المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما هي رؤيتك الخاصة لعنصر التكثيف في القصة القصيرة جدا أيها القاص أو الناقد



شوقي بن حاج
27/02/2009, 06:05 PM
تعددت الآراء حول فكرة التكثيف في الأدب خاصة في الق.ق.ج

خاصة أن هذا العنصر يترادف مع الكثير من المصطلحات المتشابهة

الإختصار

الإختزال

التقطير...

كما أنه في كثير من النصوص يقوم الناقد بملاحظة أن النص يحتاج إلى التكثيف

لكن القاص يعتبر كل ما هو في النص جزء هام من مضمون النص ولا يمكن حذف أي شيء

وفي عكس فكرة التكثيف تأتي مصطلحات أخرى :

الإسهاب

الإطناب

الحشو...

والسؤال المطروح هنا أمام الجميع :

ما هي رؤيتك الخاصة لعنصر التكثيف في ال ق ق ج أيها القاص أو الناقد

أجدني بعد بعض المشاركات أضيف ما نقله لنا الأديب/ عبد الرشيد حاجب

وما كتب لنا الناقد الدكتور/ مسلك ميمون, لإضاءة الموضوع أكثر

لأن المقالين لا يعتبران تعبيرا شخصيا عن رأي :



عبد الرشيد حاجب

الإخوة الأعزاء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحقيقة أننا كنا ننتظر تحديدا دقيقا لمعنى " التكثيف " ولا شيء غير التكثيف حتى نخرج بتصور شامل يمكن أن يصبح قاعدة عامة .ولنلاحظ أن السؤال موجه لكتاب القصة من جهة ولنقادها من جهة أخرى ، وذلك لأختلاف التصور لدى كليهما.
لكن ما يهمنا بالضبط هو رأي القاص نفسه وتعامله مع هذا العنصر الهام والحساس من عناصر ال ق ق ج .أي أن يروي لنا القاص تجربته في ممارسة التكثيف ، والمشكلات التي تواجهه وليس إبداء آراء عامة قد نجدها هنا وهناك ببضع كبسات على محرك البحث.

وتسهيلا للمهمة أضع هذا المقال هنا للإستئناس ريثما تتوضح الرؤى:

"

لابد في القصة القصيرة جداً من توفر الحدث القصصي حتى وإن كان ومضة سريعة، لأنه من دون حدث لا يمكن أن تجد ما ترويه وبذلك تفتقد منذ اللحظة الأولى أهم شرط من شروط القصة القصيرة جداً.

لابد كذلك من الاشتمال على قدر من الشاعرية يحقق سمواً ملموساً بالعنصر اللغوي أثناء القص, ولابد من توفر عنصر المفارقة والإدهاش والنهاية المحكمة التي ينبغي لها أن تفاجئ القارئ وقد تصدمه.

ولكن الأهم من كل ذلك هو أن تتوافر القصة القصيرة جداً على عنصر التكثيف في اللغة، والاقتصاد الشديد فيها فـ"إدجار آلان بو" يقول:

"يجب ألا تكتب كلمة واحدة لا تخدم غرض الكاتب." وإلا لماذا نكتب قصة قصيرة جداً ما دمنا نرغب في الاستطراد..؟

يجب أن يتم العمل بالتكثيف بحيث يكون من الصعوبة بمكان الاستغناء عن سطر واحد فيها، إذ لا تحتمل القصة القصيرة جداً الحشو والإطناب والغوص في التفاصيل، إنها تحتاج الاقتصاد في اللغة وتوليد المعنى من تركيب مفردات اللغة ومن سياق العبارة وتموضعها في الحيز وليس من شرح الأفكار.

باختصار يجب أن يكون العمل متماسكًا مكثفًا متخلصًا من السرد غير اللازم الذي يصيب العمل بالترهل، وربما كانت مقولة يوسف إدريس والذي لم يكن منظراً أو رائداً لهذا الأدب الذي نتحدث عنه بل كان فتحاً في عالم القصة القصيرة والرواية والمسرح خير دليل، عندما قال:

"إن الهدف الذي أسعى إليه هو أن أكثف في خمس وأربعين كلمة، ـ أي في جملة واحدة تقريبا ـ الكمية القصوى الممكنة من الإحساس، باستخدام أقل عدد ممكن من الكلمات." ولهذا يجب أن يكون العمل متماسكًا في وحدة عضوية شديدة، وأن يكون محكم البناء، وأن يمسك الكاتب بعناصر الكتابة جيدًا حتى يستطيع أن يفرغ على الورق كل ما يدور بداخله بدقة وصدق ليضمن وصوله إلى القارئ في سهولة وصدق أيضًا.
يرى بعض الكتاب في التكثيف قوة للنص، بينما يرى البعض الأخر بأنه إرهاق لبعض مكونات القصة والاختلاف في ذلك من حق الجميع وفي النهاية فإن النص الإبداعي هو الفيصل.

ومهما اختلفت الآراء وتضاربت فإن الاختزال في كل جنس من أجناس الأدب هو إبداع بحد ذاته "فالبلاغة في الإيجاز".

والاختزال أنواع فثمة اختزال يضر النص ويؤرقه دون أن يمنحه ما اصطلح على تسميته بالاختزال التحريضي وذلك بتحريض القارئ على تفعيل مخيلته في فك تشفير الفكرة والمفردات، ويتوقف ذلك على مدى حميمية علاقة الكاتب باللغة بالدرجة الأولى والأخيرة.

وهناك بعض الكتاب الذين انصرفوا إلى اختزال وتكثيف نصوصهم بشكل مبالغ فيه ما حدا بالقارئ إلى الإحساس بالغباء وهذا ما يسمى بالاقتصاد أو التكثيف غير الموظف، فهؤلاء يختزلون من أجل الاختزال فقط ويقومون بإنشاء تراكيب غير متناسقة وغير ذات معنى من أجل التكثيف.

وأرقى صور الاختزال والتكثيف هو الاختزال على مستوى اللغة؛ الذي يجرد فيه الكاتب لغته قدر الإمكان من كل ما لا يخدم غرضه الفني.

التكثيف ليس مطلوباً دائماً ولا الإطالة مطلوبة دائماً والأمر متروك لخبرة القاص وظروف النص المكتوب، فالكاتب وحده هو الذي يعرف متى يجب أن يكثف ومتى يجب أن يتوسع.

فعندما يغيب الحوار وينحسر السرد ويتلاشى الزمان والمكان تحت وطأة التكثيف والاختزال يجب أن يستعيض الكاتب عن ذلك بلغة رشيقة مكثفة تغدو فيها القصة القصيرة جداً كلوحة أو قصيدة.

التكثيف مرحلة خطيرة جداً في كتابة القصة لأنها عملية ذهنية شديدة الحساسية وقد لا يتفق النقاد على مفهوم محدد للتكثيف والاختزال لان المحرك المعرفي والثقافي لديهم مختلف وهو ما يحدد مستوى معيناً من التعريف للتكثيف والاختزال.

يفضل الدكتور أحمد جاسم الحسين مصطلح التكثيف على الاختزال بسبب مرجعية كل منهما ودلالته، وقد قال في هذه النقطة: " فالاختزال من الرياضيات وقد يشير إلى التكثيف أو إلى الابتسار في التكثيف أما التكثيف فهو مستعمل في ميدان النقد الأدبي وكذا الاقتصاد اللغوي المقترن بالشحن لما يبقى من مفردات أو تراكيب لأن تثوير الطاقات الكامنة للمفردات يعوض عن زيادتها"

وكدليل على ما ذهبنا إليه في مفهوم التكثيف في القصة القصيرة جداً يمكن طرح هذه الأمثلة من القصص التي تزخر بهذا العنصر الهام:

جاء في مجموعة القاص" مروان المصري" وتحت عنوان "أحلام عامل المطبعة" القصة التالية وهي بعنوان (إنقاذ):



"حينما هدد الغازي مدينتنا، كنا متأكدين كم يضمر لها من شرور، لكننا لم نلبث أن أدركنا أنه جاء ينقذنا من أنفسنا."





أما أحمد جاسم الحسين في كتابه(همهمات ذاكرة) فقد كتب قصة بعنوان(بحث):



"انسلت قطرة ماء عن صديقاتها قائلة: لقد تعبت من المشي الطويل!

دفنت رأسها في التراب، نامت... استيقظت... بحثت عن نفسها فلم تجدها!"



توحي القصص المكثفة السابقة بعوالم فنية وأدبية كبيرة، وهي وإن بدتْ بسيطة في مفرداتها لكنها غنية بالإيحاءات التي ترمي إليها تلك المفردات. بحيث أن حذف مفردة من تلك القصص سيشوه المعنى والبناء العام وسينقص دون شك من قوة الفكرة كما وأن إضافة مفردة أخرى إلى تلك القصص سيرهقها بالتأكيد وسيثقل كاهلها.

وقد توجت القفلات التي أدهشتنا في إيحاءاتها الغنية الجهد الذي بُذِلَ للوصول إلى نهايات بديعة من هذا النوع.

وقد تجلتْ الواقعية والمباشرة بشكل موظف ومتقن في هذه القصص إلى الدرجة التي تجعلنا نرددها مراراً ونستشهد بها في بعض الأحيان لما ترمي إليه، ولانطباقها التام على ما يجري وما نعيشه.

إنها قصص تسرد عالماً من المشاعر المتناقضة."

وبالله التوفيق.

بسم الله الرحمن الرحيم
د مسلك ميمون

الصديق شوقي بن حاج السلام عليك و رحمة الله .

أشكرك أنك طرحت مسالة ( التكثيف ) في القصة القصيرة جداً للنقاش . و الذي ارغب فيه أن ينصب النقاش على كيفية التكثيف لا عن وجوده أو عدم وجوده في القصة عموماً ، و القصّة القصيرة جداً بخاصة .
فإن سألتني رأيي كمتتبع لما ينشر في (واتا ) و منابر و مواقع أخرى أقول لك إنّ الخلط كبير لدى المبدعين في هذه المسألة . بل هناك من لا يرغب قطعاً في مسألة التّكثيف عزوفاً و هروباً من تبعاتها و ما تتطلبه من دراية؛ و مشقة؛ و تقنيات ؛ و تجربة .

كيف يكون التكثيف اللّغوي و ما دوره :

إنّ الفنية الإبداعية الأدبية سواء في السرديات أو في الشّعر لا تتأتى إلا بالنسق المناسب . في القصة لا بدّ من اللّغة القصصية . و في الشّعر لا بدّ من اللّغة الشّعرية . وهذا يعني ، ألا محلّ للغة العادية natural langage الإخبارية التقريرية الخطابية المباشرة ...
إذاً ، نحن أمام لغة مختلفة ، ذات خصوصية ، قد تصبح قيمتها في نفسها لأنّها فنية . على عكس اللغة العادية ، التي قيمتها فيما تحمله من أخبار .
و لكي تكون اللّغة فنية ( قصصية أو شعرية ) ينبغي للمبدع الإلمام قدرالإمكان ( بكمياء) اللّغة : قواعد النحو و الصرف و ضروب البلاغة . و ( فزياء) اللّغة : علم المعني أو الدلالة sémantique و الأسلوبية stylistique و علم العلامات semiologie فضلا عن علم اللغة science du langage وعلم السردromanesque و تضاف إلى كلّ هذا الخبرة الشخصية التي يكتسبها المبدع من خلال مطالعاته الخاصة لإبداعات الآخرين .
فإذا كانت اللغة الفنية المكثفة تتطلب هذا و غيره . فإنّ الكثير لا يعبأ بها . و ينطلق في كتابته انطلاقا من موهبة في حاجة إلى صقل ، و من تقليد و محاكاة في حاجة إلى توجيه و ترشيد . فتأتي الكتابة إما مفككة منحلة تعرض حمولتها عرضاً و ينتهي دورها . و إمّا تأتي طلاسم معقدة ، أو أحجية وألغاز منغلقة .... فلا تواصل بين المرسل و المرسل إليه . و يفتح المجال للنقد الإسقاطي ، و النقد الإنطباعي الاعتباطي و التعليقات اللامسؤولة كما هو عندنا في ( واتا ) وكلّ يأوّل ما شاء كيفما شاء . و لا أحد يستنطق النّص . أو يفتح مغالقه ... و هذا ليس في النقد أو الإٌبداع في شيء .
فالمراد بالكثافة اللّغوية : الإيجاز غير المخل ، الذي يوحي بالرؤى الممكنة ، التي قد يأتي بها الإطناب الممل . و التّكثيف ـ بالتّالي ـ ليس التعجيز أو الإبهام أو الألغاز ... فذاك كله لا يأتي به غير مبتدئ في الفن ، أو مشوش الذهن أو فاشل في عمله ...
و مسألة التكثيف ليست جديدة في أدبنا العربي فمن يعود إلى كتاب : (المستطرف في كل فنّ مستظرف ) للأبشهي سيجد عجباً .و من يعود إلى محموعة جبران خليل جبران : ( المجنون ) التي ظهرت منذ ثمانين سنة سيكتشف أنّ مسألة التّكثيف واردة في أدبنا المعاصر . لنتأمل هذه القصة القصيرة جداً لجبران ، و لنركزعلى العامل اللّغوي و الأسلوبي :

(("خرج الثّعلب من مأواه عند شروق الشّمس، فتطلع إلى ظله منذهلاً، وقال: سأتغدى اليوم جملاً، ثم مضى في سبيله يفتش عن الجمل الصباح كلّه، وعند الظهيرة تفرَّس في ظله ثانية، وقال مندهشًا: بلى.. إن فأرة واحدة تكفيني.."))

