عزُ الدينْ جوهري
01/01/2009, 03:00 PM
لكنَّني خيَّبت ظنَّه وبقيت حيًّا![/center][/center][/center]
عزُّ الدينْ جوهري
شاعر وكاتب جزائري
البارحة، سمعتُ صديقًا لي، ويفترض أنَّه كذلك((صديقي))، يهمسُ في أذن أحدهم بأنَّه يتمنَّى لي الموت، والإعراض عن الحياة، أو مايشبه الاستقالة منها((الحياة))، بسبب ديوان شعري ألَّفته، وبسبب مقالٍ كتبته في جريدة ما، لكنَّني((دون الدخول في التفاصيلِ)) خيبت ظنَّه وبقيت حيًّا، وسأبقى كذلك ((أغلب الظنِّ)). أهدانيَ حضوره المتملقْ، لكننيَ أهديته غيابا أبدياً.
ثمة أشخاصٌ ينبغي أن تتوارى عن أعينهم، تفاجئهم دائما برحيلكَ وغيابك، وأحيانًا تفاجئهم، برغبتك في أن تحبَّهم من جديد، لتصيبهم بالإحباط والخيبة.. وكأنك ساعة الحسم تريد أن تقول لهم: أغربوا جميعكم، وهذا أنا أيضاً! بل هذه هي حقيقتي، أوأنا كذلك، مثلما أرى نفسي تمامًا..
الحياة الآنْ، وفي هذه اللحظة بالذات(( وفي كل اللحظات تقريبًا)) مليئة بالخيبات والكدمات، بالانتكاسات، والركل حدَّ التورمْ!، بسبب بعضهم، الذين تهديهم حبًّا أبديا، ينبع من أعماقك لكنَّهم يهدونك كرها، وحقدًا وحسدًا...
إننا نعيش حياة بشعة للغاية، حياة مقرفة، يملؤها العواء، والخوار، والنَّعيقُ.. وأشياء أخر! أشياءٌ تتحوَّلُ إلى ما يشبه، الرغبة في التميز، أو التفرد، والتَّملك، والأنا المقرفة، أو جرِّ العالم نحو الهاوية...
ثمة جرح غائرٌ في النفس والقلب والوجدانْ، وثمة قرح عصي على الزَّمنِ!، لكأن الأرض يبابٌ ((استعارة من اليوت))!
لايمكن لأحدنا أن يجلس على طاولة، أو يتنكَّبَ غصن داليةٍٍ، أو ((يتسطحْ على تختٍ))، أو يتجوَّلْ في شارعٍ، أو يتأبط ريحًا صرصرًا، دونما الشعور بالاحباط، والهزيمة، والسبب في ذلك، كونه محاطٌ بأناسِ بشعين للغاية.
إنه يجدر بنا جميعًا، وفي لحظة واحدة((وكأننا نتفق على ذلك))، أنه عندما نحاول أن نفعل شيئا ما، خارج طاقتنا، وخارج مجالنا العقلي أو العاطفي، أو حتى خارج مداراتنا، أو أن نرتكب شيئا يشبه السحر أو المسّْ، ألا نستجدي انتباه الآخرين، أو احسانهم، أوعاطفتهم التي تظمر لنا الكراهية والحقد، أو حتى تشجيعهم لنا، لأنهم جميعهم يتواجدون في لحظات الانتكاسة والهزيمة، وهم إما أن يخذلونك، أو يجعلونك محبط إلى ما لا نهاية.. على الأقل تلك هي تجربتي. الشيء الوحيد الذي يمكن لنا فعله، هو أن نجعل الروح تفيض، أن نسكب على العالم، وردًا وحريرًا..، لا أن نسعى لجعله ركامًا!
إن الأصل إزاء أي مشروع إنساني، يهدف إلى إعادة ترتيب العالم، وتحويل القبح إلى جمالٍ والشر إلى خير، هو الإنطلاق إلى القفر، الانطلاق إلى مقامات، لا تسمع فيها إلا لصوتك الداخلي ، لأنينك، وأنت تسعى إلى تغيير نفسك إلى حيث لا أحد، والمضي نحو قطع كل الصلات التي تربطنا بالآخر، أيًّا كان الآخرُ.
