المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعميد . . قصة قصيرة



قاسم عزيز
02/01/2009, 12:40 AM
تعميد
جاءني رجلان في زى ابيض لم اعهد بهاء وجهيهما,ولا بياض ثيابهما , حتى تلك الابتسامة التي شفت عن ملائكية - اندهش كثيرا لوجودها في هذا العالم - بينما كانت تشغلني افكارى وهمومي , وأمتلئ حنقا وسخطا على كل من حولي ولا أجد سوى خيالا جامحا أحلق به في العوالم , أدمر شرورها بقدرات أحرص على تفوقها واستهزائها بتقنيات العصر وتكنولوجيات الدمار .
جلس كلاهما في مواجهتي . . وغمراني بابتسامة ودودة . . وضع أحدهما كفه على صدري فوجدت برد يده في ظهري . . وامتلأ رأسي بأسئلة طيرتها ابتساماتهم الهادئة المليئة بالثقة . . دفعني الآخر برفق وهو يبتسم حتى أسندت ظهري الى الحائط من ورائي , بينما ترد كومض البرق على ذهني تساؤلات لا تخرج , ورهبة لم أعهدها لأحد قدر هذين .
وأطاوع في استسلام يؤكد عدم التفكير في مجرد المقاومة . . لكن دقات عنيفة بصدري بدأت تعلو شيئا فشيئا.. فكرت فى لفت انتباه أيا كان من حولي لمجرد الرفقة مع غريبين اشعر برهبة أكيدة تجاههما رغم ارتياحي العميق لابتساماتهما الودودة . . ولم افعل . .؟!!
عاد احدهم بسبابته الى صدري , ومن فتحة القميص لامس إصبعه جلدي , وتحولت رهبتي الى رعب حقيقي يتجسد في رؤيتي لفتحة بصدري كانت كافية لتمتد يد الرجل الى داخلها واخراج - يالدهشة – قلبي , كان صغيرا لم يملأ نصف كفه , ملوثا بدم اسود داكن . . مسحه برفق بكفه الأخرى بينما ينتفض كعصفور. . نظفه قد ر ما سمح الظرف . . لم يستخدم ماءا أو حتى قطعة قماش , وكانت دهشتي عظيمة وذهولي مروع ودقات قلبي مرجفة . . . وتلهث عيناي بين كفيه وفتحة صدري الفارغة . . أحاول حثه على سرعة إعادته الى مكانه . . وهو يطمئنني بابتسامه واثقة وهزة من رأسه , ويعيد مسحه برفق بينما أتساءل عن كيفية توصيل الأوردة بالأوردة والشرايين بالشرايين وإمكانية عودته ثانية للعمل . وعن سبب عدم شعوري بأى الم . . ! ! فقط هذه الرهبة العارمة , وهذا الاستسلام الكامل دون تفسير ..
أخيرا يعيده الرجل بنفس الهدوء والثقة الى صدري ويمسح عن موضع الفتحة منه .. ثم ينصرف مع صاحبه بهدوء كنسمة تتهادى ., بينما قلبي يدق دقات عالية تصنع بى رجفات قوية خلتها تهز العالم هزا .. ورحت أتحسس موضع القلب من صدري لأجده ينتفض قويا كمرجل .. فتحت قميصي ولم أجد – يالدهشة والغرابة – أي أثر لجرح قديم أو حديث .. فقط تعلقت عيناي بآخر ما ذ كرته من انصراف الرجلين . . فى ثياب بيضاء ناصعة ونظيفة .
Kasemazez

عائده محمد نادر
02/01/2009, 10:33 PM
الزميل العزيز
قاسم عزيز
أهي الطمأنية حين نكون بين يدي الملائكة الأطهار
وقلبك الذي ينتفض كمرجل ..كان غاضبا.. متوجعا.. يعلوه الدم الأسود قبل أن تمسحه يد السلام
هكذا كنت هنا أنا
ولاأدري إن كنت قد خرجت عن رؤيتك
تحياتي لك سيدي الكريم

إبتسام إبراهيم تريسي
02/01/2009, 11:50 PM
مرحباً أخي قاسم .
شدّني نصك ، وأوجعني ، نص جميل ، مؤثر .
لك تمنياتي .

وفاء نويهض
07/01/2009, 06:45 PM
ما أجمل السكينة حين تكون مباركة بلمسة بيضاء... تهديء من خفقة القلب الخائفة...
تحية وود
وفاء

خليف محفوظ
10/01/2009, 01:52 PM
نص جميل ، يحيلنا إلى حادثة شرح صدر النبي عليه السلام في طفولته .