إذاً بإيجاز غير مخل ، و تكثيف بليغ و صلت الرسالة ، و أغنت عن نص قد يطول ويستغرق صفحات . و قد لا يترك أثراً كما تركه هذا النص المقتضب الفني .
و إنّ التكثيف عند المبتدئين غير الواعين به و غير المتمكنين أساساً ، ليذكرني بالمذهب الانغلاقي الذي يذهب إليه بعض كسالى الفن و المتنطعين و راء الشهرة و بأي ثمن كالذي نجده عند فنان تشكيلي :

يحكى أنّ رجلا ذهب رفقة زوجته إلى معرض لوحات تشكيلية . فطافا على اللّوحات و لم يفهما شيئاً . كلّ ما هناك لوحات فيها خطوط هندسية و منحنيات و منعرجات بألوان مختلفة . فقررا أن يسألا الفنان عن لوحة تحمل عنوان : وجه من الطبيعة . فكلّ ما أمامهما لوحة فيها ثلاثة خطوط أفقية : خطّ أرجواني ، في أسفله خطّ أزرق ، و خط أخضر تتوسطه نقطة سوداء في أسفل اللّوحة فقط .
فقال الفنان التشكيلي موضحاً : الخطّ الأرجواني عبارة عن الأفق المتوهج ، و الخطّ الأزرق البعد الفضائي ألا متناهي ...
فاندفعت السيدة تسأل في لهفة : و الخطّ الأخضر ؟
فقال الفنان مبتهجاً : الخطّ الأخضر عبارة عن مروج خضراء مترامية الأطراف .
فقال الزوج حائراً : و النقطة السّوداء وسط الخط الأخضر ؟؟؟
فقال الفنان ببساطة : إنّها بقرة تأكل العشب .

هذا ما يسبب عقم التّواصل . و يدعو إلى النّفور من الفن . و هو تكثيف بدون جدوى ، و لا يأتيه إلا مَن هو فاشل في خلق لغة فنية معبرة تواصلية .

أمّا دور اللّغة المكثفة.فهو دور فني أساساً.لأنّها تفرز نصاً قابلا لقراءات متعددة . و يساعد على فتح نوافذ مختلفة ،من أجل لتأويلات و رؤى وأبعاد قد لا تخامر المبدع نفسه . و لقد لاحظت هذا مراراً من بعض مبدعينا في ( واتا ) يتساءلون كيف أنّ قصة قصيرة من ثلاثة أسطر جاءت بكلّ هذه التعليقات المختلفة، و أحياناّ المتضاربة والمتداخلة ... ؟؟ و لكن ينسى المبدع أنّه في عملية الإ ٌبداع قد سلك بقصته المسلكَ الفني المرغوب و المطلوب ... ألا و هو الكتابة المكثفة . و أعتقد أنّني في كلّ قراءاتي ركّزت على مسألة التكثيف و يمكن العودة إليها . إنّما ما يمكن الحرص على ذكره ، أنّ عملية التّكثيف اللغوي ليست بالعملية السّهلة و الهينة ، و بخاصّة ، بالنسبة للمبتدئين أو الذين لم يوتوا حظاً وافياً و و فيراً، من اللّغة و أساليبها ، و ضروب بلاغتها ....

د مسلك ميمون

محمد فائق البرغوثي
27/02/2009, 06:56 PM
أهلا بالعزيز شوقي

أشكرك على جهدك في محاولة بلورة رؤيا مكتملة للق ق ج

بالنسبة للاختزال وما إلى ذلك من مرادفات ، فأنا أرى أنها ضرورية بتحفظ
فالقصة إن خلت من بعض الزوائد تصبح جافة غير معبرة ، مرايا متعددة لوجه واحد ، من غير لمسة شخصية ومسحة ذاتية تضيفها بعض الزوائد تصبح القصة كشجرة من غير ظلال في لوحة ، كزهرة من غير عطر ، كتلميذ يحل واجبه على مضض خوفا من بطش المعلم .

طبعا ليس في كل الحالات ولا كل القصص ، وليس كل حشو مفيد ..


مودتي لك أخي شوقي

غادة الحاج
27/02/2009, 07:13 PM
اخي شوقي هل لي بسؤال وان كان غريبا

ماهو ال ق ق ج و بدون :emo_m11:
تحياتي

نادية كيلاني
27/02/2009, 07:15 PM
اتفق مع الأخ / محمد فائق البرغوثي

القصة المكثفة جدا التى تكتب هذه الأيام فى سطر لا تعد قصة
لأن القصة وهى من قص الأثر أى تتبعه وإن لم تكن فى القصة حدوتة لم تكن قصة
وهذا السطر الذى يعدوه قصة هو أشبه بالحكمة أو بالأحجية
كمن قدم لى فزورة وعلى أن أحل لغزها ، أو بمعنى أصح هو يطلب منى تأليف القصة
فمثلا إذا قصة كتبت بهذا الشكل ( تقابلا وتبادلا وافترقا ) فعندما أعلق على مثل هذا الشكل أقول :
ما بين اللقاء والافتراق تكمن القصة ، لأنه ليس كل لقاء متشابه ولا كل فراق لنفس السبب.
واسلوب الكاتب هو الذى يميز قصة عن أخرى فى نفس الفكرة.
القصة ليست كمال أجسام عضلات فقط ولكن القصة انسان دم ولحم ..
أرجو ألا نحتج بسرعة العصر لأنه مهما أختلف العصر ولكن الذى يسترخى لكى يقرأ قصة فهو يريد أن يقف على الحدوتة كاملة مزينة باسلوب صاحبها ، وبوجهة نظره الخفية فى العمل وباسلوبه الرشيق ومحسناته البديعة أو بنفسه فى القص إلى أخره .
وعلى ذلك أنا لست مع الاختزال إلى حد البتر فتجد المبدع إذا كتب قصيده كتبها فى عشرين سطرا ثم إذا كتب قصة كتبها فى سطر واحد .. هل هذا معقول.
وبالقطع الاسهاب والترهل فى العمل يصيب الملل ويدعو إلى ترك العمل وهنا الكاتب المحترف كيف يجذب القاريء أى يجرجره للقراءة

تحياتى للجميع

:fl:

سعيد نويضي
27/02/2009, 07:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

سلام الله على الأخ شوقي و الأخ البرغوثي و على الأختين غادة و نادية و على عشاق الفن و الأدب و خاصة فن القصة ق جدا...

من الكم يستطيع الكاتب أو الناقد أو الباحث عن وضع الأسس التي تشكل أرضية مشتركة بين التصور العام الذي نطمح إليه في خلق "فن أصيل ممتع عذب و هادف" و عن العناصر المكونة لهذا الفن...و من ضمنها مصطلح التكثيف كمصطلح لا يمكن تجاوزه بسهولة ،على اساس أنه يشكل جوهر القصة القصيرة جدا، و من تم تحديد معالمه يصبح من الضروريات...

التكثيف هو حشد مجموعة من الإيحات من المعاني من الدلالات في كلمة أو جملة توحي للقارئ بعدة احتمالات قد تتقاطع في المعنى و قد تتقارب كذلك...فمن خلال السياق العام للجملة القصصية...تبدو الإحالة على عدة احتمالات قابلة للتصديق من قبل المتلقي...دون أن تشير إلى معنى محدد و مقصود لا يقبل التأويل و التأويل في ذهنية القارئ....

فكرة خطرت لي ببالي عندما قرأت الموضوع...أتمنى أن تكون قد قربت المعنى الغامض في الواقع الواضح في الذهن إلى حد ما...

و لأجيب باختصار ليس بالنيابة عن شوقي و لكن عن التساؤل...لأن الأخ شوقي لديه الكثير في هذا الباب...و لكن ليظل النقاش في اتجاه تحديد مصطلح التكثيف....كل فن كيفما كان تصنيفه الأدبي الاصطلاحي {شعر -رواية - قصة - ق قصيرة - ق ق ص جدا- مقالة - خاطرة إلى غير ذلك} هو "قول" من قائل لمتلقي...هذا القول يأخذ شكلا معينا...فالشكل المعين هو الذي يحاول عشاق هذا الفن تأسيسه كما تم تأسيس تصورات تتشابه أو تختلف لفنون أخرى...

لك الاحترام و التقدير...

عبد الرشيـد حاجب
27/02/2009, 07:42 PM
الأخت غادة الحاج ال ق ق ج

هي القصة القصيرة جدا .

هيمى المفتي
27/02/2009, 07:53 PM
الأستاذ شوقي بن حاج،

في القصة القصيرة جداً كل ما هو غير لازم فهو زائد.. إن كان بالإمكان حذف عبارة أو كلمة دون المساس بالمعنى والعمق الذي تعكسه القصة فهذه الكلمة أو هذه العبارة زائدة

كمال دليل الصقلي
27/02/2009, 08:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي شوقي بن حاج، حياك الله على طرحك لهذا السؤال المهم، الذي يعتبر في اعتقادي وفي اعتقاد كل من يحمل هم الق ق ج أحد الركائز الأساسية في هذا الفن النبيل،والذي يعتمد جملا مركزة وقصيرة جدا،لكنها تحمل ما تحمل من دلالات واسعة أثناء كل قراءة ( صور..إيحاءات..)
يمكن أن يكون التكثيف حاضرا بقوة كبيرة ،وأستشهد بأقصوصة لمبدعنا الكبير القاص عبد الحميد الغرباوي من خلال آخر إصداراته (أكواريوم) يقول في إحدى قصيصاته والمعنونة ب " فقر": (يداه الحالمتان، تستيقظان، دائما، مغلقتين قابضتين على الخواء )
وهنا يمكن تسمية هذه القصيصة نكاية لأن التكثيف فيها حاضر بقوة.

شوقي بن حاج
28/02/2009, 12:02 AM
أشير للجميع بان الموضوع جاء بعد موضوع : ما الأهم في الق.ق.ج؟

وهو اقتراح من الأستاذ/ عبد الرشيد حاجب

كما أضيف أن نتائج الإستطلاع هي لحد الآن :

هذا الإستطلاع سيغلق في 05/01/2010 الساعة 05:46 pm
القفلة الحادة 14 66.67%
الفكرة 14 66.67%
المفارقة 11 52.38%
التكثيف 16 76.19%
الشاعرية 6 28.57%
اللغة 9 42.86%
أخرى...أذكرها في التعليق 3 14.29%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 21

شوقي بن حاج
28/02/2009, 12:20 AM
أهلا بالعزيز شوقي

أشكرك على جهدك في محاولة بلورة رؤيا مكتملة للق ق ج

بالنسبة للاختزال وما إلى ذلك من مرادفات ، فأنا أرى أنها ضرورية بتحفظ
فالقصة إن خلت من بعض الزوائد تصبح جافة غير معبرة ، مرايا متعددة لوجه واحد ، من غير لمسة شخصية ومسحة ذاتية تضيفها بعض الزوائد تصبح القصة كشجرة من غير ظلال في لوحة ، كزهرة من غير عطر ، كتلميذ يحل واجبه على مضض خوفا من بطش المعلم .

طبعا ليس في كل الحالات ولا كل القصص ، وليس كل حشو مفيد ..


مودتي لك أخي شوقي



أخي / محمد فائق البرغوثي

هل تعتقد أن الزوائد هي اللمسات الأسلوبية الخاصة بالقاص ؟

هل يعني أن التكثيف يضيع السمات الأسلوبية الخاصة للقاص ؟

كنت أعتقد أن التكثيف سيكون موضوعا محددا لكنه

ربما قد يمتد للكثير من المفاهيم الأخرى

تقبل الليلك كله

قاسم عزيز
28/02/2009, 01:44 AM
العزيز / شوقى بن حاج

تحياتى لكط وللعزيز / رشيد حاجب
اسعد الله صياحكم بكل الخير .. ..

