أمل عبدالحميد علي
20/01/2009, 03:05 PM
حمار السمسم
دخل حمار صاحب نفوذ مدلل مزرعة رجل وبدأ الحمار يأكل من زرعه الذي تعب في حرثه وبذِره وسقيِه, حضر صاحب المزرعة واحتار كيف يُـخرج الحمار؟ وكيف هي السؤال المحير وتكمن الحيرة في ما يصفه المثل السوداني بــ (حمار السمسم كان خلوهو بيخسر وكان جروهو بيكِسر)
فما كان من الرجل إلا أن أسرع إلي البيت وجاء بعدَّةِ الشغل (العمل) فالقضية لا تحتمل التأخير وأحضر عصـا طويلة ومطرقة ومسامير وقطعة كبيرة من الكرتون المقوي ثم كتب على الكرتون يا حمـــار أخـرج من مزرعتي وثبت الكرتون بالعصا الطويلة بالمطرقة والمسمار وذهب إلى حيث الحمار يرعى في المزرعة رفع اللوحة عالياً ووقف رافعًا اللوحة منذ الصباح الباكر حتى غروب الشمس ولكن الحمار لم يخرج حار الرجل وقال في قرارة نفسه 'ربما لم يفهم الحمار ما كتبتُ على اللوحــة' رجع إلى البيت ونام في الصباح التالي صنع عددًا كبيرًا من اللوحات ونادي أولاده وجيرانه واستنفر أهل القرية يعنى بالواضح كدا دعا لمؤتمر قمة والغريبة أنه نجح في ذلك .
اصطف الناس في طوابير يحملون لوحات كثيرة كتب عليها أطلع يا حمار من المزرعة .. الموت للحمير .. يا ويلك يا حمار من راعي الدار .. ثم تحلقوا حول المزرعة التي يوجد فيها الحمار وبدءوا يهتفون اخرج يا حمار.. اخــرج أحسن ليك !!
والحمار لا يعيرهم انتباه فهو عندما أتى للمزرعة بقناعة أنها له وان مهمته أن يأكل ولا يهتم بما يحدث حوله.
غربت شمس اليوم الثاني
وقد تعب الناس من الصراخ والهتاف وبحت أصواتهم فلما رأوا الحمار غير مبالٍ بهم رجعوا إلى بيوتهــم يفكرون في طريقة أخرى في صباح اليوم الثالث جلس الرجل في بيته يصنع شيئاً آخر خطة جديدة لإخراج الحمار فالزرع أوشك على النهاية .
خرج الرجل باختراعه الجديد نموذج مجسم لحمار يشبه إلى حد بعيد الحمار الأصلي ولما جــاء إلى حيث الحمار يأكل في المزرعة وأمام الحمار وحشود القرية المنادية بخروج الحمار, سكـــب البنزين على النموذج وأحرقه فكبّر الحشد نظر الحمار إلى حيث النار ثم عاد يأكل في المزرعة بلا مبالاة, يا له من حمار عنيد لا يفهم !!!
قرروا أن يجربوا معه التفاوض فقالوا له :
" صاحب المزرعة يريدك أن تخرج وهو صاحب الحق وعليك أن تخرج" و الحمار ينظر إليهم ثم يعود للأكل لا يكترث بهم, بعد عدة محاولات أرسل الرجل وسيطاً آخر قال للحمار :
"صاحب المزرعة مستعد للتنازل لك عن بعض من مساحته"
ولكن الحمار يأكل ولا يرد !!!
فقيل للحمار إذن نعطيك الثلث
والحمار لا يرد !!!
قالوا حسناً النصف والحمار لا يرد!!!
تصدى احد حكمائهم للمبادرة واقنع صاحب المزرعة بأن يترك للحمار المساحة التي يريدها حفـــاظاً على القليل المتبقي بشرط لا يتجاوز المساحة التي حددها هو أي الحمار .( وبيني وبينكم هذا الحكيم كان حريصا على أن تحل هذه المشكلة بهذه الطريق وبهذه الشروط أولاً حتى لا يفقد مكانته عند صاحب الحمار ذو النفوذ وثانياً حتى لا يقال أن حكيم القرية عجز عن حل المشكلة فيؤتي بحكيم خر ليحل محله مما قد يفقده الكثير من الهبات والعطايا وال... و ربما يكون صاحب الحمار عنده شيء خفي مع الحكيم مما يعنى حل المشكلة بأي طريقة وأي ثمن)
ذهب الحكيم للحمار وقال له:
" حدد المساحة التي تريدها ولكن لا تتجاوزها" رفع الحمار رأسه وقد شبع من الأكل ومشى قليلاً إلى طرف الحقل وهو ينظر إلى الجمع !!!!
