محمد أحمد عبدالقادر
04/10/2006, 12:01 PM
هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مره القرشية الأسدية، أمها فاطمة بنت زيد بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي ولدت سنة 68 قبل الهجرة (556 م).
تزوجت من أبي هالة بن زرارة التميمي فأنجبت هالة وهنداً وعن الزهري قال : تزوجت خديجة بنت خويلد بن أسد قبل رسول الله صلي الله عليه وسلم رجلين الأول عتيق بن عايذ بن عبدالله بن عمر بن مخزوم فولدت له جارية وهي أم محمد بن صيفي المخزومي ثم خلف على خديجة بعد عتيق بن عايذ أبو هالة التميمي وهو من بني أسيد بن عمر فولدت له هند بن هند.
عرفت بالعفة والعقل والحزم حتى دعاها قومها في الجاهلية بالطاهرة وكانت غنية ذات مال، وكانت تستأجر الرجال ليتاجروا لها ،وتدفع لهم المال مضاربة ، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بعثته ما اتصف به من الصدق والأمانة والخلق ، أرسلت إليه ليخرج بمالها إلى الشام مع غلام لها يقال له ميسرة على أن تعطيه أكثر مما تعطي غيره.
وفي دلائل النبوة للأصبهاني : " وجعل عمومته يوصون به أهل العير حتى قدما الشام فنزلا في سوق بصرى في ظل شجرة قريبا إلى ميسرة فقال يا ميسرة من هذا الذي تحت هذه الشجرة فقال ميسرة رجل من قريش من أهل الحرم فقال الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي ثم قال أفي عينيه حمرة قال ميسرة نعم قال الراهب هو هو وهو آخر الأنبياء وياليت أني أدركته حين يؤمر بالخروج خزانه ذلك ميسرة ثم حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم سوق بصرى فباع سلعته التي خرج بها واشترى فكان بينه وبين رجل اختلاف في سلعة فقال له الرجل احلف باللات والعزى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حلفت بهذا قط وإني لأمر فأعرض عنهما فقال الرجل القول قولك ثم قال لميسرة وخلا به يا ميسرة هذا نبي والذي نفسي بيده إنه هو هو يجده أحبارنا منعوتا في كتبهم"
ووفقه الله في هذه التجارة فكان الربح وفيراً ، فسرت خديجة بهذا الخير الكثير الذي أحرزته على يد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن إعجابها بشخصه كان أعظم .
زواجها بالنبي صلي الله عليه وسلم
وأرادت السيدة خديجة الزواج من سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم لما اتصف به وما سمعته من ميسرة وكان لها صديقة مقربة فانطلقت إلى سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وابتدرته متسائلة بذكاء واضح : ما يمنعك أن تتزوج يا محمد ؟ فقال لها : ما في يدي ما أتزوج به ، فابتسمت قائلة : فإن كفيت ودعيت إلى المال والجمال والشرف والكفاءة فهل تجيب ؟ فرد متسائلاً : ومن ؟ قالت على الفور : خديجة بنت خويلد . فقال : إن وافقت فقد قبلت .وانطلقت لتزف البشرى إلى السيدة خديجة ، وأخبر الأمين أعمامه برغبته في الزواج من السيدة خديجة ، فذهب سيدنا أبو طالب وسيدنا حمزة رضي الله عنهما وغيرهما إلى عم السيدة خديجة عمرو بن أسد ، وخطبوا إليه ابنة أخيه ، وساقوا إليه الصداق وقد تزوجها على اثنتي عشرة أوقية ذهب ، تم العقد ونحرت الذبائح ووزعت على الفقراء ، وفتحت دار خديجة للأهل والأقارب فإذا بينهم السيدة حليمة السعدية مرضعة رسول الله جاءت لتشهد عرس ولدها الذي أرضعته ، وعادت بعد ذلك إلى قومها ومعها أربعون رأساً من الغنم هدية من العروس الكريمة لمن أرضعت سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم الزوج الحبيب.وكان لها من العمر أربعين سنة ولرسول الله خمس وعشرون سنة.