تناص يكاد يتطابق

إلا أن هنا ك تطهيرا للقلب من المشاعر السوداء الطبيعية في النفس البشرية
وهنا بلسمة للقلب مما لحق به من أذى جراء هموم العالم

والسوؤال الذي يطرح نفسة :
من الذي له القدرة على بلسمة القلوب في عالم مليء بالقبح و الشر ؟؟؟

كأن النص ترجمان شوق دفين في ذات السارد إلى يد بيضاء تمسح عنه أكداره .

" سوى خيالا جامحا " ... سوى خيال جامح ...

" لفت انتباه أيا كان " ...أي كان ...


تحيتي

قاسم عزيز
12/01/2009, 03:08 PM
الزميل العزيز
قاسم عزيز
أهي الطمأنية حين نكون بين يدي الملائكة الأطهار
وقلبك الذي ينتفض كمرجل ..كان غاضبا.. متوجعا.. يعلوه الدم الأسود قبل أن تمسحه يد السلام
هكذا كنت هنا أنا
ولاأدري إن كنت قد خرجت عن رؤيتك
تحياتي لك سيدي الكريم
====
الزميلةوالقاصة المبدعة / عائدة . .
اهلا بعبورك ورؤيتك الجميلة للنص تسعديننى دائما بمرورك البهى
وتوغلك البديع فى اعماق الحرف والكلمة .
لم تخرجى كثيرا عن رؤيتى , وان فعلت فلا تهتمى برؤيتى ككاتب للنص
فهو ملك لك " للقارىء " , ويسعد كاتبه أن تكون لكل قارىء رؤيته الخاصة .
فاهلا بك وبرؤيتك .

قاسم عزيز
12/01/2009, 03:16 PM
مرحباً أخي قاسم .
شدّني نصك ، وأوجعني ، نص جميل ، مؤثر .
لك تمنياتي .
===============
السيدة العزيزة / ابتسام تريسى . .

يسعدنى مرورك وانجذابك للنص وأوجعنى وجعك وكاد يغضبنى عليه .
لكن مديحك له وتأثرك به نبهنى الى ان الوجع كان وصولا لرسالته
ونجاح له .
تقبلى تحيات قاص " نفسه " يكمل ثلاثة مشاريع لثلاث رويات
لم تكتمل ولعلها لن . . .
مودتى وتقديرى .

قاسم عزيز
12/01/2009, 03:19 PM
ما أجمل السكينة حين تكون مباركة بلمسة بيضاء... تهديء من خفقة القلب الخائفة...
تحية وود
وفاء
================
الفاضلة / وفاء نويهض ..
شكرا لمرورك الخاطف
ولطلتك البديعة وبلمستك المباركة
تقبلى كل الاحترام والمودة

قاسم عزيز
12/01/2009, 03:27 PM
نص جميل ، يحيلنا إلى حادثة شرح صدر النبي عليه السلام في طفولته .

تناص يكاد يتطابق

إلا أن هنا ك تطهيرا للقلب من المشاعر السوداء الطبيعية في النفس البشرية
وهنا بلسمة للقلب مما لحق به من أذى جراء هموم العالم

والسوؤال الذي يطرح نفسة :
من الذي له القدرة على بلسمة القلوب في عالم مليء بالقبح و الشر ؟؟؟

كأن النص ترجمان شوق دفين في ذات السارد إلى يد بيضاء تمسح عنه أكداره .

" سوى خيالا جامحا " ... سوى خيال جامح ...

" لفت انتباه أيا كان " ...أي كان ...


تحيتي
================================
الاستاذ الرائع / خليف محفوظ . .
ربما هذه الاحالة وهذا التناص الذىن تحدثت عنهما فى النص هما ما كنت اتحسب كثيرا لهما , لأنى اكتشفت هذا فور انتهائى منه , لكننى قلت ولم لا . . لم نذهب بعيدا والحادثة صحت أو لم تصح لها تداعياتها واسقاطاتها فى حياتنا نحن المسلمين وفى النفس البشرية .
انزعجت فعلا فى البداية , لكننى عدت فأعجبتنى وأكاد الآن أتيه بها بمداخلتك الجميلة .
شكرا لك سيدى العزيز . .
وتقبل تحياتى وتقديرى .