كاظم فنجان الحمامي
13/02/2009, 04:02 PM
الاهتمام بالمواطن
مجرد صحوة عابرة
كاظم فنجان الحمامي
فجأة صار المواطن العراقي, في نظر أبطال العملية السياسية, كائنا ملائكيا مدللا. وسيدا عزيزا مبجلا. وصارت كلمته هي الفيصل في رسم الخارطة السياسية للأعوام المقبلة. فتهافت المرشحون للانتخابات لإبداء الاهتمام بالمواطن الكريم, ونيل رضاه, والتقرب منه, والتودد والتحبب إليه. .
واستعادت التنظيمات الحزبية, على حين غرة, ذاكرتها المفقودة. فتذكرت إنّ في العراق آلاف القرى الريفية المبعثرة في المناطق النائية, ومئات التجمعات السكانية المتناثرة في قلب الهور, ومئات القبائل المتروكة في جوف الصحراء وكثبانها الرملية. فركبوها حصانا يصهل بالدعاية الانتخابية لهم. .
وتذكرت التنظيمات الحزبية, إنّ في العراق أناسا مازالوا يعيشون في العراء, ويقبعون تحت خط الصفر. واكتشفوا أيضا إن أولئك الناس كرهوا الحياة, وهانت مطامحهم, وانقطع رجائهم بالمستقبل الموعود. ويأسوا من تحقيق أحلامهم البسيطة كربطهم بشبكة المياه العذبة, وإيصال الطاقة الكهربائية, وتوفير الدواء والغذاء. .
وهكذا سارع المرشحون إلى إرسال موفديهم بسيارات الدفع الرباعي (النفاث), لزيارة التجمعات السكانية الفقيرة. وتسابقوا فيما بينهم في ماراثون توزيع المؤن, والبطانيات, والأواني المعدنية الرخيصة, والفوانيس النفطية. وجلبوا معهم مولدات كهربائية صغيرة لتوليد الطاقة اللازمة لتشغيل مكبرات الصوت, ولمساعدتهم في إلقاء الكلمات الرنانة, وترديد الشعارات الطنانة. وحرصوا أيضا على مجاملة المواطنين, والتظاهر بالوقوف إلى جانبهم في محنتهم المستديمة, ومصائبهم القديمة. . وسخّر بعضهم حملته الانتخابية للتقليل من الانجازات, التي حققتها الحكومة, والتشكيك ببعض مؤسسات الدولة, بهدف كسب ود الناخبين, والتأثير عليهم. مستغلين بساطة الناس, وسذاجتهم, وطيبتهم. .
وليس للمواطنين ما يقولونه في هذه المناسبات الموسمية سوى إكرام الضيوف, وإظهار الهشاشة والبشاشة, وابداء الفرح الغامر, الذي ينم عن عفوية صادقة, وعذوبة مطلقة, في التعبير عن مشاعرهم وسعادتهم الكبيرة بعودة الوعي إلى بعض رجال الدولة. وبخاصة إلى أولئك الذين لا يتذكرون الريف العراقي إلا في الانتخابات الموسمية, والمناسبات الكونية. .
ومن هنا يتعين على المرشحين ان ينعشوا ذاكرتهم, ويبقونها نشطة على الدوام, ويتعهدوا بتنفيذ الوعود, التي قطعوها على انفسهم, في زياراتهم الميدانية للتجمعات السكانية الفقيرة, والقرى المحرومة من الخدمات. وان لا يكون هذا الدلال المفاجئ, الذي حظي به ابناء القرى والأرياف, مجرد زوبعة عابرة من زوابع العملية السياسية. أي بمعنى آخر (طربة عرس). . فآداب الانتخابات تعتمد على الكلمة الصادقة, والالتزام الشريف بما يساعد على ديمومة العلاقة بين المرشح والناخب. وبذلك فإن الترشيح للانتخابات ليس وجاهة ترتجى, ولا لقبا يضاف. بل هو مبدأ والتزام ترتقي به سمعة المرشح, أو تنتقص بحسب مصداقيته والتزامه الأخلاقي مع ناخبيه, وبحسب أدائه وفاعليته ونزاهته. .
