د. فدوى
02/03/2009, 06:23 PM
عيد الميلاد
تعود الناس أن يتذكروا أعياد ميلادهم وأن يحتفلوا بها بشكل أو بآخر، بإشعال الشموع و إطفائها في الآن ذاته، بتقديم الهدايا، بتقديم قطع الحلوى للضيوف و بأشياء أخرى قد تضفي على الحدث بهجة و فرحا ، و تجعل من زمن الاحتفال زمن خاصا له دلالاته .لم يفكر أحد في كون إطفاء الشموع قد يكون إيذانا بإخماد شعلة الحياة يوما ما، قد يصبح زمن الولادة و الموت متماهيين ، و قد يكون الموت هو إطفاء لآخر شمعة احتفال ....هل نستطيع إذن أن نحتفل بالحياة و الموت معا و نقيم حفلا جنائزيا نودع فيه بقايانا أو ما تبقى منا، هل فكر أحد منا في إطفاء آخر شمعة له قبل الرحيل ؟
أما أنا فأتذكر أنني ولدت في مثل هذا اليوم ، في زمن كان الحلم فيه بهيا ، حيث تعالت الزغاريد و ازدان فراش الوالدين بالمولودة الأولى ، و كنت أنا الرضيعة الملفوفة بعناية في لباس شتوي أنادي بدون صوت أمي و أبكي ، كانت عيناي لا تستطيعان تمييز الألوان و الأشكال و أذناي تصطدمان بشدة الضجيج و الزغاريد و صخب الكبار ، حينها لم تكن لي رغبة سوى الاحتماء بصدر أمي ، باشتمام رائحتها و الإحساس بدفئها ، و هي كانت دوما لي دون غيري ..بين الفينة و الأخرى كانت تأتي و تحملني برفق بين ذراعيها و تطمئن على راحتي و كنت أتددل باكية حتى لا تتركني، بينما كان الضيوف يتوافدون مقبلين جبهتي ، مباركين و واضعين إلى جانب مخدتى الصغيرة هدايا نقدية .
وأما أمي التي كانت خائفة علي من أعين الحساد ، فكانت تتممتم في سرها بآيات قرآنية و تقول الله أكبر ، الله أكبر و تقرأ المعوذتين....كنت حينها أقضي أحلى أيام طفولتي بين ذراعي والدتي و جدتي ...و كان صعبا علي أن أترك ذراعيهما لأصدم بهذا الواقع العصي عن الفهم.عندما اختار والدي اسما لي ، كان الاسم معبرا و جميلا و ذا دلالات صاحبتني طوال سنوات عمري الماضية ، لا أنسى أنهما كانا يرقبان بفرح عجيب و أنا أكبر شيئا فشيئا ، كانا يحرصان على أخذ صورة لي بين الفينة و الأخرى حتى يصبح لي سجل من الصور، وأما أنا فكنت أقف دوما ملتصقة بأمي خائفة من المصور و الصورة في الآن ذاته ، و كلما كبرت قليلا إلا و أخذ يغمرني الضيق كلما لبست أجمل ملابسي قبل الذهاب لأخذ أي صورة... و أنا طفلة لم تكن لعبي المهداة سوى عرائس من الدمى أو لعبة مكونة من مطبخ أنيق أعيد ترتيب محتوياتها متأملة المطبخ الصغير و مكوناته ، لم يأتوا لي أبدا بقطار أو بندقية ... كنت أحس أن الطفلة عندما تكبر ما عليها إلا أن تكون أنثى وما عليها إلا أن تتقمس وظيفة ربة البيت و تسكن في المطبخ لترضي الآخرين ، لذا كبر هاجس الخوف معي من غد غير محدد المعالم ، فهل سأتقبل الوظيفة المنوطة بي منذ الصغر ، أم سأتمرد و أخلق لنفسي وظيفة أرقى و أسمى من مجرد التقوقع في دائرة ما هو أنثوي محض؟ لم أكن أحب كثيرا صوري لأنها تركز على نمو الأنثى لا نمو عقلها و روحها ووجدانها و مع مرور الزمن أخذت أفكر في الخلاص من صوري ، فأخذت أبحث في المجلات الأدبية وفي الكتب عن صور الكاتبات و المبدعات و الطبيبات و المتفوقات في شتى المجالات حتى أكون لنفسي صورة واحدة أحبها دوما و لا أهاب فيها انسياب الزمن.
منذ الثانية عشرة وأنا أحفظ القرآن و الأشعار و أقرء لعمالقة الأدب العربي و أتيه في عالم السرد القصصي حتى خلتني خارج دائرة الزمان والمكان الواقعيين ، و منذ ذاك الحين، رفضت الواقع اليومي بكل تفاصيله المغرقة في التفاهة و تقت لخلق واقع آخر لا مكان فيه إلا لقيم الحب الطاهر و الجمال الروحي و النقاء الفكري ، لكنني وجدت أن الأنثى محكومة دوما بسلطة المجتمع و أنها لا تستطيع إلا أن تدور في فلك ما هو سائد...لم أتحمل هذا القهر، فعمدت دوما أن أخرج من دائرة الوظائف السائدة ، أن أتمرد و أن أمضي متشبثة بحلمي العصي في أن أكون أنا فقط ، لا الأنثى التي يرغبون ؟؟
اليوم عيد ميلادي ........سأغادركم لأطفئ شموع الميلاد و الحياة رويدا رويدا فاعذروني .........