اعتقد ايها الحبيبين ان عنصر التكثيف فى الق ق ج هو من اهم خصوصياتها ؛ التكثيف غير المخل بالفكرة المستهدفة
حيث انها لا تحتمل اسهابا أو اطنابا , ويتوقف الامر على الكفاءة اللغوية وحسن الصياغة وهى امور يتفرد بها كل كاتب عن آخرين ممن يلجون نفس المجال , ويمكن أن نسمى التكثيف الذى نقصده بأنه " التكثيف الوافى " لأنه ايضا لا يجب ان يكون مخلا لا يكفى لتوصيل الرسالة , بحيث لا يضطر القاص ان يحتج على ناقده أو متلقيه بانه يقصد كذا دون كذا مما وصل لللآخرين لأنه لم يحسن اختيار مفرداته , أو لم يحسن اختيار موضعها .
واظنها تلك اللمسات الخاصة التى عناها العزيز / محمد فائق , فكل من يكتب فى القصة لديه مفرداته الخاصة التى ربما تمكنك من اقتناص انتاجه من بين الآخرين لانك سبق وقرأت له سواء قصة ق أو قصة ق ج .
وأستطيع الجزم بان أيا من كتاب الق ق ج لابد وان يكون بشكل أو بآخر قارئا للقرآن الكريم أو حافظا له فى صغره . لأنك لن تجد من المفردات اللامة والمفضية الى معان شتى وفق الصياغة ؛ الا فى هذا الكتاب السماوى المعجز .
وقد كان فى ما صح عن الرسول الكريم من أحاديث من التكثيف والايحاء المفضى الى معان كثيرة ما يكفى لاعتباره نموذجا لما نبحث عنه , فلا اختزال مخل , ولا اسهاب ممل " . . , قل آمنت بالله ثم استقم "
" اللهم علمنا القرآن , وذكرنا منه ما نسينا " .:fl:

شوقي بن حاج
28/02/2009, 03:50 AM
اخي شوقي هل لي بسؤال وان كان غريبا

ماهو ال ق ق ج و بدون :emo_m11:
تحياتي

الأخت / غادة الحاج

مرحبا بك في منتدى القصة القصيرة جدا

تقبلي الحكايا كلها

طارق موقدي
28/02/2009, 07:54 AM
أشير للجميع بان الموضوع جاء بعد موضوع : ما الأهم في الق.ق.ج؟

وهو اقتراح من الأستاذ/ عبد الرشيد حاجب

كما أضيف أن نتائج الإستطلاع هي لحد الآن :

هذا الإستطلاع سيغلق في 05/01/2010 الساعة 05:46 pm
القفلة الحادة 14 66.67%
الفكرة 14 66.67%
المفارقة 11 52.38%
التكثيف 16 76.19%
الشاعرية 6 28.57%
اللغة 9 42.86%
أخرى...أذكرها في التعليق 3 14.29%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 21


اعتقد ان قراءة سريعة لما يشير إلية الإستطلاع يبين لنا تفاوت بسيط بين كل العناصر المذكورة
إلا ان التكثيف، وهو هنا عنوان الموضوع يتفوق على غيره من العناصر بقليل

بمعنى أدق، لا بد للقاص ان يركز على كافة عناصر الق ق ج ، ولا بأس إن تراجع احد العناصر
امام اخر حسب حاجة النص، لكني أرى ان التكثيف هو أحد أهم سمات الق ق ج
خاصة إذا اتفقنا أن العناصر الأخرى هي متظلبات بديهية في كثير من الأحيان
قهل نستطيع كتابة قصة دون فكرة تدور حولها، هذا عداك عن اللغة وهي المادة الخام التي يعجنها القاص
ليخرج لنا ببناء قصصي ابداعي جميل.
كذلك لا بدة من حبكة جيدة وقفلة ذكية تطبع القصة في ذاكرة المتلقي وتؤثر في فكره وثقافته الى حد ما.

كما اسلف أغلب المتداخلين فان التكثيف المدروس هو المطلوب، فلا يكون على حساب اي من العناصر ألاخرى
فلا إفراط ولا تفريط

أخير أظنني قد اسهبت، وابتعدت أنا نفسي عن التكثيف، لكني لم أنسى أن:
خير الكلام ما قل ودل.
فهي قمة التكثيف

تحية مكثفة جدا

عبد الرشيـد حاجب
28/02/2009, 09:47 AM
الإخوة الأعزاء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحقيقة أننا كنا ننتظر تحديدا دقيقا لمعنى " التكثيف " ولا شيء غير التكثيف حتى نخرج بتصور شامل يمكن أن يصبح قاعدة عامة .ولنلاحظ أن السؤال موجه لكتاب القصة من جهة ولنقادها من جهة أخرى ، وذلك لأختلاف التصور لدى كليهما.
لكن ما يهمنا بالضبط هو رأي القاص نفسه وتعامله مع هذا العنصر الهام والحساس من عناصر ال ق ق ج .أي أن يروي لنا القاص تجربته في ممارسة التكثيف ، والمشكلات التي تواجهه وليس إبداء آراء عامة قد نجدها هنا وهناك ببضع كبسات على محرك البحث.

وتسهيلا للمهمة أضع هذا المقال هنا للإستئناس ريثما تتوضح الرؤى:

"

لابد في القصة القصيرة جداً من توفر الحدث القصصي حتى وإن كان ومضة سريعة، لأنه من دون حدث لا يمكن أن تجد ما ترويه وبذلك تفتقد منذ اللحظة الأولى أهم شرط من شروط القصة القصيرة جداً.

لابد كذلك من الاشتمال على قدر من الشاعرية يحقق سمواً ملموساً بالعنصر اللغوي أثناء القص, ولابد من توفر عنصر المفارقة والإدهاش والنهاية المحكمة التي ينبغي لها أن تفاجئ القارئ وقد تصدمه.

ولكن الأهم من كل ذلك هو أن تتوافر القصة القصيرة جداً على عنصر التكثيف في اللغة، والاقتصاد الشديد فيها فـ"إدجار آلان بو" يقول:

"يجب ألا تكتب كلمة واحدة لا تخدم غرض الكاتب." وإلا لماذا نكتب قصة قصيرة جداً ما دمنا نرغب في الاستطراد..؟

يجب أن يتم العمل بالتكثيف بحيث يكون من الصعوبة بمكان الاستغناء عن سطر واحد فيها، إذ لا تحتمل القصة القصيرة جداً الحشو والإطناب والغوص في التفاصيل، إنها تحتاج الاقتصاد في اللغة وتوليد المعنى من تركيب مفردات اللغة ومن سياق العبارة وتموضعها في الحيز وليس من شرح الأفكار.

باختصار يجب أن يكون العمل متماسكًا مكثفًا متخلصًا من السرد غير اللازم الذي يصيب العمل بالترهل، وربما كانت مقولة يوسف إدريس والذي لم يكن منظراً أو رائداً لهذا الأدب الذي نتحدث عنه بل كان فتحاً في عالم القصة القصيرة والرواية والمسرح خير دليل، عندما قال:

"إن الهدف الذي أسعى إليه هو أن أكثف في خمس وأربعين كلمة، ـ أي في جملة واحدة تقريبا ـ الكمية القصوى الممكنة من الإحساس، باستخدام أقل عدد ممكن من الكلمات." ولهذا يجب أن يكون العمل متماسكًا في وحدة عضوية شديدة، وأن يكون محكم البناء، وأن يمسك الكاتب بعناصر الكتابة جيدًا حتى يستطيع أن يفرغ على الورق كل ما يدور بداخله بدقة وصدق ليضمن وصوله إلى القارئ في سهولة وصدق أيضًا.
يرى بعض الكتاب في التكثيف قوة للنص، بينما يرى البعض الأخر بأنه إرهاق لبعض مكونات القصة والاختلاف في ذلك من حق الجميع وفي النهاية فإن النص الإبداعي هو الفيصل.

ومهما اختلفت الآراء وتضاربت فإن الاختزال في كل جنس من أجناس الأدب هو إبداع بحد ذاته "فالبلاغة في الإيجاز".

والاختزال أنواع فثمة اختزال يضر النص ويؤرقه دون أن يمنحه ما اصطلح على تسميته بالاختزال التحريضي وذلك بتحريض القارئ على تفعيل مخيلته في فك تشفير الفكرة والمفردات، ويتوقف ذلك على مدى حميمية علاقة الكاتب باللغة بالدرجة الأولى والأخيرة.

وهناك بعض الكتاب الذين انصرفوا إلى اختزال وتكثيف نصوصهم بشكل مبالغ فيه ما حدا بالقارئ إلى الإحساس بالغباء وهذا ما يسمى بالاقتصاد أو التكثيف غير الموظف، فهؤلاء يختزلون من أجل الاختزال فقط ويقومون بإنشاء تراكيب غير متناسقة وغير ذات معنى من أجل التكثيف.

وأرقى صور الاختزال والتكثيف هو الاختزال على مستوى اللغة؛ الذي يجرد فيه الكاتب لغته قدر الإمكان من كل ما لا يخدم غرضه الفني.

التكثيف ليس مطلوباً دائماً ولا الإطالة مطلوبة دائماً والأمر متروك لخبرة القاص وظروف النص المكتوب، فالكاتب وحده هو الذي يعرف متى يجب أن يكثف ومتى يجب أن يتوسع.

فعندما يغيب الحوار وينحسر السرد ويتلاشى الزمان والمكان تحت وطأة التكثيف والاختزال يجب أن يستعيض الكاتب عن ذلك بلغة رشيقة مكثفة تغدو فيها القصة القصيرة جداً كلوحة أو قصيدة.

التكثيف مرحلة خطيرة جداً في كتابة القصة لأنها عملية ذهنية شديدة الحساسية وقد لا يتفق النقاد على مفهوم محدد للتكثيف والاختزال لان المحرك المعرفي والثقافي لديهم مختلف وهو ما يحدد مستوى معيناً من التعريف للتكثيف والاختزال.

يفضل الدكتور أحمد جاسم الحسين مصطلح التكثيف على الاختزال بسبب مرجعية كل منهما ودلالته، وقد قال في هذه النقطة: " فالاختزال من الرياضيات وقد يشير إلى التكثيف أو إلى الابتسار في التكثيف أما التكثيف فهو مستعمل في ميدان النقد الأدبي وكذا الاقتصاد اللغوي المقترن بالشحن لما يبقى من مفردات أو تراكيب لأن تثوير الطاقات الكامنة للمفردات يعوض عن زيادتها"

وكدليل على ما ذهبنا إليه في مفهوم التكثيف في القصة القصيرة جداً يمكن طرح هذه الأمثلة من القصص التي تزخر بهذا العنصر الهام:

جاء في مجموعة القاص" مروان المصري" وتحت عنوان "أحلام عامل المطبعة" القصة التالية وهي بعنوان (إنقاذ):



"حينما هدد الغازي مدينتنا، كنا متأكدين كم يضمر لها من شرور، لكننا لم نلبث أن أدركنا أنه جاء ينقذنا من أنفسنا."





أما أحمد جاسم الحسين في كتابه(همهمات ذاكرة) فقد كتب قصة بعنوان(بحث):



"انسلت قطرة ماء عن صديقاتها قائلة: لقد تعبت من المشي الطويل!

دفنت رأسها في التراب، نامت... استيقظت... بحثت عن نفسها فلم تجدها!"



توحي القصص المكثفة السابقة بعوالم فنية وأدبية كبيرة، وهي وإن بدتْ بسيطة في مفرداتها لكنها غنية بالإيحاءات التي ترمي إليها تلك المفردات. بحيث أن حذف مفردة من تلك القصص سيشوه المعنى والبناء العام وسينقص دون شك من قوة الفكرة كما وأن إضافة مفردة أخرى إلى تلك القصص سيرهقها بالتأكيد وسيثقل كاهلها.

وقد توجت القفلات التي أدهشتنا في إيحاءاتها الغنية الجهد الذي بُذِلَ للوصول إلى نهايات بديعة من هذا النوع.

وقد تجلتْ الواقعية والمباشرة بشكل موظف ومتقن في هذه القصص إلى الدرجة التي تجعلنا نرددها مراراً ونستشهد بها في بعض الأحيان لما ترمي إليه، ولانطباقها التام على ما يجري وما نعيشه.

