المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عائلة الحاج وديع



محمد مزكتلي
15/01/2009, 02:40 PM
عائلة الحاج وديع

هل سمعتم يا أصدقائي بقصة السيد وديع,إنه وبكل بساطة واحداً من أفراد القطيع.
عاش ويعيش وسيعيش في ربوع الوطن العربي,ينعم بخيره الوفير ويرفل في ترفه الذهبي.
والمسرحية أيها القارئ الكريم من أربعة فصول وستت مشاهد.
سأبذل قصارى جهدي لأجعلك تقرأ وكأنك تشاهد.
الفصل الأول..المشهد الأول.
أندفع السيد مطيع ثائرا كالثور الهائج إلى باحة الدار,لون الدم يصبغ وجهه وعيناه كجمرتين من نار.
يزبد ويرعد,ويهدد ويوعد.
قفز نحو بارودة الصيد وانتزعها من الجدار,مقسما على قتل جاره السارق الغدار.
فلقد ضبطه متلبسا يسرق البيض من تحت الدجاجات ولم تنفع معه كل وسائل التهديد والاحتجاجات.
فاستوقفه اباه الحاج وديع,الذي كان جالسا تحت دالية العنب.
مستهجنا ثورته العارمة التي لم يجد لها أي سبب فليس الشديد بالقوة إنما بحلمه عند الغضب.
فهل يعقل أن يقتل إنسانا كامل من أجل بضعة من البيض.
ليحل الندم والخراب والدمار في هذا البيت.
أما هذه البارودة اللعينة فمكانها الصحيح هو قاع الجب.
فهادم اللذات يقف على زنادها ليخطف لنا من نحب.
اللهم إنزع وساوس الشيطان من صدورنا.
اللهم أسترد لنا حقنا من سارق بيضنا.
اللهم قوض له بيته واحفظ لنا بيتنا.
اللهم من لنا سواك نشكو اليه همنا.
الفصل الاول..المشهد الثاني.
دخل السيد مطيع وهو غاضب إلى باحة الدار,تبدو على وجهه علامات الغضب الشديد والاستنكار.
سار مسرعا نحو المطبخ ليحضر السكين,ليقطع بها يد جارهم الذي سرق غلة التين.
والذي لم تردعه قوانين الحكومة ولا تعاليم الدين.
فاستوقفه اباه الحاج وديع,الذي كان جالسا يفصفص الفول,مستغربا غضبه الذي لم يرى له أي سبب معقول.
اليس من العيب أن تقطع يد الرجل من أجل حفنة من التين,لينتشر الخبر في كل القرية وتصبح سمعتنا في الطين.
أما هذه السكين المشئومة فمكانها الصحيح هو قاع الجب,فالموت يتربص على نصلها ليخطف لنا من نحب.
اللهم طهر قلوبنا وثبتنا على ديننا.
اللهم أسترد لنا حقنا من سارق تيننا.
اللهم قوض له بيته واحفظ لنا بيتنا.
اللهم من لنا سواك نشكو اليه همنا.
الفصل الثاني..المشهد الاول.
دخل السيد وديع مسرعا إلى باحة الدار,والغضب باديا عليه وفي وجهه بعض الاحمرار.
وتوجه نحو مستودع الادوات ليحضر الجاروف,فجارهم سارق تين جده قد سرق لهم الخاروف.
ولم يطمر فيه لا إحسان ولا معروف.
وسيضربه بالجاروف على رأسه ليكون عبرة للألوف.
فاستوقفه اباه الحاج مطيع الذي كان جالسا تحت شجرة الشيح,مستغرباً غضبه الذي لم يجد له أي سبب صريح.
أيعقل أن يقارن رأس أنسان برأس خاروف,هذا والله من علامات القيامة واقتراب الكسوف.
أما هذا الجاروف فمكانه الصحيح هو قاع الجب,فقد يستعمله الردى ليجرف لنا من نحب.
اللهم أمدنا بالقوة ووحد صفوفنا.
