المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخروج من لندن



أحمد فضل شبلول
27/12/2006, 08:39 PM
الخروج من لندن

بقلم: أحمد فضل شبلول

أعجب شيء في رحلة لندن، أنه لا يوجد ختم خروج على جواز السفر.
أثناء وجودنا في الصالة رقم 3 بمطار هيثرو، وبعد وزن الحقائب، ووضعها على السير، وإعطائنا بطاقة الصعود إلى الطائرة، سألت عن مكان الجوازات لختم الخروج، فلم يدلني أحد، فتجولت ببصري في المكان، ورأيت فتاة حسناء تقدم قطعا من الشيكولاته للمسافرين، وبجانبها فتاة أخرى ـ أكثر جمالا وحسنا ـ تقدم مشروبات لهم، تقدمتُ نحوهما، وتناولتُ قطعة من الشيكولاته، وسألت الفتاة الأولى عن مكان مكاتب الجوازات، فقالت: أنا آسفة، لا أعرف. فتقدمت نحو الثانية، وأخذت كوبا صغيرا من الصينية التي تحملها، وسألتها، فكانت الإجابة نفسها.
اتضح لي ـ بعد ذك ـ أنهما تعملان في الدعاية لإحدى الشركات داخل السوق الحرة بالمطار.
تقدمتُ إلى الأمام ـ بعد واقعة بسيطة سأعود إليها لاحقا ـ فوجدت نفسي بصالة الانتظار الرئيسية، وبها عدد كبير من المسافرين يحتلون المقاعد. سألت أحد المسافرين عن مكتب ختم الخروج، فقال لي إنه لا توجد تأشيرة خروج، أو ختم خروج من لندن. ظننته يمزح، فبدأت أبحث عن أحد المسئولين، ومن على البعد شاهدت مكتب المعلومات أو الاستعلامات، فذهبت إليه، وسألت الموظفة الزنجية، فأجابت أنه في المملكة المتحدة يُختم جواز سفر الأجانب عند الدخول فقط، ولا يُختم عند المغادرة.
تعجبت من هذا الأمر، وأردت التفسير.
نظرت إليَّ الموظفة الزنجية، ولم تشأ إكمال الحديث معي.
عدتُ إلى مقعدي في صالة الانتظار الرئيسية، وأنا أشك في كلامها. ولكن عندما حان وقت الصعود إلى الطائرة ـ بعد تأخر دام ثلاث ساعات ونصف الساعة ـ تقدمت بجواز سفري إلى الموظف المسئول قبل الدخول إلى نفق الطائرة، ليتأكد من أن الشخص الواقف أمامه، هو الذي صورته ملصقة بالجواز، وبادرته بالكلام بأنه لا يوجد ختم خروج من المطار، وفي ظني أنه سيطلب مني العودة إلى مكان آخر داخل المطار لختم الجواز، لكنه ابتسم وقال نفس الكلام الذي قالته الموظفة الزنجية.
جلست في مقعدي المخصص بالطائرة، وأنا في حيرة من أمري، متسائلا بيني وبين نفسي: هل يجوز أن أغادر لندن، أو أخرج منها دون ختم خروج على جواز سفري؟! وما الحكمة من وراء ذلك؟ وهل لندن تختلف عن باريس ومدريد واستانبول وفارنا وبيروت والرياض والكويت ودبي وبنغازي وتونس والجزائر، وغيرها من المدن التي زرتها في السنوات القريبة الماضية، وخُتم جواز سفري في مطاراتها بختم الخروج منها؟!!
ولكن الحقيقة التي لا مراء فيها، هي أنني الآن على متن الطائرة المصرية، وهي تعبر سماء لندن، في اتجاه بحر المانش، وفي طريقها ـ جنوبا ـ إلى مطار القاهرة الدولي.
شيء واحد عكر صفو خروجي من لندن، وهو ما فعلته إحدى الموظفات الشقراوات، معي ومع صديق الرحلة الزميل حسن الأشقر، وهو طلبها أن نعود ثانية إلى منطقة الوزن، لترك حقيبة من إحدى الحقيبتين الخفيفتين اللتين كانتا مع كل واحد منا، أفهمتها أن الحقيبتين لا يتعدى وزن الواحدة الكيلو جرام، فواحدة هي حقيبة مؤتمر اتحاد كتاب مصر الجلدية التي أحمل فيها بعض الأوراق والمستندات، وجهاز أطلس للترجمة خفيف الوزن، وأجندة عام 2007 التي أهداني إياها الصديق د. هيثم الزبيدي، والأخرى لا يوجد بها سوى قميص واحد وسويتر قطيفة وكوفية صوف تقي وجهي وعنقي من برد لندن اللاذع، ولكنها أصرت على رأيها، متعللة بأنها تعليمات المطار التي تقضي بأن يصطحب كل راكب حقيبة صغيرة واحدة فقط، على متن الطائرة، مهما كان وزنها.
لم نملك إلا أن نعود أدراجنا ـ دون إحداث مشاكل ـ إلى منطقة الوزن مرة أخرى، وبمجرد أن شاهدنا موظف الوزن والتذاكر نتجه إليه، فهم الموضوع دون شرح منا، فأخذ الحقيبة الصغيرة من كل منا، ووضعهما على السير، وأعطانا البطاقة أو التيكيت الخاص بالحقيبتين، قائلا: كان من الممكن أن تسمح لكما بالعبور.
عندما عدنا إلى الموظفة الشقراء، لتسمح لنا بالدخول إلى صالة الانتظار الرئيسية، رأيتها تبتسم ابتسامة المنتصرة، وتقول: Excelent.
بعد عبورنا المنطقة التي تقف فيها، تلفَّتُ إلى الوراء، وأشرت ـ وأنا أنظر إليها ـ إلى شخص يعبر الحاجز الذي تقف عنده، ويحمل معه ثلاث حقائب صغيرة، دون أن تطلب منه الرجوع إلى منطقة الوزن.

أحمد فضل شبلول ـ لندن

زكي العيلة
09/01/2007, 05:07 PM
الأستاذ الأديب: أحمد فضل شبلول

أجمل تحية

في البدء نحمد الله على سلامتك، وعودتك بحروفٍ هي الكاميرا في تركيزها على أدق الأشياء وأطرفها.

أكرر ما قلته في غير موضع إن ماتلتقطه من خبايا السفر وحكاياته بحروفك الرشيقة وأسلوبك الشيّق، يؤكد أنك كاتب رحلات بامتياز.

احترامي وتقديري
زكي