إنها قصص تسرد عالماً من المشاعر المتناقضة."

وبالله التوفيق.

ياسمين شملاوي
28/02/2009, 12:14 PM
اشكرك ايها الشوقي البهي ..الذي تتحفنا دوما ..بكل جديد مفيد
يسعدني اليوم ان اكون بين هذا الجمع الطيب الاصيل..
تابعت باهتمام ..ما اردفه الكتاب المميزون ..الذين لهم بصمات في بحور (ق.ق.ج )
في هذا الفضاء وفي فضاءات سابقة ..
وبقدر ما كنت ازداد معرفة ..بقدر ما تعتريني بعض الحيرة والتشتت..لاختلاف الاراء وتباينها ..
وادرك اسباب ذلك ..
ولكني ..لا اتفق مع كل من يحاول ان يحتكر الراي السديد بالامر ..
واجد ان يكون حكمنا على النصوص بالقواسم المشتركة ..
التي عبر عنها
كاتبنا قاسم عزيز " فلا اختزال مخل , ولا اسهاب ممل "
ومبدعنا طارق موقدي "فلا إفراط ولا تفريط"
..وارى ان لا يذهب النص للافراط بالرمزية ..وان يكون سهل المنال ..
من السهل ان ياخذه المرء مع قهوته الصباحية ويترك لديه ..الاندهاش والاثر ..
فاي نص يمكن ان نتذكر احداثه او فكرته ..بعد الذهاب لغيره ..
هو النص الناجح ..الذي يحقق للكاتب بعض اهدافه ..في محاكاة العقل والوجدان ..
فتبا لكل نص ..لا لا يلامس شغاف القلب ..ويثير العقل والتفكير ..

مسلك ميمون
28/02/2009, 02:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الصديق شوقي بن حاج السلام عليك و رحمة الله .

أشكرك أنك طرحت مسالة ( التكثيف ) في القصة القصيرة جداً للنقاش . و الذي ارغب فيه أن ينصب النقاش على كيفية التكثيف لا عن وجوده أو عدم وجوده في القصة عموماً ، و القصّة القصيرة جداً بخاصة .
فإن سألتني رأيي كمتتبع لما ينشر في (واتا ) و منابر و مواقع أخرى أقول لك إنّ الخلط كبير لدى المبدعين في هذه المسألة . بل هناك من لا يرغب قطعاً في مسألة التّكثيف عزوفاً و هروباً من تبعاتها و ما تتطلبه من دراية؛ و مشقة؛ و تقنيات ؛ و تجربة .

كيف يكون التكثيف اللّغوي و ما دوره :

إنّ الفنية الإبداعية الأدبية سواء في السرديات أو في الشّعر لا تتأتى إلا بالنسق المناسب . في القصة لا بدّ من اللّغة القصصية . و في الشّعر لا بدّ من اللّغة الشّعرية . وهذا يعني ، ألا محلّ للغة العادية natural langage الإخبارية التقريرية الخطابية المباشرة ...
إذاً ، نحن أمام لغة مختلفة ، ذات خصوصية ، قد تصبح قيمتها في نفسها لأنّها فنية . على عكس اللغة العادية ، التي قيمتها فيما تحمله من أخبار .
و لكي تكون اللّغة فنية ( قصصية أو شعرية ) ينبغي للمبدع الإلمام قدرالإمكان ( بكمياء) اللّغة : قواعد النحو و الصرف و ضروب البلاغة . و ( فزياء) اللّغة : علم المعني أو الدلالة sémantique و الأسلوبية stylistique و علم العلامات semiologie فضلا عن علم اللغة science du langage وعلم السردromanesque و تضاف إلى كلّ هذا الخبرة الشخصية التي يكتسبها المبدع من خلال مطالعاته الخاصة لإبداعات الآخرين .
فإذا كانت اللغة الفنية المكثفة تتطلب هذا و غيره . فإنّ الكثير لا يعبأ بها . و ينطلق في كتابته انطلاقا من موهبة في حاجة إلى صقل ، و من تقليد و محاكاة في حاجة إلى توجيه و ترشيد . فتأتي الكتابة إما مفككة منحلة تعرض حمولتها عرضاً و ينتهي دورها . و إمّا تأتي طلاسم معقدة ، أو أحجية وألغاز منغلقة .... فلا تواصل بين المرسل و المرسل إليه . و يفتح المجال للنقد الإسقاطي ، و النقد الإنطباعي الاعتباطي و التعليقات اللامسؤولة كما هو عندنا في ( واتا ) وكلّ يأوّل ما شاء كيفما شاء . و لا أحد يستنطق النّص . أو يفتح مغالقه ... و هذا ليس في النقد أو الإٌبداع في شيء .
فالمراد بالكثافة اللّغوية : الإيجاز غير المخل ، الذي يوحي بالرؤى الممكنة ، التي قد يأتي بها الإطناب الممل . و التّكثيف ـ بالتّالي ـ ليس التعجيز أو الإبهام أو الألغاز ... فذاك كله لا يأتي به غير مبتدئ في الفن ، أو مشوش الذهن أو فاشل في عمله ...
و مسألة التكثيف ليست جديدة في أدبنا العربي فمن يعود إلى كتاب : (المستطرف في كل فنّ مستظرف ) للأبشهي سيجد عجباً .و من يعود إلى محموعة جبران خليل جبران : ( المجنون ) التي ظهرت منذ ثمانين سنة سيكتشف أنّ مسألة التّكثيف واردة في أدبنا المعاصر . لنتأمل هذه القصة القصيرة جداً لجبران ، و لنركزعلى العامل اللّغوي و الأسلوبي :

(("خرج الثّعلب من مأواه عند شروق الشّمس، فتطلع إلى ظله منذهلاً، وقال: سأتغدى اليوم جملاً، ثم مضى في سبيله يفتش عن الجمل الصباح كلّه، وعند الظهيرة تفرَّس في ظله ثانية، وقال مندهشًا: بلى.. إن فأرة واحدة تكفيني.."))

إذاً بإيجاز غير مخل ، و تكثيف بليغ و صلت الرسالة ، و أغنت عن نص قد يطول ويستغرق صفحات . و قد لا يترك أثراً كما تركه هذا النص المقتضب الفني .
و إنّ التكثيف عند المبتدئين غير الواعين به و غير المتمكنين أساساً ، ليذكرني بالمذهب الانغلاقي الذي يذهب إليه بعض كسالى الفن و المتنطعين و راء الشهرة و بأي ثمن كالذي نجده عند فنان تشكيلي :

يحكى أنّ رجلا ذهب رفقة زوجته إلى معرض لوحات تشكيلية . فطافا على اللّوحات و لم يفهما شيئاً . كلّ ما هناك لوحات فيها خطوط هندسية و منحنيات و منعرجات بألوان مختلفة . فقررا أن يسألا الفنان عن لوحة تحمل عنوان : وجه من الطبيعة . فكلّ ما أمامهما لوحة فيها ثلاثة خطوط أفقية : خطّ أرجواني ، في أسفله خطّ أزرق ، و خط أخضر تتوسطه نقطة سوداء في أسفل اللّوحة فقط .
فقال الفنان التشكيلي موضحاً : الخطّ الأرجواني عبارة عن الأفق المتوهج ، و الخطّ الأزرق البعد الفضائي ألا متناهي ...
فاندفعت السيدة تسأل في لهفة : و الخطّ الأخضر ؟
فقال الفنان مبتهجاً : الخطّ الأخضر عبارة عن مروج خضراء مترامية الأطراف .
فقال الزوج حائراً : و النقطة السّوداء وسط الخط الأخضر ؟؟؟
فقال الفنان ببساطة : إنّها بقرة تأكل العشب .

هذا ما يسبب عقم التّواصل . و يدعو إلى النّفور من الفن . و هو تكثيف بدون جدوى ، و لا يأتيه إلا مَن هو فاشل في خلق لغة فنية معبرة تواصلية .

أمّا دور اللّغة المكثفة.فهو دور فني أساساً.لأنّها تفرز نصاً قابلا لقراءات متعددة . و يساعد على فتح نوافذ مختلفة ،من أجل لتأويلات و رؤى وأبعاد قد لا تخامر المبدع نفسه . و لقد لاحظت هذا مراراً من بعض مبدعينا في ( واتا ) يتساءلون كيف أنّ قصة قصيرة من ثلاثة أسطر جاءت بكلّ هذه التعليقات المختلفة، و أحياناّ المتضاربة والمتداخلة ... ؟؟ و لكن ينسى المبدع أنّه في عملية الإ ٌبداع قد سلك بقصته المسلكَ الفني المرغوب و المطلوب ... ألا و هو الكتابة المكثفة . و أعتقد أنّني في كلّ قراءاتي ركّزت على مسألة التكثيف و يمكن العودة إليها . إنّما ما يمكن الحرص على ذكره ، أنّ عملية التّكثيف اللغوي ليست بالعملية السّهلة و الهينة ، و بخاصّة ، بالنسبة للمبتدئين أو الذين لم يوتوا حظاً وافياً و و فيراً، من اللّغة و أساليبها ، و ضروب بلاغتها ....

د مسلك ميمون

شوقي بن حاج
28/02/2009, 07:09 PM
اتفق مع الأخ / محمد فائق البرغوثي

القصة المكثفة جدا التى تكتب هذه الأيام فى سطر لا تعد قصة
لأن القصة وهى من قص الأثر أى تتبعه وإن لم تكن فى القصة حدوتة لم تكن قصة
وهذا السطر الذى يعدوه قصة هو أشبه بالحكمة أو بالأحجية
كمن قدم لى فزورة وعلى أن أحل لغزها ، أو بمعنى أصح هو يطلب منى تأليف القصة
فمثلا إذا قصة كتبت بهذا الشكل ( تقابلا وتبادلا وافترقا ) فعندما أعلق على مثل هذا الشكل أقول :
ما بين اللقاء والافتراق تكمن القصة ، لأنه ليس كل لقاء متشابه ولا كل فراق لنفس السبب.
واسلوب الكاتب هو الذى يميز قصة عن أخرى فى نفس الفكرة.
القصة ليست كمال أجسام عضلات فقط ولكن القصة انسان دم ولحم ..
أرجو ألا نحتج بسرعة العصر لأنه مهما أختلف العصر ولكن الذى يسترخى لكى يقرأ قصة فهو يريد أن يقف على الحدوتة كاملة مزينة باسلوب صاحبها ، وبوجهة نظره الخفية فى العمل وباسلوبه الرشيق ومحسناته البديعة أو بنفسه فى القص إلى أخره .
وعلى ذلك أنا لست مع الاختزال إلى حد البتر فتجد المبدع إذا كتب قصيده كتبها فى عشرين سطرا ثم إذا كتب قصة كتبها فى سطر واحد .. هل هذا معقول.
وبالقطع الاسهاب والترهل فى العمل يصيب الملل ويدعو إلى ترك العمل وهنا الكاتب المحترف كيف يجذب القاريء أى يجرجره للقراءة

تحياتى للجميع

:fl:



أختي / نادية

أشكر لك تكرمك بمشاركتنا الموضوع

أشير أننا نتكلم على مصطلح التكثيف في الق.ق.ج

من كل الجوانب وأرى أن ما كنت تتكلمين عنه يخضع

إلى القصة القصيرة...

نحن هنا لسنا مع البتر ولو أنه يكون حذفا فنيا في بعض الأحيان

أو يكون تقنية تجريبية جميلة

أرجو أن تواصلي معنا المناقشة مع الأساتذة

تقبلي الإحترام كله

حسن البقالي
28/02/2009, 10:43 PM
هل صار التكثيف حصان طروادة الذي سينسف معمار مدينة القص، والشجرة التي تخفي الغابة؟
أطرح السؤال لأنني أرى توجها إلى البلوغ بالتجريب درجة محو الأثر الأدبي ككل، و"قصصية" النص واستبدال ذلك بنوع من الشذرات الحكمية والخواطر التأملية المحسوبة تجاوزا على القص القصير جدا..
التكثيف هو لغة الحلم..هو لاوعي اللغة..
هو اغتراف دلاء كثيرة من بئر المعنى يصلها حبل واحد للكلام..دال لمجموعة دوال..هو إفقار المبنى وإشباع المعنى..
هو اللغة حين تصير عمارة من طوابق متعددة يستخدم القارئ مصعدا لبلوغ أحدها أو الأدراج للتنقل بينها..
التكثيف مهم في الرواية وأهم منه في القصة القصيرة وأكثر أهمية في القصة القصيرة جدا..
لكن رجاء..
هو خاصية واحدة ضمن أخريات..
وكما قلت في حيز آخر (والواضح أن هذا التعبير راقني) لا أريد للتكثيف أن يصبح تكتيفا للكاتب ولا الإضمار ضمورا في جسد النص..
كل فكرة وشكلها النهائي..
يمكن كتابة قصة قصيرة جدا في عشر كلمات..على ألا يصير ذلك هدفا لكل كتابة وكأني بالكتاب رياضيون يسعون لتحقيق رقم قياسي لدخول كتاب "غينيس"للتكثيف.
مودتي أخي شوقي بن حاج

شوقي بن حاج
01/03/2009, 05:38 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

سلام الله على الأخ شوقي و الأخ البرغوثي و على الأختين غادة و نادية و على عشاق الفن و الأدب و خاصة فن القصة ق جدا...