البعثة
كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يتعبد بغار حراء إذ جاءه سيدنا جبريل عليه السلام في شهر رمضان فغطه ثلاثاُ وفي كل مرة يقول له : اقرأ ، فيقول رسول الله : ما أنا بقارئ ؟ حتى قال له :
((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَْكْرَمُ ، خَلَقَ الأِْنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ))
ثم انطلق يلتمس بيته خائفاً شاحباً مرتعد الأوصال وهو يقول:"زملوني زملوني دثروني دثروني وبعد أن استوضحت السيدة خديجة منه الأمر . قال لها : " يا خديجة لقد خشيت على نفسي ". وهتفت الزوجة الحبيبة العاقلة في ثقة ويقين : " الله يرعانا يا أبا القاسم ، أبشر يا ابن العم واثبت ، فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ، والله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ،وتحمل الكّل،وتقري الضيف ،وتعين على النوائب.
ثم ذهبت به إلى ابن عمها ورقة ابن نوفل وحدثته بما كان من أمر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فصاح قائلاً : " قدوس .. قدوس .. والذي نفس ورقة بيده ، لئن كُنت صدقتني يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى وعيسى وأنه لنبي هذه الأمة ، فقولي له فليثبت". فقال لرسول الله : " والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة ، ولتكذبن ولتؤذين ، ولتخرجن ولتقاتلن ، ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصرن الله نصراً يعلمه ، ثم أدنى رأسه منه فقبل يافوخه "---فقال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : " أو مخرجي هم ؟ " أجاب ورقة : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ماجئت به إلا عُودي ، ليتني أكون فيها جذعاً، ليتني أكون حياً ، ثم لم يلبث ورقة أن توفي .
وكانت مثال الزوجة الصادقة الوفية تثبت زوجها على الحق وتعينه وفي ذلك عن خديجة أنها قالت لرسول الله : " أي ابن عمي أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك ، قال : نعم ، قالت : فإذا جاءك فأخبرني به ، فجاءه جبريل فقال رسول الله : يا خديجة هذا جبريل قد جاءني ؟ ، قالت : قم يا ابن عم فاجلس على فخذي اليسرى قال : فقام رسول الله والحاصل عليها قالت هل تراه ؟ قال نعم قالت فتحول فاقعد على فخذي اليمنى قال فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد على فخذها اليمنى فقالت : هل تراه ؟ قال : نعم قالت : فتحول فاجلس في حجري فتحول والحاصل في حجرها ثم قالت : هل تراه ؟ قال : نعم ، فتحسرت فألقت خمارها ورسول الله جالس في حجرها ثم قالت هل تراه قال لا قالت : يا ابن عم اثبت وأبشر فوالله إنه لملك ما هذا شيطان "
السيدة خديجة رضي الله عنها كانت أول امرأة تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت أحب زوجاته إليه، ومن كرامتها أنها لم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت. أنجبت له ولدين وأربع بنات وهم: القاسم (وكان يكنى به)، وعبد الله، ورقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة.كانت السيدة خديجة رضي الله عنها هي أول من آمن بالله ورسوله، وأول من أسلم من النساء والرجال، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم والسيدة خديجة يصليان سراً إلى أن ظهرت الدعوة.
كانت السيدة خديجة امرأة عاقلة، جليلة، دينة، مصونة، كريمة، من أهل الجنة، فقد أمر الله تعالى رسوله أن يبشرها في الجنة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب، كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يفضلها على سائر زوجاته، وكان يكثر من ذكرها بحيث أن عائشة كانت تقول : ما غرت على أحد من نساء النبي صلي الله عليه وسلم ما غرت على خديجة وما رأيتها، ولكن كان النبي صلي الله عليه وسلم يكثر من ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صديقات خديجة فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا إلا خديجة، فيقول إنها كانت وكان لي منها ولد.
وقالت عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكر خديجة يوما من الأيام فأدركتني الغيرة فقلت هل كانت إلا عجوزاً فأبدلك الله خيراً منها، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال: لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني النساء، قالت عائشة: فقلت في نفسي لا أذكرها بسيئة أبدا.
