لا يجهلن أحدٌ علينا .. “!!

. الموت .. الدمار .. النار .. الطائرات .. الصواريخ .. تمارس المحرقة وتحرق أهل غزة وغزتهم الوحيدة .. في محيط من “المواقف المبدئية الثابتة” للعرب تجاه السلام “العادل بالمرة” والشجب العربي المدرع، والتنديد العربي المسيل للدموع. ولا تنسى القنوات الفضائية العربية أن تفتح مجالاً للتضامن العربي مع غزة : رسائل الجوال، أشرطة الشات، وأحياناً الاتصالات الهاتفية المباشرة .. والكثير من التلاعن العربي / العربي يمارس التضامن علناً!!

. هناك قمة عربية طارئة - طارئة أكثر مما يجب - سوف تنعقد خلال الأشهر القليلة المقبلة (إذا دعت الحاجة للعجلة!) وكل شيء وارد خلالها : قد تعلن الحرب - مثلاً - على “أمريكا” دفعة واحدة .. وتناشدها بكل قوة وشدة أن ترعى مؤتمراً جديداً للسلام “العادل” في المنطقة!! وقد ترصد خمسين مليون دولار لبناء ما دمرته آلة الحرب والدمار الصهيونية .. وخمسة ملايين أخرى لشراء الأدوية سراً وتهريبها عبر الأنفاق إلى الطرف الإسرائيلي ومناشدته أن يوصلها بمعرفته إلى مشافي غزة المدمرة أصلاً!!

. قد تقتضي حكمة القمة العربية تأجيل القمة إلى حين تتهيأ ظروف إجبارية ومناسبة تستدعي تحركاً رسمياً خطيراً بهذا المستوى والحجم. ولكن الأمر لا يخلو من قمة ستحدث - من أي نوع - على الأقل هناك قمة كروية مرتقبة بين “بايرن ميونخ” الألماني و”الجزيرة” الإماراتي، بحسب آخر التسريبات الإعلامية للعام الجديد .. ويقال أن “الصفاقسي” التونسي ربما يتحرك ويتقدم مهاجماً من نيجيريا .. والأمر لا يزال طي المباحثات المغلقة!

. الزمن العربي يتناسل عقماً .. غزة تحترق .. الشهداء يتراكمون .. الدمار يتسع .. قادة العدو الصهيوني يوسعون العمليات .. الغارات باتت أشد وطأة ووحشية .. نساء غزة ينتحبن على شاشة “الجزيرة” .. العرب يتلاعنون .. وأمريكا تدين “إرهاب حماس” بشدة.

.ويسأل المذيع المناوب “ هل تعتقد بأن القمة العربية سوف تنجح في إيصال كميات كافية من المناديل الورقية إلى قطاع غزة وتكسر الحصار؟ »

ويأتيه الجواب عبر الهاتف من ضيف “متخصص” في شؤون الجماعات الإرهابية : أظن أن العرب أكثر اعتدالاً وتعقلاً من أن يقدموا على “مغامرة” كارثية كهذه.

. عما قريب سوف نقرأ ونسمع لكثيرين من المنظِّرين “والمتخصصين” العرب، أحاديثا مدهشة حول “حقوق الإنسان”، و”الحريات”، ونبذ الكراهية والعنف، وفوائد التأدب بالمبادئ الليبرالية العظيمة .. وأن يتخلص العرب من أخلاق وعادات بالية(..)

. أما الآن فإنهم مشغولون بمتابعة ما يحدث .. وما يحدث لا يستحق منهم أن يكتبوا أو يقولوا شيئاً .. فلا شيء مهم أكثر من انتظار النهاية والانصراف إلى عاداتهم الأولى!

.كم من المصائب - إذاً - ستتكالب على هذه الشعوب والبلدان!]