المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحيادية السياسية تجميل لمفهوم السلبية



د. محمد اسحق الريفي
27/02/2009, 11:56 AM
الحيادية السياسية تجميل لمفهوم السلبية

أ.د. محمد اسحق الريفي

يتجنب كثير من المثقفين العرب التفاعل مع القضايا والأحدث السياسية التي تعيشها الأمة، ويرفضون اتخاذ مواقف محددة علنية منها بدعوى الحيادية السياسية، وهذا تجميل لسلبيتهم التي تحملهم على تبنى الحيادية السياسية نهجاً لحياتهم، طلباً للأمن والسلامة، وهرباً من المسؤولية الوطنية والقومية والدينية، وسعياً لتحقيق مكاسب شخصية.

وقبل الخوض في مفهوم الحيادية السياسية، نلاحظ أن كثيراً من المثقفين اعتادوا على ابتداع مصطلحات تتضمن مفاهيم اجتماعية مضللة، ليخفوا خلفها مواقف سياسية وثقافية غير مقبولة من المنظور الوطني والديني والإنساني، مما يجعلهم عالة على شعوبهم وأمتهم. وقد تبدو تلك المصطلحات للوهلة الأولى معبرة عن خلق كريم ونهج قويم وسلوك متحضر، ولكنها في الحقيقة ليست كذلك، فهي تعكس سلبية قاتلة، وأنانية مقيتة، وازدواجية واضحة، وتناقضات كبيرة. ومن هذه المصطلحات المضللة، الحيادية السياسية.

حايد الشيء يعني جانَبَه، وحاد عنه يعني مال عنه، ولهذا الحيادية السياسية تعني تجنب التفاعل مع الأحداث والقضايا السياسية وعدم اتخاذ مواقف سياسية محددة علنية منها. وبعبارة أخرى، الحيادية السياسية هي الانعزال والانسحاب من ميادين الصراع السياسي، وعدم التفاعل مع الأحداث السياسية التي تعيشها الأمة، والنأي بالنفس بعيداً عن تحمل المسؤولية تجاه الوطن والأمة، والتمركز حول الذات، والسعي وراء المصالح الشخصية.

ويلجأ كثير من أساتذة الجامعات والأكاديميين إلى الاتصاف بالحيادية السياسية لضمان الحصول على المنح الأوروبية والأمريكية، وتقديم المشاريع للجهات الغربية الممولة، والمشاركة في الأنشطة والبرامج الثقافية الغربية، التي تهدف إلى التمكين للدبلوماسية الغربية، والتي يجد فيها المثقف فرصة لتحقيق الذات أحياناً، عبر الظهور والشهرة والوجاهة. ومن المعلوم أن تلك المنح لا تمنح لمن يقوم بأنشطة سياسية داعمة للمقاومة والممانعة ومناوئة لمشاريع الهيمنة الغربية على أمتنا. لذلك يلتزم بعض المثقفين بالحيادية السياسية ليتمكنوا من التسول على أعتاب السفارات الأوروبية والأمريكية.

وقد وصف الفيلسوف الفرنسي الأسود، فرانز فانون، الذي تحول لاحقاً إلى الإسلام، هذا النوع من المثقفين بالازدواجية، قائلاً: "إن المثقفين يلعبون دوراً مزدوجا أيام الاستعمار، وجه مع الشعب ووجه آخر مع المستعمر". ولا شك أن من يلعب دوراً مزدوجاً لا يمكن أن ينتمي بحق للأمة، وإنما ينتمي لمصالحه الشخصية التي يجعلها فوق كل الاعتبارات الوطنية والقومية والدينية، ولهذا فالازدواجيون يشكلون خطراً كبيراً على أمتنا، إضافة إلى أن الازدواجية هي نوع من أنواع النفاق، وما أكثر الازدواجيين هذه الأيام!!


