المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دمقرة العراق والعالم العربي



عزت السيد أحمد
31/12/2008, 09:45 AM
دمقرطة العراق والعالم العربي
الدكتور عزت السيد أحمد

الحقُّ أنِّي أحار من أين أبدأ في الكلام على الحمق الأمريكي في مسألة دمقرطة العراق خاصَّة والعالم العربي عامَّةً. أأبدأ من مشروع الشَّرق الأوسط الكبير؟ أم أبدأ المخططات الأمريكية لتربية العرب وإحسان تأدبيهم بمناهجها التربويَّة التي تعدها لهم كي يحسنوا التعامل مع البشر؟ أم أبدأ من التطبيق العملي في دمقرطة دولة عربية هي العراق؟
لم تكن دمقرطة العراق أول المشروع وإنما كانت الخطوة التطبيقية الثانية بعد احتلال أفغانستان والزعم من ثمَّ أنها تريد تخليصها من ديكتاتورية طالبان.
منذ زمن بعيد والأمريكان خاصَّة يسعون لدمقرطة العالم العربي، حاملين المشروع الأوروبي الغربي متابعين إياه. ومن ناحية تاريخيَّة الفكرة لا بُدَّ من الرَّبط بَيْنَ الشَّرق الأوسط أَو الشَّرق أوسطيَّة من جهة أولى والشَّرق الأوسط الكبير من جهةٍ ثانيةٍ. فالشَّرق الأوسط في الفكر الغربيِّ التَّقليديِّ هو الاصطلاح المصطنع لآسيا تحديداً ويضمُّ دول آسيا العربيَّة والباكستان وأفغانستان ودول آسيا الوسطى. والشَّرق الأوسط بهذه القسمة له تتمَّات في هذا الشَّرق هي الشَّرق الأدنى والشَّرق الأقصى. وكان المقصود بتسمية الشَّرق الأوسط التَّعامل مع هذه المنطقة تعاملاً غَيْرَ قوميٍّ لسهولة ضمِّ الكيان الصهيوني إليها والقيام من ثَمَّ بهضم هذا الكيان.
فكرة الشَّرق الأوسط بهذا الطَّرح المضمر لضمِّ الكيان الصِّهيونيِّ باءت بالإخفاق، وتبين عدم جدواها، وأكَّد إخفاقها الذَّريع الشَّعب المصريُّ المقيَّد بالعلاقات التَّطبيعيَّة الكثيرة والقويَّة مع الكيان الصِّهيونيِّ ولكنَّهُ مع ذلك لم يتمكَّن من هضم الكيان الصِّهيونيِّ، وظلَّ التَّطبيع مقتصراً على الطَّابع الرَّسميِّ أو الحكوميِّ والقليل القليل ممن باعوا الهويَّة لغَرَضٍ بخس.
فكرة الشَّرق الأوسط الكبير إذن ليست بالجديدة أبداً ولكِنَّها لم تتحدَّد في الصِّيغة المرسومة إلا في السَّنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين، أو رُبَّما السَّنوات الأخيرة من القرن العشرين. بل من شبه المؤكَّد أن هذه الفكرة قد أخذت أبعادها الرَّئيسة قبل الحادي عشر من أيلول 2000م، ورُبَّما، وهذا ظنٌّ بل اعتقادٌ خاصٌّ، يكون الحادي عشر من أيلول جزءاً من هذا المشروع، إذ بعد أشهرٍ قليلةٍ من الحدث خرجت علينا الإدارة الأمريكيَّة بدعوى تجفيف منابع الإرهاب الماديَّة والمعنويَّة والثَّقافيَّة والرُّوحانيَّة، وبدأت منذ أواسط عام 2001م بمطالبة الدُّول العربيَّة بتعديل مناهج التَّربية والتَّعليم، وخاصَّة التَّربية الدِّينيَّة والوطنيَّة والقوميَّة، محدِّدة طلباتها بإلغاء التَّربية القوميَّة، وإلغاء فكرة العروبة، وحذف بعض الآيات القرآنيَّة من المناهج الدِّراسيَّة، وعلَّقنا حينها بأَنَّها قد تطالب لاحقاً بحذفها من القرآن ذاته، ولم يبتعد تعليقنا عن الواقع إذ ظهر في أواخر عام 2004م ما ُسِّمي القرآن الصَّحيح، أَو الفرقان الحقيقي، الذي كان استنساخاً للإنجيل والتَّوراة بلفظ يشبه اللفظ القرآني. وطالبت بوضع مقرَّرٍ بديلٍ عن كلِّ ذلك هو: تربية التَّسامح، الذي سرعان ما طبقته مصر. وتسعى بعض الدُّول العربيَّة إلى تطبيقه بطريقة أَو بأخرى. وهذه الفكرة ذاته هي بداية التفكير العملي في دمقرطة العالم العربي بزعم أنَّ السلطات الديكتاتورية العربية هي التي تولد الإرهابيين والمتطرفين بطريقة أو بأخرى، ولذلك يجب إحلال الدِّيمُقراطِيَّة في العالم العربي.
