المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجيتو | حارة اليهــود



أشرف صالح المؤرخ الصغير
30/01/2009, 02:22 AM
الجيتـو
حينما يكون العزل اختياريا‏!‏

فينيسيا من : سامى القمحاوى

تعتبر حارة اليهود أشهر الأشكال الانعزالية اليهودية في العالم‏,‏ حتي أن لفظ الجيتو الذي هو عبارة عن حي أو عدد من الشوارع المخصصة لاقامة اليهود ـ أصبح يطلق علي سبيل التعميم عل كل شكل من أشكال الحياة اليهودية الانعزالية وسط الشعوب التي عاشوا بينها‏.‏

وقد كان الجيتو الأول في مدينة فينيسيا البندقية‏,‏ تلك المدينة العائمة الجميلة التي تتكون من‏118 جزيزة و‏177‏ قناة و‏400‏ جسر ، وتقع في الشمال الشرقي لايطاليا علي خليج فينيسيا في نهاية شمال بحر الادرياتيك‏,‏ وتعتبر مدينة تجارية وميناء مهما جذب اليهود الباحثين دوما عن المال إلي التجمع والعيش فيه‏,‏ ونتيجة لجشعهم واستغلالهم وصراعهم مع البرجوازية الأوروبية تعرض اليهود المنتشرون في المدينة للاستفزازات‏,‏ وهو ما جعلهم يطلبون عام‏1516‏ التجمع في حي خاص محاط بسور وبوابات وجسور تطوي خلال الليل‏,‏ وقد عاش في ذلك المكان مائة يهودي كونوا أول حارة لليهود في العالم‏,‏ وبعد خمس وعشرين سنة أضيفت إليها منطقة أخري تجمع فيها بصفة خاصة اليهود القادمون من الشرق‏,‏ ومنذ ذلك الحين أطلق علي هذين الحيين المغلقين اسما موحدا هو الجيتو‏.‏

وقد ظلت هذه العزلة الاختيارية من قبل اليهود قائمة إلي أن اصدر البابا بولس الرابع نشرة بابوية في عام‏1555‏ توصي لأول مرة بعزل اليهود اجباريا‏,‏ وفي التاسع من اغسطس وهو تاريخ له دلالة خاصة عند اليهود اذ يحتفلون فيه بذكري خراب الهيكل ويمارسون طقوس النواح والبكاء ـ اضطر يهود روما لنقل محل اقامتهم إلي الحي الجديد علي الضفة الشمالية من نهر التيبر‏,‏ الذي أحيط علي الفور بسور لعزله عن المدينة‏,‏ وبعد فترة قصيرة تم اتباع هذا الاستحداث في سائر المدن الواقعة تحت سلطة البابوية‏,‏ واعتبارا من عام‏1562‏ أطلق علي هذه المؤسسة الجديدة بشكل رسمي الاسم نفسه الذي أطلق علي حي اليهود في فينيسيا الجيتو‏,‏ ولم يكن معني هذا العزل الاجباري ان اليهود كانوا يندمجون مع الشعوب التي يعيشون بينها‏,‏ بل العكس هو الصحيح فالعزلة اليهودية كانت قائمة علي مر العصور لأسباب دينية وطقسية‏,‏ حيث تقول دائرة المعارف العبرية ان واقع وطابع حياة اليهود دفعا بهم دائما إلي التجمع والاقامة معا في شارع واحد أو في حي واحد لاسباب عدة منها‏:‏ المحافظة علي الشرائع الدينية العدد الشرعي للصلاة المنيان والمقابر والمطهر بركة التطهير‏.‏

ولا أحد يعرف علي وجه الدقة مصدر اطلاق اسم الجيتو علي حارة اليهود‏,‏ لكن المرجح هو أن مصدر تلك التسمية مصنع لصهر المعادن كان يقع بالقرب من المكان الذي يعيش فيه اليهود في فينيسيا وكان السكان المحليون يطلقون عليه جيتو أو جتو وحينما تجمع اليهود بالقرب منه أطلق السكان علي حيهم الأسم نفسه‏,‏ وان كان الدكتور عبدالوهاب المسيري في موسوعته اليهود واليهودية والصهيونية يضيف إلي ذلك أن كلمة جيتو ربما كانت مشتقة من الكلمة الالمانية جهكتر أورت التي تعني المكان المحاط بالاسوار‏,‏ أو هي من الكلمة العبرية جت بمعني الانفصال أو الطلاق حسب التلمود‏,‏ وأخيرا ربما اشتقت من الكلمة الايطالية بورجيتو بمعني القسم الصغير من المدينة‏,‏ وعلي أية حال فانه حسما لهذه الشكوك اصطلح علي أن التسمية تستخدم لا لتعبر عن الجيتوهات الاجبارية فقط‏,‏ وانما لتعبر عن المجتمع الانعزالي الاختياري لليهود وقد تمتع اليهود في ذلك الجيتو بنوع من الاستقلال الذاتي حيث تركت الحكومات شئون ادارته للحاخامات‏.‏