فرح الناس وقالوا : وافق الحمار أخيراً .
بدأ صاحب المزرعة في تنفيذ بنود الاتفاقية حيث أحضر صاحب المزرعة الأخشاب وسيَّج المزرعة وقسمها نصفين وترك للحمار النصف الذي يتواجد فيه .
ولكن في صباح اليوم التالي كانت المفاجأة لصاحب المزرعة لقد ترك الحمار نصيبه ودخـــل في نصيب صاحب المزرعة أي أخل ببنود الاتفاقية وأخذ يأكل فصارت من جانب واحد , رجع أخونا مرة أخرى إلى اللوحات والمظاهرات يبدو أنه لا فائدة هذا الحمار لا يحفظ العهـود أو المواثيق ؟!!! يبدو أن هذا الحمار العنيد ليس من حمير المنطقة .
بدأ الرجل يفكر في ترك المزرعة بكاملها للحمار والذهاب إلى قرية أخرى لتأسيس مزرعة أخرى وأمــام دهشة جميع الحاضرين وفي مشهد من الحشد العظيم حيث لم يبقَ أحد من القرية إلا وقد حضر ليشارك في المحاولات اليائسة لإخراج الحمار المحتل العنيد المتكبر المتسلط المؤذي جاء غلام صغير خــرج من بين الصفوف دخل إلى المزرعة تقدم إلى الحمار وضرب الحمار بعصا صغيرة على قفاه
فإذا به يركض خارج الحقل ..
'يا الله' صاح الجميع....
لقد فضحَنا هذا الصغير وسيجعل منا أضحوكة القرى التي حولنا فما كان منهم إلا أن قـَـتلوا الغلام وأعادوا الحمار إلى المزرعة ثم أذاعوا أن الطفل شهيد!!
الوحيد الذي لا ينطبق على واقعنا في هذه القصة هو انعقاد القمم الطارئة بنجاح أما البقية فالقياس متروك لكل ذي بصيرة .
• حمار السمسم : الذي يقوم بسحب عصارة لاستخراج الزيت من بذور السمسم
• خلوهو بيخسر: أي إذا ترك علي هواه لا يجود عمله بسحب العصارة ويؤدي لخسارة البذور
• جروهو بيكِسر : أي إذا تم دفعه بقوة يؤدي لتكسير ما حوله
دخل حمار صاحب نفوذ مدلل مزرعة رجل وبدأ الحمار يأكل من زرعه الذي تعب في حرثه وبذِره وسقيِه, حضر صاحب المزرعة واحتار كيف يُـخرج الحمار؟ وكيف هي السؤال المحير وتكمن الحيرة في ما يصفه المثل السوداني بــ (حمار السمسم كان خلوهو بيخسر وكان جروهو بيكِسر)
فما كان من الرجل إلا أن أسرع إلي البيت وجاء بعدَّةِ الشغل (العمل) فالقضية لا تحتمل التأخير وأحضر عصـا طويلة ومطرقة ومسامير وقطعة كبيرة من الكرتون المقوي ثم كتب على الكرتون يا حمـــار أخـرج من مزرعتي وثبت الكرتون بالعصا الطويلة بالمطرقة والمسمار وذهب إلى حيث الحمار يرعى في المزرعة رفع اللوحة عالياً ووقف رافعًا اللوحة منذ الصباح الباكر حتى غروب الشمس ولكن الحمار لم يخرج حار الرجل وقال في قرارة نفسه 'ربما لم يفهم الحمار ما كتبتُ على اللوحــة' رجع إلى البيت ونام في الصباح التالي صنع عددًا كبيرًا من اللوحات ونادي أولاده وجيرانه واستنفر أهل القرية يعنى بالواضح كدا دعا لمؤتمر قمة والغريبة أنه نجح في ذلك .
اصطف الناس في طوابير يحملون لوحات كثيرة كتب عليها أطلع يا حمار من المزرعة .. الموت للحمير .. يا ويلك يا حمار من راعي الدار .. ثم تحلقوا حول المزرعة التي يوجد فيها الحمار وبدءوا يهتفون اخرج يا حمار.. اخــرج أحسن ليك !!
والحمار لا يعيرهم انتباه فهو عندما أتى للمزرعة بقناعة أنها له وان مهمته أن يأكل ولا يهتم بما يحدث حوله.
غربت شمس اليوم الثاني
وقد تعب الناس من الصراخ والهتاف وبحت أصواتهم فلما رأوا الحمار غير مبالٍ بهم رجعوا إلى بيوتهــم يفكرون في طريقة أخرى في صباح اليوم الثالث جلس الرجل في بيته يصنع شيئاً آخر خطة جديدة لإخراج الحمار فالزرع أوشك على النهاية .