وفي آب من عام 2002م أشارت جريدة الواشنطن بوست إلى أنَّ إدارة الرَّئيس جورج بوش الابن تنوي بدء العمل ببرنامجٍ جديدٍ قريباً لتشجيع ما أسمته الإصلاحات السِّياسيَّة والاقتصاديَّة والتَّعليمية في الشَّرق الأوسط. وسيَتَضمَّن البرنامجُ تمويلاً لصحفيين ونشطاء سياسيين( ) (أي قِوى معارضة تندرج تحت ألوية حقوق الإنسان والحريَّة والدِّيمُقراطِيَّة). وأكَّدت الجريدة نقلاً عن مسؤولين أمريكيين قولهم: «إنَّ وزير الخارجيَّة كولن باول سيكشف قريباً عن هذا البرنامج الذي سيتضمَّن كذلك إعادة النَّظر في فعاليَّة معونة أجنبيَّة قدرها مليار دولار توجَّه للمنطقة تريد الإدارة تخصيصها بفعاليَّة أكبر لحفز ما تراه إصلاحات اقتصاديَّة وديمقراطيَّة( ). وفي الخبر ذاته علَّق مسؤولٌ كبيرٌ في الخارجيَّة الأمريكيَّة قائلاً: إنَّ هذا البرنامج تغيير تامٌّ في المعايير التي ننظر من خلالها للشَّرق الأوسط... إنَّ كيفيَّة تسيير شؤون هذه البلدان يجب أن تكون موضع اهتمامنا.
هذا المشروع لم يكن خافياً على المثقَّفين والمهتمَّين، ولذلك نشر الكاتب الأمريكيُّ وليام فاف، قبل الحرب على العراق، مقالاً قال فيه: «إنَّ الحرب ضدَّ العراق تدخل في إطار خطَّةٍ بعيدة المدى لإعادة تشكيل خريطة العالم الإسلاميِّ واستبدال الحكومات الموجودة في المنطقة كافَّةً»( ). وكذلك نشر الكاتب البريطانيُّ باتريك سيل مقالاً قال فيه: «إنَّ المتطرِّفين حول بوش مع شارون يرون أنَّ هذه الحرب ستكون فرصةً لإعادة ترتيب الجوار الإسرائيليِّ»( ). وقد علَّق وليام بيكر( ) على ذلك قائلاً: «أعتقد أنَّ هذا جزءٌ لا يتجزأ من خطَّة، ولكن ما هو أكبر حَتَّى من ذلك هو أنَّ المفهوم الغربيَّ للإمبرياليَّة والاستعمار الجديد يريد أن يعيد ترتيب الوضع في مختلف البلدان في المنطقة من أجل السَّيطرة على النِّفط والغاز وموارد الطَّاقة في المستقبل، هذه هي السِّيادة في مفهومها الحقيقي. أي لن يكون هناك منظمة أوبك بإمكانها أن تهدِّد الأمريكان كما فعل الملك فيصل في عام 72، سيكون بإمكاننا أن نحصل على كلِّ البترول والبِنْزين الذي نريده»( ).
