المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «رذاذ يسقط ولا يصلْ!»



عزُ الدينْ جوهري
02/01/2009, 09:57 PM
«رذاذ يسقط ولا يصلْ!»
هنيئا لي بك ياطروب
بحراً من قرط الرعشات
وهي تغني تحت جلدي
هنيئا لشفاهك لا تأتي من بعيد
لتعزّي حافة صهيلي
هنيئا وما من سفن
تؤبن البحر بكف من حنين
لا شياطين ينخرها حليب الأرض الناضب
فقط أصوات بخارك ياطروب شهي الكلام
وهذه وداعتي تشهر بذخها
وتحت أجنحتي تصهل امرأة خريفي
تتشظى ولا تأسر
ولا أقول وداعا إلا لزرعك المديد
أحصد نيرانه العاتية
أقول وأنت تشبهين الوطن مرارة
وأقضمك حنظل
لتكسوني المرارة من جديد
فتنبت لأنيابي أحلام وجع
وحين أغفو يأخذني مدّك إلى الحافّة
لتهوي قلاعك إلى أرض لم أشم ترابها بعد
فيدركني الوجع متخفيا تحت زندي
وتوجعني بروقك اللاهثات بلمعانها
وما تصعد منك إلا الملوحة العذبة
ورائحة كرزك جديلة
امرأة تأتي من بني الجبال
تصهل بكل ما فيها من نقاوة
* * * *
لو تدرين ياطروب كم الحرف جبان
فأرسلي أنبياءك في البحر أبابيل حبنا
آه لو تدرين ياطروب
أنّني أصرخ في وجهك
كل يوم ولا تأتين
أمزج اسمك بالغروب
ولا تتلونين بأزرق الرجوع
لو تعلمين ياطروب
وجهك صفصافة راعفة
ويديك فراشات لدرب يكاد يهوي
وأنت ياطروب بحر لغته عميقة
كالبحر ياطروب
يأسر النشوة
وأنت وشم على ريش الحمام
يطير عابثا بالشوك والكائنات
البحر ضلع منك ياطروب
وجه دفيء كوجهك
وفي عينيك يا طروب لغة
تؤبن البحر!
تلقيه في الغياب
وما من جفول يحميه!
* * *
البحر موجع كالوميض ياطروب
وليس في يدي أسورة غيم
أزجُّها في بروقك
أنت ياطروب لو تدرين
امرأة من غبار
رذاذ يسقط ولا يصل
وأنا ياطروب لم أولد بعد
لأهبك الأسى
وألون وجهك الفسيح بأخضر
يأتي من العشب فرحا بالمرارة
أنا ياطروب لو كنت أزرق قليلا
لأميل على ساعدك النّازف
لو كنت قبلة منسية
لكنك لو تدرين تهاويت ليموت البحر
واقتربت من الوجع
وما من صوت يهزُّني من خصلة شعري
ليعبرك موتي
أنا ياطروب أسكن الليل وحيداً
ووجهك درب لفاجعة
تكبد الشمس خسارة الشروق
ومرارة الأصفر
تحت ما ينبض الآن مما يسكن
ساحلك العذب كحطام
أنت ياطروب
ثقب في صدري
وكومة ركام من ضلوعي النازفة
أنت ياطروب نهر يسيل لعابه
وشبق طفولي يضمك الآن لنسغ
هارب من قبو
وبقليل من الحضور يطفيء البحر
ويعلن الردة
أنت لو تدرين ياطروب
أحمر يغري ولا يجيء
وأنا فنجان قهوتك الشهي
المر كسيف في خاصرة
أنا ياطروب
أنا دائما كما تدرين
أسكن البحر لفرط موجي
أنا دائما في معراج
ذات شتاء...!