تعود الناس أن يتذكروا أعياد ميلادهم وأن يحتفلوا بها بشكل أو بآخر، بإشعال الشموع و إطفائها في الآن ذاته، بتقديم الهدايا، بتقديم قطع الحلوى للضيوف و بأشياء أخرى قد تضفي على الحدث بهجة و فرحا ، و تجعل من زمن الاحتفال زمن خاصا له دلالاته .لم يفكر أحد في كون إطفاء الشموع قد يكون إيذانا بإخماد شعلة الحياة يوما ما، قد يصبح زمن الولادة و الموت متماهيين ، و قد يكون الموت هو إطفاء لآخر شمعة احتفال ....هل نستطيع إذن أن نحتفل بالحياة و الموت معا و نقيم حفلا جنائزيا نودع فيه بقايانا أو ما تبقى منا، هل فكر أحد منا في إطفاء آخر شمعة له قبل الرحيل ؟
أما أنا فأتذكر أنني ولدت في مثل هذا اليوم ، في زمن كان الحلم فيه بهيا ، حيث تعالت الزغاريد و ازدان فراش الوالدين بالمولودة الأولى ، و كنت أنا الرضيعة الملفوفة بعناية في لباس شتوي أنادي بدون صوت أمي و أبكي ، كانت عيناي لا تستطيعان تمييز الألوان و الأشكال و أذناي تصطدمان بشدة الضجيج و الزغاريد و صخب الكبار ، حينها لم تكن لي رغبة سوى الاحتماء بصدر أمي ، باشتمام رائحتها و الإحساس بدفئها ، و هي كانت دوما لي دون غيري ..بين الفينة و الأخرى كانت تأتي و تحملني برفق بين ذراعيها و تطمئن على راحتي و كنت أتددل باكية حتى لا تتركني، بينما كان الضيوف يتوافدون مقبلين جبهتي ، مباركين و واضعين إلى جانب مخدتى الصغيرة هدايا نقدية .
وأما أمي التي كانت خائفة علي من أعين الحساد ، فكانت تتممتم في سرها بآيات قرآنية و تقول الله أكبر ، الله أكبر و تقرأ المعوذتين....كنت حينها أقضي أحلى أيام طفولتي بين ذراعي والدتي و جدتي ...و كان صعبا علي أن أترك ذراعيهما لأصدم بهذا الواقع العصي عن الفهم.عندما اختار والدي اسما لي ، كان الاسم معبرا و جميلا و ذا دلالات صاحبتني طوال سنوات عمري الماضية ، لا أنسى أنهما كانا يرقبان بفرح عجيب و أنا أكبر شيئا فشيئا ، كانا يحرصان على أخذ صورة لي بين الفينة و الأخرى حتى يصبح لي سجل من الصور، وأما أنا فكنت أقف دوما ملتصقة بأمي خائفة من المصور و الصورة في الآن ذاته ، و كلما كبرت قليلا إلا و أخذ يغمرني الضيق كلما لبست أجمل ملابسي قبل الذهاب لأخذ أي صورة... و أنا طفلة لم تكن لعبي المهداة سوى عرائس من الدمى أو لعبة مكونة من مطبخ أنيق أعيد ترتيب محتوياتها متأملة المطبخ الصغير و مكوناته ، لم يأتوا لي أبدا بقطار أو بندقية ... كنت أحس أن الطفلة عندما تكبر ما عليها إلا أن تكون أنثى وما عليها إلا أن تتقمس وظيفة ربة البيت و تسكن في المطبخ لترضي الآخرين ، لذا كبر هاجس الخوف معي من غد غير محدد المعالم ، فهل سأتقبل الوظيفة المنوطة بي منذ الصغر ، أم سأتمرد و أخلق لنفسي وظيفة أرقى و أسمى من مجرد التقوقع في دائرة ما هو أنثوي محض؟ لم أكن أحب كثيرا صوري لأنها تركز على نمو الأنثى لا نمو عقلها و روحها ووجدانها و مع مرور الزمن أخذت أفكر في الخلاص من صوري ، فأخذت أبحث في المجلات الأدبية وفي الكتب عن صور الكاتبات و المبدعات و الطبيبات و المتفوقات في شتى المجالات حتى أكون لنفسي صورة واحدة أحبها دوما و لا أهاب فيها انسياب الزمن.
منذ الثانية عشرة وأنا أحفظ القرآن و الأشعار و أقرء لعمالقة الأدب العربي و أتيه في عالم السرد القصصي حتى خلتني خارج دائرة الزمان والمكان الواقعيين ، و منذ ذاك الحين، رفضت الواقع اليومي بكل تفاصيله المغرقة في التفاهة و تقت لخلق واقع آخر لا مكان فيه إلا لقيم الحب الطاهر و الجمال الروحي و النقاء الفكري ، لكنني وجدت أن الأنثى محكومة دوما بسلطة المجتمع و أنها لا تستطيع إلا أن تدور في فلك ما هو سائد...لم أتحمل هذا القهر، فعمدت دوما أن أخرج من دائرة الوظائف السائدة ، أن أتمرد و أن أمضي متشبثة بحلمي العصي في أن أكون أنا فقط ، لا الأنثى التي يرغبون ؟؟
اليوم عيد ميلادي ........سأغادركم لأطفئ شموع الميلاد و الحياة رويدا رويدا فاعذروني .........