على الرَّغْمِ من وضوح الغاية والهدف والمشروع حَتَّى لدى المثقفين الأمريكيين الذين أعلن بعضهم ذلك، فإنَّ الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة والجوقة التي تنشد وراءها، ولفيف من الحكام العرب منهم، راحت تضلِّل الرَّأي العام، كما تظن، ورتب لشنِّ الحرب على العراق بزعم وجود أسلحة الدمار الشامل؛ الذَّريَّة، ثُمَّ الكيماوية.
بعد الحرب تغيرت الذرائع وتبدلت، إذا كلما انفضح كذب ذريعة أسلحة الدمار الشَّامل، فتمَّ الانتقال إلى ذريعة أخرى بهدوء ومن دون شعور بالذنب أو الخجل... فصار سبب الاحتلال القضاء على نظام صدام حسين، ثُمَّ تحرير العراق... واستقرَّ الأمر بعد انهيار الذرائع كلها على دمقرطة العراق... الولايات المتحدة احتلت العراق من أجل دمقرطته. أي إنها عادت إلى السَّبب الرَّئيس الذي بنت مخططاتها على أساسه وهو إعادة بناء الوعي العربي، ولكن تحت اسم الدِّيمُقراطِيَّة.
فهل تحققت الدِّيمُقراطِيَّة في العراق؟ وماذا دفع العراق ضريبة هذه الدِّيمُقراطِيَّة؟
لنبدأ بالثَّمن. سنرتِّب مفردات الثَّمن ترتيباً منطقيًّا وليس على أساس الأهميَّة فكل مفردات الثَّمن التي دفعها العراق على درجة واحدة من الأهميَّة.
أوَّل ما دفع من الثمن هو الكرامة، لقد هدرت كرامة العراق بأن أصبح بلداً محتلاً بعدما كان بلداً صاحب سيادة.
ثاني ما دفعه العراق من ثمن ثمناً للديمقراطيَّة التي جلبها له الأمريكيون هو أن حكام العراق بعد الاحتلال هم عملاء الاحتلال الذين باعوا الوطن للأعداء بثمنٍ بخس.
ثالث ما دفعه العراق من ثمن قتل الملايين من الأبرياء نساء ورجالاً وأطفالاً على أيدي جنود الاحتلال بدمٍ باردٍ وزعم أنهم من الإرهابيين، على أنَّ الإرهابيين هم المقاومون.
رابع ما دفعه العراق من ثمن الدِّيمُقراطِيَّة التي جلبها لهم الأمريكيون هو تشرين الملايين من العراقيين في أصقاع العالم.
خامس ما دفعه العراق من ثمن للديمقراطية هو الفصل بَيْنَ أبناء الأسرة الواحدة، فمعظم الأسر العراقية مقسمة ما بَيْنَ العراق ودول العالم الأخرى؛ الأب في بلد، وبعض الأولاد في بلد، وبعضهم في بلد آخر...
سادس ما دفعه العراق ثمناً للديمقراطيَّة التي جلبها له الأمريكيون الأمان، فلم يعد من شارع أو حيٍّ في العراق فيه أمان.
سابع ما دفعه العراق من ثمن هو انقسام الدولة إلى دويلات وإمارات تهدد كيان الدولة الواحدة، وثَمَّة مشروع فعليٌّ لتقسيم العراق إلى عدَّة دول. وقد بدأ هذا المشروع فعليًّا فيما سمي الفيدراليات العراقية الثلاث.
ثامن ما دفعه العراق من ثمن هو ولادة الطائفية التي لم تكن موجودة، الطَّائفيَّة، وقد عمل الاحتلال الأمريكي بكل وقاحة ولؤم على تكريس الطَّائفيَّة في الدُّستور وتوزيع المناصب والوظائف في الدَّولة.
