المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مناط الحماية وشروطها في كل من البراءات والعلامات التجارية



ابراهيم عباس خليل
13/03/2009, 09:07 AM
ندوة الويبو الوطنية المتخصصة
للسلطة القضائية
تنظمها
المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)
بالتعاون مع
المجلس القضائي الأعلى الأردني
ودائرة المكتبة الوطنية لوزارة الثقافة
عمّان، من 15 إلى 17 مايو/أيار 2003
مناط الحماية وشروطها في كل من البراءات والعلامات التجارية
السيد حسن البدراوي مستشار في قسم التشريع في وزارة العدل القاهرة

خلفية تاريخية :
أدى قيام الثورة الصناعية فى النصف الأخير من القرن التاسع عشر إلى ظهور الاختراعات الحديثة ، وقد واكب ذلك حدوث متغيرات اقتصادية هائلة ، إذ تدفق الإنتاج الكبير وزادت حركة المبادلات التجارية بين الدول وظهرت علاقات اقتصادية جديدة ، وقد أدى ذلك كله إلى وضع أنظمة قانونية جديدة لحماية حقوق الملكية الفكرية .

غير أن العمل أسفر عن أن الحماية التى تمنحها التشريعات الوطنية لم تكن كافية لتحقيق مصالح الدول الصناعية المتقدمة وذلك لمحدوديتها ، إذ لا يتجاوز نطاقها الحدود الجغرافية للدولة التى تعترف بهذه الحقوق .

لذلك بدأت الدول الصناعية منذ نهاية القرن التاسع عشر فى السعى نحو بسط حماية حقوق الملكية الفكرية على نطاق دولى عن طريق إبرام الاتفاقية الدولية .

وقد توالت الاتفاقيات الدولية فى هذا المضمار بدءً من اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية ( سنة 1883 ) ، مروراً باتفاقية برن لحماية حقوق المؤلف ( سنة 1886 ) ، وانتهاء باتفاقية جوانب التجارة المتصلة بحقوق الملكية الفكرية المعروفة اختصاراً بـ (trips ) كإحدى اتفاقيات جولة أوروجواى ( سنة 1994 ) التى أسفرت عن إنشاء منظمة التجارة العالمية (wto) ، فضلاً عن عديد من الاتفاقيات الأخرى تقع فى الفترات البينية .

وإذ انضمت مصر إلى منظمة التجارة العالمية والاتفاقيات التى تضمنتها الوثيقة الختامية لنتائج جولة أوروجواى ومن بينها الملحق رقم ( 1 ج ) المتعلق باتفاقية جوانب التجارة المتصلة بحقوق الملكية الفكرية (trips ) ، فقد اتسعت مجالات الملكية الفكرية الواجبة الحماية فأصبح لزاماً مد الحماية إلى مجالات جديدة ( التصميمات التخطيطية للدوائر المتكاملة ـ المعلومات غير المفصح عنها ـ المؤثرات الجغرافية ـ الحقوق المجاورة لحق المؤلف ـ الأصناف النباتية الجديدة ) ، فضلاً عما لحق المجالات التقليدية ذاتها من تطور كبير فى مجال الحماية ولد التزامات جديدة يتعين الوفاء بها ، ونعنى بالمجالات التقليدية (براءات الاختراع ـ التصميمات الصناعية ـ العلامات التجارية ـ حقوق المؤلف) .

وانطلاقاً من هذا الواقع الجديد فقد قامت الحاجة إلى مراجعة التشريعات الوطنية القائمة وتطويرها للوفاء بالالتزامات الدولية المشار إليها والتى لحقت بالمجالات التقليدية سالف الإشارة إليها ، وأيضاً لتوفير الحماية اللازمة للمجالات الجديدة التى يتعين أن تمتد إليها الحماية وذلك وفق المعايير الدولية المستحدثة.

وقد اتبع المشرع ـ استجابة لكل ما تقدم ـ نهج إعداد تشريع موحد يعالج بين دفتيه جميع جوانب حماية حقوق الملكية الفكرية إيماناً بفائدة هذا النهج ، مفرداً الباب الأول من الكتاب الأول لبراءات الاختراع ، فكيف نظم المشرع البراءات فى هذا القانون ، وهل أتى تنظيمه لها متسقاً مع اتفاقية (trips) ؟ ، هذا ما سوف نعالجه فى السطور التالية .

