المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفة عز على الورق !!



أدهم مطر
23/01/2009, 09:23 PM
وقفة عزّ على الورق !!
الأستاذ الأكرم ، صاحب الفضل الكبير عامر العظيم :
أهنئ قامتك النبيلة باستشهاد من قضى، وبمن يقف في الطابور ، ينظر وينتظر ، وأشاركك العزاء بمن تأسف له لفقدان عروبته وضميره فتعال يا سيدي ننصب خيمة عزاء على روح نخوة هؤلاء العربان الذين يختبؤون وراء عبايات العظماء ، وعظّم الله أجركم ..
أنني يا سيدي ، أؤمن بأن للكلمة سحر يلفُّ حروفها بهالةٍ من العاطفة والقُدسية ،وآثرتُ أن أُرسل لك بعض القطع من قلبي،بعض نزفي على الورق، بعض عمري الذي أرَّختهُ تلك الكلمات ثمّ اعتقلت ثوانيه ودقائقه في قفصها السحري فارتاح هناك بين غابات الكلمات وآثر البقاء ...
عزيزي الإنسان النبيل عامر العظيم :
اسمح لي أن أُعلِن لك عن ذاتي الشاعرة،ذاتي المقهورة ، ذاتي التي أضناها سحر الشرق وقمع الشرق وعفن الفهم الخاطئ للشرق ، ذاتي التي أدمتها فؤوس القهر والصدّ واختناق المجالات ، والآفاق المسدودة سلفاً، والأقلام التي لا أدري كيف تتكسر حين ألمسُها،أو حين أحاول البدءَ بترجمة حبرها على الورق ، تُراها تخاف من حّرّ الجمر المتساقط من قلبي على الورق ؟؟ تلك الأقلام المسكينة ؟ أم تراها تخاف أن تُغتال فتأبى أن تبوح، فتبتلع حروفها لتعدمها لاحقاً ؟؟أم تراها تعاني الانفصام الروحي مثل صاحبها فتتكسر حين تحتضنها أناملي المرتجفة أو بالأحرى تنتحر ؟؟
إلى متى أيها السيد الجالس بين الأبراج الفكرية ؟؟ إلى متى أيها الفارس الذي ينهل من ينابيع الثقافة الكونية الفياضة والمفتوحة على القلب والروح والحرية؟
إلى متى سنبقى سجناء أفكارنا وخرافات قصص جدّاتنا ؟؟
إلى متى سنبقى نمضغُ صمغ الكلمات ثم نُلبِسها ثوب نزواتنا وعفننا،وحين تروي تخلّفنا الموروث،نرميها على قارعة الطريق كمسبيةِ نزار قباني،أو فيما تبقّى لكم لغسان كنفاني؟؟ أو إن شئتَ (كرَجَب) عبد الرحمن منيف في شرق المتوسط؟؟
إلى متى سنبقى نمارس اغتيال روح الكلمات حين تتبجّحُ بها أفواهنا المطاطية فوق المنابر ونحن نعلم بأننا لا نجرؤ على البوح بحقيقةٍ واحدة من تلك الكلمات؟ نتفوّه بها شعراً أو نثراً أو قصصاً ونحن ندور وندور وأشبه ما نكون آنذاك بطواحين الماء ، دون كيشوتيون حتى العظم ، واهمون حتى الروح، ثم ترى صورنا وقصائدنا منشورة في المجلات التجارية الصقيلة وإلى جانبها إعلانات أدوات التجميل أو صورة لعارضة أزياء تعرض ملابسها الداخلية بغنج؟؟ وكل ذلك فقط لإرضاء غرورنا والأنا الشرقية المتأصلة فينا .
إنها زفرة حرّى لنصرة الكلمة من الابتذال وأعلم – سلفاً – أنني أصرخ في وادي َسَقر وما أدراك ما سقر؟؟
أعلم يقيناً بأن من يتملّق بالكتابة عن الحرية هو ألدّ أعداءها،ولا يتوانى لحظة عن التفريط بها،لأنه مفطور على أن يكون خلف خط المواجهة ولأنه أدمن ممارسة صف الكلمات بقلم ملتوٍ، وأعلم أن العديد ين ممن ( يستقرضون الشعر) يحملون خنجر الكراهية ويتحيّنون الفرصة لاغتيال القصائد الحرة ذلك لأنهم يفاصلون ويتاجرون بالكلمة التي اغتصبوها ثم جاؤوا يعرضونها للبيع والفالح من يبيع بسعر أعلى ، هذا هو عالم الكتابة والكتاب الآن، أو كما أراه، سماسرة سوق وتجار أفكار ستسقط بعد حين،ولن تنفعهم حينذاك مجالسهم في فنادق الخمس نجوم ومُغامزة صغيرات السن لإرضاء الذوات المريضة،والتفاخر بما ليس فيهم (أو فيهن) ، سيسقطون أمام محراب الكلمة كالذباب حول المواقد سيسقطون أمام قدسية الروح في الكلمة ، أنا متأكد من ذلك ، وإلى أن يتحقق حلمي البسيط ، سأبقى حاملا قلمي ، حارثاً حقول الفكر ، باحثاً عن مكان نبيل ، أستطيع من خلاله أن أزرع قرنفل أفكاري في حدائق أدب وطني ، لأنكم وأمثالكم من النبلاء ستبقون لنا منارات شامخة وقناديل فكر وضّاءة في دروب أقلامنا الصادقة الكأداء ، ,سأبقى أحلم بأن أرسو في نهاية المطاف .
دمت يا أستاذي ويا أيها القمر الهادئ النور




مع خالص تقديري واحترامي
أدهم وهيب مطر