المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ~~ دُمــــــــــــــــــوعُ الماسْ..(1)~~ (رواية للفتيان والأطفال)



ياسمين ابن زرافة
02/02/2009, 12:56 PM
~~ دُمــــــــــــــــــوعُ الماسْ..~~




الإهداء:

إلى كُلِّ طِفْلٍ بَريءٍ بَائِسٍ حَرَمَتْهُ أَعاصيرُ الدَّهْرِ حَقَّ التَّنَعُّم بِلَمَّةٍ هَنِيَّةٍ حَوْلَ كَانون (أُسْرَة)..

إلى كُلِّ مَلاكٍ شَرِيدٍ طَيَّرَ هَوْلُ الفَجائِعِ النَّوْمَ من عيونه، ومِنْ شِفاهِه البَسْمَة، لِيُسْكِنَ دَمْعَ الأَسى مُقْلَتَيْه أبَدَ الطُّفولة.. وإلى الزميل الذواق محمد فائق البرغوثي//
أُهْدي هذه العَبَرَاتْ..



~ "شَمْس" .. مَلاكُ الحُسْن ~


..يُحْكَى أنَّ سُلطانًا حَكيمًا مِنْ سَلاطِين بِلاد المَغْرِب كان يَتربَّعُ على عَرْشِ مَمْلَكَةٍ أَشاعَ الأَمانَ بين رَعيَّتها، وأَفَاضَ الخَيْرات على سُكَّانِها، وسَعَى لِنَجْدَة فُقرائها وَإِعَالَتِهِمْ حتَّى شَاع خَبَرُه في الأَنْحاء، فهَرَعَ الملُوكُ مِن كُلِّ حدب يَنْشدُون وِِصالَه، والأُمَرَاءُ مِن كلِّ صَوْبٍ يَرْجُونَ مُصَاهَرَتَهُ، والمَساكينُ مِنْ كلِّ البِلاد طَمَعًا في واسِعِ عَطائِهِ وكَرَمِه.

وكانت لَهُ سَبْعُ بَنات آيَةُ هُنَّ في الحُسْن والبَهَاء كالبُدور لَيْلَةَ التَّمَام؛ إِذْ لا تَكادُ تَقَعُ عَلَيْهِنَّ العَيْنُ حتَّى تَعْشقَهُنَّ أو يَسْمَعُ عَنْهُنَّ السَّامِعُ حتىَّ يَقَعَ أَسِيرَ هَوَاهُنَّ، غَيْرَ أنَّ صُغْراهُنَّ كانَت الأَجمْل..

وكانت إذا أَطلَّتْ مِنَ القَصْرِ، هَرَعَت كُلُّ نِِسَاءُ الجِيرَة، والخَدَمُ، والحُرَّاس، وتَهَامَسُوا في انْبِهار: "أُوُوُوُهْ.. لَقَدْ أَشْرَقَت الشَّمْـس.. لَقَدْ أَطَلَّت الأَمِيرَةُ "شَمْـس".. وكَذَلِكَ الصِّبْيَةُ والصَّبَايَا، وتَزَاحَمُوا تَحْتَ شُرْفَتِها للفَوْزِ بِوَرْدةٍ مِنَ الوُرُود الِّتي تَنْثُرُهَا عَلَيْهِمْ، أو بِعَصْفُورٍ أو فَرَاشَةٍ مِنَ الَّتِي يُطْلِقُهَا لَهُمْ الخَدَمُ مِنَ الأَقْفَاصِ كُلَّ صَبَاحٍ..،

فَتَحُلِّقُ بَعْضُ العَصَافِيرِ البَهِيَّةِ الأَلْوَانِ فِي الفَضَاءِ مُبْتَهِجَةً، وتَأْبَى الأُخْرَى فُراقَهَا، فَتَتَرصَّعُ عَلَى كَتِفَيْهَا كالحَرَس.. وأَمَّا فِراخُهَا، فَتَحُطُّ فَوْقَ الأَعْشَابِ وبَيْنَ المزْهَرِيَّات، وتَبْقَى مُرَفْرِفَةً في ذُعْرٍ حَتَّى تُمْسِكَ بِهَا أَنَامِلُ طِفْلٍ أو صَبِيَّةٍ..

فَتَرْتَفِعُ ضَجَّةٌ حُلْوَةٌ مِنَ الأَطْفالِ في الأَسْفَلِ إِذ ْذَاكَ، وهُمْ يَتَسَابَقُونَ للإِمْسَاكِ بها..