من الكم يستطيع الكاتب أو الناقد أو الباحث عن وضع الأسس التي تشكل أرضية مشتركة بين التصور العام الذي نطمح إليه في خلق "فن أصيل ممتع عذب و هادف" و عن العناصر المكونة لهذا الفن...و من ضمنها مصطلح التكثيف كمصطلح لا يمكن تجاوزه بسهولة ،على اساس أنه يشكل جوهر القصة القصيرة جدا، و من تم تحديد معالمه يصبح من الضروريات...

التكثيف هو حشد مجموعة من الإيحات من المعاني من الدلالات في كلمة أو جملة توحي للقارئ بعدة احتمالات قد تتقاطع في المعنى و قد تتقارب كذلك...فمن خلال السياق العام للجملة القصصية...تبدو الإحالة على عدة احتمالات قابلة للتصديق من قبل المتلقي...دون أن تشير إلى معنى محدد و مقصود لا يقبل التأويل و التأويل في ذهنية القارئ....

فكرة خطرت لي ببالي عندما قرأت الموضوع...أتمنى أن تكون قد قربت المعنى الغامض في الواقع الواضح في الذهن إلى حد ما...

و لأجيب باختصار ليس بالنيابة عن شوقي و لكن عن التساؤل...لأن الأخ شوقي لديه الكثير في هذا الباب...و لكن ليظل النقاش في اتجاه تحديد مصطلح التكثيف....كل فن كيفما كان تصنيفه الأدبي الاصطلاحي {شعر -رواية - قصة - ق قصيرة - ق ق ص جدا- مقالة - خاطرة إلى غير ذلك} هو "قول" من قائل لمتلقي...هذا القول يأخذ شكلا معينا...فالشكل المعين هو الذي يحاول عشاق هذا الفن تأسيسه كما تم تأسيس تصورات تتشابه أو تختلف لفنون أخرى...

لك الاحترام و التقدير...

أخي/ سعيد نويضي

أشكرك أولا لمساهمتك الطيبة في مناقشةهذا الموضوع الهام

في الحقيقة يكاد التكثيف من أهم العامل التي تصنع الأدب

التكثيف هوتسمية أخرى للإيجاز...والإيجاز كما يقول فقهاء اللغة هو البلاغة

التكثيف إذا هو من يمنح للمتلقى قدرة المشاركة والتفاعل مع الكتابة الأدبية الإبداعية

لك نرجس الحروف كلها

شوقي بن حاج
01/03/2009, 10:32 PM
الأستاذ شوقي بن حاج،

في القصة القصيرة جداً كل ما هو غير لازم فهو زائد.. إن كان بالإمكان حذف عبارة أو كلمة دون المساس بالمعنى والعمق الذي تعكسه القصة فهذه الكلمة أو هذه العبارة زائدة

أختي / هيمى المفتي

الإشكال هنا هو ما هو اللازم وما هو غير اللازم

نحن نفهم الأمر ككتاب وكمذوقون

مفهوم التكثيف لم يتوضح بدقة

تقبلي الفاكهة كلها

شوقي بن حاج
02/03/2009, 03:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي شوقي بن حاج، حياك الله على طرحك لهذا السؤال المهم، الذي يعتبر في اعتقادي وفي اعتقاد كل من يحمل هم الق ق ج أحد الركائز الأساسية في هذا الفن النبيل،والذي يعتمد جملا مركزة وقصيرة جدا،لكنها تحمل ما تحمل من دلالات واسعة أثناء كل قراءة ( صور..إيحاءات..)
يمكن أن يكون التكثيف حاضرا بقوة كبيرة ،وأستشهد بأقصوصة لمبدعنا الكبير القاص عبد الحميد الغرباوي من خلال آخر إصداراته (أكواريوم) يقول في إحدى قصيصاته والمعنونة ب " فقر": (يداه الحالمتان، تستيقظان، دائما، مغلقتين قابضتين على الخواء )
وهنا يمكن تسمية هذه القصيصة نكاية لأن التكثيف فيها حاضر بقوة.

أخي / كمال دليل الصقلي

أتفق معك بان التكثيف هو ركيزة ركائز القصة القصيرة جدا

فإذا علمنا لأن الأدب كله مبني على أفكار وعلى مشاعر وأحاسيس

مبنية على لغة أدبية خاصة تحمل اللغة البلاغية والإيحائية

إذا فالشعر والقصة والمسرح كلها أجناس تتفق من حيث

الفكرة واللغة وربما حتى الختمة / القفلة

ليبقى لنا التكثيف الشديد كخاصية للق.ق.ج وهي تتفق مع بعض الأجناس

خاصة الشعر...لكنه ارتباط الق.ق.ج بهذا الخاصية هو ارتباط أشد تعلقا

فقط هنا أتسائل في تمثيلك بنص للأديب / عبد الحميد الغرباوي

هل يمكننا أن نضع أشكالا داخل الق.ق.ج بمعنى أيمكننا أن نفرق مثلا بين :

الشذرة - الومضة - اللقطة - القصيصة....

لتبقى تسمية الق.ق.ج هي الجامع بينها

تقبل القرنفل كله

سعيد أبو نعسة
02/03/2009, 09:55 PM
أحبائي
لن أضيف الكثير على ما تفضل به الزملاء
أعتقد أن التكثيف في الشعر هو ذاك الذي يحيل القارئ إلى دلالات متنوعة و قراءات شتى و لكن فيما يخص السرد فإن مثل هذا التكثيف يخل بالحدث المحدد الذي يقصده الكاتب وهو بالتالي يفصم عرى الحدث و يضع القارئ في حيرة من أمره وفي حاجة إلى اختيار الدلالة المناسبة للحدث و هذا يشتت فكره و يقطح حبل أفكاره المرتبط بالحدث.
إن ما يقصد عادة بالتكثيف في مجال السرد هو الاختصار و الاختزال و شطب الزوائد غير الضرورية كالشرح و التفسير و التكرار.
و الله أعلم

شوقي بن حاج
03/03/2009, 03:51 PM
العزيز / شوقى بن حاج

تحياتى لكط وللعزيز / رشيد حاجب
اسعد الله صياحكم بكل الخير .. ..

اعتقد ايها الحبيبين ان عنصر التكثيف فى الق ق ج هو من اهم خصوصياتها ؛ التكثيف غير المخل بالفكرة المستهدفة
حيث انها لا تحتمل اسهابا أو اطنابا , ويتوقف الامر على الكفاءة اللغوية وحسن الصياغة وهى امور يتفرد بها كل كاتب عن آخرين ممن يلجون نفس المجال , ويمكن أن نسمى التكثيف الذى نقصده بأنه " التكثيف الوافى " لأنه ايضا لا يجب ان يكون مخلا لا يكفى لتوصيل الرسالة , بحيث لا يضطر القاص ان يحتج على ناقده أو متلقيه بانه يقصد كذا دون كذا مما وصل لللآخرين لأنه لم يحسن اختيار مفرداته , أو لم يحسن اختيار موضعها .
واظنها تلك اللمسات الخاصة التى عناها العزيز / محمد فائق , فكل من يكتب فى القصة لديه مفرداته الخاصة التى ربما تمكنك من اقتناص انتاجه من بين الآخرين لانك سبق وقرأت له سواء قصة ق أو قصة ق ج .
وأستطيع الجزم بان أيا من كتاب الق ق ج لابد وان يكون بشكل أو بآخر قارئا للقرآن الكريم أو حافظا له فى صغره . لأنك لن تجد من المفردات اللامة والمفضية الى معان شتى وفق الصياغة ؛ الا فى هذا الكتاب السماوى المعجز .
وقد كان فى ما صح عن الرسول الكريم من أحاديث من التكثيف والايحاء المفضى الى معان كثيرة ما يكفى لاعتباره نموذجا لما نبحث عنه , فلا اختزال مخل , ولا اسهاب ممل " . . , قل آمنت بالله ثم استقم "
" اللهم علمنا القرآن , وذكرنا منه ما نسينا " .:fl:

أخي / قاسم عزيز

جميل ما قدمته خاصة الإستدلال بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية

أرجو أن تعاود النقاش في الموضوع بناء على طروحات الإخوة

تقبل الزهور كلها

شوقي بن حاج
03/03/2009, 03:58 PM
جاء في موضوع / ما الأهم في الق.ق.ج؟ تعليق الأخ القاص /قوادري علي

الأستاذ شوقي بن حاج
شدني اجتهادك المميز في المحاولة
للتأسيس لهذا النوع الجديد المسمى ق ق ج..
فرحت اتتبع ماجاء في هذه الصفحة
وما قاله المبدعون الذين اثروا النقاش
وبلوروا فكرة واضحة قد تكون
الأساس لمن يريد الخوض في مثل هذه التجرب الإبداعية..
في نظري كل ما قاله الأخوة مهم للمبدع
لكني ارى أن القصة ق ج بهذا المفهوم هي
نص موجه لقارئ افتراضي..يعني اننا بهذه العناصر
نكتب لقارئ يفترض أن يمسك بناصية اللغة
ويستطيع فك طلاسمها بسهولة ولا يستعص
عليه فهم خلفيات النص..ومنه فالقصة ق ج
ستكون نخبوية ممنوعة على ذوي المستوى البسيط.
تقبلو سيدي مني روائح الشيح البري وتحايا الطيور المغردة
شكرا
:fl:
http://wata.cc/forums/showthread.php?p=341805#post341805

شوقي بن حاج
03/03/2009, 09:57 PM
اعتقد ان قراءة سريعة لما يشير إلية الإستطلاع يبين لنا تفاوت بسيط بين كل العناصر المذكورة
إلا ان التكثيف، وهو هنا عنوان الموضوع يتفوق على غيره من العناصر بقليل

بمعنى أدق، لا بد للقاص ان يركز على كافة عناصر الق ق ج ، ولا بأس إن تراجع احد العناصر
امام اخر حسب حاجة النص، لكني أرى ان التكثيف هو أحد أهم سمات الق ق ج
خاصة إذا اتفقنا أن العناصر الأخرى هي متظلبات بديهية في كثير من الأحيان
قهل نستطيع كتابة قصة دون فكرة تدور حولها، هذا عداك عن اللغة وهي المادة الخام التي يعجنها القاص
ليخرج لنا ببناء قصصي ابداعي جميل.
كذلك لا بدة من حبكة جيدة وقفلة ذكية تطبع القصة في ذاكرة المتلقي وتؤثر في فكره وثقافته الى حد ما.

كما اسلف أغلب المتداخلين فان التكثيف المدروس هو المطلوب، فلا يكون على حساب اي من العناصر ألاخرى
فلا إفراط ولا تفريط

أخير أظنني قد اسهبت، وابتعدت أنا نفسي عن التكثيف، لكني لم أنسى أن:
خير الكلام ما قل ودل.
فهي قمة التكثيف

تحية مكثفة جدا

أخي / طارق

سعيد بمشاركتك المناقشة لهذا الموضوع المهم

أرجو أن نستفيدا معا ...

كما أرجو أن تطلع على المداخلات الجديدة

خاصة للدكتور /مسلك ميمون

تقبل القرنفل كله

شوقي بن حاج
05/03/2009, 09:11 PM
الإخوة الأعزاء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحقيقة أننا كنا ننتظر تحديدا دقيقا لمعنى " التكثيف " ولا شيء غير التكثيف حتى نخرج بتصور شامل يمكن أن يصبح قاعدة عامة .ولنلاحظ أن السؤال موجه لكتاب القصة من جهة ولنقادها من جهة أخرى ، وذلك لأختلاف التصور لدى كليهما.
لكن ما يهمنا بالضبط هو رأي القاص نفسه وتعامله مع هذا العنصر الهام والحساس من عناصر ال ق ق ج .أي أن يروي لنا القاص تجربته في ممارسة التكثيف ، والمشكلات التي تواجهه وليس إبداء آراء عامة قد نجدها هنا وهناك ببضع كبسات على محرك البحث.