براءات الاختراع فى اتفاقية (trips) ومدى اتساق التنظيم القانونى المصرى معها :

عالجت اتفاقية (trips) براءات الاختراع فى ثمانية مواد هى المواد من (27ـ34) وذلك على النحو التالي :

أولاً : خصصت الاتفاقية المادة (27) للحقوق الممنوحة سواء من حيث الاختراعات القابلة للحصول على براءة والمبادئ التى تحكم سلوك الدول الأعضاء فى هذا الخصوص وكذلك الاختراعات التى يجوز استبعادها من الحصول على براءة ، والموقف بالنسبة للأصناف النباتية الجديدة ، وفى هذا الخصوص فقد وضعت الاتفاقية مبدأً عاماً يقضى بإلزام الدول الأعضاء أن تتيح إمكانية الحصول على براءات اختراع لكافة الاختراعات سواء كان منتجات أو عمليات صناعية فى كافة ميادين التكنولوجيا إذا توافرت ثلاثة شروط هى : الجدة ، والخطوة الإبداعية والقابلية للتطبيق الصناعى ، كما ألزمتها بعدم التمييز بين الاختراعات فيما يتعلق بمنح البراءة ، أو التمتع بحقوق ملكيتها على أساس مكان الاختراع أو المجال التكنولوجى الذى ينتمى إليه أو ما إذا كانت المنتجات مستوردة أو منتجة محلياً ( م 27/1 trips) .
وقد أوردت الاتفاقية استثناءات على هذا المبدأ تتمثل فى حق الدول فى أن تستثنى من قابلية الحصول على البراءة ثلاث طوائف من الاختراعات هى :
1 ـ الاختراعات التى يكون منع استغلالها تجارياً فى أراضيها ضرورياً لحماية النظام العام أو الأخلاق الفاضلة بما فى ذلك حماية الحياة أو الصحة البشرية أو الحيوانية أو النباتية أو لتجنب الإضرار الشديد بالبيئة .
2 ـ طرق التشخيص والعلاج والجراحة اللازمة لمعالجة البشر أو الحيوانات .
3 ـ النباتات والحيوانات ( خلاف الكائنات الدقيقة ) والطرق البيولوجية فى معظمها لإنتاج النباتات أو الحيوانات ( خلاف الأساليب والطرق غير البيولوجية والبيولوجية الدقيقة ) .
وقد عالج القانون المصرى هذا المبدأ العام والاستثناءات الواردة عليه وذلك فى المواد 1، 2، 3.
فنص فى المادة (1) على أن " تمنح براءة اختراع طبقاً لأحكام هذا القانون عن كل اختراع قابل للتطبيق الصناعى يكون جديداً ، ويمثل خطوة إبداعية ، سواء كان الاختراع متعلقاً بمنتجات صناعية جديدة أو بطرق صناعية مستحدثة أو بتطبيق جديد لطرق صناعية معروفة .
وقد أقر القانون فى الفقرة الثانية من ذات المادة منح براءة عن التعديل أو التحسين أو الإضافة التى ترد على اختراع سبق منح براءة عنه إذا توافر فى هذا التعديل أو التحسين أو هذه الإضافة الشروط الثلاثة السابقة ( الجدة ـ الخطوة الإبداعية ـ القابلية للتطبيق الصناعى ) وليس فى ذلك أية مخالفة للاتفاقية .
أما المادة (3) فقد تكفلت ببيان الحالات التى لا يكون فيها الاختراع جديداً بما مؤداه فقدانه لأحد الشروط الثلاثة المشار إليها ، فاعتبرته غير جديـد ( كلياً أو جزئياً )
(1) إذا كان قد سبق طلب إصدار براءة بشأنه أو صدرت هذه البراءة عنه أو عن جزء منه فى مصر أو الخارج قبل تقديم طلب البراءة .
(2) إذا كان قد سبق استعماله فى مصر أو فى الخارج بصفة علنية أو كان قد أفصح عن وصفه على نحو يمكن ذوى الخبرة عن استغلاله قبل تقديم الطلب .
(ولا يعد إفصاحاً الكشف عن الاختراع فى المعارض الوطنية أو الدولية خلال الستة أشهر السابقة على تاريخ التقدم بالطلب) .
وحددت المادة (2) مالا يمنح براءة اختراع عنه، وهو ما يلى :
الثلاثة أنواع من الاختراعات التى أوردتها اتفاقية (trips)، بجانب (الاكتشافات والنظريات العلمية والطرق الرياضية والبرامـج والمخططات ) و(الأعضاء والأنسجة والخلايا الحية والحمض النووى والجينوم ) .