من الأشياء التي تشعرنا بالاحباط إزاء كل بداية وخطوة، ونحو أي هدف، هو أننا لم نجد، ذلك الإنسان الذي نثق به، ونعطيه كل أحلامنا، ونبوح له بالسر الأعظم الذي يراودنا، نقرُّ له أننا بصدد مشروع انساني يهدف إلى محاولة التَّكيف مع الحياة والواقع، ومع كل ما يحيط بنا، نقول له، أننا نكتب لأجل أن نتخلص من السموم التي جمعناها بسبب أسلوبنا الوحشي في الحياة، نكتب لنعتق العالم من قبضة الوحشيين والهمج والرعاع الذين يتسيدون الحياة بمختلف تفاصيلها وتلويناتها، نكتب لنعيد للعالم وجهه البرىء، بعدما أريق ماء وجهه((العالم))، من قبل الذين أرادو، أن يكون ملكهم وحدهم، تصديقًا للمثالْ الشائع((إحنا وبس، والباقي كلُّو خس)).
لا يوجد بين البشر إنسان كامل. ولكن هناك من هو غير صادق، هناك من يتمنَّى لك الشَّر دائمًا، يحقد عليك، وحين تبحث عن الأسباب، سوف لن تجد سوى أنَّك سبقته إلى الكتابة، أو التأليف وهو في عقده الخمسين، لم يفكر حتى في قراءة كتاب أو رواية أو ديوانًا شعريًا
ولم تستوقفه قصيدة، أو قصة، ولم يطربُ لفرحٍ، سوى أنًّه يحقد عليك، ويملأ قلبه كراهيةً، حتى يتورم وينتفخ كبالونٍ، لينفجر مخلِّفا روائح كريهة تزكم الأنوفْ!
إن تأليف كتابٍ سيىء، أفضل من العيش حياة بشعة، حياة لا نكرسها، إلا للحقد والكراهية
إذ يجدر بنا أن نلتفت للجمال فينا، ونسعى لإعادة تشكيل الإنسان الحقيقي، الذي أستخلف في الأرض لغايات سامية ونبيلة، لا أن يخصص الزمن الذي يربط حياته بمماته، في أن يتمنى لأحدهم الموت، والأخر يفاجئه، بأنَّه لازال على قيد الحياة. ما أحزن هذا وما أقساه!
عزُّ الدينْ جوهري
شاعر وكاتب جزائري
البارحة، سمعتُ صديقًا لي، ويفترض أنَّه كذلك((صديقي))، يهمسُ في أذن أحدهم بأنَّه يتمنَّى لي الموت، والإعراض عن الحياة، أو مايشبه الاستقالة منها((الحياة))، بسبب ديوان شعري ألَّفته، وبسبب مقالٍ كتبته في جريدة ما، لكنَّني((دون الدخول في التفاصيلِ)) خيبت ظنَّه وبقيت حيًّا، وسأبقى كذلك ((أغلب الظنِّ)). أهدانيَ حضوره المتملقْ، لكننيَ أهديته غيابا أبدياً.
ثمة أشخاصٌ ينبغي أن تتوارى عن أعينهم، تفاجئهم دائما برحيلكَ وغيابك، وأحيانًا تفاجئهم، برغبتك في أن تحبَّهم من جديد، لتصيبهم بالإحباط والخيبة.. وكأنك ساعة الحسم تريد أن تقول لهم: أغربوا جميعكم، وهذا أنا أيضاً! بل هذه هي حقيقتي، أوأنا كذلك، مثلما أرى نفسي تمامًا..
الحياة الآنْ، وفي هذه اللحظة بالذات(( وفي كل اللحظات تقريبًا)) مليئة بالخيبات والكدمات، بالانتكاسات، والركل حدَّ التورمْ!، بسبب بعضهم، الذين تهديهم حبًّا أبديا، ينبع من أعماقك لكنَّهم يهدونك كرها، وحقدًا وحسدًا...
إننا نعيش حياة بشعة للغاية، حياة مقرفة، يملؤها العواء، والخوار، والنَّعيقُ.. وأشياء أخر! أشياءٌ تتحوَّلُ إلى ما يشبه، الرغبة في التميز، أو التفرد، والتَّملك، والأنا المقرفة، أو جرِّ العالم نحو الهاوية...