اللهم أسترد لنا حقنا من سارق خاروفنا.
اللهم قوض له بيته واحفظ لنا بيتنا.
اللهم من لنا سواك نشكو اليه همنا.
الفصل الثاني..المشهد الثاني.
دخل السيد وديع ماشيا إلى باحة الدار,مكفهر الوجه يبدو عليه الذل والانكسار.
وأخذ يبحث عن عصا جده,ليضرب بها جارهم سارق تين جده.
فقد تطاول مرة أخرى وسرق لهم البقرة,وزاد على هذا بأن سبه وسب جده وحقره.
فاستوقفه أباه الحاج مطيع الذي كان جالسا بين نباتات القيسوم.
مستغربا من حالته التي لم يجد لها اي سبب مفهوم.
أيضرب الجار بالعصا من أجل بقرة عجفاء,هذا والله هو عين البلاهة وكل البلاء.
أما هذه العصا فمكانها الصحيح هو قاع الجب,لأنها تذكرنا بفقدان من كنا نحب.
اللهم عصمنا على طاعتك واحفظ لنا أسرتنا.
اللهم أسترد لنا حقنا من سارق بقرتنا.
اللهم قوض له بيته واحفظ لنا بيتنا.
اللهم من لنا سواك نشكو اليه همنا.
الفصل الثالث..المشهد الأول.
دخل السيد مطيع منحنيا إلى باحة الدار,شاخص العينين يبدو عليه اليأس والأنهيار.
يسأل عن جده ليستطلع منه الحقيقة,فجارهم سارق بقرة جده قد أستولى على الحديقة.
مدعياً بأنها ملكه لكنه أضاع الوثيقة.
فاستوقفه أباه الحاج وديع الذي كان جالسا بين نباتات الحنظل.
مستغرباً من أصراره على أن يتقصى الحقيقة من جده ويسأل.
فالوثيقة التي يبحث عنها هي منذ أمد بعيد في قاع الجب.
وتساؤلاته هذه ستهدد الاستقرار والامن المستتب.
اللهم نسألك الأمن والأمان وأن تخفي حقيقتنا .
اللهم أسترد لنا حقنا من سارق حديقنا.
اللهم قوض له بيته واحفظ لنا بيتنا.
اللهم من لنا سواك نشكو اليه همنا.
الفصل الثالث..المشهد الثاني.
دخل السيد مطيع زاحفا إلى باحة الدار تبدو على هيأته مظاهر الخنوع والضمور والأندثار.
وصار يلملم حاجياته ويجمع أولاده الصغار,فجارهم سارق بقرة جده طردهم من البيت دون سابق إنذار.
فاستوقفه أباه الحاج وديع الذي كان جالسا بين الاشواك,هل ستترك أرضك يابني التي هي مأواك ومثواك.
يجب أن نتمسك بأرضنا حتى أخر قطرة من دمنا.
هيا يا أبنائي ويا أحفادي ونقف جميعا وقفة رجل واحد.
ولن نتنازل لهذا المعتدي _ونحن أحياء_ولا عن شبر واحد.
هيا لنلقي بأنفسنا جميعا في قاع الجب لنلتقي في اعماقه المظلمة من نحب.
اللهم أغفر لنا وسامحنا وارضى عنا .
اللهم أسترد لنا حقنا من سارق أرضنا.
اللهم أسكنه في جهنم وفي الجنا أبني لنا قصرنا.
اللهم من لنا سواك نشكو اليه همنا.
الفصل الأخير.
جلس سارق البقرة والخاروف والبيض والتين في باحة الدار.
مزهواً بنفسه منتشيا من نشوة الانتصار.
لكنه لم يجد أمام عينيه سوى الخراب والدمار.
فتحول طعم النصر في نفسه إلى طعم المرار.
كيف سيقضي بقية عمره من دون هذا الجار.
فأسقط في يده ولم يعد أمامه أي خيار.
فألقى بنفسه إلى قاع الجب,ليلقى في أعماقه المظلمة من يحب