المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحصن الحصين - قصة قصيرة جدا - ابراهيم درغوثي - تونس



ابراهيم درغوثي
03/01/2007, 05:00 PM
الحصن الحصين
قصة قصيرة جدا

ابراهيم درغوثي / تونس

وقفت في باب قاعة الانتظار المكتظة بالمرضى والمرافقين : أطفال صغار في أحضان أمهاتهم . عجوز افترشت الأرض ونامت . امرأة شابة تشكي لجارتها غبنها بهذا الولد الذي لا يبرأ إلا ليعود في اليوم التالي إلى المستشفى . رجل كهل يطلب من زوجته أن تنيم الطفل فقد أعياه الجري بين الصفوف ...
ثم فجأة دخل علينا . رجل أنيق . في أربعينات العمر . أجال النظر ذات اليمين وذات الشمال، ثم اختار امرأة مسنة تقطر الطيبة من وجهها . تقدم نحوها ، وقدم لها كتيبا قال : هو الحصن الحصين ، يشفي من الروماتيزم والصداع وجريان الجوف والأورام السرطانية الخبيثة ومرض القلب ويداوي كل العلل . ادفعي نصف دينار فقط ثمنا لهذه الثروة يا سيدتي .
امتدت يد المرأة إلى حقيبتها اليدوية . أخرجت منها النقود ووضعت الكتاب في الحفظ والصون . وراح - والابتسامة العريضة – تسبقه ، يوزع كتبه على المرضى ومرافقيهم ، ويقبض النقود .
عرفته . رأيت في وجهه طبيب الصحة العمومية الذي كان ذات يوم ملك المستشفى .
ولم أقل شيئا .
حين وقف الممرض أمام باب الطبيب وبدأ في المناداة على المرضى ، كنت وحيدا . وكانت القاعة فارغة . قاعة الانتظار الفسيحة .
وكان طفلي الصغير يغط في النومة السابعة ...


dargouthibahi@yahoo.fr
www.arab-ewriters.com/darghothi/

عبدالودود العمراني
03/01/2007, 05:04 PM
قصيـــــرة جدّاً لكن تختزن العالم في ثناياها. روعة.

عبدالودود

ابراهيم درغوثي
05/01/2007, 03:45 PM
شكرا عزيزي عبد الودود
دمت قارئي الوفي

وكل عام وأنت بألف خير

نزار ب. الزين
06/01/2007, 08:13 AM
رائعة يا أستاذ ابراهيم معنى و مبنى
هذا ما يسمى في علم النفس بسرعة الإستهواء ؛ فقد يغنيهم الكتاب عن مراجعة الطبيب و الدواء و( الإستعجالي ) على السواء .
دمت و دام إبداعك
نزار

ابراهيم درغوثي
06/01/2007, 03:52 PM
عزيزي نزاز
دمت متألقا وفهيما للابداع الحديث
أشكر لك هذا المرور الدائم على نصي
مع الود

ريمه الخاني
06/01/2007, 03:58 PM
السلام عليكم
اراها تتجاوب مع ذوقي في الكتابة
القصة العصرية السريعة والتي فعلا تختزن تجارب العالم
لي عودة وجولة هنا
وفقك الله

ابراهيم درغوثي
08/01/2007, 04:16 PM
شكرا أختي الكريمة على مرورك البهي
مسرور بكلماتك اللطيفة وبعودتك الكريمة
مع المودة

حنين حمودة
06/09/2007, 07:36 PM
ما هي النومة السابعة؟
هل هي..؟!
ربما .. فالطبيب صار يبيع الحصن الحصين
فربما..
لقد برعت في اثارة فضولي .. وشجوني
تقديري

ابراهيم درغوثي
08/09/2007, 07:12 PM
أختنا حنين
حين بموت العلم
تعيش الخرافة
وبين الاثنين خطوة صغيرة تقود الى الجنون

فيصل الزوايدي
13/09/2007, 02:57 PM
أخي العزيز ابراهيم درغوثي .. من اليومي ، من المألوف ، من الشارع ، من البسطاء .. تقدم لنا عالمكَ القصصي فاتنا أخاذا .. أخشى ان أسألك على طريقة ذلك الاشهار القديم : آش حطيتلها ؟؟؟
مع مودتي

ابراهيم درغوثي
13/09/2007, 03:09 PM
عزيزي فيصل
يهذه الأشياء الصغيرة التي يراها كل العالم ولا يفدر على تحويلها الى ابداع
اصنع قصصي
فمن هذا الهامشي والمنسي والبسيط أحاول ان أستقي مواضيع قصصي
تارك جليل الأمور لأصحابها
مع ودي الكبير

حسن حجازى
11/10/2007, 05:12 PM
هنا عين فاحصة تلتقط العام ليصبح الخاص
ها هو الفن بصدق لا ليرصد فقط ولكن ليوجه
دون أن يوجه !
من خبرة البائع المالك الأول للمستشفى
أظنه أفلس ليبيع الوهم
ومعظمنا يجرى وراء الوهم
دمت لنا

مجرد مرور عابر
أعبر به عن إعجابى

ابراهيم درغوثي
11/10/2007, 07:12 PM
العزيز حسن
مرورك العابر ثري بالبهاء
فما أجمل ما قرأته في هذا النص القصير
دم في ألق

محمد فؤاد منصور
11/10/2007, 11:48 PM
أخى العزيز الأستاذ إبراهيم درغوثى
ترك العلم وأتجه للخرافة فسرق زبائنه القدامى !..تلخيص بديع لأزمة الأنسان المعاصر الحائر بين العلم والمعتقد..دمت متألقاً.
دكتور/ محمد فؤاد منصور
الأسكندرية :fl:

ابراهيم درغوثي
12/10/2007, 12:19 AM
د . محمد فؤاد منصور
هي ذي الحقيقة التي تملأ حياتنا
كبف نفرق بين العلم والخرافة
وكبف ننتصر للعلم في عصر العلم

مع الود الكبير

وائل وجدي
13/10/2007, 01:20 AM
الصديق المبدع الأستاذ إبراهيم درغوثي

برعت في صياغة الفكرة ببراعة وسلاسة . أهنئك عليها
مادام المريض قد سأم من الأطباء الذين يستغلون مرضه ؛ فإنه يتعلق بومضة الأمل في أي شيء ؛ حتى لو كان متأكدًا أنه يشتري الوهم ..
إن قصتك تكشف الواقع الطبي ، المتدني الذي آل له معظم الأطباء والتطبيب في العالم العربي .
لك تحياتي وتقديري .

ابراهيم درغوثي
13/10/2007, 12:42 PM
العزيز وائل وجدي
شكرا على القراءة
و شكرا أكبر على التعليق على النص
بما يسر الكاتب الذي يتأكد من مثل قراءتك
بأن فكرته و صلت لمن يهمه الأمر

الدكتور سعد الطائي
13/10/2007, 01:05 PM
الاستاذ ابراهيم درغوثي....عندما تستشري الهموم ..تزدهر تجارة الوهم...
نص جميل جدير بالتامل
الدكتور سعد الطائي-العراق

ابراهيم درغوثي
13/10/2007, 05:35 PM
د. سعد
شكرا على المرور على نصي
نعم نلبع الوهم لمن لم يستطع المرور
من المرحلة البدائية الى العالم المتحضر

مع الود والتقدير