تقارير المراسلين- الأهرام

أشرف صالح المؤرخ الصغير
30/01/2009, 02:26 AM
(الجيتو) مكان داخل المدينة أو خارجها محاط بسور عال له بوابة أو أكثر تغلق عادة فى المساء، ويمثل أشهر الأشكال الانعزالية اليهودية في العالم، بحيث أصبح يطلق على سبيل التعميم على كل شكل من أشكال الحياة اليهودية الانعزالية وسط الشعوب التي عاشوا بين ظهرانيها، وفى العصر الحديث اكتسبت الكلمة فى اللغات الأوروبية معنى سلبيًا (وحينما دخلت الكلمة العربية جاءت، وهى تحمل نفس الدلالات السلبية المرتبطة بها)


ولكلمة (الجيتو) معنيان: عام وخاص، فتعنى بالمعنى العام مكانًا يعيش فيه فقراء اليهود أو حى اليهود بشكل عام، ويعود إلى حقبة الإمبراطورية اليونانية والرومانية أما المعنى الخاص الذى أصبح شائعًا فيعنى المكان الذى يفرض على اليهود أن يعيشوا فيه، واستخدمت الكلمة بهذا المعنى للإشارة إلى جيتو البندقية عام 1516.

الجيتو بين أوروبا والعالم الإسلامى

تظهر الوثائق التاريخية من القرنين: 10 و11 استمرار وجود تجمعات يهودية فى أوروبا استقرت فى المدن الكبرى وفى أحياء بعينها، ويعمل أصحابها بالتجارة الحرة وإقراض المال .

وكما اختلفت الآراء حول نشأة الجيتو اختلفت أيضًا حول أصل الكلمة جيتو ورجح معظم الباحثين أنها من أصل إيطالى، وهو اسم حى يسمى Borghetto بورجيتو وهذا الاسم باللهجة الإيطالية المستعملة فى فينيا البندقية عام 1516م، ثم تآكل الاسم مع الاستعمال ولم يبق منه إلا آخره فقط ghetto وهذا الحى توجد به مسابك المعادن، وكان لهذا السبب قذرًا ملوثًا بالدخان، مجللاً بالسواد، وكان هذا الحى محاطًا بأسوار وبوابات، واتضح أنه الحى الوحيد فى المدينة الذى كان يقطنه يهود

وتذكر بعض المعاجم الإيطالية أن البابا بولس الرابع أصدر مرسومًا عام 1555م يحتم على اليهود الإقامة فى حى خاص بهم، يغلق عليهم فى ساعة معينة من المساء ولا يفتح حتى مطلع الفجر، وظل أمر الجيتو ساريًا فى روما حتى ألغى عام 1848م. ومن إيطاليا انتشر اسم الجيتو ليطلق على كل الأحياء المماثلة فى أوروبا

أما فى العالم الإسلامى فلم يعرف الجيتو بمعنى الحى الخاص المحاط بالأسوار والذى تغلق أبوابه فى ساعة معينة من المساء ولا يفتح إلا فى الصباح، ولكن تجمع يهود الشرق بمحض إرادتهم وأقاموا فى أحياء شكلوا الأغلبية فيها ولم تكن مفروضة عليهم من السلطات، حيث لم يمنع اليهود من الاختلاط والعيش مع المسلمين والسكن فى الأحياء المختلفة من المدن.

وأطلق على الحى الذى شكل اليهود الأغلبية فيه أسماء مختلفة، ففى مصر أطلق عليه اسم حارة اليهود، وفى المغرب عرف الحى باسم الملاح، وجاءت التسمية من احتراف اليهود تجارة الملح أو الصناعات التى تعتمد على الملح، مثل: تمليح الأسماك أو دبغ الجلود

الآثار الاجتماعية والنفسية

وشعر اليهود فى هذه الأحياء (الجيتوهات) بالأمان النسبي فى ممارسة شعائرهم وطقوسهم وعاداتهم ولكن فى الوقت نفسه صاروا معزولين عن بقية مواطنى البلد الذى يعيشون فيه مما خلق فجوة نفسية واجتماعية متبادلة بين الطرفين.