لذلك الحيادية السياسية هي السلبية بعينها، لأنها تؤدي إلى إقصاء ذاتي يمارسه الفرد على نفسه، ظناً منه أن هذا الإقصاء ينجيه من المشاكل ويعفيه من المسؤولية والواجب ويجلب له اليورو والدولار. وبمعنى آخر، الحيادية هي تجميد لفكر الإنسان وتعطيل لعاطفته وإلغاء لانتمائه، بل هي إلغاء لوجوده وتصفية سياسية وفكرية له. وقد يبرر منتهجو الحيادية السياسية سلبيتهم بحالة الاستبداد التي تسود معظم الدول العربية، وبعضهم يبرر ذلك بقوانين الجامعات العربية وأنظمة الترقية فيها ومعايير التعيين في المناصب الإدارية. وهذه المبررات غير مقبولة في هذه الظروف الصعبة التي تعيشها الأمة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، فتوعية أبناء الأمة وتعبئتهم وتحريضهم على نصرة الشعب الفلسطيني واجب شرعي ووطني وقومي وإنساني لا يمكن التملص منه.

ولا شك أن حسابات منتهجي الحيادية السياسية خاطئة، فقد ينجو الحيادي بنفسه ويعيش في أمن وسلام لبعض الوقت، ولكن الشر سيصيبه حتماً، آجلاً أم عاجلاً، إضافة إلى أن "الساكت عن الحق شيطان أخرس"، كما أخبرنا رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وعلى أي حال، لا يمكن للحيادي أن يضمن حياة آمنه لنفسه ولأبنائه، ولهذا تقتضي الحكمة أن يدافع الإنسان عن شعبه وأمته بالطريقة التي تناسب موقعه الاجتماعي وإمكاناته، وهناك آفاق رحبة للعمل الثقافي والسياسي والدعوي، وإلا فسيجد المحايد نفسه سائراً في ركب أعداء الأمة دون أن يدري!

27/2/2009

عبد الرحمان الخرشي
27/02/2009, 01:09 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



أخي الدكتور :



محمد إسحق الريفي



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


كعادتك دائما تنتقد أوضاعا مهترئة ، وسلوكات شانئة .. وقراءتك لها من العمق ما يجعل المتتبع يستفيد أكثر من أن يعلق عليك بتعليق أورد . وهذا تكريس لحرصك على الارتقاء بالأمة عامة ؛ فأنت أخي تستقريء الواقع بمافيه ، وتنشد البناء ؛ بناء صرح الأمة الشامخ .. لكن اسمح لي أستاذي الكريم أن أؤكد على ماتدعو إليه اليوم ، أخالك - تعريضا - تربط الموضوع بأوضاع الشعب الفلسطيني ، والقضية الفلسطينية ، والمثقف الفلسطيني ، في الداخل والخارج ؛ حيث الظاهرة موجودة وملموسة . ناهيك عن تداعياتها السلبية على الشعب والقضية .. لكن اسمح لي أستاذي الفاضل التعميم يوقع في مالاأظنه صحيحا ؛ هبك أنه في بلد عربي مايزيد على ثلاثين اختيارا/ حزبا سياسيا ، أمواج متلاطمة من الاختيارات السياسية ، والحال كما نرى وترى !! .أين يضع المثقف الرجل ؟ ليكن الخيار الأوحد هو رقم (( 1 )) .. إذن هذا المثقف عليه أن يتحمل عداوة مايزيد عن ثلاثين عدوا .. السياسة مصالح ياأخي !! مصالح من ؟ الجواب معروف .
إذن الحديث عن الحيادية السياسية يمكنه أن يتقمص لباسين ، أو صورتين : حيادية ركزتم معناها في أذهاننا هنا ، وهي مرفوضة من أصحابها . وحيادية تتمثل في نفض اليد من غبار (( دجالي السياسة والمتاجرين بها وفيها - وهؤلاء لايخفون عليك - تأكيدا للإبقاء على مصالحهم ، ومصالح سدنتهم !!! )) ومعانقة هَمِّ / هُمُومِ الشعب /الأمة ، وقضاياه / قضاياها الكبرى ، والدفاع عنه / عنها بالمتاح ، وهو التثقيف والتنوير، وذلك من المنابر المتاحة ، دون تخندق في (( كانتونات )) دلت التجربة والواقع على أن هذه الحيادية أريح من عفن هذه الكانتونات السياسية !!! .