وتسهيلا للمهمة أضع هذا المقال هنا للإستئناس ريثما تتوضح الرؤى:

"

لابد في القصة القصيرة جداً من توفر الحدث القصصي حتى وإن كان ومضة سريعة، لأنه من دون حدث لا يمكن أن تجد ما ترويه وبذلك تفتقد منذ اللحظة الأولى أهم شرط من شروط القصة القصيرة جداً.

لابد كذلك من الاشتمال على قدر من الشاعرية يحقق سمواً ملموساً بالعنصر اللغوي أثناء القص, ولابد من توفر عنصر المفارقة والإدهاش والنهاية المحكمة التي ينبغي لها أن تفاجئ القارئ وقد تصدمه.

ولكن الأهم من كل ذلك هو أن تتوافر القصة القصيرة جداً على عنصر التكثيف في اللغة، والاقتصاد الشديد فيها فـ"إدجار آلان بو" يقول:

"يجب ألا تكتب كلمة واحدة لا تخدم غرض الكاتب." وإلا لماذا نكتب قصة قصيرة جداً ما دمنا نرغب في الاستطراد..؟

يجب أن يتم العمل بالتكثيف بحيث يكون من الصعوبة بمكان الاستغناء عن سطر واحد فيها، إذ لا تحتمل القصة القصيرة جداً الحشو والإطناب والغوص في التفاصيل، إنها تحتاج الاقتصاد في اللغة وتوليد المعنى من تركيب مفردات اللغة ومن سياق العبارة وتموضعها في الحيز وليس من شرح الأفكار.

باختصار يجب أن يكون العمل متماسكًا مكثفًا متخلصًا من السرد غير اللازم الذي يصيب العمل بالترهل، وربما كانت مقولة يوسف إدريس والذي لم يكن منظراً أو رائداً لهذا الأدب الذي نتحدث عنه بل كان فتحاً في عالم القصة القصيرة والرواية والمسرح خير دليل، عندما قال:

"إن الهدف الذي أسعى إليه هو أن أكثف في خمس وأربعين كلمة، ـ أي في جملة واحدة تقريبا ـ الكمية القصوى الممكنة من الإحساس، باستخدام أقل عدد ممكن من الكلمات." ولهذا يجب أن يكون العمل متماسكًا في وحدة عضوية شديدة، وأن يكون محكم البناء، وأن يمسك الكاتب بعناصر الكتابة جيدًا حتى يستطيع أن يفرغ على الورق كل ما يدور بداخله بدقة وصدق ليضمن وصوله إلى القارئ في سهولة وصدق أيضًا.
يرى بعض الكتاب في التكثيف قوة للنص، بينما يرى البعض الأخر بأنه إرهاق لبعض مكونات القصة والاختلاف في ذلك من حق الجميع وفي النهاية فإن النص الإبداعي هو الفيصل.

ومهما اختلفت الآراء وتضاربت فإن الاختزال في كل جنس من أجناس الأدب هو إبداع بحد ذاته "فالبلاغة في الإيجاز".

والاختزال أنواع فثمة اختزال يضر النص ويؤرقه دون أن يمنحه ما اصطلح على تسميته بالاختزال التحريضي وذلك بتحريض القارئ على تفعيل مخيلته في فك تشفير الفكرة والمفردات، ويتوقف ذلك على مدى حميمية علاقة الكاتب باللغة بالدرجة الأولى والأخيرة.

وهناك بعض الكتاب الذين انصرفوا إلى اختزال وتكثيف نصوصهم بشكل مبالغ فيه ما حدا بالقارئ إلى الإحساس بالغباء وهذا ما يسمى بالاقتصاد أو التكثيف غير الموظف، فهؤلاء يختزلون من أجل الاختزال فقط ويقومون بإنشاء تراكيب غير متناسقة وغير ذات معنى من أجل التكثيف.

وأرقى صور الاختزال والتكثيف هو الاختزال على مستوى اللغة؛ الذي يجرد فيه الكاتب لغته قدر الإمكان من كل ما لا يخدم غرضه الفني.

التكثيف ليس مطلوباً دائماً ولا الإطالة مطلوبة دائماً والأمر متروك لخبرة القاص وظروف النص المكتوب، فالكاتب وحده هو الذي يعرف متى يجب أن يكثف ومتى يجب أن يتوسع.

فعندما يغيب الحوار وينحسر السرد ويتلاشى الزمان والمكان تحت وطأة التكثيف والاختزال يجب أن يستعيض الكاتب عن ذلك بلغة رشيقة مكثفة تغدو فيها القصة القصيرة جداً كلوحة أو قصيدة.

التكثيف مرحلة خطيرة جداً في كتابة القصة لأنها عملية ذهنية شديدة الحساسية وقد لا يتفق النقاد على مفهوم محدد للتكثيف والاختزال لان المحرك المعرفي والثقافي لديهم مختلف وهو ما يحدد مستوى معيناً من التعريف للتكثيف والاختزال.

يفضل الدكتور أحمد جاسم الحسين مصطلح التكثيف على الاختزال بسبب مرجعية كل منهما ودلالته، وقد قال في هذه النقطة: " فالاختزال من الرياضيات وقد يشير إلى التكثيف أو إلى الابتسار في التكثيف أما التكثيف فهو مستعمل في ميدان النقد الأدبي وكذا الاقتصاد اللغوي المقترن بالشحن لما يبقى من مفردات أو تراكيب لأن تثوير الطاقات الكامنة للمفردات يعوض عن زيادتها"

وكدليل على ما ذهبنا إليه في مفهوم التكثيف في القصة القصيرة جداً يمكن طرح هذه الأمثلة من القصص التي تزخر بهذا العنصر الهام:

جاء في مجموعة القاص" مروان المصري" وتحت عنوان "أحلام عامل المطبعة" القصة التالية وهي بعنوان (إنقاذ):



"حينما هدد الغازي مدينتنا، كنا متأكدين كم يضمر لها من شرور، لكننا لم نلبث أن أدركنا أنه جاء ينقذنا من أنفسنا."





أما أحمد جاسم الحسين في كتابه(همهمات ذاكرة) فقد كتب قصة بعنوان(بحث):



"انسلت قطرة ماء عن صديقاتها قائلة: لقد تعبت من المشي الطويل!

دفنت رأسها في التراب، نامت... استيقظت... بحثت عن نفسها فلم تجدها!"



توحي القصص المكثفة السابقة بعوالم فنية وأدبية كبيرة، وهي وإن بدتْ بسيطة في مفرداتها لكنها غنية بالإيحاءات التي ترمي إليها تلك المفردات. بحيث أن حذف مفردة من تلك القصص سيشوه المعنى والبناء العام وسينقص دون شك من قوة الفكرة كما وأن إضافة مفردة أخرى إلى تلك القصص سيرهقها بالتأكيد وسيثقل كاهلها.

وقد توجت القفلات التي أدهشتنا في إيحاءاتها الغنية الجهد الذي بُذِلَ للوصول إلى نهايات بديعة من هذا النوع.

وقد تجلتْ الواقعية والمباشرة بشكل موظف ومتقن في هذه القصص إلى الدرجة التي تجعلنا نرددها مراراً ونستشهد بها في بعض الأحيان لما ترمي إليه، ولانطباقها التام على ما يجري وما نعيشه.

إنها قصص تسرد عالماً من المشاعر المتناقضة."

وبالله التوفيق.


الأديب/ عبد الرشيد حاجب

أستسمحك بأنني نقلت المقال إلى الموضوع أعلاه لما فيه من فائدة

التحليل يستحق أن يفرد في متصفح مستقل

تقبل العراجين كلها

عبد الرشيـد حاجب
05/03/2009, 09:32 PM
أخي شوقي هذا المقال ليس لي ، كان في حاسوبي من بين عشرات المقالات ولا وقت لدي للنبش لمعرفة صاحبه ، فالرجاء

الإشارة لذلك ...

فأما رأيي فهو في الطريق ويركز على التكثيف وحده دون غيره ، لكنها المشاغل والتشتت وسائر ما نعاني منه جميعا.

تقبل محبتي وتحياتي الجزائرية الخالصة.

شوقي بن حاج
05/03/2009, 09:41 PM
أخي شوقي هذا المقال ليس لي ، كان في حاسوبي من بين عشرات المقالات ولا وقت لدي للنبش لمعرفة صاحبه ، فالرجاء

الإشارة لذلك ...

فأما رأيي فهو في الطريق ويركز على التكثيف وحده دون غيره ، لكنها المشاغل والتشتت وسائر ما نعاني منه جميعا.

تقبل محبتي وتحياتي الجزائرية الخالصة.

أخي / رشيد

أشكرك على الأمانة العلمية

أرجو أن تعود لمناقشة الموضع أكثر فأكثر

لخروج بخلاصة نهائية

تقبل قلب اللوز كله

باسين بلعباس
05/03/2009, 09:58 PM
أخي شوقي:
التحية والتقدير
البحث عن التكثيف،يبدأ من العنوان،وأجد عنوانك أطول من اللازم:
ما التكيف؟
كيف يتم التكثيف؟
لماذا التكثيف؟
هل من ضرورة في التكثيف؟
ماذا تعرف عن التكثيف؟
ما موقع التكثيف إبداعيا؟
ثم لماذا تعيّن المخاطب:أيها القاص أو الناقد
الذي يكتب في التكثيف،لا يخرج عن واحد من هذين المعنيين،
فلا نجد طبيبا لا يشتغل بالأدب سيدلي بدلوه،
ولا مهندسا في الميكانيك،أو العمارةأو الكهرباء،
سيدلي بدلوه،لأننا لن نذهب إلى واحد منهم إن طلب الرأي في اختصاصهم..
أما التكثيف،كعنصر،فلي عودة إليه قد تكون في آخر المداخلات..
تقبل ما بين الأغواط وحاسي الرمل من بنفسج..

شوقي بن حاج
15/03/2009, 03:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الصديق شوقي بن حاج السلام عليك و رحمة الله .

أشكرك أنك طرحت مسالة ( التكثيف ) في القصة القصيرة جداً للنقاش . و الذي ارغب فيه أن ينصب النقاش على كيفية التكثيف لا عن وجوده أو عدم وجوده في القصة عموماً ، و القصّة القصيرة جداً بخاصة .
فإن سألتني رأيي كمتتبع لما ينشر في (واتا ) و منابر و مواقع أخرى أقول لك إنّ الخلط كبير لدى المبدعين في هذه المسألة . بل هناك من لا يرغب قطعاً في مسألة التّكثيف عزوفاً و هروباً من تبعاتها و ما تتطلبه من دراية؛ و مشقة؛ و تقنيات ؛ و تجربة .

كيف يكون التكثيف اللّغوي و ما دوره :

إنّ الفنية الإبداعية الأدبية سواء في السرديات أو في الشّعر لا تتأتى إلا بالنسق المناسب . في القصة لا بدّ من اللّغة القصصية . و في الشّعر لا بدّ من اللّغة الشّعرية . وهذا يعني ، ألا محلّ للغة العادية natural langage الإخبارية التقريرية الخطابية المباشرة ...
إذاً ، نحن أمام لغة مختلفة ، ذات خصوصية ، قد تصبح قيمتها في نفسها لأنّها فنية . على عكس اللغة العادية ، التي قيمتها فيما تحمله من أخبار .
و لكي تكون اللّغة فنية ( قصصية أو شعرية ) ينبغي للمبدع الإلمام قدرالإمكان ( بكمياء) اللّغة : قواعد النحو و الصرف و ضروب البلاغة . و ( فزياء) اللّغة : علم المعني أو الدلالة sémantique و الأسلوبية stylistique و علم العلامات semiologie فضلا عن علم اللغة science du langage وعلم السردromanesque و تضاف إلى كلّ هذا الخبرة الشخصية التي يكتسبها المبدع من خلال مطالعاته الخاصة لإبداعات الآخرين .
فإذا كانت اللغة الفنية المكثفة تتطلب هذا و غيره . فإنّ الكثير لا يعبأ بها . و ينطلق في كتابته انطلاقا من موهبة في حاجة إلى صقل ، و من تقليد و محاكاة في حاجة إلى توجيه و ترشيد . فتأتي الكتابة إما مفككة منحلة تعرض حمولتها عرضاً و ينتهي دورها . و إمّا تأتي طلاسم معقدة ، أو أحجية وألغاز منغلقة .... فلا تواصل بين المرسل و المرسل إليه . و يفتح المجال للنقد الإسقاطي ، و النقد الإنطباعي الاعتباطي و التعليقات اللامسؤولة كما هو عندنا في ( واتا ) وكلّ يأوّل ما شاء كيفما شاء . و لا أحد يستنطق النّص . أو يفتح مغالقه ... و هذا ليس في النقد أو الإٌبداع في شيء .
فالمراد بالكثافة اللّغوية : الإيجاز غير المخل ، الذي يوحي بالرؤى الممكنة ، التي قد يأتي بها الإطناب الممل . و التّكثيف ـ بالتّالي ـ ليس التعجيز أو الإبهام أو الألغاز ... فذاك كله لا يأتي به غير مبتدئ في الفن ، أو مشوش الذهن أو فاشل في عمله ...
و مسألة التكثيف ليست جديدة في أدبنا العربي فمن يعود إلى كتاب : (المستطرف في كل فنّ مستظرف ) للأبشهي سيجد عجباً .و من يعود إلى محموعة جبران خليل جبران : ( المجنون ) التي ظهرت منذ ثمانين سنة سيكتشف أنّ مسألة التّكثيف واردة في أدبنا المعاصر . لنتأمل هذه القصة القصيرة جداً لجبران ، و لنركزعلى العامل اللّغوي و الأسلوبي :

(("خرج الثّعلب من مأواه عند شروق الشّمس، فتطلع إلى ظله منذهلاً، وقال: سأتغدى اليوم جملاً، ثم مضى في سبيله يفتش عن الجمل الصباح كلّه، وعند الظهيرة تفرَّس في ظله ثانية، وقال مندهشًا: بلى.. إن فأرة واحدة تكفيني.."))