بعبارة أخرى أدى هذا الوضع إلى نتيجتين بارزتين:

1. الحفاظ على التقاليد اليهودية وتدعيم الإحساس بالخصوصية والتميز: وهناك رأى يذهب إلى أن اليهود اختاروا العزلة بمحض إرادتهم لاعتقادهم بأنهم شعب الله المختار ولاعتقادهم فى نقاء عنصرهم وتفوقهم العقلى والذهنى وأن مشاركتهم غيرهم من الشعوب سوف تدنسهم

ويذهب بعض الباحثين إلى أن إقامة اليهود فى أحياء خاصة بهم عزز الاعتقاد بأن الآخرين يكرهونهم ويحقدون عليهم لذلك تجمع اليهود وأقاموا فى الجيتو بمحض إرادتهم حتى يأمنوا على أنفسهم، كما فضلوا العزلة فى أحياء خاصة بهم حتى يقيموا شعائرهم الدينية وطقوسهم بعيدًا عن أعين الغرباء لأن هذه الشريعة خاصة بهم وحدهم ولذلك تمركزوا حول المعبد فى أحياء منفصلة عن سكان البلاد الأصليين، ورأوا فى اندماجهم ذوبانًا لهم فى المجتمع وطمسًا لهويتهم.

2. سهولة توجيه التهم إلى اليهود وممارسة التمييز ضدهم: فقد كانت العزلة سببًا فى نشر الشائعات والروايات المغلوطة عما يفعله اليهود داخل الجيتو، فأصبح الجيتو غموضًا يسهل معه تحويل ساكنيه إلى كبش فداء عند وقوع الأزمات السياسية والاقتصادية.

وترتب على هذا الوضع آثار نفسية كثيرة؛ أبرزها: شعور اليهودى بالخوف وعدم الأمن خارج أسوار الجيتو، وقد ظهر هذا الأثر النفسى عندما ظهرت حركات التنوير الأوروبية، التى ضمت مفكرين يهودًا، ودعوا اليهود إلى الخروج من الجيتو والاندماج فى الحياة السياسية والاجتماعية فى الدول التى يعيشون فيها.

ولكن لم تلق هذه الدعوة استجابة واضحة بادئ الأمر، فقد تنازع داخل الشخصية اليهودية صراع نفسى شديد بين الرغبة فى العزلة والتقوقع وراء أسوار الجيتو والتقاليد التى يشعر خلفها بالأمن وبين الرغبة فى الانفتاح على العالم وتحقيق المكاسب السياسية والاجتماعية والمادية.

وأثر هذا الصراع بلا شك على الشخصية اليهودية فأدى بها إلى الاكتئاب الذى أصبح ضمن المكونات النفسية للغالبية العظمى من يهود الجيتو، وغالبًا ما يكون رد فعل حالة الاكتئاب هو القلق والاضطراب النفسي وأحيانًا الانتحار.

جيتو صهيونى ومريض

وعلى الرغم من نجاح الصهيونية فى القضاء على حارات اليهود فى الدول العربية والجيتو فى الدول الأوروبية وحمل عدد كبير من اليهود على الهجرة إلى (إسرائيل) إلا أنها لم تنجح فى القضاء على الأمراض النفسية التى سببها الجيتو.

وعند إنشاء دولة (إسرائيل) حذر العديد من المفكرين اليهود من إقامة هذا الكيان خشية أن يكون الوطن القومي الذى تخيلته الصهيونية فى فلسطين، مجرد معزل اختيارى عالمى لليهود ويشبه نوعًا من الجيتو الضخم، فيبقى اليهود محبوسين فيه ومن حولهم تلك الأسوار البشرية والحضارية الضخمة التى تتمثل فى العالم العربي.

وبمرور الوقت أثبتت الدراسات النفسية التى أجريت على شخصية الأشكنازيم (يهود أوروبا) الذين يسيطرون على النخبة السياسية الإسرائيلية أنهم يعانون من أعراض نفسية مرضية مثل:

1- العدوانية

2- الانطوائية والتمركز حول الذات.

3- التشاؤم حيال المستقبل والتشكك حيال الآخرين وحيال بعضهم البعض.

4- الجمود وهى صفة ذات صلة وثيقة بالتوتر النفسي.

5- القلق والميل إلى العدوان والانطوائية والسلطوية.

6- مرض الذهان الاكتئابى: وينتشر بين الإسرائيليين الأشكناز بشكل يبلغ ضعف عدد المرضى من السفارد (المنتمين إلى أصول شرقية)، فضلاً عن ذلك فإن محاولات الانتحار لدى اليهود الأشكنازيم الذين يعانون من الاكتئاب فى إسرائيل تبلغ خمسة أمثال نظيرتها لدى اليهود الشرقيين.

ورغم مرور أكثر من نصف قرن على إقامة (الجيتو الصهيوني) ونشأة جيل جديد لم يعش فى الجيتو الأوروبى (جيل الصابرا)، فإن هذا الجيل لم ينج بدوره من الأمراض النفسية، فتذكر الإحصاءات السنوية التى نشرتها الجمعية النفسية الإسرائيلية "عيران" أن هناك ارتفاعًا ملحوظًا فى عدد طالبى الاستشارة النفسية، وترجع الجمعية هذا الارتفاع إلى افتقادهم الشعور بالأمن.