ابراهيم عباس خليل
13/03/2009, 09:08 AM
وليس ثمة شك فى أن ما أضافته المادة لا يتعارض مع اتفاقية (TRIPS).
أما عن حماية الأصناف النباتية الجديدة : فقد نصت الاتفاقية فى المادة (27/3ب) على وجوب أن تحميها الدول إما عن طريـق براءات الاختراع ، أو عن طريق نظام فريد من نوع خاص ( Sui generies ) ، أو عن طريق نظام بمزج بينهما ، وقد أخذ المشرع المصرى فى تنظيم هذا الموضوع بالنظام الفريد الخاص ـ شأنه فى ذلك شأن معظم مشرعوا العالم وعلى وجه الخصوص الدول النامية ـ وأفرد لذلك الكتاب الرابع .

ثانياً : أفردت الاتفاقية المادة (28) لمعالجة الحقوق الممنوحة لصاحب البراءة سواء تعلقت البراءة بالمنتج ذاته أم انصبت على طريقة صنعه وهو ما يسمى بالحقوق الاستئثارية لمالك البراءة ، فطبقاً للبند 1/أ من هذه المادة والتى تعالج حقوق صاحب براءة المنتج فإنه يكون من حقه منع الغير من صنع أو استخدام أو عرض للبيع أو بيع أو استيراد المنتج لهذه الأغراض ويحظر على الغير القيام بأى فعل من هذه الأفعال ما لم يحصل على موافقة مالك البراءة ، أما البند 1/ب من ذات المادة فيعالج حقوق صاحب براءة الطريقة الصناعية على نحو بالغ الاتساع فلا يقصر حقوقه على منع الغير من الاستخدام الفعلى للطريقة الصناعية فى الإنتاج بل يمنحه حق صاحب براءة المنتج ذاته فيخوله الحق فى منع الغير من استخدام أو عرض للبيع أو بيع أو استيراد المنتج الذى يتم الحصول عليه مباشرة بهذه الطريقة .
بيد أن الحقوق الاستئثارية هذه لا يمكن أن تكون مطلقة تتأبى على الاستثناءات بل أنها شأنها شأن أية حقوق ترد عليها من الاستثناءات ما لا يتنافى مع طبيعتها ، وقد أخذت اتفاقية (TRIPS) بهذا النظر فأجازت فى المادة (30) للأعضاء منح استثناءات محدودة من تلك الحقوق الاستئثارية شريطة ألا تتعارض بصورة غير معقولة مع الاستغلال العادى للبراءة ، وألا تخل بصورة غير معقولة بالمصالح المشروعة لصاحب البراءة مع مراعاة المصالح المشروعة للغير .
وقد نظم القانون المصرى هذه الحقوق والاستثناءات عليها فى المادة (10) فبعد أن أكد الحق فى الفقرة الأولى " تخول البراءة مالكها الحق فى منع الغير من استغلال الاختراع بأية طريقة " ، أورد فى الفقرة الثالثـة الأعمـال التـى يقوم بها الغير ولا تعتبر اعتداء على هذا الحق ( الاستثناءات ) وهى :
1 ـ الأعمال المتصلة بأغراض البحث العلمى .
2 ـ قيام الغير فى مصر بصنع منتج أو باستعمال طريقة صنع منتج معين أو باتخاذ ترتيبات جدية لذلك ما لم يكن سئ النية وذلك قبل تاريخ تقديم طلب البراءة من شخص آخر عن المنتج ذاته أو عن طريق صنعه .
3 ـ الاستخدامات غير المباشرة لطريقة الإنتاج التى يتكون منها موضوع الاختراع وذلك للحصول على منتجات أخرى .
4 ـ استخدام الاختراع فى وسائل النقل البرى أو البحرى أو الجوى التابعة لإحدى الدول أو الكيانات الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية والتى تعامل مصر معامل المثل وذلك فى حالة وجودها فى مصر بصفة وقتية أو عارضة .
5 ـ قيام الغير بصنع أو تركيب أو استخدام أو بيع المنتج أثناء فترة حمايته بهدف استخراج ترخيص لتسويقه على ألا يتم التسويق إلا بعد انتهاء تلك الفترة .
ومن بين ما نظمته المادة (28) من اتفاقية (TRIPS) ما ورد فى الفقرة الثانية منها بخصوص التصرف فى البراءة ، فأوجبت على الدول الأعضاء إقرار حق مالك البراءة فى التنازل عنها للغير وانتقال ملكيتها بالإرث ، وحق مالكها فى إبرام عقود ترخيص باستغلالها ، وقد التزم القانون المصرى هذا النظر فنصت المادة (21) على جواز " نقل ملكية البراءة كلها أو بعضها بعوض أو بغير عوض ، كما يجوز رهنها أو تقرير حق الانتفاع عليها .

