الدكتور محسن الصفار
11/02/2009, 08:28 PM
جاهل بالفن الحديث
بقلم الدكتور محسن الصفار
الفن الحديث صرعة العصر التي أصبحت تشمل كل شيء وتقلب موازين الفن والشعر والأدب رأساً على عقب وهناك من الناس من تقبلها وإعتبرها تطوراً طبيعياً وهناك من هو مثل صاحبنا سعيد يرفض هذا الأمر ويحاربه بكل شدة .
في يوم كان سعيد جالساً يشرب الشاي عندما مرّ إبنه من أمامه وألقى التحية في طريقه للخروج إستوقفه سعيد قائلاً:
- وقف عندك يا ولد إنت لا بس قميصك بالمقلوب ليه؟
- لا ده مش بالمقلوب يا بابا دي الموضة كده يعملوا الهدوم وكأنها بالمقلوب.
- الله يخرب بيت الموضة دي كل يوم مصيبة جديدة بكرة الناس تلبس البنطلونات بدل القمصان.
- واو يا بابا فكرة جنان إنت ممكن تبقى مصمم أزياء هايل.
- إخرس يا ولد وامشي روح إلبس حاجة عدلة زي البني آدمين.
عاد إبنه إلى غرفته وعلامات الامتعاض بادية على وجهه، فتح سعيد الجريدة ليقرأها فوجد في صفحة الثقافة عنوان قصيدة للشاعر الكبير فلان تنشر لأول مرة قرأها فكانت كلماتها:
الضباب
أمواج هائلة
دجاج بلا بيض
دخان سيارات
قلبي هائم
إحساسات طائرة
أموت
لا بل أعيش....
قرأ سعيد القصيدة عشر مرات على أمل أن يفهم منها شيئاً ولكنه لم يستطع أن يعرف حتى أين بداية وأين نهاية هذه القصيدة رمى الجريدة بعيداً ولعن الساعة التي أصبح فيها مثل هذا الهراء شعراً.
رنّ جرس الهاتف فكان صديقه على الخط يدعوه لحفل إفتتاح معرض للوحات الفن التشكيلي وافق سعيد على الدعوة وذهب مع صديقه إلى صالة العرض الخاصة بالمعرض وقف الإثنان أمام لوحة من الفن الحديث يقف أمامها العشرات معجبين ويصدرون آهات الآعجاب والتأثر!! نظر إلى الصورة ملياً فوجدها عبارة عن مربع أصفر في قلب دائرة حمراء محاطين باللون الأزرق!!! نظر ونظر ثم نظر ونظر حكّ رأسه ولكنه لم يستطع أن يفهم أي مغزى لهذه اللوحة وهنا قال بصوت خافت:
- على النعمة أنا ولا فاهم أي حاجة من الصورة دي.
ردّ عليه صوت من خلفه:
- دي صورة ترمز للحياة يا افندم .
- حياة إيه وموت إيه يا عم إنت كمان؟ فين الحياة في الألوان دي؟
- شوف المربع الأصفر يرمز إلى الشمس أي الدفئ واللون الأحمر هو الدم يعني الموت اللي عاوز يخنق الحياة ولكن اللون الأزرق اللي هو لون السماء والبحر ضم الإثنين في قلبه وبالتالي الحياة هي اللي تنتصر.
إلتفت سعيد خلفه وخاطب الرجل:
- وإنت شعرفك إن ده هو معناها؟
- علشان أنا اللي راسمها وعلى فكرة اللوحة دي إتباعت بعشرين ألف جنيه.
- عشرين ألف جنيه؟ ليه؟ هي الناس تجننت؟ على الطلاق ثلاثة الواد إبني كان يرسم أحلى من كده وهو عنده بس سنتين!!!
- وطي صوتك لو سمحت ده رسم بأسلوب الكوبيسم!!
- كوبيسم؟؟ ده رسم بأسلوب الكوسة !! والضحك على العالم الهبلة وقال إيه عشرين ألف جنيه!
على أثر صوت سعيد جاء رجال الأمن في القاعة واحاطوا فقال لهم الرسام:
- إرموه برّه ده جاهل بالفن الحديث.
اصطحب رجال الامن سعيد الى الخارج وسط نظرات الازدراء والاحتقار من الموجودين ولكن لم يسكت وقال :
- والله حتى لو وديتوني السجن برضه ده مش فن !!
