مراد حركات
08/01/2009, 09:27 PM
بقلم / مراد حركات
ماذا تبقّى من الوقوف على الأطلال وتلك البكائيات الطويلة من العصر الجاهلي؟ هل نعود إلى تلك الحقبة ننهل منها أسلوبها الشعريّ؟ صحيح أن لغتها قوية وحصيفة، ولكنها مطرَّزة بثوبها القديم شكلاً ومضموناً..
– أنا هنا – لا أقف مراقباً رادعاً لهذا الأدب، أو مانعاً يترصّد من يقرأ ويتأمل في هذا التراث الأدبيّ المتميّز، وإنّما أقول – وهذا ليس رأيي وحسب، وقد يتّفق معيَ الكثير من الأدباء والمثقّفين – لا نتمكّنَ ولن نستطيعَ مواكبة حركة الأدب المعاصر بتأثّرنا في كتاباتنا بالأسلوب الجاهليّ، من حيث تراكيبُه وبنياتُه، التي أصبحت غيرَ مواتيةٍ لنا، فالتغيّر الذي حدث على مستوى البيئة وطريقة العيش والحياة، أحدثَ تحوّلاً جذريّاً في النظًم والمفاهيم والعقليات، وبالتالي قالمنظومة الإبداعية تتغيّر.
كنْتُ قد سألتُ أحد المبدعينَ المبتدئينَ: "ماذا تقرأ من الشعر؟"، فأجابني: "الشعر الجاهلي"، فسألتُه: "هل يكفيكَ لتستقيَ منه موْرداً لكتاباتك؟"، فقال لي: "لقد أجبتُكَ.. الشعر الجاهلي فقط". تَبيّنَ لي حينها أنْ لا فائدةَ أرجوها من جداله، وغيره كثير من ذوي الإحاطة الشاملة أو المقتضبة بالأدب الجاهلي.
من العجيب الغريب أن نجدَ في عصرنا الحديث من يميل كلَّ الميل إلى الماضي. يقول الدكتور جابر عصفور: "... سيطرتْ نزعةُ تقديس الماضي على الفكر والإبداع العربيين، واقترنت في تصاعدها بالعداء للفكر العقلاني والإبداع الحداثي". ومن غير المجدي أن نرتبطَ بالماضي دون التفكير في الحاضر والمستقبل، ودونَ أن نتطلّعَ إلى عملية تثقيفية واسعة النطاق، لنَكونَ حضاريين ثقافيا وفكريا وإبداعيا. وأسْتند إلى رأي شاعرنا البحرينيّ الكبير قاسم حدّاد إذ يقول: "ما عاد على الشاعر أن يكتُبَ شعراً فقط، أو أن يكْتفيَ بفهم مجتمعه فهماً أدبيّاً. وإنّما باتَ في حاجةٍ لامتلاك معرفة تقنية جديدة، فهي المكوِّنُ الأساسيّ لثقافة المستقبل". فشاعرُنا هنا يدعونا ضمنيّاً إلى عدم الاكتفاء بالنهم الأدبيّ لتوسيع مواردنا من الشمولية المعرفية والثقافية.
بقلم مراد حركات
أولاد جلال في: 24 شوال 1429هـ
الموافق لـ 24 أكتوبـر 2008م
ماذا تبقّى من الوقوف على الأطلال وتلك البكائيات الطويلة من العصر الجاهلي؟ هل نعود إلى تلك الحقبة ننهل منها أسلوبها الشعريّ؟ صحيح أن لغتها قوية وحصيفة، ولكنها مطرَّزة بثوبها القديم شكلاً ومضموناً..
– أنا هنا – لا أقف مراقباً رادعاً لهذا الأدب، أو مانعاً يترصّد من يقرأ ويتأمل في هذا التراث الأدبيّ المتميّز، وإنّما أقول – وهذا ليس رأيي وحسب، وقد يتّفق معيَ الكثير من الأدباء والمثقّفين – لا نتمكّنَ ولن نستطيعَ مواكبة حركة الأدب المعاصر بتأثّرنا في كتاباتنا بالأسلوب الجاهليّ، من حيث تراكيبُه وبنياتُه، التي أصبحت غيرَ مواتيةٍ لنا، فالتغيّر الذي حدث على مستوى البيئة وطريقة العيش والحياة، أحدثَ تحوّلاً جذريّاً في النظًم والمفاهيم والعقليات، وبالتالي قالمنظومة الإبداعية تتغيّر.
كنْتُ قد سألتُ أحد المبدعينَ المبتدئينَ: "ماذا تقرأ من الشعر؟"، فأجابني: "الشعر الجاهلي"، فسألتُه: "هل يكفيكَ لتستقيَ منه موْرداً لكتاباتك؟"، فقال لي: "لقد أجبتُكَ.. الشعر الجاهلي فقط". تَبيّنَ لي حينها أنْ لا فائدةَ أرجوها من جداله، وغيره كثير من ذوي الإحاطة الشاملة أو المقتضبة بالأدب الجاهلي.
من العجيب الغريب أن نجدَ في عصرنا الحديث من يميل كلَّ الميل إلى الماضي. يقول الدكتور جابر عصفور: "... سيطرتْ نزعةُ تقديس الماضي على الفكر والإبداع العربيين، واقترنت في تصاعدها بالعداء للفكر العقلاني والإبداع الحداثي". ومن غير المجدي أن نرتبطَ بالماضي دون التفكير في الحاضر والمستقبل، ودونَ أن نتطلّعَ إلى عملية تثقيفية واسعة النطاق، لنَكونَ حضاريين ثقافيا وفكريا وإبداعيا. وأسْتند إلى رأي شاعرنا البحرينيّ الكبير قاسم حدّاد إذ يقول: "ما عاد على الشاعر أن يكتُبَ شعراً فقط، أو أن يكْتفيَ بفهم مجتمعه فهماً أدبيّاً. وإنّما باتَ في حاجةٍ لامتلاك معرفة تقنية جديدة، فهي المكوِّنُ الأساسيّ لثقافة المستقبل". فشاعرُنا هنا يدعونا ضمنيّاً إلى عدم الاكتفاء بالنهم الأدبيّ لتوسيع مواردنا من الشمولية المعرفية والثقافية.
بقلم مراد حركات
أولاد جلال في: 24 شوال 1429هـ
الموافق لـ 24 أكتوبـر 2008م