إذاً بإيجاز غير مخل ، و تكثيف بليغ و صلت الرسالة ، و أغنت عن نص قد يطول ويستغرق صفحات . و قد لا يترك أثراً كما تركه هذا النص المقتضب الفني .
و إنّ التكثيف عند المبتدئين غير الواعين به و غير المتمكنين أساساً ، ليذكرني بالمذهب الانغلاقي الذي يذهب إليه بعض كسالى الفن و المتنطعين و راء الشهرة و بأي ثمن كالذي نجده عند فنان تشكيلي :

يحكى أنّ رجلا ذهب رفقة زوجته إلى معرض لوحات تشكيلية . فطافا على اللّوحات و لم يفهما شيئاً . كلّ ما هناك لوحات فيها خطوط هندسية و منحنيات و منعرجات بألوان مختلفة . فقررا أن يسألا الفنان عن لوحة تحمل عنوان : وجه من الطبيعة . فكلّ ما أمامهما لوحة فيها ثلاثة خطوط أفقية : خطّ أرجواني ، في أسفله خطّ أزرق ، و خط أخضر تتوسطه نقطة سوداء في أسفل اللّوحة فقط .
فقال الفنان التشكيلي موضحاً : الخطّ الأرجواني عبارة عن الأفق المتوهج ، و الخطّ الأزرق البعد الفضائي ألا متناهي ...
فاندفعت السيدة تسأل في لهفة : و الخطّ الأخضر ؟
فقال الفنان مبتهجاً : الخطّ الأخضر عبارة عن مروج خضراء مترامية الأطراف .
فقال الزوج حائراً : و النقطة السّوداء وسط الخط الأخضر ؟؟؟
فقال الفنان ببساطة : إنّها بقرة تأكل العشب .

هذا ما يسبب عقم التّواصل . و يدعو إلى النّفور من الفن . و هو تكثيف بدون جدوى ، و لا يأتيه إلا مَن هو فاشل في خلق لغة فنية معبرة تواصلية .

أمّا دور اللّغة المكثفة.فهو دور فني أساساً.لأنّها تفرز نصاً قابلا لقراءات متعددة . و يساعد على فتح نوافذ مختلفة ،من أجل لتأويلات و رؤى وأبعاد قد لا تخامر المبدع نفسه . و لقد لاحظت هذا مراراً من بعض مبدعينا في ( واتا ) يتساءلون كيف أنّ قصة قصيرة من ثلاثة أسطر جاءت بكلّ هذه التعليقات المختلفة، و أحياناّ المتضاربة والمتداخلة ... ؟؟ و لكن ينسى المبدع أنّه في عملية الإ ٌبداع قد سلك بقصته المسلكَ الفني المرغوب و المطلوب ... ألا و هو الكتابة المكثفة . و أعتقد أنّني في كلّ قراءاتي ركّزت على مسألة التكثيف و يمكن العودة إليها . إنّما ما يمكن الحرص على ذكره ، أنّ عملية التّكثيف اللغوي ليست بالعملية السّهلة و الهينة ، و بخاصّة ، بالنسبة للمبتدئين أو الذين لم يوتوا حظاً وافياً و و فيراً، من اللّغة و أساليبها ، و ضروب بلاغتها ....

د مسلك ميمون

الأديب الدكتور / مسلك ميمون

أستسمحك بوضع مقالك الرائع على عتبات الموضوع المطروح

للإستئناس والإستفاد

لك الود والورد

شوقي بن حاج
16/03/2009, 10:16 PM
اشكرك ايها الشوقي البهي ..الذي تتحفنا دوما ..بكل جديد مفيد
يسعدني اليوم ان اكون بين هذا الجمع الطيب الاصيل..
تابعت باهتمام ..ما اردفه الكتاب المميزون ..الذين لهم بصمات في بحور (ق.ق.ج )
في هذا الفضاء وفي فضاءات سابقة ..
وبقدر ما كنت ازداد معرفة ..بقدر ما تعتريني بعض الحيرة والتشتت..لاختلاف الاراء وتباينها ..
وادرك اسباب ذلك ..
ولكني ..لا اتفق مع كل من يحاول ان يحتكر الراي السديد بالامر ..
واجد ان يكون حكمنا على النصوص بالقواسم المشتركة ..
التي عبر عنها
كاتبنا قاسم عزيز " فلا اختزال مخل , ولا اسهاب ممل "
ومبدعنا طارق موقدي "فلا إفراط ولا تفريط"
..وارى ان لا يذهب النص للافراط بالرمزية ..وان يكون سهل المنال ..
من السهل ان ياخذه المرء مع قهوته الصباحية ويترك لديه ..الاندهاش والاثر ..
فاي نص يمكن ان نتذكر احداثه او فكرته ..بعد الذهاب لغيره ..
هو النص الناجح ..الذي يحقق للكاتب بعض اهدافه ..في محاكاة العقل والوجدان ..
فتبا لكل نص ..لا لا يلامس شغاف القلب ..ويثير العقل والتفكير ..

أختي / ياسمين

جميل منك هذا الجمع بين الآراء

السؤال هنا هل التكثيف هو الذي يجعل النص غامضا أو ضبابيا

هل هو الذي يصنع الإفراط في الرمزية

تقبلي الزيتون كله

شوقي بن حاج
19/03/2009, 08:37 PM
هل صار التكثيف حصان طروادة الذي سينسف معمار مدينة القص، والشجرة التي تخفي الغابة؟
أطرح السؤال لأنني أرى توجها إلى البلوغ بالتجريب درجة محو الأثر الأدبي ككل، و"قصصية" النص واستبدال ذلك بنوع من الشذرات الحكمية والخواطر التأملية المحسوبة تجاوزا على القص القصير جدا..
التكثيف هو لغة الحلم..هو لاوعي اللغة..
هو اغتراف دلاء كثيرة من بئر المعنى يصلها حبل واحد للكلام..دال لمجموعة دوال..هو إفقار المبنى وإشباع المعنى..
هو اللغة حين تصير عمارة من طوابق متعددة يستخدم القارئ مصعدا لبلوغ أحدها أو الأدراج للتنقل بينها..
التكثيف مهم في الرواية وأهم منه في القصة القصيرة وأكثر أهمية في القصة القصيرة جدا..
لكن رجاء..
هو خاصية واحدة ضمن أخريات..
وكما قلت في حيز آخر (والواضح أن هذا التعبير راقني) لا أريد للتكثيف أن يصبح تكتيفا للكاتب ولا الإضمار ضمورا في جسد النص..
كل فكرة وشكلها النهائي..
يمكن كتابة قصة قصيرة جدا في عشر كلمات..على ألا يصير ذلك هدفا لكل كتابة وكأني بالكتاب رياضيون يسعون لتحقيق رقم قياسي لدخول كتاب "غينيس"للتكثيف.
مودتي أخي شوقي بن حاج

أخي / حسن

الإشكال هو أن كل المهتمين بالق.ق.ج يؤكدون أن الأهم في الق.ق.ج هو التكثيف
ربما ما ذبت إليه يؤكد سؤالا آخر هو : إلى أي مدى يكون التكثيف في الق.ق.ج

أرجو أن تدلي برأيك في فكرة أشكال الق.ق.ج المطروح أعلاه

تقبل المودة كلها

شوقي بن حاج
20/03/2009, 12:37 AM
أحبائي
لن أضيف الكثير على ما تفضل به الزملاء
أعتقد أن التكثيف في الشعر هو ذاك الذي يحيل القارئ إلى دلالات متنوعة و قراءات شتى و لكن فيما يخص السرد فإن مثل هذا التكثيف يخل بالحدث المحدد الذي يقصده الكاتب وهو بالتالي يفصم عرى الحدث و يضع القارئ في حيرة من أمره وفي حاجة إلى اختيار الدلالة المناسبة للحدث و هذا يشتت فكره و يقطح حبل أفكاره المرتبط بالحدث.
إن ما يقصد عادة بالتكثيف في مجال السرد هو الاختصار و الاختزال و شطب الزوائد غير الضرورية كالشرح و التفسير و التكرار.
و الله أعلم

أخي / سعيد

هل التكثيف في السرديات يشتت الأفكار في الحقيق
اعتقد أنني لمزيد من الشرح

ننتظرك يا سعيد

تقبل السعادة كلها

عبدالستار زيدان
08/05/2009, 08:54 PM
القصة القصيرة جداً . ما هى إلا نتاج ارهاصات كثيرة ومتعددة .. ومعايير جديدة فرضها العصر الحديث ..
فهى شكل من القص . ولكن فى ثوب العصر الجديد ( تيك أواى ) وبرشام الفيتامينات المكثف , والذى يغنيك عن تناول كميات من الطعام .. ولا تكاد ترتفع بقوامك من المأدبة والوليمة .. جمعوا لك كل ما يفيد جسمك فقط , وضعوه فى تلك البرشامة ..
هذه هى حال وحكم القصة القصيرة جداً .. نوع جديد من القص والأدب . يتمتع كاتبه بالقدرة الفائقة على الإختزال مما لا ينقص من المعنى والمقصود ..
ولكن هو جديد .. فلا تعلقوا المشانق لكل جديد .. أفسحوا له صدوركم .. ويخوض التجربة . فإن بقى واستمر اعجاب القارئ به .. سيستمر رغما عنكم .. أما إذا ما فتئ وابتعد الناس .. وآثروا عليه غيرة من الآداب .. فسيندثر رغماً عنهم

عمارية كريم
08/05/2009, 10:04 PM
الشكر موصول بكثافة إلى كل من أغنى الموضوع بتجربته ومعرفته ، وباختصار فقد دعى عصر السرعة إلى هذا الجنس القصصي ليقدم طبقا سريع الأكل والهضم و..
وتبقى الدروس والمعرفة والإثراء النقدي والتجربة والتجريب وآفاق المبدع ومرتكزاته اللغوية والنفسية والتواصلية هي التي تميز الغث من المبدع، الفارق في اقتناص اللحظات الواقعية أو النفسية والاشتغال عليها بمهارة فنية ترسم لوحة ناطقة أينما التفت إليها وجدتها تستنطقك و تستفزك بدلالاتها المفتوحة على كل المستويات المعرفية لكن قاسمها هو الإحساس الجميل المؤثر الخالدالذي لايغادر النفس بتموجاته التي تبدأ بالسطح وتتوغل إلى الأعماق: إنها بلهجة فتوة السوق " ضربة معلم ، خبط لصق....
ما أكثر ما قرأنا وما أقل ما بقي يجتاحنا بحميميته الإنسانية والفنية.
والتكثيف يجب أن يكون حكيما حتى لايأتي فجا إنه كلعبة الشطرنج أي حركة وفكرة محسوبة نصرا أو فشلا,
وهنا تحضرني نسق ونسيج الأفلام "الهيتشكوكية" خمس دقائق زمنية يقدم فيها "ألفريد" الحدث والشخصية والعقدة والحل والقوى الفاعلة التي يشتغل عليها بذكاء فلا فراغ ولاحشو وتبقى المتعة سيدة الموقف.

