المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غزّة طوبى لك ولأبنائك البررة



محمد خلف الرشدان
30/01/2009, 09:59 PM
غزّة طوبى لك ولأبنائك البررة\ دراسة تحليلية
الحرب على غزة خسرتها إسرائيل خسارة فادحة ، ومن يقل غير ذلك* فكأنما هو يناطح بقرون من طين * أو هو أمي جاهل بقواعد الحرب وأهدافها ونتائجها وأبعادها وتداعياتها * أو هو كالببغاء يردد ما تقوله إسرائيل المهزومة والمدحورة ومن يقف وراءها : بأنها إنتصرت وحققت أهدافها ،* أو هو حاقد ماكر خبيث موتور يسعى إلى قلب الحقائق تحت مسميات كثيرة ، * أو هو من الطابور الخامس المنهزم ثقافة وفكراً والمضبوع حتى شحمة أذنيه .

التحليل السياسي والعسكري للميدان في هذه الحرب أن كلمة النصر من الناحية العسكرية تعني تنفيذ كافة شروط المنتصر بعد القضاء على الخصم وإملاء الشروط عليه ، وإخضاعه والهيمنة عليه ، نتيجة إستسلامه ورفعه العلم الأبيض ، وهنا السؤال هل حققت اسرائيل هذا الامر وفرضت شروطها على المقاومة في غزة ؟؟؟ الجواب قطعا لا وألف لا .هل إستطاعات إسرائيل أن تعيد أسيرها شاليط ؟؟؟ هل إستطاعت توقيف الصواريخ البدائية المنهمرة عليها وحتى آخر يوم ال23 ، وماذا عن هجومها البري الفاشل وماذا الخ....، وما زالت حماس بحيويتها وقوتها وعنفوانها مسيطرة على القطاع بأخلاقها وسلوكها ونشاطها المعهود ثم لديها القدرة التامة على صفع إسرائيل كلما فكرت بالتوغل في أرض القطاع لحد الآن .

والحقيقة المطلقة الساطعة سطوع الشمس في رابعة النهار و التي لا ينتطح بها عنزان ، أن إسرائيل الهمجية والبربرية والوحشية الإرهابية ، قد إعترفت ضمنياً وعلى لسان بعض قادتها مجرمي الحرب بأنها لم تحقق أياً من أهدافها المعلنة وغير المعلنة ، ومن يتابع ويقرأ صحف العدو ، يجد أن حرباً أخرى بدأت بين قادة الكيان الصهيوني أنفسهم وهم يتهمون بعضهم البعض ، ويتلاومون على إيقاف الحرب على غزة لعدم تحقيق الأهداف المتوخاة من الحرب .

المعركة التي حدثت في غزة لم تكن بين جيشان في ساحة حرب مفتوحة ، بل هي معركة بين جيش يتسلح بكل أسلحة الدمار والقوة والبطش والتنكيل والفتك ، ويقف خلفه العالم الغربي الظالم المنحاز لإسرائيل كله تقريباً ، جيش مسلح بصهيونية حاقدة و بنازية وهمجية لم يعرف لها التاريخ البشري مثيل ، وشعب أعزل من كل شيئ ومحاصر حصاراً شديداً من البر والبحر والجو ، يتسلح بالإرادة والعزيمة ، يتحدي بكل ما يملك من عزيمة ليبقي صامداً ثابتاً على أرضه .

هذه هي المعادلة التي دارت و تدور على ألأرض في غزة ولغاية هذه اللحظة ، والتي يجب أن نعلم طرفاها وندركهما وننقلها للرأي العام العالمي ، وليس تلك المعادلة المضللة التي تتناقلها وسائل الإعلام وخاصة العربية وكتاب العرب الخونة المتصهينين ، وقناة العربية العميلة وبقية الجوقة والسحيجة والدبيكة ، المرتدين على أدبارهم العفنة ، والتي تزيد من مآسينا أمام الرأي العام العالمي ، هذه الوسائل الإعلامية التي تصور أن ما دار و يدور على الأرض معركة بين جيشين ، وهنا تزييف للواقع وللحقيقة ، ومشاركة في تضليل العالم ونقل الصورة الخاطئة والمغلوطة التي يرغب بنقلها العدو الصهيوني ، ويسعى لها من خلال ماكنته الإعلامية بأنه يقاتل جيش آخر منظم يهدد وجوده وأمنه ويمتلك مقومات القتال .

