المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فاس واحسرتاه



محمد التهامي بنيس
13/03/2009, 01:06 AM
فاس واحسرتاه
يا أخوتي في جحيم فقر المدينة . أتشرف بانتمائي لنفس طينة هذا الواقع المرير المشترك بيننا , و أدعوكم لنرتقب مدانا سويا , كي لا يموت , وكي نصنع جسرا للعبور ونرتقي بخيوط النور من أجل أن نخلع عنا الخنوع ,
فيا فقراء مدينتي . هل هذه فاس التي احتوتنا وربت فينا العيش الكريم . فاس / السر العجيب الذي يحمل حضارة 12 قرنا ؟ - هل هي فاس لحن السمفونية الشجي الذي كان يجعل الجسد يسجد , والقلب يخفق , هل بقيت هي الحضارة التي أذهلت عقول الحكماء ؟ ما بها أصبحت لغزا مخيفا , فك رموزه لا يكشف إلا تمييزا يفقر الفقير ويزيد من غنى الأغنياء واحسرتاه
يا ألله . اللصوص على سروج المنكر , أصبحوا شيوخ الوجهاء , إنه بحق . الغرق في حزن فاس وقد أصبح لزوما على الشريف الأبي فيها أن يخرج من ثياب الشتيمة , ليتفقد بين أهله ورفقاء عوزه القاسي . خطى دروب الفقراء الحالكة , يكتب عن حال فاس اليوم بمرارة لأن البحث عن الحقيقة فيها أصبح اليوم ملحمة بكاء , يكتب من قلب الحدث بعد أن حرر نفسه من عبودية الغثيان وحضور الاجتماعات وأشغال اللجان التي تعمل بغطاء سميك من المحاباة والموالاة , ولم يستطع ضوء مشعله ورسالته الحضارية اختراقها لأن اليد الواحدة لا تنزع فتيل التآ مر , عليه أن يختار الدفاع بالقلم وقوة الحرف وفعل الكلمة. يكتب ليصرخ بصوت مرتفع : كفى ما سلط على رقابنا , فأحياؤنا الفقيرة طعنت بخنجر النفاق , كل منا عليه أن يناضل من موقعه لوقف ودحر ما يمارس عليها من تآمر من طرف كثير من المسئولين والمنتخبين وتجار الانتخابات ومرتزقتها , بينما سكت عنها أصحاب المال والجاه الذين فضلوا الاستثمار فقط فيما هو بعيد عن تشغيل فئات المعطلين , فلا السلطة تعرف من يكون سكانها , مع أنها تعرف عنهم كل شيء . ولا مجلس المدينة يدري بوجودهم ولا , ولا , لم يكفهم أن تركوا لون دربهم شحوبا جعلهم يسافرون فيه دون انتهاء في رحلة اللاقرار , حتى إذا سألت دربهم أجاب أن ذئابا بشرية التفت حوله بدون رحمة وأرادوا أن يجعلوا خطوات ساكنته هي التي تقودهم للجحيم يتعثرون يوميا من ضفة اللاعمل , إلى ضفة البحث في المتاهة عن عمل , بين متسول وحمال ومتشرد وبائع متجول وفراش , وبين من يطرق أبواب المشغل يوميا فتصدمه المحسوبية والزبونية وعجز اليد على دفع رشوة الشغل ويعود الجميع بخفي حنين يائسا متحسرا
فيا فقراء مدينتي . لا تجعلوا شموس صبحكم تذبل , لا تمكنوهم من أن يجعلوا حلم أمانيكم ينتحر , فما زال موقعكم يميت المطر في سحابهم ويدفنه في نحورهم , فلنجرب أن نغتال الصمت فينا ,لا يمكن أن يظل الواحد منا صامتا أو نائحا , لا يمكن أن يظل لاطما أو حائرا أو في أحسن الأحوال مفمفما , بل بالهمسة والصرخة وصوت الحق , لا نترك العناجهة , ينتصبون لحكم حينا / مدينتنا , ولا يتكرر رجوعهم , لأننا لم نعد نحتمل الانحناء , لن يبقى مثقفونا خرسا وشعراؤنا خوفا وجلا كأن الغاوون يلاحقهم , وذووا المواهب فينا يلعنون الحصار الذي يبقيهم صغارا , بينما أنين الحزن يسكننا , أينما ذهبنا يتبعنا النواح كما تتبعنا رائحة الصدأ , وهم عنا سالون يهيكلون شوارعهم على أنقاد ما أبادوا وما هدموا
