المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإبداع في رحاب التاريخ على هامش ( مظلة في قبر )كتبها عبد السلام المودني



مصطفى لغتيري
24/12/2006, 03:51 PM
الإبداع في رحاب التاريخ على هامش ( مظلة في قبر ) للقاص مصطفى لغتيري

استضافت رحاب كلية الآداب و العلوم الإنسانية عين الشق بالدارالبيضاء، مساء الجمعة 22 دجنبر الجاري لقاء إبداعياً احتفاءً بــ( مظلة في قبر ) آخر عناوين القاص المغربي المتجدد مصطفى لغتيري، تحت مظلة أطرها مسلك التاريخ و الحضارة بالكلية المذكورة، اختير لها كمحور نقاش( توظيف المعطيات التاريخية في النصوص الأدبية ).
أدار الجلسة رئيس شعبة التاريخ بالكلية ذاتها الأستاذ لطفي بوشتنوف الذي أعرب عن افتقار الساحة الأدبية المغربية إلى نصوص تعاطت مع التاريخ المغربي بما يتفق و غنى هذا الأخير و مقارنة مع تجارب العديد من الأقطار العربية التي اتخذ كبار مبدعيها تاريخ بلدانهم كينابيع غرفوا منها و أغنوا بها تجاربهم الإبداعية كما عرفوا بذلك التاريخ و قدموه في قالب فني محبب جعلت عموم القراء ممن لا تغريهم نخبوية النص التاريخي حيناً و صرامته حيناً آخر يطلعوا عليه و يتعرفوا إلى أهم شخوصه و أحداثه و خصائص و بنيات مجتمعاته.
وكان الأديب و الناقد المبدع سعيد بوكرامي أول المتدخلين، إذ تناول نماذج عديدة يحفل بها المشهد الإبداعي المغربي التي نهلت من التاريخ، و وظفته بشكل جيد في نصوص سردية و شعرية، إلا أنه عزى عدم حميمية علاقة المبدع المغربي مع تاريخ بلاده إلى أسباب كثيرة، من أهمها عدم انفتاح المؤرخ على المبدع و بالتالي عدم انفتاح التاريخ على المبدع، إضافة إلى اللبس و الغموض الذي يحكم تلك العلاقة في ظل غياب نصوص تتسم بنوع من المصداقية و الشرعية تجيب عن انتظار و فضول الباحث عن الحقيقة، ما يدفع الكاتب إلى الاستعاضة عن طرق أبواب التاريخ المشكوك فيه أو المجهول باستدعاء التخييل و الواقع. مشيراً في ختام مداخلته الممتعة إلى أن العلاقة بين التاريخ و الأدب مستمرة و متجددة، كما أن الأدب يخدم التاريخ من حيث غوصه في الواقع و بالتالي فالنصوص الأدبية تشكل وثائق تاريخية لأجيال قادمة.
وتناول الكلمة الكاتب المبدع حسن اليملاحي انطلاقاً من سؤال التجاور و التعالق مركزاً على علاقة الرواية بالتاريخ، مستبعداً أنهما مجالان منفصلان، إذ أن الاحتكاكات المباشرة و العلاقات المتداخلة أفضت إلى إلغاء الحدود الفاصلة بين المعارف ( الشيء الذي مهد الطريق للحديث عن التجاورات و التعالقات. تجاور التاريخ للأجناس الأدبية ” مسرح، قصة، رواية…” إلى جانب ما يمكن أن يرافقه من تعالق مواز). كما أشار إلى أن حضور التاريخ بأحداثه و تفاعلاته وشخوصه في المتن الروائي يعتبر حضوراً قوياً ما دفعه بتسميته بالاجتياح الجميل، خاتماً مداخلته القيمة بإلقاء الكرة في ملعب المؤرخين قائلاً: كيف ينظر المؤرخ إلى هذا الاجتياح الجميل، اجتياح الرواية للتاريخ؟
وكان الختام قصاً، إذ وبعد جولة ممتعة تناول خلالها القاص المبدع مصطفى لغتيري العلاقة بين الأدب و التاريخ، مستعرضاً الروابط المتينة التي تحكم تلك العلاقة، مبرزاً تبادل الاستفادة بينهما على طول خطوط تماسهما، شنف آذان الحضور بنماذج من مجموعته القصصية الأخيرة ( مظلة في قبر )، تدعم توظيفه للمعطيات و الرموز التاريخية التي تخدم نصوصه القصصية القصيرة جداً ما أغناه عن الخوض في كثير من التفاصيل كاستحضاره لشخوص رامزة، أو معطيات تاريخية، أو أحداث أعاد تناولها بطريقة فنية بعيداً عن (صرامة النسق الفلسفي، و واقعية المعطى التاريخي).
و تميز اللقاء بحضور ثلة من المؤرخين و المبدعين و المهتمين بالشأن الثقافي، الذين جاءت مداخلاتهم كإضافات زادت من زخم هذا الحفل الثقافي المتميز. و لإن كان هناك بعض الاختلاف في الرؤى و الأفكار، فإن الإجماع تسيد نجاح هذه الأمسية ضاربين موعداً في القريب لتسليط الضوء على موضوع جديد يفضي إلى حوار جديد بين المبدع و المؤرخ حول السيرة الذاتية كوثيقة تاريخية.
عبدالسلام المودني