فهذا الصمود الإسطوري التاريخي لغزة المقاومة هو صمود إرادة وعزيمة يمتلكه بضعة آلاف من الشباب المقاوم أمام آلة الموت الصهيونية ، وشعب يواجه بأطفاله وأجساده مذبحة لا ترحم بشرا أو حجرا أو شجرا .حتى فصائل المقاومة التي تخوض المواجهة لا تمتلك سوى الإرادة والعزيمة ، فهي لا تمتلك أدنى مقومات القتال في حرب ومعركة همجية يخوضها هذا العدو ، وإنما ما تملكه مخزون وطني ترسمه بدماء أبناء الوطن وشبابه المؤمن بحتمية التحدي ، والصمود على أرضهم وفي ديارهم ووطنهم.

فهي معركة كرامة يخوضها شعب غزاوي لم يتبق له شيئاً سوى تلك الكرامة والعزة ، شعب لم يعد يجد ملجأ يحتمي به سوى تلك المنازل المتهاوية على أجساد أطفاله ، وشيوخه ، ونساءه ، فهذه هي المعركة التي دارت و تدور في غزة الآن ، معركة وقودها شعب جله أطفال ونساء وشيوخ وشباب حالم بالعيش بكرامه وإنسانية ، حتى تلك الآيادي الطاهرة المقاومة التي تحمل البندقية المتواضعه فإنها بندقية غير عسكرية ، ولا يمكن وصفها بالعسكرية ، فهي لا تمتلك من المفهوم العسكري شيئاً.هذا ما يجب الانتباه له من وسائل الإعلام العربية وأصحاب الفكر والثقافة والتحليل السياسي عند تناول معركة غزة ، ، وضرورة تحديد أطرافها دون مبالغة أو خيال واسع ، ونقل الصورة كما هي وبحقيقتها .أمام حرب إبادة غزة وبمنطق سياسي فهي معركة لا هدف لها إطلاقاً ، فالهدف الأول والأخير هو إبادة شعب أعزل ، وتدمير الحلم الفلسطيني بدولة وكيانية وتقرير المصير ، وكل ما تتذرع به إسرائيل ما هو سوى مبررات تضعها أمام العالم لذبح هذا الشعب ، فتارة تذبحه بالجوع ، وتارة أخرى بصواريخها ودباباتها وقنابلها وصواريخها ، مسلسل الذبح مستمر منذ ستون عام ، لم يتوقف للحظة ، فحركة حماس المبرر القديم الحديث الذي تستخدمه إسرائيل كما استخدمت سابقاً فصائل المقاومة مبرراً في حروبها السابقة وذبحها للشعب الفلسطيني .

المقاومة في غزة الأبيةألحقت الخسائر بالعدو الصهيوني المدجج بأحدث الأسلحة وروعة المواجهة التي أبدتها وتبديها المقاومة في ساحة الحرب مع جيش غبي وخائف رغم امتلاكه لكل أنواع السلاح المتطور والمحظور، 22 يوماً والجيش الإسرائيلي الجبان الرعديد لا يجرؤ على دخول أي مدينة في غزة ، وإنما هي محاولات للدخول على الأطراف فقط وبعد أن يحيل هذه الأطراف إلى أكوام من الرماد وتسويتها بالأرض . وبهذا الأمر يمكننا أن نقول بأن هناك بعض الانفراجات في واقع الأمة المظلم والذي ساهم في إظلامه أهلها وناسها عبر مراحل تعايشها مع باقي الأمم والأقوام في هذا العالم .

إسرائيل التي أعلنت إنها تخوض المعركة ضد حركة حماس هي نفس المعركة التي لا زالت تخوضها منذ ستون عام في عمر المواجهة الفلسطينية – الإسرائيلية ، لم يتغير بها سوى أسماء القوى الفلسطينية ، وهذه الحركة لا تمتلك جيش وأسلحة نووية تهدد الأمن الصهيوني والوجود الصهيوني ، وإنما هي حركة من هذا الشعب ومن أبنائه ، فالمتأمل لأرقام وأسماء وهوية الشهداء يدرك أن الحرب حرب إبادة ضد شعب وليس ضد قوة معينة .
فدعونا من الخيال والوهم الذي يعشش بأعماقنا تحت مسمى الانتصار ، فالانتصار قائم وثابت لكل من به مسكة من العقل والمنطق ،ولن ينكسر أبداً ولن ينكسر مطلقاً لأنه انتصار شعب ضد عدو همجي لم يحقق أياً من أهدافه .