تحياتي

الناصر خشيني
27/02/2009, 01:52 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الدكتور محمد اسحاق الريفي
تحية طيبة وبعد
لقد شخصت بحق الداء الذي نعانيه في وطننا العربي وان مثل هذا السلوك الذي تحدثت عنه (الحيادية) أمر مرفوض في قضايانا المصيرية كالقضية الفلسطينية و العراقية فالمفروض لا حيادية فيهما لأنهما واضحتان تمام الوضوح وليس فيهما أي مجال لاختيار نهج وسط من شأنه تحقيق النجاة أو النأي بالنفس عن المخاطر فأحببنا أم كرهنا لا بد أن ننتصر لقضايانا المصيرية والا خدمنا بشكل مباشر عدونا وكنا من حيث لا نعلم خدم للمحتلين و الطغاةوالانسان المثقف عليه الخروج من مثل هذا الوضع المشين والالتزام بما يحقق الأمن لأمته ككل لا ما يحقق له أمنه الشخصي و الأسري فقط لأن أمن الأمة مقدم شرعا وأخلاقا ووطنية على الاعتبارات الخاصة .

عبدالقادربوميدونة
27/02/2009, 02:01 PM
عدم الانحيازهوالامتياز

أستطيع أن أقول أن في زمن وجود التكتلين العالميين المعروفين خلال القرن الخالي والمتمثلين في المعسكرالشرقي الاتحاد السوفياتي والمعسكرالغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية..وفي ظل تطاحنهما وتسابقهما للسيطرة على مناطق النفوذ في العالم لم يمنع من وجود تكتل ثالث مقابل لهما ..
أطلق عليه السياسيون الأذكياء تكتل مجموعة عدم الانحياز ..
فاتخذ لنفسه موقفا ,,وهوالدفاع عن مصالح الشعوب غيرالمنتمية لذينيك المعسكرين ..
وكان تأثيره بارزا في هذا المجال ..
فلا حياد إذن بل عدم انحياز ..
وكذلك الأمربالنسبة لبعض المثقفين العرب الذين لم ينحازوا لجهة على حساب جهة أخرى طمعا في مكاسب آنية غير مجدية على المدى البعيد ..ولكنهم لم ينشئوا لأنفسهم تكتلا من أجل النضال لإحقاق الحق ودفع الباطل ..
الأمة اليوم في صراع رهيب مع قوى الهزيمة والانبطاح والاستسلام فهل تنفع الحيادية أوالحياد اليوم؟
هناك الانحيازالإيجابي والسلبي ..فالمطلوب من المثقف العربي والسياسي الذي يتبنى موقفا أيديولوجيا معينا ألا يكون حياديا بل يتخذ لنفسه موقفا واضحا من قضايا ومصيرأمته ..إما وإما ..
أو يشكل تيارا آخرلخلق التوازن في القوى ..
فالحياد هوالقبول بالهزيمة..ولا مرر.
وشكرا لكم الأستاذ د. محم اسحاق الريفي المحترم .

منوني نورالدين
27/02/2009, 11:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا كنت لا تمتلك خطّة لتسيير حياتك فأنت ضمن خطّة لغيرك
يسيّرك وفق خطّته ويفعل بك ما يشاء
إذا قلت أنا لا أمارس السياسة، فإنّ غيرك يمارس عليك وبك السياسة
المشكلة أنّك إذا كنت أنت متعلّماً وكان الذي يمارس عليك السياسة جاهلاً،
تكون إذن قد تركت أمرك للجاهل يفعل بك ما يشاء
وإذا كان الجاهل يفعل بنفسه ما لا يفعله العدو بعدوّه، فماذا تعتقد أنه فاعلٌ بك؟
لا تتركوا السياسة في أيدي الجهلة وأشباه المتعلّمين لأنه ليست لعبة
لأنّ السياسة هي السبيل إلى مسدّة الحكم، فإذا بقي الجهّال وحدهم في الساحة
فإنّهم سيصلون إلى مسدّة الحكم... بل إنّهم فيها، مارس السياسة كي تطردهم...