سعيد أبو نعسة
08/05/2009, 10:38 PM
أخي الكريم شوقي بن حاج
أجل إن التكثيف ( تعدد الإحالات و الدلالات البعيدة و الرموز ) في النص السردي يشتت ذهن القارئ لأن المطلوب في القصة هو التواصل التام و الواعي مع الحدث و لكن حين تتحول القصة إلى قصيدة نثرية تصبح مسخا لا هو قصة و لا هو قصيدة و أتحدى ساعتها من يفهم النص و هذا ليس دعوة إلى المباشرة التقريرية و لكنه دعوة إلى توظيف الرمز و الأسطورة و الصورة البيانية في موقعها الصحيح لخدمة السرد الذي نتوخى من ورائه المتعة و الفائدة و فهم الحكاية .

د.حايك
09/05/2009, 03:55 AM
الأستاذ و الأديب شوقي بن حاج المحترم:
أسعد الله أوقاتكم

القصة القصيرة جداً يجب أن تكون و مضة سريعة نوعاً ما أو فلاش يلقي الضوء على حدث أو موقف مر و مضي و قد يكون حدث في الخيال أو من بنات الأفكار، أو استحضار من الماضي مروراً بالحاضر و تأسيس للمستقبل.
أي( حدث أو موقف + تكثيف لهذا الحدث و الموقف بالتسليط عليه بشكل مباشر مثل براجكتور
و تدخل هنا الفكرة).
و بالمختصر المفيد ( حدث + فكرة + تسليط و تكثيف ).
فالتكثيف هو أحد أهم عناصر ال( ق.ق.ج ) إن لم يكن الأساس فيها، و قد يظن البعض أن
ال( ق.ق.ج ) هي وليدة عصر السرعة بحيث الوقت يتطلب هكذا، أو يظن البعض هي إختزال للقصة القصيرة، ولكن أنا أظن غير ذلك فلو إطلعنا على جميع مرادفات التكثيف ( الإختزال – الإختصار – التقطير )، نجد أننا لا نستطيع أن نسقط هذه المعايير على ال( ق.ق.ج )،
بحيث أننا لو رجعنا إلى المفهوم الكيميائي للتكثيف و هو تحويل المادة من الشكل الغازي إلى الشكل السائلي، و ذلك بضغط المادة حجمياً و بذلك تشغل حيزاً من الحجم أقل دون أن تفقد ميزاتها الأساسية، و كذلك الإختزال بالرياضيات فنقوم بالإختزال تختفي أرقام و لكن القيمة و النتيجة نفسها بإختزال أو بدون و عندما نريد أن نرجع إلى الوضع الإنطلاقي نقوم بعملية عكسية.
بينما التكثيف و الإختزال و التفاوت بين القصة القصيرة و ال( ق.ق.ج ) لا يطابق الوضع الرياضي و الكيميائي.
حيث أننا في القصة القصيرة نرصد عالم كامل متكامل من الأحداث و المجريات ترصد و اقع محدد أو غير محدد و بمواقف و حوداث عديدة، فعليه لا يصح الكلام عن التكثيف هنا،
بينما التكثيف في ال( ق.ق.ج ) و المقصود منه التحجيم إختصار الحجم و الوقت قد يخدمها، لأنها تتناول موقف أو حدث محدود و تسلط الضوء عليه.
فيجب أن تحد و تكثف ال( ق.ق.ج ) بشكل غير مباشر حيث أن التحجيم و التكثيف القصري لها قد تفقد من جماليتها و الإبداع فيها و لا يوجد حجم محدد ل ( ق.ق.ج ) و لكن يترك للقاص التكيف بحجمها و تكثيفها و كلما حُبكة و إختصرت كلما كانت أفضل و أنجع حيث أن الوقت الذي نعيشه فيه يتطلب الإختصار المفيد و السريع لإيصال المغذى و المعنى المفيد،
و أقارن بل أشبه الفارق بين الرواية و القصة القصيرة و(ق.ق.ج)، كالفارق بين أغاني أم كلثوم و كاظم و فيروز، فكل عنده إبداع و تفنن و إحساس، فلم يفقد شططت أو طول أغاني أم كلثوم أو إختزال و إختصار و قصر أغاني فيروز المعنى و المغذى و الحس الفني.
و كما أنه ليست ال( ق.ق.ج ) وليدة القصة القصيرة في هذا العصر و إنما كانت موجودة في العصور الأولى للعرب الأقحاح لضرورة إيصال مفهوم محدد للمتلقي بشكل فني و أدبي ، فالعرب يحبون أن يكون على وقع مسامعهم جرساً موسيقياً أدبياً حسياً، يحمل العبر و الصور البيانية و الإبدعات الفردية.
و عليه فإن ال( ق.ق.ج ) كانت و لا تزال بالتكثيف و الإختزال يجب أن تحمل الحس الأدبي و الصور البيانية و هي أساس مساعد لإختصار الوقت و الزمان لإيصال مغذى أو معنى أو حكمه أو عبرة على مبدأ الحكمة القائلة
( خير الكلا م ما قل و دل ).

و دمتم مداُ و ذخراُ
و السلام عليكم

حسن الشحرة
09/05/2009, 04:38 PM
ما كان أسعدني بهذا النقاش الثر أستاذ شوقي

فشكرا شكرا لك

أما بالنسبة لي فأرى أن التكثيف عنصر مهم جدا في القصة القصيرة جدا
لكن بتوازن واعتدال
فلا تقيدوا الكاتب وتحدوا من حريته
والعبرة في النهاية بالتذوق السليم واستحسان القارىء

هل الشاعرية مهمة في القصة؟
أرى أن القصة غير الشعر ولذا فلا يعد عيبا كبيرا لو خلت القصة منها

طبعا هذا مجرد انطباع خاص وأرجو أن يصحح الأساتذة ما قد يكون خطأ
بوركتم جميعا

عبد الرشيـد حاجب
10/05/2009, 09:14 AM
هل التكثيف يحيل ويؤشر بالضرورة على اللغة الشعرية ؟
أعتقد أن التكثيف في الشعر غيره في القصة .وحين أقول القصة فأنا أستبعد الومضة واللقطة ..وما شاء الله من الأسماء. التكثيف في اللغة القصصية هو أن تكون العبارة مشحونة بالدلالات البعيدة ولكن ليس المتضاربة .
إن تمكن القاص من فنه ولغته وصياغة عباراته سوف يبني قصته بحيث لا تتجاوز في دلالاتها معان ودلالات معينة .إنه ينتقي الألفاظ بعناية فائقة بحيث تؤدي في قصته المعنى الذي يريده هو لا ما يمكن أن يفهمه القارئ وهذا بتدقيق بناء قصته وتسييجها بحيث أن المعطيات العامة للنص تتكاتف وتتآزر لأداء المعنى أو الصورة المطلوبة. صحيح أنه قد يترك عمدا أو سهوا بعض الفجوات التي تتقبل تأويلا آخر ، لكنه حتما سوف لن يكون مناقضا لما ذهب هو إليه وإلا لكان النص فاشلا . إن اللغة المكثفة في نص قصصي هي أشبه ببيت يبدو لك صغيرا عن بعد لكنه يبدأ في التضخم شيئا فشيئا كلما اقتربت منه .ولن تستطيع الوقوف على أسراره إلا إذا دخلته وتجولت فيه غرفة غرفة. إن ما كان يبدو نقطة عن بعد قد صار عالما زاخرا.من هنا يمكن القول أن التكثيف هو أولا عدو للمباشرة والتقرير التي تفضح كل شيء ، وصنو للتلميح والإشارة ، لكنها ليست إشارة لفراغ أو تلميحا لضباب ،بل قصدا لشيء بعينه لا نقف عليه إلا بتفكيك وحدات النص وإعادة بنائها . فلفظة الأب أو الجد مثلا معناها واضح ،لكنها في سياق نص قصصي قد تتخذ دلالات أخرى ، وعلى القاص أن ينظم علاقات ألفاظ نصه في ما بينها لتدل على ما يريد أن يبلغه للمتلقي وفي نفس الوقت يسيج نصه بحث لا يترك المتلقي هائما على وجهه يخبط خبط عشواء .
وبديهي أن من يتعامل مع لغته بعناية سوف يقدم لنا نصا كامل البنية واضح الدلالة ظاهر الهدف ..بينما يبقى ما يسمى النهاية المفتوحة تقنية لمشاركة القارئ وتمديدا لعمر النص في وجدان القارئ وفي الوجود على حد سواء ، لأن النص المغلق وإن كان يثير الإعجاب إلا أنه لا يلقى الترحيب كونه يكشف عن الفوقية أو ديكتاتورية القاص التوجيهية كما يكشف عن محدودية الرؤية مهما بلغت من العمق لأن المتلقى ميال للمشاركة والإكتشاف بطبعه.
صحيح أن ما أطرحه هنا يدور " حول " التكثيف ولا يتطرق للتكثيف في حد ذاته كونه يختلف من مبدع لآخر.فثمة تكثيف يظهر في لغة بسيطة تكاد تبدو مباشرة وتقريرية بينما هي في الحقيقة محملة بالدلالات .وكل ما على المتلقي في هذه الحالة أن يحاول إدراك ما ترمز إليه هذه اللغة البسيطة.فثمة أحاديث كثيرة للرسول (ص) تبدو بسيطة لكنها عميقة حين نحاول تفكيكها . فقوله صلى الله عليه وسلم مثلا : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " رغم وضوحه وبساطته إلا أنه يطرح مسائل كثيرة جدا بعضها على مستوى الإيمان والبعض الآخر يتناول " الحب " كعاطفة شخصية واجتماعية ودينية معا ،إلى جانب فلسفة إجتماعية واضحة وعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان...إلخ. أفليس هذا تكثيفا ؟
أحيي جميع الإخوة الأعزاء وأستميحهم عذرا لأرحب بالقاص حسن الشحرة الذي التقيت به يوما ويسعدني أن أراه هنا معنا يشاركنا النقاش وهو أحد المهووسين بالقصة القصيرة جدا تماما مثل أخينا العزيز شوقي:)
ولي عودة إن شاء الله.

حسن عبدالحميد الدراوي
11/05/2009, 10:07 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الاثنين 17 جمادى الأولى 1430

تحية للأديب الأستاذ الدكتور مســــلك .

تحية للأخ شـــــــوقي بن حـاج .

تحية للمبدعة الأستاذة هيمي .

تحية للأخ طـــارق .

تحية للأستاذة نادية كيلاني

تحية للأستاذ سعيد أبونعســـــة .

تحية للأستاذ محمد البرغوثي .

تحية للأستاذ ســـعيد نويضي .

تحية للأستاذ ياسين بلعباس.

تحية للأستاذ حسن البقالي .

تحية للأستاذ قاسم عزيز .

تحية للأخ عبدالرشيد .

لكم جميعاً كل التقدير والاحترام وكم أنا سعيد لمناقشة مثل هذا الكلام وكما تفضل الدكتور مسلك وأفاض في مسألة

التكثيف لونظرنا للتكثيف وحاولنا أن نحجمه أونختصره فلربما راحت القصة إلى الخاطرة أو الأقصوصة أما التوازن فهو

مطلوب بل هو مطلب فني غير ذلك أنا أميل إلى النهايات المفتوحة حتى أُترك القارئ أوالمتلقي أن يتخيل ففي النهايات

المفتوحة يترك الحكم للقارئ ولكلٍ وجهة نظر فليس بالضرورة أن يتفق القارئ مع الكاتب .

حضرات الأماجد:

القصة القصيرة جداً فن أدبي رائع ولنترك الباب مفتوحاً للإبداع ولكن بالضوابط الفنية لهذا النوع من الأدب الرفيع لأن

في الإختزال ضرر يقع على النص ،

تحياتي لكم جميعاً أيها الأدباء الأفاضل وللعلم هذه ندوة رائعة .

شكراً لكم ياسادة

محبكم

حســــن عبدالحميد الدراوي

مختار عوض
05/11/2009, 10:04 PM
أرى - باختصار شديد - أن يشحذ الكاتب أقصى طاقته من أجل التكثيف لآخر مدى ممكن شريطة أن يترك ثقبًا ينفذ منه القارئ إلى جوهر النص .. بمعنى آخر يجب ألا يعطي النص نفسه لقارئه بسهولة ، وإنما على القارئ أن يكد ذهنه حتى يصل إلى مراد الكاتب من النص .