المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رجل في حالة تأمل وقصائد أخرى - من الشعر الصيني الحديث ترجمة ابراهيم درغوثي - تونس



ابراهيم درغوثي
30/12/2006, 10:56 AM
" رجل في حالة تأمل "
وقصائد أخرى من الشعر الصيني الحديث

ترجمها من الفرنسية
ابراهيم درغوثي / تونس

رجل في حالة تأمل
يانغ كيانغمان

خطوة خاطئة رمتك في الهوة ،
فلعقت الدم الذي غطاك
وأنت صامت ، تقيس الطريق التي امتدت أمامك .

ما بين خطوتين
تطل من هناك ،
وحدك ،
وأنت مخفوض الرأس
تصنع لنفسك في حفرتك الدافئة راحة مثلى .

ستظل زمنا
تستمع إلى وقع خطى الرفاق الذين فارقوك ،
وأنت تمضغ آلامك .

وكما في بقايا حريق
أو في دموع سفينة غريقة
تنبت أحزانك فجأة .

أنت ، طفل الإخفاقات ،
طفل الإخفاقات الجميل ،
طفل الإخفاقات الناجح .

لن تهزك الرجات الأرضية
ولا فيضانات البحار.
ستظل صامتا
ندمان تمضغ ماضيك
ومن تأملاتك سيخرج ملاك .

يانغ كيانغمان : شاعر صيني حديث ولد سنة 1942 في جيانغسو . يعمل حاليا مديرا مساعدا في مجلة " الكاتب الصيني
حنين
يو غوانغ زهونغ

في طفولتي ،
كنت أحن إلى طابع بريد لطيف
يربطني من أقاسي الدنيا
بوطني الأم .

في شبابي ،
صرت أحن إلى سفينة مهاجرة .
لأنني قريب من النبع
وحبيبتي تسكن عند مساقط النهر .

عندما بدأ العمر في الأفول ،
صرت أحن إلى قبر وا طئ
تسكن فيه أمي .

والآن
صار حنيني إلى مضيق ذو مياه ضحلة
أكون على جانبه ،
و يكون وطني على جانبه الآخر .


يو غوانغ زهونغ : ولد سنة 1928 في نانكين
شغل منصب عميد كلية في جامعة " سون يات سين " في تايوان
نشر عدة مجاميع شعرية منها " أغاني البحار الحزين "



الزمن
لاي شو يان

العصفور الذي يغادر بإهمال
راحة كفنا
ويطير بعيدا .. بعيدا ،
ليهرب منا
بعدما أحس بحيرتنا وترددنا


عندما نفيق من سهونا
يكون ذاك العصفور البديع
قد ضاع منا في لمح البصر
ولم يبق لنا سوى أن نلاحقه ونناديه :
أنت أيها العصفور البديع
الذي أمتعتنا بغنائك ورقصك
ها أنت تفر من راحة اليد إلى الكتف
قبل أن تأخذ انطلاقتك
وتضرب بأجنحتك الفضاء .

وها نحن نتابع طيرانك آسفين حزانى
أنت أيها المجنح
يا صديقنا الوحيد
تفر منا بدون تردد
وتتركنا بلا سند
أنت أيها العصفور الجميل
يا من اسمه الزمن .

لاي شويان : ولد سنة 1940
أصدر عدة مجاميع شعرية منها : " العشبة الصغيرة التي تغني "



الأخضر
ماي شاوجنغ

الرياح تضيء النهار
على هذه الأرض الجدباء
كما تملأ النار الليل بالأنوار .

متى إذن ستشرق الأرض بالخضرة ؟
متى ستصبح أرضنا خضراء على مد البصر ؟
على طول الأزمان ؟
ليمحي الأصفر من الوجود .
سأتمنى :
عندما تصبح الشمس خضراء .

ماي شاو جنغ : شاعرة صينية ولدت في بيكين سنة 1948
لها مجموعة شعرية بعنوان : " هي ذي زهرة المشمش "

محمود ريا
15/09/2007, 10:12 AM
أستاذ إبراهيم:
كلما قرأت قصيدة جديدة مما أبدعه الشعر الصيني، وعرّبته أناملك الرشيقة من اللغة الوسيطة، أدركت كم أضعت من عمري، وأنا غارق في متاهات لغة الصحافة وضحالة كلمات الحدث اليومي المتكرر حتى الملل.
في القصيدة، التي كنت أهواها من صغري، تجد للكلمات صدى يتجاوز الأمكنة والأزمنة.. يتجاوز البحور والجبال، ينطلق من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، ويعود إلى الوسط، إلى عندنا، فنعيش كلنا المشاعر نفسها، ولو فرّقتنا اللغات وباعدت بيننا المسافات.
قرأت القصائد هنا بكل إمعان وبكل اندماج، واحسست بأنني أعود طفلاً، يسير على ضفة الجدول، وينادي "العصفور" الذي طار، وهيهات هيهات أن يعود.
أستاذي الكبير، وأنا أقرأ القصيدة الثانية للشاعر يو غوانغ زهونغ، لاحظت مسألة ينبغي أن أستشيرك فيها.
الواضح أن الرجل من أبناء "البر الصيني" وقد غادره إلى تايوان مع الذين غادروا بعد انتصار الشيوعية في الصين، وهو يحن إلى وطنه الأم، وهذا ما تعبر عنه كلمات القصيدة، ولذلك يمكن أن نقرأ إحدى الفقرات بطريقة مختلفة عما هي منقولة عنه، خصوصاً أن اللغة الصينية تحتمل الكثير من التأويلات في قراءة الجملة.
والجملة المقصودة هي:
والآن
صار حنيني إلى مضيق ذو مياه ضحلة
أكون على جانبه ،
و يكون وطني على جانبه الآخر .

قد يكون قصد الشاعر:
والآن
صار حنيني إلى مضيق ذو مياه ضحلة
أنا على جانبه،
ووطني على جانبه الآخر.
لأن هذا هو واقع الحال.. هو لا يريد انفصالاً عن وطنه بل يريد اتصالاً به، والمضيق الذي يتحدث عنه هو مضيق تايوان الذي يفصل بين الجزيرة التي تحمل اسمه وبين الوطن الكبير في برّ أسيا.
أرجو أن تسامحني على التدخل في النص وفي المعاني، ولكنني أحببت أن "أتعلق" بهذا العالم، عسى أن أرتفع معه إلى الأعلى الأعلى.
وتبقى مسالة أخرى متعلقة بكلمة في عبارة "يربطني من أقاسي الدنيا" فالأصح برأيي هو أقاصي الأرض..
مع أطيب تحياتي. ومع الشكر لهذا الجهد الذي تبذله والذي يجعلنا نقترب من عالم مجهول غريب عنا، ونحن قد دعينا لطلب العلم، حتى ولو كان.. هناك.
محمود

ابراهيم درغوثي
15/09/2007, 04:44 PM
العزيز محمود
أشارك الاعجاب بالشعر الصيني الذي نجهل عنه الكثير
ففيه فنون لا عد ولا حصر لها
وله تاريخ يمتد على مدى السنين
ليس الشعر فقط ما يبهر في آداب الصين
وانما السرد أيضا من الحكايات الفديمة
حتى السرديات الحديثة

أما عن ملاحظاتك فيما يخص ترجمة بعض المعاتني الشعرية في القصائد
فهي مقبولة وفيها كثير من المنطق

مع الود والتقدير