المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلمة شكر للجمعية



د. محمد قصيبات
01/01/2007, 11:18 PM
]
(1)
عندما أعلمتني السيدة دعاء الخطيب بخبر تكريمي في هذا اليوم الجميل أنتابني شعور غريب يمزج السعادة بالمفاجئة ذلك لأن آخر تكريم أفرحني يعود إلى أكثر من ثلث قرن... يأتي هذا التكريم في توقيت غريب حيث أن هذا العام (2007) هو عام النشر بالنسبة لي... حيث أني عاهدت نفسي ألا أطبع كتبي إلا بعد أربعين عامًا من الكتابة والتجربة الأدبية... توزعت في تلك العقود الأربعة عشرات المخطوطات على عدد من المجلات والصحف والدوريات العربية التي رأيتها مهمة في مسيرة أي كاتب.

(2)
لم أقبل طباعة مخطوطاتي لسببين : الأول لأنني أردتُ أن أكون صادقًا مع نفسي فحياتي رسمتها على ظلال حروف أبياتِ الشاعر الأسباني خوان رامون خيمينيز التي يقول فيها:

" إذا تعجلت فإن الحياة تفلت من بين يديك
مثل فراشة هائمة
إذا تمهلت فإن السنين تتبعك
مثل ثور مطيع"

والسبب الآخر هو أنني أعتقد حتى النخاع أن الكتابَ هو مقبرة ُ النص ذلك لأن النصوص التي كتبتها أو ترجمتها رأيتها نصوصًا متحركة تحي معي ، تسافر معي عبر البحار والسنوات ، تفرح وتحزن ، تتمرد وتسامح ... لقد كانت دائمًا مثل طائر طليق.

(3)
قرأت ذات مرة ، وكنتُ يومها في عامي الخامس عشر، أن الأسبان في الزمن الذي رحل فيه أبو عبدالله عن غرناطته إلى الأبد طردوا أجدادنا من فردوسهم الأندلسي ولكنهم أحترموا من بينهم فئتين : المترجمين والأطباء. ذلك لأن الأطباء ، في أزمنة الموتِ والطاعون تلك التي أقلقت ذاكرة الغرب الجماعية ، حملوا المعرفةَ والحكمة ولمرضاهم الخلاص. أما المترجمون فقد كانوا الأداة التي بدونها لم يكن الأسبان قادرين على الإستفادة مما ترك أجدادنا. عندما عرف الصبي كل ذلك وُلد عنده هدف واحد: أن يكون مترجمًا وطبيبًا في ذات الوقت.

(4)
لم يكن أمر طبّه يسيرًا ، كانت سنوات طويلة من العمل والبحث عن المعرفة. أما الترجمة فكانت عنده أشبه بالغوص في أعماق المحيطات. كان عليه القراءة والقراءة قبل كل شيء... كان عليه أن يطوف العالم باحثًا عن المكتبة التي كتب عنها "بورخيس" ذات مرة ، كان عليه أن يكسر ظهره ويحرق عينيه وهو يقرأ ما كتب الآخر : آلاف الكتب وملايين الكلمات ، وكان عليه أيضًا طوال هذه العقود الأربعة أن يكون حذرًا في غوصه...كان عليه ألا يتخطى النقطة التي يمكن قبلها العودة ... تلك النقطة التي يعرفها ويخشاها الغواصون ... النقطة التي يدخلون بعدها في نشوة وسكر فلا يعودون إلى صفحة الماء حيث النور ودفء الشمس.

شكرًا جزيلا ً للقلوب النبيلة التي رشحتني لهذا التكريم والتي لا أعرف أصحابها بعد وأيضًا للجنة الجمعية العالمية للمترجمين واللغويين العرب (واتا) التي أعتبر تكريمها لي تكريمًا لكل الكتاب والمترجمين العرب الذين يعملون في هدوء ويطيرون في حرية تحت سماء الله الواسعة... تمامًا مثل عصافير عاشقة.