تاسع ما دفعه العراق من ثمن للديمقراطية التي جلبها له الأمريكيون هو سرقة الآثار التَّاريخيَّة التي لا وجود لمثلها عند أمَّة من الأمم في أول يوم من الاحتلال( ).
عاشر ما دفعه العراق من ثمن هو ذهاب الدَّولة ذهاب الدولة، الدولة التي قضى العراقيون دهراً في بنائها واستقرارها لم يعد لها من وجود، لقد عاد العراق إلى حكم العشائر والقبلية والطائفية التي تجاوزها العراقيون منذ زمن بعيد في القرن العشرين.
حادي عشر مفردات ما دفعه العراق من ثمن للدِّيمقراطيَّة التي جلبها الأمريكيون هو نسف البنى التَّحتيَّة؛ الاقتصاديَّة والسِّياسيَّة والاجتماعيَّة والعلميَّة والتَّعليميَّة والماديَّة... فتراجع العراق مئات السِّنين من التَّخلف الذي يحتاج إلى زمن طويل، ومال كبير حَتَّى يعود إلى نقطة الصفر من جديد.
ثاني عشر مفردات ما دفعه العراق من ثمن هو النهب المنظم والعشوائي لأمواله وثرواته، وبعد أن أشرنا إلى أبعاض ذلك سابقاً، نركز هنا على النفط الذي لا يعلم العراقيون شيئاً عن نهبه من قبل قوات الاحتلال.
هل دفع شعبٌ في العالم وعبر التاريخ مثل هذا الثمن؟
لو أنَّ العراقيين هم الذين دفعوا بإرادتهم وسعيهم هذا الثمن للحصول على حريتهم وديمقراطيتهم لكان ثمناً كبيراً وكبيراً جدًّا أكبر من الحرية والدِّيمُقراطِيَّة التي سيحصلون عليها بكثير. ولكن الاحتلال، العدو، هو الذي غرَّمهم بهذا الثمن الباهض الذي لم يدفع نصفه شعب في التاريخ لا بإرادته ولا مرغماً من الاحتلال، اللهم إلا الهنود الحمر الذي بنى الأمريكيون دولتهم على جثثهم ودمائهم وتاريخهم.
إذن هي عادة عند الأمريكيين.
ولكن بعد كلِّ هذا الثَّمن هل تحققت الدِّيمُقراطِيَّة؟
إنَّ الثَّمن ذاته يقول إنَّ لا يوجد في العراق أدنى أدنى حدود الدِّيمُقراطِيَّة، بل الواقع يقول إنَّ ما كان من ديمقراطيَّة في أيام (الديكتاتور صدام حسين) يفوق بأكثر من ألف مرَّة ما هو متحقِّق منها اليوم بعد الاحتلال وسنوات من ترسيخ الدِّيمُقراطِيَّة بعد الاحتلال. ولذلك فإنَّ السؤال عن تحقق الدِّيمُقراطِيَّة في العراق سؤال غبيٌّ، أمَّا الغباء الذي لا حدود له فهو الزعم أنه يوجد شيء من الدِّيمُقراطِيَّة في العراق اليوم.
مع ذلك فإنَّ المسؤولين الأمريكيين يظلُّون يزعمون بَيْنَ اليوم والآخر أَنَّهُم حقَّقوا الدِّيمُقراطِيَّة للعراقيين. كلما عوتبت الولايات المتحدة الأمريكية على جريمتها باحتلال العراق قال المسؤولون الأمريكيون على مختلف مستويات المسؤوليَّة: «لقد حققنا الدِّيمُقراطِيَّة للعراقيين»، والمصيبة، المضحكة المبكية، أنَّ أكثر ما يظهر هذا التَّعبير عند حدوث انتخابات في العراق.
حدثت بعض الانتخابات في العراق، ولم تكن في كل مرة انتخابات، وإنما كانت عصابات تقود الناخبين، ولا يشارك في الانتخابات إلا أقل القليل من العراقيين، ومع ذلك يزعمونها انتخابات ديمقراطيَّة، ويقول جورج بوش الصغير في كلِّ مرة، ومع جوقته بالتتالي: «ألا ترون أننا حققنا الدِّيمُقراطِيَّة للعراقيين؟ إنهم ينتخبون الآن... لقد جرت انتخابات في العراق».