ومن خصائصها عليها الرحمة والإكرام ، أنها من أفضل نساء المصطفى بالتمام كما جاء في الحديث عن سيد الأنام أنه قال : " سيدة نساء العالمين مريم ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية امرأة فرعون " وفي رواية عن أنس مرفوعة : " حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية "من شعرها في تمريغ البعيرة وجهه على قدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطقه كرامة له صلى الله عليه وسلم قولها :
نطـقـت البـعـيـر بفضـل احمـد مخبرا *** هذا الذي شرفت به أم القرى
هـــذا مـحـمـد خـيــر مبعوث أتـى *** فهو الشفيع وخير من وطئ الثرى
يا حـاسـديـه تـمـزقــوا مـن غـيظكم *** فهو الحـبـيـب ولا سواه فى الورى
وعندما أعلنت قريش مقاطعتها للمسلمين وسجلت ذلك في صحيفة علقتها في جوف الكعبة لم تتردد في الوقوف مع المسلمين في شعب أبي طالب متخلية عن دارها الحبيبة لتقضي هنالك في الشعب ثلاث سنين صابرة مع الرسول ، ومن معه من صحبه وقومه على عنت الحصار المنهك ، وجبروت الوثنية العاتية . إلى أن تهاوى الحصار أمام الإيمان الصادق والعزيمة التي لا تعرف الكلل، وكانت في الخامسة والستين من عمرها.
وبعد انهيار الحصار بستة أشهر مات أبو طالب ثم توفيت المجاهدة المحتسبة رضي الله عنها في اليوم الحادي عشر من رمضان قبل هجرة سيد الأنام بثلاث سنين على الأصح من الأقاويل وقيل بأربع وقيل بسبع على ما قيل ولم يصل عليها عليه الصلاة والسلام لأنها لم تشرع الصلاة على الميت في ذلك العام ونزل النبي صلى الله عليه وسلم في قبرها وسوى عليها التراب وأحسن نزلها ، وهي فضيلة لها دون غيرها من أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن أجمعين إلى يوم الدين وكان لها من العمر خمس وستون ودفنت بمقبرة المعلى المعروفة بالحجون، وكانت وفاتها مصيبة كبيرة بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم تحملها بصبر وجأش راضياً بحكم الله سبحانه وتعالى.
تزوجت من أبي هالة بن زرارة التميمي فأنجبت هالة وهنداً وعن الزهري قال : تزوجت خديجة بنت خويلد بن أسد قبل رسول الله صلي الله عليه وسلم رجلين الأول عتيق بن عايذ بن عبدالله بن عمر بن مخزوم فولدت له جارية وهي أم محمد بن صيفي المخزومي ثم خلف على خديجة بعد عتيق بن عايذ أبو هالة التميمي وهو من بني أسيد بن عمر فولدت له هند بن هند.
عرفت بالعفة والعقل والحزم حتى دعاها قومها في الجاهلية بالطاهرة وكانت غنية ذات مال، وكانت تستأجر الرجال ليتاجروا لها ،وتدفع لهم المال مضاربة ، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بعثته ما اتصف به من الصدق والأمانة والخلق ، أرسلت إليه ليخرج بمالها إلى الشام مع غلام لها يقال له ميسرة على أن تعطيه أكثر مما تعطي غيره.
وفي دلائل النبوة للأصبهاني : " وجعل عمومته يوصون به أهل العير حتى قدما الشام فنزلا في سوق بصرى في ظل شجرة قريبا إلى ميسرة فقال يا ميسرة من هذا الذي تحت هذه الشجرة فقال ميسرة رجل من قريش من أهل الحرم فقال الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي ثم قال أفي عينيه حمرة قال ميسرة نعم قال الراهب هو هو وهو آخر الأنبياء وياليت أني أدركته حين يؤمر بالخروج خزانه ذلك ميسرة ثم حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم سوق بصرى فباع سلعته التي خرج بها واشترى فكان بينه وبين رجل اختلاف في سلعة فقال له الرجل احلف باللات والعزى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حلفت بهذا قط وإني لأمر فأعرض عنهما فقال الرجل القول قولك ثم قال لميسرة وخلا به يا ميسرة هذا نبي والذي نفسي بيده إنه هو هو يجده أحبارنا منعوتا في كتبهم"
ووفقه الله في هذه التجارة فكان الربح وفيراً ، فسرت خديجة بهذا الخير الكثير الذي أحرزته على يد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن إعجابها بشخصه كان أعظم .