لا شك في أن ما تعيشه الأمة العربية اليوم من هجوم همجي وعنيف من قوى غربية أو من قوى بربرية أخرى تحاربنا باسمها وتحت عناوين وضعت هذه القوى الغربية أسسها ومبادئها منذ قرون مضت كانتقام لسمعتها التي لطختها دول عربية وإسلامية كانت قد تغلبت عليها وألحقت بها هزائم مازال التاريخ يتذكرها ويعيد أمجادها على العالم كله ، ولعل النصر الذي حققه القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي على جيوش الصليبيين وإخراجهم من القدس ومن أرض الشام إلى الأبد أكثر دليل على ذلك . ومن هذا المنطلق فإننا نؤمن إيمانا مطلقا أن هذه المولودة الحرام المسماة إسرائيل في منطقتنا العربية والتي أنجبتها الرحم الغربية قبل عقود من الزمن بطريقة غير شرعية هي البديل المعاصر لتركيع أمتنا والانتقام منها ورد الصاع لنا صاعين .

إن الصهاينة اليوم يحاربون العرب جميعهم بالوكالة ، بل اختارهم الغرب لهمجيتهم وبربريتهم التي لا يستحيون من إظهارها وممارستها على الشعوب العربية التي أصبحت بين كماشتين ، كماشة الصهاينة المتصفة بالقتل والنفي والتدمير والاغتصاب للأرض وبين كماشة أنظمة رسمية خانعة ضعيفة باعت نفسها بالرخيص . ولذلك فلا يعقل أن يأتي اليوم من يقول لنا بأن الغرب ديمقراطي ويريد السلام والأمن في العالم ، بل هو أكبر داعِ للحرب والدمار وتخريب التعايش الإنساني على الكرة الأرضية .

الغرب اليوم يمارس سياسة النفاق وسياسة الكيل بمكيالين مع العرب عموما ، أصبح لا يستحيي من إظهار حقيقته خاصة في حق من ينتمي إلى المقاومة أو من مازال يحافظ على قيمه العربية والإسلامية ويدافع عنها ، فهو ديمقراطي حقيقة فقط أمام المعتدلين منا وإنساني كثيرا مع الخانعين والخائفين والذين يقبلون بسياساته ومواقفه المتأرجحة بين دهسنا باسم عناوين غريبة على قيمنا العربية والإسلامية وبين وصفنا بالتخلف في أثناء تشبثنا بقيمنا الحضارية والثقافية .

إن مصدر الإلهام لهذه الأمة المجروحة هو هذه القومة الشعبية الأخيرة جراء العدوان على غزة وخروج الشعوب العربية في كل بقاع العالم إلى الشوارع للتنديد بالعدوان والضغط على الحكومات العربية المتواطئة بشكل أو بآخر مع العدوان لاتخاذ مواقف توقف القتل والتدمير والهمجية الصهيونية ، بل إن مصدر الإلهام الحقيقي هو قدرة المقاومة في غزة على الصمود


إن المقاومة اليوم سواء في فلسطين أو في لبنان أو في العراق تدشن عهدا جديدا ومشرقا في مسار حياة الأمة العربية ، وتقود مشعل الانتصارات من جديد ، وتبدع طرقا جديدة لفرض حضارتنا على العالم وجعلها حضارة قوية مبنية على النضال من أجل الحقوق المشروعة عكس الحضارة الغربية الحديثة التي بنيت على الحروب والاستعمار وسرقة مقدرات وثروات أمم استعمرتها وفرضت عليها أنماطا حياتية وثقافية ما أنزل الله بها من سلطان .

غزة إنتصرت رغم أنف الخونة والمتآمرين والمنهزمين والمتخاذلين والمنبطحين فماذا بعد .