ويَتَدَلَّى شَعْرُ شمْس طَويلاً أَشْقَر -وَهِيَ تُطِلُّ عَلَيْهِم تَغْمُرُهَا الفَرْحَةُ لِفَرْحَتِهِمْ- لِتَعْلَقَ بهِ تُوَيْجَاتُ الوُرُودِ المُتَطايِرَةِ كَدَنَفِ الثَّلْجِ، فَتُحَيِّيهم بِشَوْقٍ، وتُوَزِّع عَلَيْهم القُبَلَ مَعَ النَّسِيم العَابِثِ ِبخُصَلِ شَعْرِها..ثُمَّ تُوَدِّعُهُمْ وتَعُود إلىَ مَخْدَعِها وَهِيَ تَكْظِمُ حُزْنًا غَرِيبًا لَمْ يُفارِقْ وَجْهَهَا مُنْذُ زَمَنٍ، ولاَ عَجَب..؛
"فَشَمْس" كَانت أَحَبَّ بَناتِ السُّلْطان إلى قَلْبِه، وأَجَلََّهُّنَّ شَأْنًا عنده؛ لِرِقَّتِها، وطِيبَتِها، وحُبِّهَا لِفِعْلِ الخَيْرِ كَما كان يَفْعَل، بَيْنَما كانت الأُخْرَياتُ غَيُورات منها، حَقُودات، تَتَمَنَّيْنَ زَواَلَ النِّعَمِ عن الغير لتَسْتَفْرِدْنَ بِهَا لأَنْفُسِهِنَّ، فَطَفَت الغَيْرَةُ عَلَى وُجُوهِهِنَّ الجَمِيلَةِ فأَكْسَبَتْهَا ظُلْمَةً وبَشَاعَةً.. رَدَّتْهُنَّ مع مَرِّ الزَّمَنِ أَشْبَهَ بِشِرِّيرَاتِ الحَكَايا، فِيمَا ظَلَّتْ وَحْدَهَا تَنْعَمُ بالبَهَاءِ ومَحَبَّةَ النَّاسِ أَبَدَ السِّنِين.




~ مَكِيدَةُ السُّتُّوتْ أُمُّ البُهُوتْ ~


والْتَفَّتِ الأمِيرَاتُ ذَاتَ يَوْمٍ حَوْلَ النَّافُورَة تَتَجاذَبُ بَعْضُهُنَّ أَطْرافَ الحَديث، وتَتَقاذَفُ الأُخْرَياتُ المِيَاهَ بِأَرْجُلِهِنَّ، بَيْنَمَا انْزَوَتْ "شَمْسٌ" تَحْتَ ظِلِّ رُمَّانَةٍ َتتَأَمَّلُ جمَال الرَّوْضِ مِنْ حَوْلِهَا؛ وتُداعِبُ فَرْوَ قِطَّتِهَا البَيْضَاء "سُنْدُسْ" المُسْتَطِيبَة النَّوْمَ فَوْقَ ثَوْبِهَا...

وبَيْنَمَا هُنَّ كَذَلِك، إِذَا بعَِجُوزٍ حَدْبَاء الظَّهْرِ، عَرْجَاء، شَمْطَاء السّحْنَاء تَتَقَدَّمُ نَحْوَهُنَّ-والشَّرُ يَتَطَايَرُ مِنْ أَعْيُنِهَا- وهي تَخْتَلِقُ البَسْمَةَ وتَسْعُلُ في ادِّعَاءٍ...

فَتَهَامَسَت الفَتيَاتُ في مَكْرٍ:

-"ياهْ.. لَقَدْ أَقْبَلَت "السُّتُّوتْ أُمُّ البُهُوتْ"، فَلْنُلاعِبها قَلِيلاً، ونَسْتَدْرِجهَا رُوَيْدًا رُوَيْدًا حتَىَّ نُلْقِي بِها في البِرْكَة، ونَدَعها تَتَخَبَّطُ فيها، فنَرَى سِيقَانَهَا الهَزِيلَةَ المُعْوَجَّةَ وهِيَ تَطْفُو فَوْقَ المَاءِ كَأَرْجُلٍ ضِفدِعة بَشِعَةٍ، ونَسْمَعُ صَوْتَها الأبَحّ وَهِيَ تُحْتَضَر:

-" النَّجْدَة.. سَيِّدي السُّلْطَــانْ.. أيُّها الحَرَسْ.. أنْقِذُونِي إِنِّي أَغْرَقْ.. أُحُ أُحُ أُحُ ... أُحُ أُحُ أُحُ... "

ثم نُخْرِجُهَا، ونَرْبِطُها إلى جِذْعِ الشَّجَرَة ونَهْرُب، لِنَدَعَهَا تَجِفّ، حتَّى تَصِيرَ كحِربْاء كبيرة مجفَّفة، أو كَقَدِّيدَةٍ مُحَمَّصَةٍ مُقَرْمَشَة.

