المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل هي قضيّة من لا قضيّة له؟؟



أماني العاقل
09/03/2009, 03:15 PM
عندما نتكلم بقضيّة المرأة نسمع عبارة تقول"أصبح هذا الموضوع مستهلكاً "،فإذا ما سلّمنا لهذه العبارة فالأمر يتطلب نتيجة طوباوية مفادها أن ما تبناه القرن الماضي من أفكار قد حقق نجاحاً باهراً ،وقد ودّعنا الصوت الذكوري المهيمن إلى غير رجعة، والحقيقة بأننا ما زلنا نلعب لعبة "المستغمّاية" مع هذا الموضوع ولم تستطع المرأة أن تأخذ حقّها بالتفكير على الحقيقة ، ومازالت الطفلة الصغيرة تنشأ على فكرة السلطة الأبوية التي تأخذ القرارات عنها وتعلّم أخاها اتخاذ القرار.
وما زال صوت الثقافة غير العالمة يصدح عالياً في ساحات الثقافة العالمة، " المرأة للبيت والأولاد"،ولم نجد أي نصّ ديني في المرجعية الدينية الإسلامية أو المسيحية يقرّ بهذا الشعار الذي تتبناه الثقافة العالمة بأسلوب المخاتلة فترى نسبة ً من نساء كبار المثقفين والأساتذة الجامعيين راسخات في المنازل ، والقضية اليوم باتت تتطلّب وعياً لما يُسمى موضوعاً مستهلكاً، فأنا أرى أنه علينا إعادة توجيه الخطاب إلى الثقافة غير العالمة لأنها السواد المهيمن على فكر سكان الوطن العربي سواء أرضينا بهذا الواقع أم لم نرض، وليست القضية في تعليم المرأة فقط وإنما في عودة هذه المرأة بعد تعليمها إلى الوسط ذاته، والارتباط برجل أحادي الجانب يرى نجاحه في المرتبة الأولى، متناسياً حقّها في متابعة المسيرة الطبيعية بعد الانتهاء من دراستها الجامعية "مسيرة التطوير الذاتي"، فبعد نيل شهادة جامعية أو حتى شهادة ماجستير ترى بأنها مطالبة بأسرة فقط، مع أن قدراتها تكون مؤهّلة للتوفيق بين الأسرة والعمل والنجاح والتميّز، لكنها بطريقة غير واعية تعتنق ما يردده النسق المهيمن "عدم القدرة على التوفيق بين الأسرة والعمل"، فهي ضحية أنموذج مصنوع مسبقاً. هذه المفرزات النسقية المضادة التي أفرزتها الثقافة غير العالمة في مواجهة دعوات التحرر الأولى والتي لا نشك في ضرورة متابعة أصولها وعدم التسليم لها، ولكن إلى متى تبقى المرأة تتأرجح في كفّة المفرزات النسقيّة المضادة؟
إعادة توجيه الخطاب إلى الثقافة غير العالمة مشروع يتطلّب معطيات جديدة، وهذه المعطيات ينبغي أن تكون بحماية الوعي الديني بالدرجة الأولى لأنه البوصلة التي توجه هذه الأنساق، فنحن بحاجة إلى وعي ديني جديد يقول مثلاً رأياً متوازناً في آية "وقرن في بيوتكنّ"،أو على الأقل يذكر أنّ الآية التي سبقتها تقول "يا نساء النّبي لستن كأحدٍ من النساء .."،وكذلك يتذكّر بأن آية "الرجال قوّامون على النساء"،"لها تتمّة تقول "بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم"،
ونحن بحاجة إلى وعي جديد للتاريخ يقرأ المرأة المسلمة التي كانت تركب الخيل في أيامها، وكذلك للتاريخ الذي يحرّم عليها قيادة السيارة في دولٍ إسلاميّة في أيّامنا!!.
وعلينا أن نذكّر المتشدّقين بقول الرسول الكريم "ناقصات عقلٍ ودين "،بأن يقرؤوا الحديث في سياقه ومناسبته، فقد كان يوم عيدٍ عندما وقف الرسول عليه الصلاة والسلام مهنّئا الأنصار والمهاجرين وخصّ النساء بقولة : ( يا معشر النساء ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكنّ)،فهل يعقل من النبي الكريم أن يقصد إساءة للنساء في يوم العيد؟؟، أم هذا رفعٌ من شأن المرأة في قدرتها على الذهاب بلبّ الرجل الحازم؟
وقد ورد في كتب التاريخ العديد من الأسماء التاريخية لنساءٍ لهنّ من المكانة الرفيعة والشرف القدر العالي، وكنّّ يعملن ويتاجرن، منهنّ أسماء بنت أبي بكر التي كانت تنقل النوى على رأسها من أرض الزبير التي اقتطعها للرسول الكريم،والشفّاء بنت عبد الله القرشيّة العدويّة كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يقذّمها في الرأي ويرضاها للحسبة في السوق و أسماء بنت مخربة ،ابنها عبّاس بن عبد الله بن ربيعة كان يرسل إليها العطر من اليمن ،وكانت تبيعه في المدينة قوارير و حولاء بنت ثويب كانت عطّرة في سوق المدينة وكذلك مليكة والدة السائب بن الأقرع وزينب بنت جحش_أم المؤمنين_كانت من العاملات الجدّات ،تدبغ وتخرز _تخيط الجلد_وتبيع وتتصدّق ، قَيلة الأنمارية كانت تاجرة تبيع وتشتري مع كل الناس(انظر أسد الغابة ترجمة كل من ذكرت في الجزء السابع).

فمن أين إذاً تكوّنت هذه الدعوات باسم دين؟وأيّ دين هذا الذي يعطّل إنسانية المرأة،ويجعلها عنصراً مهمّشاً في الثقافة ؟،وأي مجتمعِ هذا الذي بخاتل بثقافته غير العالمة قائلاً،المرأة غير قادرة على الجمع بين تربية الأولاد وبناء ذاتها؟وأي امرأة تلك التي تكون ضحيّة لهذه اللعبة المسبقة الصنع؟
وأي ثقافة عالمة تلك التي تقول"قضيّة المرأة، قضيّة من لا قضيّة له؟؟"