زواجها بالنبي صلي الله عليه وسلم
وأرادت السيدة خديجة الزواج من سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم لما اتصف به وما سمعته من ميسرة وكان لها صديقة مقربة فانطلقت إلى سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وابتدرته متسائلة بذكاء واضح : ما يمنعك أن تتزوج يا محمد ؟ فقال لها : ما في يدي ما أتزوج به ، فابتسمت قائلة : فإن كفيت ودعيت إلى المال والجمال والشرف والكفاءة فهل تجيب ؟ فرد متسائلاً : ومن ؟ قالت على الفور : خديجة بنت خويلد . فقال : إن وافقت فقد قبلت .وانطلقت لتزف البشرى إلى السيدة خديجة ، وأخبر الأمين أعمامه برغبته في الزواج من السيدة خديجة ، فذهب سيدنا أبو طالب وسيدنا حمزة رضي الله عنهما وغيرهما إلى عم السيدة خديجة عمرو بن أسد ، وخطبوا إليه ابنة أخيه ، وساقوا إليه الصداق وقد تزوجها على اثنتي عشرة أوقية ذهب ، تم العقد ونحرت الذبائح ووزعت على الفقراء ، وفتحت دار خديجة للأهل والأقارب فإذا بينهم السيدة حليمة السعدية مرضعة رسول الله جاءت لتشهد عرس ولدها الذي أرضعته ، وعادت بعد ذلك إلى قومها ومعها أربعون رأساً من الغنم هدية من العروس الكريمة لمن أرضعت سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم الزوج الحبيب.وكان لها من العمر أربعين سنة ولرسول الله خمس وعشرون سنة.
البعثة
كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يتعبد بغار حراء إذ جاءه سيدنا جبريل عليه السلام في شهر رمضان فغطه ثلاثاُ وفي كل مرة يقول له : اقرأ ، فيقول رسول الله : ما أنا بقارئ ؟ حتى قال له :
((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَْكْرَمُ ، خَلَقَ الأِْنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ))
ثم انطلق يلتمس بيته خائفاً شاحباً مرتعد الأوصال وهو يقول:"زملوني زملوني دثروني دثروني وبعد أن استوضحت السيدة خديجة منه الأمر . قال لها : " يا خديجة لقد خشيت على نفسي ". وهتفت الزوجة الحبيبة العاقلة في ثقة ويقين : " الله يرعانا يا أبا القاسم ، أبشر يا ابن العم واثبت ، فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ، والله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ،وتحمل الكّل،وتقري الضيف ،وتعين على النوائب.
ثم ذهبت به إلى ابن عمها ورقة ابن نوفل وحدثته بما كان من أمر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فصاح قائلاً : " قدوس .. قدوس .. والذي نفس ورقة بيده ، لئن كُنت صدقتني يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى وعيسى وأنه لنبي هذه الأمة ، فقولي له فليثبت". فقال لرسول الله : " والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة ، ولتكذبن ولتؤذين ، ولتخرجن ولتقاتلن ، ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصرن الله نصراً يعلمه ، ثم أدنى رأسه منه فقبل يافوخه "---فقال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : " أو مخرجي هم ؟ " أجاب ورقة : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ماجئت به إلا عُودي ، ليتني أكون فيها جذعاً، ليتني أكون حياً ، ثم لم يلبث ورقة أن توفي .