نحن دائمًا ملاحقون!

ونظرًا لسيادة أفكار من قبيل: (الصراع مع الأغيار)، و(أرض الميعاد) .. إلخ، التى تربى عليها المستوطنون داخل (إسرائيل) زادت مقاومة الشعب الفلسطينيى للاحتلال الإسرائيلي وبدلاً من التسليم بحقوق الفلسطينيين انعكست العقلية الجيتوية على ممارسات دولة الاحتلال، فأخذت تبنى حول اليهود جدارًا ماديًا فاصلاً (إضافة إلى الجدار المعنوى الموجود أساسًا على اعتبار أنهم شتلات غريبة فى أرض غريبة )

ولعل الدلالة الأعمق لجدار الفصل العنصري موجودة داخل النفسية اليهودية، وتتمثل فى أنه يعبر بوضوح عن نزعة العزلة والانطواء على الذات في مواجهة العالم.

وينظر البروفيسور دان بار أون ـ رئيس قسم علم السلوك في جامعة بن جوريون ـ إلى جدار الفصل العنصري من زاوية تاريخية ـ نفسية ربما تتداخل مع الصراع مع أصحاب الأرض المحتلة في جوانب معينة ولكنها في الأصل، تشكل استجابة لحاجة نفسية يهودية أصلية مستقلة عن المعطيات الخارجية.


فيقول: "عما قريب، سيكون لدينا جدار .. يفصلنا عما حولنا، هذا الجدار سيحول دون العمليات، وينشر أجواء الأمان التي نتعطش إليها جدًا وسينغص حياة مئات الآلاف من الفلسطينيين. بعد حدوث ذلك كله، قد يتسنى لنا النظر إلى أنفسنا متسائلين: من نحن فعلاً ؟ ماذا نريد أن نكون ؟ لأننا لم ننجح في وضع حدود قابلة للوجود لأنفسنا، يبدو أنه لا توجد احتمالية للحصول على إجابات ملموسة عن هذه الأسئلة من دون سور حولنا

ويتساءل: "لماذا قررنا فجأة العودة إلى عقلية الجيتوات المحاطة بالأسوار؟ هل كان خطأنا الوحيد هو أننا لم نلاحظ أن شعبًا آخر يعيش هنا، وأنه قد تضرر من الطريقة التي تجاهلنا فيها وجوده وتصادم معنا في مجابهة تتطلب منا أن ننغلق خلف الأسوار؟! ويجيب: "أشك في الادعاء بأن اللوم كله ملقى على عاتق العرب والفلسطينيين، وأخشى ما أخشاه أن تكون المشكلة الأساس كامنة فينا نحن، خلال المائة عام الأخيرة لم ننجح في الانعتاق والخلاص من عقلية الشتات، حتى لو بدا أن جيلاً وطنيًا جديدًا قد ولد هنا وأنه ملىء بالقوة والعنفوان والثقة بالنفس، إلا أن يهودى الشتات أطل برأسه دائمًا من تحت هذه الطبقة الرقيقة، هذا اليهودي الذي تجذر في نفوسنا وجوانحنا : نحن دائمًا ملاحقون!

ويختتم البروفسور بار أون بالقول: إن :" (سورُنا) قد يفشل في أداء دوره المطلوب (توفير الأمن) قد يكون هذا السور حجر الزاوية لجيتو كبير ينشأ هنا.. جيتو لا يمكن الخروج منه إلا في اتجاه واحد فقط ـ غربًا نحو البحر

بقلم: عبد الله أحمد صبري
نقلاًعن: منتدى موقع التاريخ

محسن رشاد أبو بكر
30/01/2009, 04:13 AM
جزيل الشكر عزيزي أشرف على هذ الموضوع الهام .. أشار الراحل الدكتور رشاد الشامي الاستاذ بجامعة عين شمس في احد مؤلفاته تحت عنوان "الشخصية الإسرائيلية والروح العدوانية" .. إلى أن أحد الأسباب الدينية لظاهرة الجيتو اليهودي ترجع إلى ضرورة تجمع اليهود قريبين من بعضهم لأن صلاتهم لا تكون صالحة إلا بتواجد عدد لا يقل عن 11 فردا .. لكي يقيمون الصلاة.

خالص ودي وتقديري لمشاركاتكم الهامة

أشرف صالح المؤرخ الصغير
05/02/2009, 08:40 PM
سعادة الأستاذ محسن أبو بكر

شاكر ومقدر مروركم الكريم، ونحمد الله أن الموضوع نال استحسانكم

مع التحية والتقدير:fl:

أحمد رفعت
07/02/2009, 05:01 PM
موضوع مهم جدا

ومعلومات مفيدة وثرية شخصيا افادتنى

دام ابداعك