المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جاليري الملصقات الانتخابية



كاظم فنجان الحمامي
17/01/2009, 10:22 AM
جاليري الملصقات الانتخابية


كاظم فنجان الحمامي

تحولت شوارعنا, منذ أكثر من شهر, الى معارض انطباعية مفتوحة للملصقات الانتخابية, والبوسترات البلاستيكية البراقة, التي شملت مساحات شاسعة من العراق بحجم بؤسنا ,وشقائنا, وعذاباتنا, واحزاننا, وآلامنا, ومآسينا الممتدة من القرن الهجري الأول وحتى كتابة هذه السطور. ومما يؤسف له إنّ معظم العبارات المكتوبة على الملصقات مقتبسة من اعلانات المنتجات الغذائية الشائعة, ومن العبارات المطبوعة على علب معجون الاسنان, وقناني المشروبات الغازية, والمحارم الورقية. من مثل : ((معنا تشعر بالاطمئنان والأمان)), و ((غايتنا سعادتكم)), و ((أنتم مصدر ثقتنا)), و ((اختيارك لنا دلالة على حسن ذوقك)), و ((نحن نعيد لكم البسمة)). وشعارات أخرى من مثل : ((قلب الأم زهرة لا تذبل)), و ((الوحدة الوطنية أمان وحنيه)).
طوفان عارم من الشعارات الساذجة, التي يمكن أن نشاهدها في الاسواق, والمحلات العامة, ومكاتب الخطوط الجوية. لكنها استغلت في الحملات الانتخابية للتظاهر بالوطنية المصطنعة, والصدق والأمانة والعدالة والمسئولية والتفاؤل. إلى آخره من المفردات المستمدة من معجم النزاهة والقيم العالية, التي تظهر المرشح وكأنه المنقذ المرتقب, وكريندايزر المرحلة المقبلة. فجاءت الشعارات والملصقات متشابهة ومتماثلة ومتناظرة ومكررة ومنقولة. ونكاد نشعر باننا نحلق هذه الأيام في أجواء ملائكية تفيض بالنبل والعفة والطهارة. لكننا سرعان ما نستفيق على وخزات ذاكرة الأمس, التي مازالت مشبعة بالمشاهد الدامية, ومثقلة بالوقائع المخزية. .
وحمل الطوفان فرصة ذهبية لمطابع الاوفست المحلية, التي أخذت على عاتقها تنفيذ طلبات الزبائن من المرشحين الجدد. ابتداء من البطاقات التعريفية الصغيرة. الى الجداريات الكبيرة. بيد ان بعض المرشحين فضلوا الاستعانة بالمطابع الخليجية, حيث المكائن الحديثة, والامكانات الواسعة, والالوان الجذابة. وغزت الطرق والشوارع كميات هائلة من الملصقات, والاعلانات الملونة تقدر بمئات الاطنان. بحيث غلفت جدران المدارس, وطوقت منائر المساجد, والتفت حول أعمدة الكهرباء, وتراكمت في الساحات العامة. وغطت مساحات تكفي لتغليف كوكب الزهرة مرتين, وتكفي لصناعة أغطية ورقية سميكة لغلق ثقوب طبقة الأوزون. .
ورافقت حملات الدعاية الانتخابية ظهور فرق خفية, متخصصة بتمزيق ملصقات الخصوم, والعبث بها, أو تحريفها بإضافة أدوات الجزم والنفي الى العبارات الرئيسية, التي اختارها المرشح لتلخيص برنامجه السياسي بعد فوزه بالانتخابات. فجاءت الرسائل الانتخابية معكوسة المعنى, ومقلوبة المضمون. . والملفت للنظر في الحملات الجديدة. إنّ معظم التكتلات السياسية المرشحة لخوض الانتخابات قررت الاصطفاف والتخندق في خانة المستقلين. أو التظاهر بالانتماء اليهم. حتى باتت شعارات المستقلين هي السمة العامة المشتركة, التي تتصدر لافتات الاحزاب المتشددة, والمعتدلة, والمتطرفة, والمتجحفلة, والمتعجرفة, والمجوقلة. وانحرفت بوصلات سفن معظم الاحزاب نحو شواطئ الفكر المحايد المستقل. ولا ندري لحد الآن, هل إنّ هذا التغير المفاجئ في الخطاب الانتخابي مجرد كلام, أم إنه تمويه مقصود, وتكتيك مرحلي مدروس بعناية ؟. أم إنه إعتراف بالاخفاقات والكبوات, التي رافقت التجارب السابقة, أم إنه إقرار ببطلان مفعول الشعارات القديمة ؟؟. .
فهل سنقفز فوق ذاكرة الأمس, ونتجاهل صفعاتها وصفحاتها المؤلمة ؟. ونهرول خلف سراب الشعارات, التي لا تمت بصلة لحاملها ؟. . علينا اذن ان ننشط ذاكرتنا ونحن نقف بإزاء الشعارات الانتخابية, ونسترجع المواقف والوقائع قبل ان نصدق الشعارات. وينبغي أن ننظر إلى المستقبل بعين المسؤولية المنوطة بنا. ونحسن الاختيار الصحيح بصدق وحيادية. وذلك في ضوء الحرية الكاملة, التي اتاحتها لنا رسالتنا الاسلامية السمحاء, وأقرتها حقوقنا الدستورية, وفرضتها علينا واجباتنا الوطنية, وضمائرنا الانسانية. وان نتسلح بالأيمان, ونسعى لارساء العدالة الشاملة, وتحقيق الوئام المبني على اشاعة روح المحبة والتسامح والتفاهم في المجتمع العراقي بعيدا عن التشدد والتطرف والعنف, وتسخير كل الجهود في سبيل بناء العراق الحر الجديد. ومن الله العون والتوفيق. .