وكل فن وأنتم بخير.
بقلم الدكتور محسن الصفار
الفن الحديث صرعة العصر التي أصبحت تشمل كل شيء وتقلب موازين الفن والشعر والأدب رأساً على عقب وهناك من الناس من تقبلها وإعتبرها تطوراً طبيعياً وهناك من هو مثل صاحبنا سعيد يرفض هذا الأمر ويحاربه بكل شدة .
في يوم كان سعيد جالساً يشرب الشاي عندما مرّ إبنه من أمامه وألقى التحية في طريقه للخروج إستوقفه سعيد قائلاً:
- وقف عندك يا ولد إنت لا بس قميصك بالمقلوب ليه؟
- لا ده مش بالمقلوب يا بابا دي الموضة كده يعملوا الهدوم وكأنها بالمقلوب.
- الله يخرب بيت الموضة دي كل يوم مصيبة جديدة بكرة الناس تلبس البنطلونات بدل القمصان.
- واو يا بابا فكرة جنان إنت ممكن تبقى مصمم أزياء هايل.
- إخرس يا ولد وامشي روح إلبس حاجة عدلة زي البني آدمين.
عاد إبنه إلى غرفته وعلامات الامتعاض بادية على وجهه، فتح سعيد الجريدة ليقرأها فوجد في صفحة الثقافة عنوان قصيدة للشاعر الكبير فلان تنشر لأول مرة قرأها فكانت كلماتها:
الضباب
أمواج هائلة
دجاج بلا بيض
دخان سيارات
قلبي هائم
إحساسات طائرة
أموت
لا بل أعيش....
قرأ سعيد القصيدة عشر مرات على أمل أن يفهم منها شيئاً ولكنه لم يستطع أن يعرف حتى أين بداية وأين نهاية هذه القصيدة رمى الجريدة بعيداً ولعن الساعة التي أصبح فيها مثل هذا الهراء شعراً.
رنّ جرس الهاتف فكان صديقه على الخط يدعوه لحفل إفتتاح معرض للوحات الفن التشكيلي وافق سعيد على الدعوة وذهب مع صديقه إلى صالة العرض الخاصة بالمعرض وقف الإثنان أمام لوحة من الفن الحديث يقف أمامها العشرات معجبين ويصدرون آهات الآعجاب والتأثر!! نظر إلى الصورة ملياً فوجدها عبارة عن مربع أصفر في قلب دائرة حمراء محاطين باللون الأزرق!!! نظر ونظر ثم نظر ونظر حكّ رأسه ولكنه لم يستطع أن يفهم أي مغزى لهذه اللوحة وهنا قال بصوت خافت:
- على النعمة أنا ولا فاهم أي حاجة من الصورة دي.
ردّ عليه صوت من خلفه:
- دي صورة ترمز للحياة يا افندم .
- حياة إيه وموت إيه يا عم إنت كمان؟ فين الحياة في الألوان دي؟
- شوف المربع الأصفر يرمز إلى الشمس أي الدفئ واللون الأحمر هو الدم يعني الموت اللي عاوز يخنق الحياة ولكن اللون الأزرق اللي هو لون السماء والبحر ضم الإثنين في قلبه وبالتالي الحياة هي اللي تنتصر.
إلتفت سعيد خلفه وخاطب الرجل:
- وإنت شعرفك إن ده هو معناها؟
- علشان أنا اللي راسمها وعلى فكرة اللوحة دي إتباعت بعشرين ألف جنيه.
- عشرين ألف جنيه؟ ليه؟ هي الناس تجننت؟ على الطلاق ثلاثة الواد إبني كان يرسم أحلى من كده وهو عنده بس سنتين!!!
- وطي صوتك لو سمحت ده رسم بأسلوب الكوبيسم!!
- كوبيسم؟؟ ده رسم بأسلوب الكوسة !! والضحك على العالم الهبلة وقال إيه عشرين ألف جنيه!
على أثر صوت سعيد جاء رجال الأمن في القاعة واحاطوا فقال لهم الرسام:
- إرموه برّه ده جاهل بالفن الحديث.
اصطحب رجال الامن سعيد الى الخارج وسط نظرات الازدراء والاحتقار من الموجودين ولكن لم يسكت وقال :
- والله حتى لو وديتوني السجن برضه ده مش فن !!
وكل فن وأنتم بخير.