خرج الرجل باختراعه الجديد نموذج مجسم لحمار يشبه إلى حد بعيد الحمار الأصلي ولما جــاء إلى حيث الحمار يأكل في المزرعة وأمام الحمار وحشود القرية المنادية بخروج الحمار, سكـــب البنزين على النموذج وأحرقه فكبّر الحشد نظر الحمار إلى حيث النار ثم عاد يأكل في المزرعة بلا مبالاة, يا له من حمار عنيد لا يفهم !!!
قرروا أن يجربوا معه التفاوض فقالوا له :
" صاحب المزرعة يريدك أن تخرج وهو صاحب الحق وعليك أن تخرج" و الحمار ينظر إليهم ثم يعود للأكل لا يكترث بهم, بعد عدة محاولات أرسل الرجل وسيطاً آخر قال للحمار :
"صاحب المزرعة مستعد للتنازل لك عن بعض من مساحته"
ولكن الحمار يأكل ولا يرد !!!
فقيل للحمار إذن نعطيك الثلث
والحمار لا يرد !!!
قالوا حسناً النصف والحمار لا يرد!!!
تصدى احد حكمائهم للمبادرة واقنع صاحب المزرعة بأن يترك للحمار المساحة التي يريدها حفـــاظاً على القليل المتبقي بشرط لا يتجاوز المساحة التي حددها هو أي الحمار .( وبيني وبينكم هذا الحكيم كان حريصا على أن تحل هذه المشكلة بهذه الطريق وبهذه الشروط أولاً حتى لا يفقد مكانته عند صاحب الحمار ذو النفوذ وثانياً حتى لا يقال أن حكيم القرية عجز عن حل المشكلة فيؤتي بحكيم خر ليحل محله مما قد يفقده الكثير من الهبات والعطايا وال... و ربما يكون صاحب الحمار عنده شيء خفي مع الحكيم مما يعنى حل المشكلة بأي طريقة وأي ثمن)
ذهب الحكيم للحمار وقال له:
" حدد المساحة التي تريدها ولكن لا تتجاوزها" رفع الحمار رأسه وقد شبع من الأكل ومشى قليلاً إلى طرف الحقل وهو ينظر إلى الجمع !!!!
فرح الناس وقالوا : وافق الحمار أخيراً .
بدأ صاحب المزرعة في تنفيذ بنود الاتفاقية حيث أحضر صاحب المزرعة الأخشاب وسيَّج المزرعة وقسمها نصفين وترك للحمار النصف الذي يتواجد فيه .
ولكن في صباح اليوم التالي كانت المفاجأة لصاحب المزرعة لقد ترك الحمار نصيبه ودخـــل في نصيب صاحب المزرعة أي أخل ببنود الاتفاقية وأخذ يأكل فصارت من جانب واحد , رجع أخونا مرة أخرى إلى اللوحات والمظاهرات يبدو أنه لا فائدة هذا الحمار لا يحفظ العهـود أو المواثيق ؟!!! يبدو أن هذا الحمار العنيد ليس من حمير المنطقة .
بدأ الرجل يفكر في ترك المزرعة بكاملها للحمار والذهاب إلى قرية أخرى لتأسيس مزرعة أخرى وأمــام دهشة جميع الحاضرين وفي مشهد من الحشد العظيم حيث لم يبقَ أحد من القرية إلا وقد حضر ليشارك في المحاولات اليائسة لإخراج الحمار المحتل العنيد المتكبر المتسلط المؤذي جاء غلام صغير خــرج من بين الصفوف دخل إلى المزرعة تقدم إلى الحمار وضرب الحمار بعصا صغيرة على قفاه
فإذا به يركض خارج الحقل ..
'يا الله' صاح الجميع....
لقد فضحَنا هذا الصغير وسيجعل منا أضحوكة القرى التي حولنا فما كان منهم إلا أن قـَـتلوا الغلام وأعادوا الحمار إلى المزرعة ثم أذاعوا أن الطفل شهيد!!
الوحيد الذي لا ينطبق على واقعنا في هذه القصة هو انعقاد القمم الطارئة بنجاح أما البقية فالقياس متروك لكل ذي بصيرة .
• حمار السمسم : الذي يقوم بسحب عصارة لاستخراج الزيت من بذور السمسم
• خلوهو بيخسر: أي إذا ترك علي هواه لا يجود عمله بسحب العصارة ويؤدي لخسارة البذور
• جروهو بيكِسر : أي إذا تم دفعه بقوة يؤدي لتكسير ما حوله