ثمة جرح غائرٌ في النفس والقلب والوجدانْ، وثمة قرح عصي على الزَّمنِ!، لكأن الأرض يبابٌ ((استعارة من اليوت))!
لايمكن لأحدنا أن يجلس على طاولة، أو يتنكَّبَ غصن داليةٍٍ، أو ((يتسطحْ على تختٍ))، أو يتجوَّلْ في شارعٍ، أو يتأبط ريحًا صرصرًا، دونما الشعور بالاحباط، والهزيمة، والسبب في ذلك، كونه محاطٌ بأناسِ بشعين للغاية.
إنه يجدر بنا جميعًا، وفي لحظة واحدة((وكأننا نتفق على ذلك))، أنه عندما نحاول أن نفعل شيئا ما، خارج طاقتنا، وخارج مجالنا العقلي أو العاطفي، أو حتى خارج مداراتنا، أو أن نرتكب شيئا يشبه السحر أو المسّْ، ألا نستجدي انتباه الآخرين، أو احسانهم، أوعاطفتهم التي تظمر لنا الكراهية والحقد، أو حتى تشجيعهم لنا، لأنهم جميعهم يتواجدون في لحظات الانتكاسة والهزيمة، وهم إما أن يخذلونك، أو يجعلونك محبط إلى ما لا نهاية.. على الأقل تلك هي تجربتي. الشيء الوحيد الذي يمكن لنا فعله، هو أن نجعل الروح تفيض، أن نسكب على العالم، وردًا وحريرًا..، لا أن نسعى لجعله ركامًا!
إن الأصل إزاء أي مشروع إنساني، يهدف إلى إعادة ترتيب العالم، وتحويل القبح إلى جمالٍ والشر إلى خير، هو الإنطلاق إلى القفر، الانطلاق إلى مقامات، لا تسمع فيها إلا لصوتك الداخلي ، لأنينك، وأنت تسعى إلى تغيير نفسك إلى حيث لا أحد، والمضي نحو قطع كل الصلات التي تربطنا بالآخر، أيًّا كان الآخرُ.
من الأشياء التي تشعرنا بالاحباط إزاء كل بداية وخطوة، ونحو أي هدف، هو أننا لم نجد، ذلك الإنسان الذي نثق به، ونعطيه كل أحلامنا، ونبوح له بالسر الأعظم الذي يراودنا، نقرُّ له أننا بصدد مشروع انساني يهدف إلى محاولة التَّكيف مع الحياة والواقع، ومع كل ما يحيط بنا، نقول له، أننا نكتب لأجل أن نتخلص من السموم التي جمعناها بسبب أسلوبنا الوحشي في الحياة، نكتب لنعتق العالم من قبضة الوحشيين والهمج والرعاع الذين يتسيدون الحياة بمختلف تفاصيلها وتلويناتها، نكتب لنعيد للعالم وجهه البرىء، بعدما أريق ماء وجهه((العالم))، من قبل الذين أرادو، أن يكون ملكهم وحدهم، تصديقًا للمثالْ الشائع((إحنا وبس، والباقي كلُّو خس)).
لا يوجد بين البشر إنسان كامل. ولكن هناك من هو غير صادق، هناك من يتمنَّى لك الشَّر دائمًا، يحقد عليك، وحين تبحث عن الأسباب، سوف لن تجد سوى أنَّك سبقته إلى الكتابة، أو التأليف وهو في عقده الخمسين، لم يفكر حتى في قراءة كتاب أو رواية أو ديوانًا شعريًا
ولم تستوقفه قصيدة، أو قصة، ولم يطربُ لفرحٍ، سوى أنًّه يحقد عليك، ويملأ قلبه كراهيةً، حتى يتورم وينتفخ كبالونٍ، لينفجر مخلِّفا روائح كريهة تزكم الأنوفْ!
إن تأليف كتابٍ سيىء، أفضل من العيش حياة بشعة، حياة لا نكرسها، إلا للحقد والكراهية
إذ يجدر بنا أن نلتفت للجمال فينا، ونسعى لإعادة تشكيل الإنسان الحقيقي، الذي أستخلف في الأرض لغايات سامية ونبيلة، لا أن يخصص الزمن الذي يربط حياته بمماته، في أن يتمنى لأحدهم الموت، والأخر يفاجئه، بأنَّه لازال على قيد الحياة. ما أحزن هذا وما أقساه!