البصرة 27/1/2009
مجرد صحوة عابرة
كاظم فنجان الحمامي
فجأة صار المواطن العراقي, في نظر أبطال العملية السياسية, كائنا ملائكيا مدللا. وسيدا عزيزا مبجلا. وصارت كلمته هي الفيصل في رسم الخارطة السياسية للأعوام المقبلة. فتهافت المرشحون للانتخابات لإبداء الاهتمام بالمواطن الكريم, ونيل رضاه, والتقرب منه, والتودد والتحبب إليه. .
واستعادت التنظيمات الحزبية, على حين غرة, ذاكرتها المفقودة. فتذكرت إنّ في العراق آلاف القرى الريفية المبعثرة في المناطق النائية, ومئات التجمعات السكانية المتناثرة في قلب الهور, ومئات القبائل المتروكة في جوف الصحراء وكثبانها الرملية. فركبوها حصانا يصهل بالدعاية الانتخابية لهم. .
وتذكرت التنظيمات الحزبية, إنّ في العراق أناسا مازالوا يعيشون في العراء, ويقبعون تحت خط الصفر. واكتشفوا أيضا إن أولئك الناس كرهوا الحياة, وهانت مطامحهم, وانقطع رجائهم بالمستقبل الموعود. ويأسوا من تحقيق أحلامهم البسيطة كربطهم بشبكة المياه العذبة, وإيصال الطاقة الكهربائية, وتوفير الدواء والغذاء. .
وهكذا سارع المرشحون إلى إرسال موفديهم بسيارات الدفع الرباعي (النفاث), لزيارة التجمعات السكانية الفقيرة. وتسابقوا فيما بينهم في ماراثون توزيع المؤن, والبطانيات, والأواني المعدنية الرخيصة, والفوانيس النفطية. وجلبوا معهم مولدات كهربائية صغيرة لتوليد الطاقة اللازمة لتشغيل مكبرات الصوت, ولمساعدتهم في إلقاء الكلمات الرنانة, وترديد الشعارات الطنانة. وحرصوا أيضا على مجاملة المواطنين, والتظاهر بالوقوف إلى جانبهم في محنتهم المستديمة, ومصائبهم القديمة. . وسخّر بعضهم حملته الانتخابية للتقليل من الانجازات, التي حققتها الحكومة, والتشكيك ببعض مؤسسات الدولة, بهدف كسب ود الناخبين, والتأثير عليهم. مستغلين بساطة الناس, وسذاجتهم, وطيبتهم. .
وليس للمواطنين ما يقولونه في هذه المناسبات الموسمية سوى إكرام الضيوف, وإظهار الهشاشة والبشاشة, وابداء الفرح الغامر, الذي ينم عن عفوية صادقة, وعذوبة مطلقة, في التعبير عن مشاعرهم وسعادتهم الكبيرة بعودة الوعي إلى بعض رجال الدولة. وبخاصة إلى أولئك الذين لا يتذكرون الريف العراقي إلا في الانتخابات الموسمية, والمناسبات الكونية. .
ومن هنا يتعين على المرشحين ان ينعشوا ذاكرتهم, ويبقونها نشطة على الدوام, ويتعهدوا بتنفيذ الوعود, التي قطعوها على انفسهم, في زياراتهم الميدانية للتجمعات السكانية الفقيرة, والقرى المحرومة من الخدمات. وان لا يكون هذا الدلال المفاجئ, الذي حظي به ابناء القرى والأرياف, مجرد زوبعة عابرة من زوابع العملية السياسية. أي بمعنى آخر (طربة عرس). . فآداب الانتخابات تعتمد على الكلمة الصادقة, والالتزام الشريف بما يساعد على ديمومة العلاقة بين المرشح والناخب. وبذلك فإن الترشيح للانتخابات ليس وجاهة ترتجى, ولا لقبا يضاف. بل هو مبدأ والتزام ترتقي به سمعة المرشح, أو تنتقص بحسب مصداقيته والتزامه الأخلاقي مع ناخبيه, وبحسب أدائه وفاعليته ونزاهته. .
البصرة 27/1/2009