ثالثاً : حددت اتفاقية (TRIPS) فى المادة (29) شروط يلزم توافرها فى طلب الحصول على براءات الاختراع ، فأوجبت فى الفقرة الأولى على الأعضاء " إلزام من يتقدم بطلب الحصول على البراءة الإفصاح الكامل عن الاختراع بأسلوب واضح يكفى لتمكين أى شخص لديه الخبرة الفنية فى مجال التخصص الذى ينتمى إليه الاختراع من تنفيذه ، وأجازت الاشتراط على مقدم الطلب أن يبين أفضل أسلوب يعرفه المخترع لتنفيذ الاختراع فى تاريخ التقدم بالطلب بما مقتضاه أن يكشف المخترع عن المعارف الفنية والتكنولوجية والمعلومات اللازمة لتنفيذ الاختراع على أفضل وجه أما الفقرة الثانية من ذات المادة فقد أجازت أن يشترط الأعضاء على من يتقدم بالطلب تقديم المعلومات المتعلقة بالطلبات المماثلة التى تقدم بها فى دولة أخرى أو البراءات التى حصل عليها فيهـا .
وقد أخذ القانون المصرى بهذه الأحكام فى المادة (13/1،2،5) فأوجبت الفقرة الأولى على مقدم الطلب أن يرفق به " وصف تفصيلى للاختراع يتضمن بياناً كاملاً عن موضوعه ، وعن أفضل أسلوب يمكن ذوى الخبرة من تنفيذه وذلك بالنسبة لكل واحد من المنتجات والطرق محل الطلب " كما أوجبت الفقرة الثانية أن يشتمل الوصف بطريقة واضحة على " العناصر الجديدة التى يطلب صاحب الشأن حمايتها وأن يرفق بالطلب رسم هندسى للاختراع عند الاقتضاء " وألزمت الفقرة الخامسة " الطالب فى جميع الأحوال بتقديم بيانات ومعلومات كاملة عن الطلبات التى سبق أن قدمها فى الخارج عن نفس الاختراع أو ما يتصل بموضوعه وكذلك نتائج البت فى هذه الطلبات " .


رابعاً : عالجت اتفاقية (TRIPS) فى المادة (31) موضوعاً بالغ الأهمية تحت مسمى ( الاستخدامات الأخرى بدون الحصول على موافقة صاحب الحق Other Uses without authorization of the right holder ، والمقصود بذلك ( التراخيص الإجبارية ) ، وقد أوردت المادة حالات لمنح هذا الترخيص ، وما أوردته من هذه الحالات لم يكن على سبيل الحصر بل ورد على سبيل المثال ، ومفاد ذلك أنه يجوز تضمين التشريعات الوطنية حالات أخرى تصدر فيها تراخيصاً إجبارية شريطة أن تصدر على ذات الأسس التى عددتها المادة ( grounds ) .
وليس ثمة شك أن " التراخيص الإجبارية " هى إحدى أهم الآليات التى يمكن للدول النامية أن تلجأ إليها للحد من غلواء نظام البراءات كإحدى الصور الأساسية للاحتكار القانونى المؤقت للتكنولوجيا لاسيما فى المجالات ذات الأهمية القصوى كمجالات الغذاء والدواء والصحة العامة على نحو خاص ، وقد فطن واضعوا القانون المصرى لهذا الأمر منذ البداية فعالجوا هذا الموضوع فى مادتين هما المادة (23) التى تعالج الحالات أو الدواعى التى تستلزم إصدار التراخيص الإجبارية ، والمادة (24) التى تكفلت ببيان الأسس أو الشروط الواجب مراعاتها عند إصدار هذا الترخيص .
وجدير بالإشارة أن المتأمل للتنظيم القانونى للتراخيص الإجبارية على نحو ما ورد بالقانون المصرى سوف يلحظ بوضوح أن هذا التنظيم الذى وُضع قبل مؤتمر الدوحة بأكثر من سنتين يكاد يكون متماثلاً مع ما انتهى إليه المؤتمر من فهم وتفسير لموضوع التراخيـص الإجبارية ، سواء من تأكيد حق كل عضو فى الاتفاقية أن يصدر تراخيصاً إجبارية وأن له حرية تحديد الأسس (GROUNDS) التى تمنح هذه التراخيص استناداً إليها ( حددت المادة " 24 " " 11 أساس " ينبغى مراعاتها عند إصدار الترخيص الإجبارى ) ، وعلى صعيد الحالات أو الدواعى أكد البيان الصادر عن المؤتمر " حق كل عضو فى أن يحدد ما يعتبر طوارئ قومية أو الظروف الأخرى التى تشكل الضرورة القصوى ، وانه من المفهوم أن أزمات الصحة العامة ـ بما فى ذلك أمراض نقص المناعة والسل والملاريا والأوبئة الأخرى ـ يمكن أن تمثل مصلحة قومية أو ظروف تمثل ضرورة قصوى ( كرست المادة 23/ثانياً هذا الفهم بأن أجازت إصدار تراخيص إجبارية " إذا طلب وزير الصحة فى أية حالة من حالات عجز كمية الأدوية المحمية بالبراءة عن سد احتياجات البلاد أو انخفاض جودتها أو الارتفاع غير العادى فى أسعارها ، أو إذا تعلق الاختراع بأدوية الحالات الحرجة أو الأمراض المستعصية أو المتوطنة أو بمنتجات الوقاية من هذه الأمراض ، وسواء تعلق الاختراع بالأدوية ، أو بطريقة إنتاجها ، أو بالمواد الخام الأساسية التى تدخل فى إنتاجها ، أو بطريقة تحضير المواد الخام اللازمـة لإنتاجها " .