وَعَلَتْ قَهِْقَهَاتهُنَّ حتَّى سَمِعَتْهَا العَجُوزُ المَاكِرَةُ وأَحَسَّتْ بِسُوءِ نِيّاتِهِنَّ، فَخَشِيَتْ عَلَى نَفْسِهَا وجَلَسَتْ في مَنْأًى عَن البِرْكَة مُدَّعِيَةً العَيَاء، ثم دَعَتْهُنَّ إليها لأَنهَّا تُريدُ الخَوْضَ مَعَهُنَّ في حَديثٍ هامٍّ،

فتَدَافَعَت الفَتَياتُ المُتَلَهِّفات عليها، لأنَّهُنَّ على عِلْمٍ بأَنَّ كلَّ ما تَأْتِي به السَّتُّوتُ ذو شَأْنٍ وإلاَّ لمَا كانَ والِدُهُنَّ لِيُقَرِّبَها مِنْهُ، ويُنَصِّبَهَا المُسْتَشَار الحَكِيم للمَمْلَكَة دُونَ غيرها.. ثمََّّ دَعَتْ "شَمْسًا" بِدَوْرِها لتُشَارِكَهُنَّ الحَديثَ وقَالتْ:

-ألاَ تَرَينَ أيَّتُها الفَتيَاتُ الفاتِناتُ أَنَّ هذه الدُّنْيا سَراب، و أنَّ أَبْقَى ما فِيها الذِّكْرَيات، وأَبْهَى زِينَتها البَنِينَ والبَنَات، وقَدْ جَعَلَ اللهُ بَيْنَنَا المَوَدَّة والرَّحْمة، وخَلَقَ مِنْ كُلِّ نَفْسٍ مِنَّا زَوْجَها.. فأَيْنَ أَنْتُنَّ منْ كُلِّ هذا؟ وماذا بِشَأْنِ مَصِيرِكُنَّ! أَوَلاَ تَهْفُو قُلوبُكُنَّ إلى الاسْتِكانَة في بَيْتٍ تَعُمُّهُ بَهْجَةُ الأَطْفَال؟!

أَمْ أَنَّكُنَّ أَلِفْتُنَّ العَيْشَ بين هذه الجُدْران كَلآلِئ في قَلْبِ مَحّاراتٍ في قَاعِ البِحَار النَّائِيَة، بَيْنَمَا تَنْعَمُ بَناتُ البُسَطَاءِ دُونَكُنَّ بأَزْوَاجٍ يُقاسِمْنَهُنَّ حُلْوَ الحَيَاةِ ومُرَّهَا!؟

فصَمَتَت الفَتَيَاتُ طَوِيلاً وقَدْ تَوَغَّلَت الفِكْرَةُ عَمِيقًا في رُؤُوسِهِنَّ، ثُمَّ أَجابَتْ إحْدَاهُنَّ:

-ومَا عَسَانا نَفْعَل؟ فحَتَّى وإِنْ رَغبْنَا في ذلك، فَمَنْ ذي التَّي تَجْرُؤُ عَلى مُفَاتَحَة والِدِنَا بالأَمْرِ، وهُوَ الَّذي أَحَبَّنَا دَوْمًا، ومَا رَضِِيَ الزَّواجَ من بَعْدِ وَفَاةِ أُمِّنا فَقَطْ كَيْ يَنامَ ويُصْبِحَ عَلَى مَرْآنَا.

فَردَّت العَجُوزُ بِثِقَةٍ: أَوَ لِهَذا العُذْرِ البَسِيط إذن؟

دَعْنَ الأَمْرَ لي وَسَأَتَوَلَّى القِيام به كَمَا يَنْبَغِي.

محمد فائق البرغوثي
02/02/2009, 07:14 PM
الكاتبة الفاضلة والجميلة ،، ياسمين بن زرافة ،،

أشكرك أختي على هذه اللفتة الكريمة وهذه البادرة الطيبة منك
وهذا ليس غريب على أهل المغرب العربي ،، أهل الكرم والذوق والثقافة ..

