المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غزة والغزة في الظهر



محمد خلف الرشدان
04/01/2009, 07:17 PM
لقد جاوز الظالمون المدى ، بعد هذا الذي يجري في غزة هذه الأيام ، لم يعد ينفع العويل والنحيب ،ولا لطم الخدود وشق الجيوب ، لم يعد الرثاء مهماً ، ولا للقصائد منفعة ً ، ولا للكلام المنمق والمدبلج فائدة ً ، ولا للمظاهرات العارمة قيمة ً ، ولا للمهاترات واللوم ، إلا مهزلة ً وتضييعا ً.

غزة ولليوم العاشر تعيش تحت النار الإسرائيلية ، تحت المحرقة مليون ونصف إنسان هم سكان قطاع غزة الصامد الجريح ،محصورون في بقعة جغرافية صغيرة لا تتعدى مساحتها 350كم حيث يعتبر القطاع من أكثر الكثافات السكانية في العالم ، نسبة لعدد السكان في مساحته الصغيرة ، يتعرضون لأبشع جريمة في التاريخ ، يتعرضون للإبادة بحجة واهية وهي مهاجمة حركة حماس ، تهاجمهم إسرائيل جواً وبحراً وبراً ، تحاصرهم إسرائيل وتمنع عنهم وصول المساعدات من غذاء ودواء ومحروقات ، وتحاصرهم مصر بإغلاق معبر رفح إغلاقاً كلياً ، فيصبح الحصار حصارين من العدو ومن الشقيق على حد سواء ، إن هذا الذي يحدث يجعل الحليم حيران .

وتلك لعمري مهزلة ما بعدها مهزلة تدلنا على حجم المؤامرة والخيانة والتواطؤ وتقصف غزة بحمم النار التي لا تفرق بين دائرة أو مدرسة أو جامعة أو مسجد أو منزل ، كل ما في القطاع ساحة حرب ، حرباً شعواء مجنونة ، تقتل وتدمر البيوت على رؤوس ساكنيها وهم نيام ، ويزداد عدد القتلى والجرحى يومياً ، حتى بلغ لغاية هذا اليوم العاشر أكثر من 500 شهيد و3000 جريح نصفهم بحالة خطرة ، والنصف الباقي من الجرحى لا يجدون من يسعفهم أو ينتشلهم من تحت الركام ، لضراوة القصف الهمجي البربري الإسرائيلي ، ولشدة برودة الجو حيث تصل درجة الحرارة ناقص 5تحت الصفر ، وهم لا يجدون ما يسدون به رمقهم من الجوع والعطش والملابس التي تقيهم برد الشتاء القارس ، فالمعابر جميعها مغلقة ومن يقترب منها تطلق عليه النار من العدو والأخ .

وتشترك مع إسرائيل بهذه الجريمة النكراء دولاً عربية ، يحكمها زعماء عملاء خونة إرتدوا على إدبارهم القهقرى ، وتخلوا عن عروبتهم وإسلامهم ونخوتهم وشهامتهم وأخلاقهم ، وباتوا في خندق العدو ، ليصبحوا أشد يهودية وصهيونية من اليهود والصهاينة ،لك الله يا غزة هاشم ، وظلم ذوي القربى أشد مضاضة من وقع الحسام المهند ، رباه كيف نكون مرة أخرى عرباً أحراراً نأبى أن تضام نساءنا وحرائرنا وأن يقتل أحرارنا ، وأن تدنس مقدساتنا ويقتل أطفالنا وتهدم بيوتنا على رؤوسنا ، من لغزة الجريحة يا أمة العرب ، ولو أسمعت اذ ناديت حياً ** ولكن لا حياة لمن تنادي



لم يحدث في التاريخ أن تم سحق إرادة شعب على مر التاريخ ، إذ يمكن للمعتدي أو المحتل أن يفتك بهذا الشعب قتلاً وتهجيراً وتدميراً ، غير أن روح التحدي الكامنة فيه لا يمكن قهرها أبداً
، إذ يبقى الصمود والغضب وصيحات الثأربعد سقوط الضحايا محركاً قوياً يفجع النفس ويؤلم القلب ، ولكنه في نفس الوقت يمدّ المقاومين والمدافعين بالعزم والقوة والإرادة والصبر والعنفوان
يمدهم لبناء الحياة والإنتصار لكرامة الإنسان ، وحقه في الوجود وفي الحياة الحرة الكريمة .

يقول رئيس وزراء العدو الصهيوني الفاشل أولمرت في تصريح له في اليوم الخامس من العدوان الهمجي البربري على إخوتنا في غزة ، يقول ((هناك زعماء عرب يحضونني على الإستمرار في الحرب على غزة حتى القضاء على حركة حماس )) وعندها نتفهم الموقف تماماً وتتضح الصورة أمامنا كاملة بكل تفاصيلها السوداء المرعبة .

هؤلأ الحكام العرب نسألهم : أي عروبة هذه ؟؟ وأي إسلام هذا ، أين الأخوة العربية التي تتشدقون بها صبح مساء أين الأخلاق والشهامة والنخوة العربية ، أين التضامن العربي وأين إتفاقيات الدفاع العربي المشترك ، رحم الله أيام أمجاد العرب الخوالي عندما سادوا الدنيا وكانوا فرسان الزمان والمكان الفاتحين ، واليوم أصبحوا مفتوحين ، لقد ماتت أمتنا العربية والإسلامية فما لجرح بميت إيلام ، أصبحنا اليوم ظاهرة صوتية بدون أي فعل ، لا يكترث بنا أحد أصبحنا مهزلة لكل الأمم ، نتلقى الضربات من عدونا وبني جلدتنا بفعل الخيانة والتآمر ، لقد إختلط الحابل بالنابل ، وأصبحنا أمة صائعة داشرة بليدة مخدرة من ذوات الدم البارد ، لا تحركها المذابح والمجازر ومناظر القتل والدمار ، أمة تسير لحتفها بإرادتها ، تستجدي الأعداء ليخلصوها من الهمجية والوحشية الصهيونية وستبقى كذلك حتى يتهيأ لها رجل مثل صلاح الدين الأيوبي ، يوحدها رغم أنف الظالمين والمعتدين والمتآمرين والخونة . فمتى يأتي ذلك اليوم ؟؟