المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غسان كنفاني .. مؤسس الرواية الفلسطينية ..



نور عابد
19/02/2009, 07:57 PM
غسان كنفاني .. مؤسس الرواية الفلسطينية ..

بقلم : نور عابد


نفى ناقد عربي صفة الرواية عن " عائد الى حيفا للكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، وقدم تبريرات " اكاديمية" مشوهة لمفاهيمه غير الناضجة حول الأدب عامة والأدب الروائي خاصة ، وكان واضحا أن حضرة الناقد ، الذي أتجاهل ذكر أسمه قصدا ، ربما لا يفهم المقروء ، او لا يملك من الثقافة غير ما لقن في دراسته ، دون أن يملك القدرة ليحول المادة المدرسية الى فعل ثقافي ، وفكر ثقافي ... وقد ملأ صفحات حول تفسيرات عقيمة عن تكوين القصة ومركباتها ، ظانا انه يجلس في مختبر كيماوي ، يركب فيه عناصر معروفة ، يقود كل تركيب الى الوصول لعنصر جديد . بينما الأدب هو عالم غير محدود بعناصر تحدد مضامينه وتركيباته ، ويتعلق بكونه شكلا راقيا من أشكال الوعي الإنساني . فهل يمكن حصر الوعي بأشكال واطارات ثابتة ؟!
وقد حاول الناقد المحترم التلميح بأن هناك علاقة بين استشهاد غسان كنفاني ، وقيمته ومكانته الثقافية في مجمل الأدب الفلسطيني ، والأدب العربي عامة.
وفي الحقيقة لم أقع على ناقد يملك مثل هذا الغباء "الأكاديمي ". أو مثل هذه الضحالة في الوعي الثقافي ، والتفكير البدائي .

