المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إلى أمين قبل عيد ميلاده الأول



محمد البوزيدي
23/02/2009, 03:29 PM
أمين قبل عيد ميلاده الأول
محمد البوزيدي
عزيزي الصغير
ها أنت قد انفتحت على فضاء واسع لا محدود ،أفق هائم لا وجود له ،مستقبل مشرع على الآتي الجميل ..
وبعد انتظار ليس بالقليل من الجميع، ها أنت تبتسم ابتسامتك الجميلة الغامضة البريئة التي طالما بحثنا عنها من قبل، ففي ابتسامتك تبتسم الحياة لنا ولأبويك ،طبعا قد لا تدرك قيمتها الآن ،لكن تأكد أنها تساوي شيئا لا محدودا من السعادة لا يمكن تقديره بمال أو جاه أو نفوذ أو سلطة، فالكثيرون حاولوا الحصول على نفس الابتسامة ولم يتمكنوا من ذلك .
ها أنت يا عزيزي تمنح الأمن والأمان لبيت أصبحت ملكه بلا منازع ،تلبى لك كل الطلبات ،فلا صوت يعلو على صوتك وأمنياتك ،حتى لو كان في هزيع الليل ،فقد تقلب حشرجة بسيطة منك كل البيت لأجل إسعادك ،فتتحرك بكل حرية وتتمتع بحرية وطلاقة قد لا تجدها في القادم من حياتك ،لقد افتقدناها يا صديقي على حين غرة حين تقدمنا قليلا في العمر، فضاعت أحلامنا الوردية وأمانينا أثناء الطفولة وسط صخب وهول الحياة ومتطلباتها وتعقيداتها، بل وظهور ضيوف آخرين على البيت فكن على يقين انك ستنعم بحريتك التامة اللامحدودة الآن وستفقدها جزئيا وتدريجا وعلى مراحل في القادم من الأعوام.
قد لا تدرك يا حبيبي أنني أغبطك على طفولتك الرائعة الجميلة التي تنعم بها، فلتعلم أنني أحن إلى عهد اللعب المختلفة والعناية الفائقة التي لم ندرك وزنها إلا بعد أن افتقدناها ،وبعد أن تقدمنا في العمر، وأصبحنا نتطلع إلى عهد تكون الشيخوخة والموت أقرب إلى كل شيء ،ولو من بعيد.
حينها كنا نلعب لعبنا الصغيرة التقليدية آنذاك في البيت، فإذا بنا أصبحنا لعبة بين يدي زمن هادر غادر كاسر لا يرحم ،يصارع الجميع، ومهما كانت استماتتنا ضده كنا كمن يلعب بطواحين الماء ، زمن لا يدري مفهوم الشفقة ، لا يعرف التوقف ولو للحظة عابرة، أو استراحة هادئة متميزة، وهو يصيح إما أنا و إما أنت ؟ أحاول عبثا مواجهته، فانهزم كما انهزم الآخرون من قبلي عشرات السنين، وسيهزم الباقي من بعدنا .....فاستعد له منذ الآن.....
وكما كنا نلعب يا أمين العزيز، كنا نتذوق كل الأطعمة بتلذذ شديد ،بذوق متميز وإحساس رهيف حتى كنا نحس بالملل منها ،أما الآن فقد مضى ذلك الزمان ، فقد أصبحت ذواتنا تنخر بالأمراض التي قد لا تخطر على بال، وتحل ضيفا ثقيلا، كيف وكل شيء أصبح عرضة للتلوث: الماء. الهواء .....لذلك لم تكن النتيجة إلا فقدان الذوق الجميل ، بل حتى الطبيعة بدأت تشكو من هذه الآفة المعدية التي سببتها تصرفات الإنسان..
كنا يا صغيري ننعم بلعب الكرة الصغيرة في باحة المنزل بحيوية لا تقاوم ،أما الآن فقد أصبحنا كرة حثيثة تتقاذفها رياح الموضات المختلفة، ونفقات المعيشة، وعناوين الإشهار، و إكراهات العطلة واللباس والإحراجات المختلفة......
عزيزي أمين
قد يبدو أنني أثقلت عليك، أوقد أكون حملتك مالا تطيق ،وحاولت جاهدا إعدام طفولتك البريئة التي لا تحتاج الآن إلا إلى ابتسامة حلوة ،ولعبة جميلة ،وقد يقلق أبواك مني لصراحتي المرة ،لكن هذا هو الواقع بلا نفاق ولا رياء ....
وأخيرا أنصحك .....لا تسمعني ....واترك هذا الكلام على رصيف الذكريات قبل عيد ميلادك الأول
عش طفولتك جميلة شيقة
عانق أبواك وأحبتك بمودة خالصة
وكن على يقين أنك اسم على مسمى... أمين فعلا على هذه الأمانة التي حملتك إياها
كن متفائلا للحياة محافظا على جوهر الوجود والحياة
ستزورنا وسنقبلك عاليا وسيصطف الجميع لعناقك
آه لو تدري عمق محبتنا لك :emo_m6::fl:
مودة قد السما