كم نحن عاجزون عن شكرك يا جورج بوش الصغير. لقد جعلت أهلنا في العراق ينتخبون. لقد كانوا ينتحبون أيام صدام حسين من أجل أن يقوموا بالانتخابات ولكنَّهم لم يستطيعوا! لم يكونوا يعرفون الانتخابات أيام صدام حسين ولم يسمعوا بها، ولولا فضل جورج بوش الصغير لما عرف العراقيون الانتخابات!
العراقيون اليوم ينتخبون. ولذلك هم أسعد شعوب الأرض قاطبة لأنهم ينتخبون، حَتَّى مع كونهم لا يستطيعون الخروج إلى الشارع، حَتَّى مع كون كلِّ واحدٍ منهم قد فقد نصف عائلته، ولا يستطيع أن يرى بعض أفراد عائلته الأحياء، حَتَّى كوهم من غير مأوى، ومن غير كهرباء، ومن غير دفءٍ بالنِّفط الذين يملكون منه أكثر مما تمتلك أي دولة في العالم...
ومع ذلك، وبكلِّ صفاقة، ومن غيرما خجل أو حياء أو وجل يقول المسؤولون الأمريكيون: «لقد صار العراق ديمقراطيًّا، إن العراقيين ينتخبون».
الطريف في الأمر أنَّ باسلاً عراقيًّا اسمه منتظر الزيدي قذف جورج بوش الصغير بحذائه في الزِّيارة الختاميَّة التي قام بها إلى العراق ليودع إنجازه الكبير في دمقرطته، فقال معلقاً: لقد عَبَّرَ عن رأيه وهذا من ثمار الدِّيمُقراطِيَّة( ).
حَتَّى هذا الحذاء الذي هزَّ العالم، وكان أكبر إهانةٍ لرئيسٍ أمريكيٍّ عَبْرَ تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، أراد بوش أن يمسخه بأن يجعله ثمرة الدِّيمُقراطِيَّة التي جلبها للعراقيين.
أمَّا أوَّل ثمرات الدِّيمُقراطِيَّة التي جلبها الأمريكيون فقد كانت في يوم سقوط بغداد إذ احتجَّ الكثيرون في جميع أنحاء العالم على الولايات المتحدة الأمريكيَّة، وتحديداً على الجيش الأمريكي الذي لا يحرِّك ساكناً، ويترك هذا الفلاتان، والغوغاء، والتَّسيُّب، وانعدام الأمن... فأجاب وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد ليعلق على هذه الأحداث المأساوية المؤسفة بابتسامته صفروايَّة سفيهة ويقول: «إنَّها الحريَّة... الحرية هي أن تفعل ما تريد، وأن تسرق ما تريد، وأن تخطئ كما تريد...»!!!.
قد نظنُّ أنَّ الأمريكيين يؤمنون فعلاً بما يقولون، أو يصدقونه، ولكنهم يكذبون، ويعرفون أنهم يكذبون، ولذلك علَّق الإعلامي الأمريكي ريتشارد درايفوس بقوله: «إننا ننظر إِلَى العالم بسخرية لأننا نمتلك قلوباً محطَّمة خاوية... من يمتلك قلباً محبًّا لا ينظر إِلَى الآخر بسخرية أبداً».
لقد آمن ريتشارد درايفوس أنَّ بوش ورامسفليد وجوقتهما يسخرون بجراح العراقيين ومشاعرهم ولا يؤمنون بما يقولون.
فهل أدرك الأمريكيون أنَّ بوش الصَّغير قادهم فعلاً إلى الطَّريق التي تجعلهم يمارسون الدِّيمُقراطِيَّة على الطَّريقة العراقيَّة؟!
إن أدركوا وجب أن يتصرفوا.
وإن لم يدركوا فإنهم يستحقون.