وكانت مثال الزوجة الصادقة الوفية تثبت زوجها على الحق وتعينه وفي ذلك عن خديجة أنها قالت لرسول الله : " أي ابن عمي أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك ، قال : نعم ، قالت : فإذا جاءك فأخبرني به ، فجاءه جبريل فقال رسول الله : يا خديجة هذا جبريل قد جاءني ؟ ، قالت : قم يا ابن عم فاجلس على فخذي اليسرى قال : فقام رسول الله والحاصل عليها قالت هل تراه ؟ قال نعم قالت فتحول فاقعد على فخذي اليمنى قال فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد على فخذها اليمنى فقالت : هل تراه ؟ قال : نعم قالت : فتحول فاجلس في حجري فتحول والحاصل في حجرها ثم قالت : هل تراه ؟ قال : نعم ، فتحسرت فألقت خمارها ورسول الله جالس في حجرها ثم قالت هل تراه قال لا قالت : يا ابن عم اثبت وأبشر فوالله إنه لملك ما هذا شيطان "
السيدة خديجة رضي الله عنها كانت أول امرأة تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت أحب زوجاته إليه، ومن كرامتها أنها لم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت. أنجبت له ولدين وأربع بنات وهم: القاسم (وكان يكنى به)، وعبد الله، ورقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة.كانت السيدة خديجة رضي الله عنها هي أول من آمن بالله ورسوله، وأول من أسلم من النساء والرجال، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم والسيدة خديجة يصليان سراً إلى أن ظهرت الدعوة.
كانت السيدة خديجة امرأة عاقلة، جليلة، دينة، مصونة، كريمة، من أهل الجنة، فقد أمر الله تعالى رسوله أن يبشرها في الجنة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب، كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يفضلها على سائر زوجاته، وكان يكثر من ذكرها بحيث أن عائشة كانت تقول : ما غرت على أحد من نساء النبي صلي الله عليه وسلم ما غرت على خديجة وما رأيتها، ولكن كان النبي صلي الله عليه وسلم يكثر من ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صديقات خديجة فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا إلا خديجة، فيقول إنها كانت وكان لي منها ولد.
وقالت عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكر خديجة يوما من الأيام فأدركتني الغيرة فقلت هل كانت إلا عجوزاً فأبدلك الله خيراً منها، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال: لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني النساء، قالت عائشة: فقلت في نفسي لا أذكرها بسيئة أبدا.
ومن خصائصها عليها الرحمة والإكرام ، أنها من أفضل نساء المصطفى بالتمام كما جاء في الحديث عن سيد الأنام أنه قال : " سيدة نساء العالمين مريم ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية امرأة فرعون " وفي رواية عن أنس مرفوعة : " حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية "من شعرها في تمريغ البعيرة وجهه على قدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطقه كرامة له صلى الله عليه وسلم قولها :
نطـقـت البـعـيـر بفضـل احمـد مخبرا *** هذا الذي شرفت به أم القرى
هـــذا مـحـمـد خـيــر مبعوث أتـى *** فهو الشفيع وخير من وطئ الثرى
يا حـاسـديـه تـمـزقــوا مـن غـيظكم *** فهو الحـبـيـب ولا سواه فى الورى
وعندما أعلنت قريش مقاطعتها للمسلمين وسجلت ذلك في صحيفة علقتها في جوف الكعبة لم تتردد في الوقوف مع المسلمين في شعب أبي طالب متخلية عن دارها الحبيبة لتقضي هنالك في الشعب ثلاث سنين صابرة مع الرسول ، ومن معه من صحبه وقومه على عنت الحصار المنهك ، وجبروت الوثنية العاتية . إلى أن تهاوى الحصار أمام الإيمان الصادق والعزيمة التي لا تعرف الكلل، وكانت في الخامسة والستين من عمرها.
وبعد انهيار الحصار بستة أشهر مات أبو طالب ثم توفيت المجاهدة المحتسبة رضي الله عنها في اليوم الحادي عشر من رمضان قبل هجرة سيد الأنام بثلاث سنين على الأصح من الأقاويل وقيل بأربع وقيل بسبع على ما قيل ولم يصل عليها عليه الصلاة والسلام لأنها لم تشرع الصلاة على الميت في ذلك العام ونزل النبي صلى الله عليه وسلم في قبرها وسوى عليها التراب وأحسن نزلها ، وهي فضيلة لها دون غيرها من أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن أجمعين إلى يوم الدين وكان لها من العمر خمس وستون ودفنت بمقبرة المعلى المعروفة بالحجون، وكانت وفاتها مصيبة كبيرة بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم تحملها بصبر وجأش راضياً بحكم الله سبحانه وتعالى.