أدب الأطفال أدبٌ صعب ومستعص والكاتب المتمرس وحده من يستطيع تطويعة ليلامس قلوب الأطفال قبل عقولهم ..
بصراحة .. شدتني القصة مثل طفل صغير .. لولا جهاز يحمله الكبار ، رنّ فشغلني عن القراءة ..

تسجيل اعجاب ولي عودة قريبة ،،

أشكرك على الاهداء .. أيتها الغالية

مودتي لك ،،

ياسمين ابن زرافة
03/02/2009, 07:14 PM
الكاتبة الفاضلة والجميلة ،، ياسمين بن زرافة ،،

أشكرك أختي على هذه اللفتة الكريمة وهذه البادرة الطيبة منك
وهذا ليس غريب على أهل المغرب العربي ،، أهل الكرم والذوق والثقافة ..

أدب الأطفال أدبٌ صعب ومستعص والكاتب المتمرس وحده من يستطيع تطويعة ليلامس قلوب الأطفال قبل عقولهم ..
بصراحة .. شدتني القصة مثل طفل صغير .. لولا جهاز يحمله الكبار ، رنّ فشغلني عن القراءة ..

تسجيل اعجاب ولي عودة قريبة ،،

أشكرك على الاهداء .. أيتها الغالية

مودتي لك ،،


لا شكر على الواجب يا أخانا الأغلى..
لم أقذفك إلا بوردة من باقة سبقتنا بإهدائها..
وعن الكرم والجود فلا أظننا في مثل الذي عندكم يا أخي العزيز,,
القصة يا فائق في بدايتها، والجميل المشوق الأكثر إدهاشا-بكل الصدق والموضوعية- لم يحن أوانه بعد، ستلمسه في العرض والخاتمة.. صدقني هذه القصة من روائع القصص العالمية التي تضاهي بياض الثلج وساندريلا وغيرها.. حين كنت صغيرة وكانت أمي تقصها علي كنت أحس إحساسا رائعا.. لشخصياتها وخيالها وأمرائها وجِنّها وغرائبها التي كنت أحلم بها ليلا.
لن أشوقك أكثر لأنني أخاف أن يطالبنا الطفل الصغير الذي بداخلك وداخلنا بقصها الآن، وفورا يا فائق..
ولهذا، أدعوك إلى القعدات المقبلة الأجمل..
أخي عودتك مرحَّب بها اليوم وغدا ..
فيا هلا.. وفي المرات المقبلة عليك بهذا المزعج الذي يحمله الكبار، عليك به، أنمه في جيبك حتى لا ينغص عليك المقبل الجميل أخي..
وأنا أشكرك على كل شيء أخي الغالي وأتمنى لك كل الخير..
\ياسمين~~
ملاحظة: لم يحدث أن رأت الجمال نفسُ بغير جمال..////

محمد فائق البرغوثي
08/02/2009, 09:04 PM
إذن الستوت أم البهوت أشعلت في عقول الأميرات فكرة الزواج ، وأراها الآن تكلم الملك صراحة أو تدبر مكيدة لذلك ..

ترى ما بغية العجوز من وراء ذلك ؟ حبا في الأميرات ، أم إحدى المكيدات ؟! فلنستمع إذن إلى ياسمين إبن زرافة :


فلنتابع ::

ياسمين ابن زرافة
09/02/2009, 06:44 PM
إذن الستوت أم البهوت أشعلت في عقول الأميرات فكرة الزواج ، وأراها الآن تكلم الملك صراحة أو تدبر مكيدة لذلك ..

ترى ما بغية العجوز من وراء ذلك ؟ حبا في الأميرات ، أم إحدى المكيدات ؟! فلنستمع إذن إلى ياسمين إبن زرافة :


فلنتابع ::



فائق..
هذه أم البهوت هي المحرك الرئيس للأحداث المقبلة.. أشعلت فتيل الرغبة في الزواج، وإليك الآن الذي حدث..
لن أنزل نصا إلا إذا طلبت ذلك
إليك الجزء الثاني
تحياتي سيدي القاص

معروف محمد آل جلول
11/01/2010, 01:44 AM
الأخت القاصة المحترمة ..ياسمين..
هذه حكاية شعبية سيقت بأسلوب فصيح ..
مثيرة ومؤثرة..
مشحونة بعبر كثيرة ..
بداية موفقة لولوج عمق القصة ..
بالغ تقديري..