كفى من أن نرى أراملنا ناحبات , ورجالنا معوقين , وأيتامنا جياعا , وأطفالنا مشردين , وجل ضيوفنا الأفارقة متسولين في خنوع , يتقاسمون مع فقراء فاس هموم البؤس ومعاول الفاقة في تعايش محلي وتمازج صارخ , ومن تململ منفردا انكسرت ضلوعه . ومن تململ في جماعة وجد القهر وراءه وبحر الهجرة السرية أمامه . مل فقراء فاس اقتيات فتات الوعود الكاذبة التي صيرت طبول فرحهم زئيرا وأهازيجهم نواحا ورقصاتهم لطم الخدود ومزق الثياب , وخبز الصدقات يحييهم ليميتهم , كأن من قدر الله لفاس أمرها بين يديهم لا يعلمون أن همسات سواقي الفقراء أصبحت في عهدهم أناتا , وكسرة خبزهم حنظلا , وسقف بيتهم مطرا غزيرا , وضوؤهم نار قدرتهم الخاوية , وقد تاهت خطاهم وهم يعبرون في الظلام , ولم يعودوا يملكون في عهدهم إلا قول : لا لا لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . فهذا المجلس البلدي اليوم قد خذلهم وهو يجعل غنائمه من أصواتهم وأفواه جياعهم , يسلب البشائر من ملامح وجوههم وينمقها مساحيق لوجه شوارع الآخرين , حيث أرض المدينة تصرخ بنواح التحولات , بينما فيها يتسكع وميض المعصية وتتعنكب العهارة , وعلى أرصفتها تداس الكرامة ,مقابل دروب الفقراء وقد تقدست فيها المهانة بأبواب المساجد والأضرحة والمقاهي وأبواب المآثر التاريخية ومقابر الجمعة وأيام الدفن , وكلما هاجمهم جحيم السيول وكسا مسالك دروبهم طين ووحل تعافه النعال المرقعة والأقدام الحافية , اعتبره الآخر فوران طوفان يطهر الحي منهم كأنهم شر عليهم , فيتمادون في جعل مآلهم النسيان ومصيرهم الإهمال , كل هذا والأوصياء والمراقبون , عن معاناتهم نيام . إلا ما رحم ربي وجادت به الالتفاتة الملكية , والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية , إذا صنف حي من أحيائهم فقيرا بمقياسهم
أيا فقراء مدينتي , لا بد لنا من التطهر من وباء المراء والزيف , فأصحاب المراء أصل الوبال علينا , إذ بتواطئهم , استهدفوا الأمين على أمننا الذي كان يكره الجبن والجبناء بينهم أو بيننا , فبلغت الغيرة منه أن سرقه العابرون في غفلة , المتسللون كالفئران رفقة المتطفلين على مجلسنا , المارقين على القانون . لا بد لنا من التطهر من رجسهم , فحقنا في الحياة هو حقنا في الكرامة لأننا بشر , فمن منا يستطيع رفع دعواه ضد هذا الظلم المتعدد الوجوه ؟ – ولو أن بعضهم متيقن بأن مصير شكواه معروف ولن يكون إلا لصالحهم - هل نرفع دعوانا إلى الله الذي لا يظلم أحدا من عباده ؟ إن أفضل ما يعيد لنا هذا الحق المستلب بعد الرجاء في الله , هو الموعد القريب بيننا , حيث لن يكون إلا ما نريد , بإذن الله , فبأسناننا نرد الصدمة عليهم حتى يبوؤوا بالفشل الذريع مهما تلونوا أو تحربأوا أو لبسوا لباس الحرباء أو حاولوا أن يصنعوا لهم همة أو جاءونا بلا لون ولا مظلة , فقد كشفتهم الأيام الفائتة وهم لاهثون أو منبطحون من أجل منة وجود , ومن أجل هضم حقوقنا فلم تشبع معدتهم ولم تشبع جيوبهم وخزائنهم
من أجل هذا يجب ألا نيأس , لا نترك أمانينا تنتحر وهم في الدرب والساحة يعبثون , فحق المدينة ينتظر , ينتظر انخراطنا , وتوهج أحيائنا وإنقاذ إنساننا والإنسانية في وطنيتنا , ينتظر أن يثمر صبرنا نصرا , ينتظر كلمتنا / صوتنا / سواعدنا , فهي وحدها سلاحنا في التغيير وبلوغ الأمل
فاس . محمد التهامي بنيس
12 – 2 - 2009:emo_m11:

سعيد نويضي
15/03/2009, 03:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

سلام الله على الأخ محمد التهامي بنيس...

أهل بك في منارة الإبداع و فضاء المعرفة و الكلمة الصادقة...

واحسرتاه على أمة لم تعد تدرك حقيقة مصالحها...فاس مدينة الإشعاع الثقافي و قلعة العلم و المعرفة غابت عنها حضارة الفعل و ظلت حضارة القول تردد ما عرفه العالم القديم كما هو واقع الآن بجل مناطق العالم الإسلامي...

و لكن مع ذلك يظل الأمل و الرجاء في الله جل و علا أن يصلح أحوال هذه الأمة من محيطها إلى خليجها...

دمت بألف خير...