يعتبر غسان كنفاني من مؤسسي فن الرواية الفلسطينية ، وتعتبر روايته "عائد الى حيفا" من أجمل الروايات التي كتبها غسان كنفاني ، ومن أجمل الروايات التي طرحت المأساة الفلسطينية بكل ابعادها التراجيدية ، وبعمق أدبي مميز ، اب تعد عن الخطابة والشعاراتية .
الحديث عن قصة أو رواية وضرورة التمييز بينهما ، هو لغو من لا يفقه ما هو الابداع .
واضح ان عائد الى حيفا ليست قصة ، ولا قصة طويلة ، وهذه الصفة لا تقلل من قيمتها الأدبية . عائد الى حيفا هي رواية قصيرة ، وهذا اللون يسمى بالآداب الأجنبية ب " النوفيلا". التسمية غير مهمة ، الأهم قيمة العمل وما يتركه لدى المتلقي.
اما الشروحات الفارغة حول ما هو تكوين القصة ومركباتها ، فهي تصدر عن عقلية لا تعرف الابداع الأدبي ، ومن شخص لم يقرأ ( او لم يستوعب مضمون ما قرأ ) من الأدب الروائي العربي أو العالمي. ولو كان لديه اطلاع لوصف رواية عائد الى حيفا فورا ب "النوفيلا" .رغم ان التسمية بحد ذاتها لا علاقة بقيمة النص القصصي .
اتركونا الآن من الشهادة ومن النضال ، نحن نتحدث عن غسان المبدع الروائي ، ولا نقييم كتاباته بسبب نضاله وشهادته. انما نقيمها بمعايير أدبية ونقدية ، تتناول الفترة التاريخية التي أبدع فيها أعماله ، ومستوى تطور الرواية الفلسطينية والرواية العربية عامة ، التي تعتبر فنا حديثا نسبيا في الأدب العربي . ارسى قاعدتها الفنية نجيب محفوظ. ويمكن أيضا القول ان جورجي زيدان وضع اتجاهات انطلاقتها الفنية برواياته الرائعة عن تاريخ الاسلام.
ان التبجح بصياغات من نوع ان : " الرواية تتعدد أحداثها ، وشخوصها ( ... ) وأزمنتها ، وأمكنتها ، وعقدتها ، والحل ، و ... بينما القصة تتسم بما نطلق عليه (( نظام الوحدات )) : وحدة الحدث " . . هذا كلام انتهى زمنه ولا يصلح للمعايير النقدية . . ومنقول بلا تفكير من تعاليم مدرسية انتهى زمنها ، حتى لو تواصل تعليمها في أرقى الجامعات . الرواية قد تكون بلا حدث ، أي ما يعرف ب "تجربة حياتية"- معيشة انسان ، وقد تكون بلا شخصيات ،هناك رواية البطل فيها جسر وبدون أي شخصية ( لا أذكر الآن اسم الرواية التي منح مؤلفها جائزة نوبل) . هذه القيود التي يطرحها صاحبنا مستهجنة . لا قيود في الابداع . لا قوانين في الابداع . كل مبدع يكتشف اساليب غير مسبوقة . لا يمكن جعل الأدب خاضع لقوانين ، لأنه ولد ضد القوانين ، ولا يمكن جعله خاضعا لنصوص أشبه بالنصوص الدينية ، ممنوع الخروج عنها.. ترفض التجديد .. ترفض الابتكار .. ترفض ايجاد أشكال جديدة . هل سنخضع الابداع للفكر الأصولي الماضوي أيضا ..؟
قصة أو رواية .. السؤال ، هل نجح المبدع في ايصال رسالته الى المتلقي .. القارئ ؟ هل شد انتباهه وأثر على وعيه ؟
الذي لا يعيش لحظات التوهج في الابداع ، لا يستطع ان يُنظر .. حتى لو قرأ كل النقد في العالم . قيمة الناقد ان يفهم العملية الابداعية ، وكل المنظرين الذين يكتبون من خارج الابداع لم يصلوا ، ولن يصلوا الى حقيقة الابداع ومضامينه. وأعتقد انهم لم يقدموا شيئا غير الثرثرة المدرسية المكررة .. او التفلسف على عالم المبدعين وتقسيمه تقسيمات لا قيمة لها . حين تحين لحظة المبدع في خوض تجربة ابداعية جديدة لا يعنيه ما سيقوله الناقد ، بل ما هو رد فعل القارئ – المتلقي .
غسان كنفاني كان مبدعا كبيرا، وروايته عائد الى حيفا ، وغيرها من ابداعاته الروائية والقصصية ، تركت أثرها الكبير على تطور الرواية الفلسطينية والعربية . . التسمية هي مسألة ثانوية . رواية ... قصة طويلة نوفيلا .. هل التسمية تقرر بالمضمون وبمستوى الابداع ؟
ما زلنا نقرأ عائد الى حيفا وننفعل مع أحداثها ..
هذا هو الابداع الحقيقي .

نور عابد – صحفي وكاتب.

غازية منصور
28/04/2009, 01:56 PM
رواية عائد الى حيفا من اجمل ما كتب عن فلسطين ، والكاتب غسان كنفاني اكبر من النقد ومن الرواية مهما قيل به وعنه ، غسان كنفاني جسد مأسات الأم الفلسطينة والأمة العربية في ربط قوي من أول حرف بالرواية حتى أخر حرف ، استطاع جذب القاريء العربي من ذؤابته ، وتستحق هذه الرواية ترجمتها الى جميع لغات العالم بل تحويلها الى فيلم سينمائي يحكي قصة الفلسطيني مع العذاب والألم في المخيمات بينما الغريب يتربع على بساط بيته ووطنه ، الرواية لم تغفل قباحة من قباحة الصهاينة ابتداءاً من إحتلال الأرض حتى إحتلال العقل بكذبة التطبيع ، والملفت أن الكاتب المفكر غسان كنفاني جسد مصائب قادمة للعرب ولم يكتفي بعرض ماحل من مصائب على حيفا .. وأعتقد أن من اساء فهم رواية عائد لحيفا هو من الجيل الذي حدثنا عنه الكاتب من خلال شخصية الإبن الذي ربته الأسره الصهيونية وغسلت عقله بأفكار تناصر قضيتهم الباطلة .
الحديث يطول ولايكفي غسان كنفاني وأعماله الرائعة والمستحيلة
ولك كل الود على طرح هذا الموضوع أستاذ نور عابد