د. محمد مصطفى قصيبات
شاعر ومترجم مقيم في فرنسا
(01/01/2007)[/size]

زاهية بنت البحر
04/01/2007, 06:03 PM
جميلة هذه السيرة الذاتية المقتضبة ,ولكنها غنية بالدروس المفيدة
للقادمين بلشوق لمستقبل مشرق بارك الله بك طبيبًا ومترجمًا
ومن نجاح إلى نجاح أخي المكرم محمد قصيبات
أختك
بنت البحر

د.هزاع
04/01/2007, 06:48 PM
تستحق هذا التكريم
ويشرفنا جوارك


لمزيد من التقدم
ولمزيد من النجاح

أمنياتي بالتوفيق

ماجدولين الرفاعي
04/01/2007, 09:38 PM
]
(1)
عندما أعلمتني السيدة دعاء الخطيب بخبر تكريمي في هذا اليوم الجميل أنتابني شعور غريب يمزج السعادة بالمفاجئة ذلك لأن آخر تكريم أفرحني يعود إلى أكثر من ثلث قرن... يأتي هذا التكريم في توقيت غريب حيث أن هذا العام (2007) هو عام النشر بالنسبة لي... حيث أني عاهدت نفسي ألا أطبع كتبي إلا بعد أربعين عامًا من الكتابة والتجربة الأدبية... توزعت في تلك العقود الأربعة عشرات المخطوطات على عدد من المجلات والصحف والدوريات العربية التي رأيتها مهمة في مسيرة أي كاتب.

(2)
لم أقبل طباعة مخطوطاتي لسببين : الأول لأنني أردتُ أن أكون صادقًا مع نفسي فحياتي رسمتها على ظلال حروف أبياتِ الشاعر الأسباني خوان رامون خيمينيز التي يقول فيها:

" إذا تعجلت فإن الحياة تفلت من بين يديك
مثل فراشة هائمة
إذا تمهلت فإن السنين تتبعك
مثل ثور مطيع"

والسبب الآخر هو أنني أعتقد حتى النخاع أن الكتابَ هو مقبرة ُ النص ذلك لأن النصوص التي كتبتها أو ترجمتها رأيتها نصوصًا متحركة تحي معي ، تسافر معي عبر البحار والسنوات ، تفرح وتحزن ، تتمرد وتسامح ... لقد كانت دائمًا مثل طائر طليق.

(3)
قرأت ذات مرة ، وكنتُ يومها في عامي الخامس عشر، أن الأسبان في الزمن الذي رحل فيه أبو عبدالله عن غرناطته إلى الأبد طردوا أجدادنا من فردوسهم الأندلسي ولكنهم أحترموا من بينهم فئتين : المترجمين والأطباء. ذلك لأن الأطباء ، في أزمنة الموتِ والطاعون تلك التي أقلقت ذاكرة الغرب الجماعية ، حملوا المعرفةَ والحكمة ولمرضاهم الخلاص. أما المترجمون فقد كانوا الأداة التي بدونها لم يكن الأسبان قادرين على الإستفادة مما ترك أجدادنا. عندما عرف الصبي كل ذلك وُلد عنده هدف واحد: أن يكون مترجمًا وطبيبًا في ذات الوقت.

(4)
لم يكن أمر طبّه يسيرًا ، كانت سنوات طويلة من العمل والبحث عن المعرفة. أما الترجمة فكانت عنده أشبه بالغوص في أعماق المحيطات. كان عليه القراءة والقراءة قبل كل شيء... كان عليه أن يطوف العالم باحثًا عن المكتبة التي كتب عنها "بورخيس" ذات مرة ، كان عليه أن يكسر ظهره ويحرق عينيه وهو يقرأ ما كتب الآخر : آلاف الكتب وملايين الكلمات ، وكان عليه أيضًا طوال هذه العقود الأربعة أن يكون حذرًا في غوصه...كان عليه ألا يتخطى النقطة التي يمكن قبلها العودة ... تلك النقطة التي يعرفها ويخشاها الغواصون ... النقطة التي يدخلون بعدها في نشوة وسكر فلا يعودون إلى صفحة الماء حيث النور ودفء الشمس.

شكرًا جزيلا ً للقلوب النبيلة التي رشحتني لهذا التكريم والتي لا أعرف أصحابها بعد وأيضًا للجنة الجمعية العالمية للمترجمين واللغويين العرب (واتا) التي أعتبر تكريمها لي تكريمًا لكل الكتاب والمترجمين العرب الذين يعملون في هدوء ويطيرون في حرية تحت سماء الله الواسعة... تمامًا مثل عصافير عاشقة.

د. محمد مصطفى قصيبات
شاعر ومترجم مقيم في فرنسا
(01/01/2007)[/size]

مبارك عليك هذا التكريم الذي تستحقه دكتور محمد قصيبات
وأمنياتي لك بتحقيق الكثير من الانجازات والنجاحات
مودتي لك واحترامي