المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رويات من أتون الحرب على غزة(2)



د. ناصر جربوع
01/02/2009, 02:00 AM
روايات من أتون الحرب على غزة (2) بقلم د- ناصر إسماعيل جربوع
فاجعة عائلة صالح في جباليا والمشهد يتكرر:
الحاج عبد الله صالح مواطن كغيره من الفلسطينيين يعيش في مخيم جباليا للاجئين بلوك 6 في بيت متواضع مسقوف بالاسبست، الذي لا يحمى من حر الصيف ولا برد الشتاء، وان اشتدت زخات المطر نجد بيته يعوم بالمياه ،ومع ذلك فقد كان عبد الله صابراً علي حياته ، ويعيش آمنا نسبياً في سربه علي أمل أن يتحقق يوماً حلم العودة، ولكن الصهاينة أرادوا أن يقتلوا حتى أحلامه، ففي تمام الساعة الثانية عشر ونصف من منتصف يوم السبت الموافق 4-1 – 2009 أغارت طائرة أل إف 16 علي منزله، وكان كل من في البيت نيام لا يدرون ما خبئ لهم -- نعم طائرة اف 16 علي بيت من الاسبست والزينجو، وبعد الفاجعة توافد أهالي المخيم للبيت واخرجوا الحاج عبد الله وزوجته وابنتهم 13 سنه وزوجة ابنهم ( إبراهيم )وجميعهم أشلاء، وإصابة بليغة لأحد الأبناء ويدعى( بلال ) الذي تم تحويله إلي بلجيكيا للعلاج، وقدر الله لأبناء الحاج عبد الله (احمد وإبراهيم وإسماعيل ) أن يكتب لهم الحياة ليكونوا شاهدين علي المجزرة البشعة0
القتل حسب تعاليم تلمودية يتجسد في غزة وعائلة عبد ربة شاهد علي ذلك : --
وردفي نص سفر العدد (قال الرب لموسى كلم بني إسرائيل وقل لهم 00 إنكم عابرون إلي ارض كنعان فتطردون كل سكان الأرض من أمامكم وتمحون جميع تصاويرهم وتخربون جميع مرتفعاتهم 00 وان لم تطردوهم يكون الذين تستبقون منهم أشواكاً في أعينكم ومنا خزفي جوانبكم , ويضايقونكم علي الأرض التي انتم ساكنون فيها) 00
يقول المواطن خالد عبد ربه (32 عاما) أنه شاهد جنديا صهيونياً يخرج من دبابة متخندقة في شرق جباليا، ثم شرع يطلق النار على بناته الصغيرات ليقتل اثنتين ويصيب الثالثة بجروح خطرة رغم إطاعة العائلة لأوامر الجيش بمغادرة منزلها. ويتنهد خالد ويبكى قائلا "ابنتاي أمل (عامان) وسعاد (4 أعوام) قتلتا جراء إطلاق النار عليهما من بندقية الجندي ولم أتمكن من تقديم المساعدة لهن! أطلقت بناتي زفرات الموت أمامي وودعاني بابتسامة الشهداء وشعرت بمرارة الفراق 0
أما ابنتي الثالثة سمر (4 أعوام) تم تحويلها إلي وحدة العناية المركزة في المستشفى البلجيكي بعد إصابتها بجروح خطرة في العمود الفقري.
وقف خالد عبد ربه أمام منزله الذي دمر داعيا الله أن يلهمه الصبر والثبات، وتحدث قائلاً " إن والدته البالغة من العمر ستين عاما، تعرضت أيضا إلى إطلاق النار أثناء مغادرتها المنزل قهراً، رغم أنها شرعت تلوح بمنديل ابيض مع ابنها وكنتها وحفيداتها الثلاث إلا أن الرصاصات كانت تنزل عليهم كالمطر . ومن المثير للنظر ما قاله خالد أن جندياً كان يتناول شيبسي البطاطا على متن الدبابة، ثم خرج ومعه بندقية وبدأ بإطلاق النار على البنات'.؟!
وأشار عبد ربه أن الجندي الذي أطلق الرصاص كانت جدائل شعره تخرج من تحت الخوذة إشارة منه أن القاتل من اليهود المتدينين حيث يمتاز رجال الدين عندهم بإطلاق جدائل شعورهم 0

أبو حيدر العطار يسرق ويلقى به من الطابق الثالث :-
في منطقة العطاطرة شمال قطاع غزة كان المواطن أبو حيدر العطار يعيش حياة هادئة يسعي في مناكب الأرض ليجمع ما تيسر من نقود ليبنى مستقبل لأولاده ويعلمهم ويساعدهم في شق طريقهم في دنيا قطاع غزة المليئة بالأشواك ،ولكن كل ما جمعه في حياته ذهب في دقائق ! اقتحم جيش الصهاينة بيته وطلبوا منه الخروج من المنزل فوراً بعد أن أطلقوا النار علي كل من في المنطقة، وأثناء خروجه من البيت تذكر سنوات عمره وشقاءه ومصير أولاده من بعده فصعد إلي منزله وجمع ما تمكن من جمعه من أمواله ومصاغ زوجته عسي أن ينقذ ما يتمكن من إنقاذه فرأوه الصهاينة، وسرقوا كل ما جمعه أبو حيدر في حياته، ولم يكتفوا بذلك وتجمع عليه فرقة من جيشهم البربري ،واصعدوه إلى الطابق الثالث من البيت ومسكه اثنين من يديه واثنين من قدميه وشرعوا يتمازحون ويغنون ويرقصون ،وأخيراً القوا به من الطابق الثالث !ونزل أبو حيدر وكل جسمه ممزق وعظامه مكسورة وهاهو يصارع الموت في المستشفى0

إعدام الابن أمام أمه والمشهد يتكرر :
محمد الداعور شاب في مقتبل حياته يعيش مع أمه الطيبة الحنونة التي كانت تحلم أن تري أولاده وتربيهم علي طريقتها الفلسطينية البسيطة، إلي أن جاء اليوم المشئوم - يوم أن قتلت الإنسانية في مهدها - حيث دخل الصهاينة علي بيت عائلة الداعور المتواضعة، وكان المشهد الأول أن اعدم ابنها الذي تمدد أمامها شهيداً، فسارعت الأم المفجعة بولدها وأ مسكت بولدها لإنقاذه من الموت ،فما كان من المجرمين إلا أن ألحقوها بإبنها ،وكان المشهد الحزين حيث وجد المواطنين أم محمد مستشهدة وهى ممسكة برجل ابنها التي حاولت أن تسحبه من تحت النيران !! الله الله ما أروع حنان الأم حتى في لحظات الفراق يا سادتى !
د-ناصر إسماعيل جربوع - كاتب باحث ومؤرخ فلسطيني