خامساً : أوجبت المادة (32) من اتفاقية (TRIPS) على الأعضاء إتاحة فرصة الطعن أمام القضاء فى أى قرار بإلغاء أو مصادرة الحق فى براءة اختراع ، ومفاد ذلك أن الاتفاقية أجازت مصادرة الحق فى براءة الاختراع ، وكل ما اشترطته فى هذا الخصوص أن يوفر العضو المعنى جهة تقاضى للنظر فى القرار الصادر بالمصادرة Forfeiture .
ونظراً لخصوصية تتعلق بالنظام القانونى المصرى تتمثل فيما نص عليه الدستور المصرى من حظر المصادرة العامة ، وعدم جواز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى ، فقد عالج القانون هذه الحالة (Forfeiture) تحت نظام نزع الملكية ، فأجاز ذلك بقرار من الوزير المختـص مـع تحديـد الأسباب والحالات التى تجيز إصدار هذا القرار ( أسباب تتعلق بالأمن القومى ، وحالات الضرورة التى تجيز إصدار ترخيص إجبارى على نحو ما تنص عليه المادة (23) ، واشترط المشروع أن يكون نزع الملكية مقابل تعويض عادل ووفقاً للقيمة الاقتصادية السائدة وقت إصـدار القرار ، وأوجب القانـون نشر القرار فى جريدة براءات الاختراع ، وحدد القانون محكمة القضاء الإدارى كجهة طعن فى قرار نزع الملكية وقرار تقدير التعويض ، على أن تفصل المحكمة فى هذا الطعن على وجه الاستعجال ( م 25 من القانون المصرى ) .

ابراهيم عباس خليل
13/03/2009, 09:09 AM
سادساً : وضعت المادة (33) من اتفاقية (TRIPS) حداً أدنى لمدة الحماية المقررة للاختراع الذى تمنح عنه البراءة ( عشرين سنة ) تحسب اعتباراً من تاريخ التقدم بطلب الحصول على البراءة ، ومفاد ذلك أنه يمكن الدول أن تزيد مدة الحماية عن هذا الحد الأدنى إلا أنها لا تستطيع أن تخفض هذه المدة، وقد عالج القانون هذا الحكم فى المادة (9) فنص على أن مدة حماية براءة الاختراع عشرون سنة تبدأ من تاريخ تقديم طلب البراءة فى مصر .

سابعاً : نظمت المادة (34) من اتفاقية (TRIPS) موضوعاً على جانب كبير من الأهمية يتعلق بعبء الإثبات إذا تعلق ببراءة اختراع الطريقـة الصناعية ( طريقة الإنتاج وليس المنتج ذاته ) ، فالأصل المقرر فى مجال الإثبات بوجه عام أن " البينة على من ادعى " فمن يدعى خلاف الظاهر عليه عن إثبات مدعاه ، فإذا طبق هذا الأصل على موضوع براءة الطريقة الصناعية فإن الأمر كان يقتضى أن يلزم صاحب براءة الطريقة الصناعية ـ إذا ما ادعى وقوع اعتداء على حقوقه ـ بإثبات أن المنتج المطابق الذى يدعى إنتاجه وفقاً لطريقته المحمية بالبراءة قد تم تصنيعه وفقاً لهذه الطريقة .

إلا أنه نظراً لأن هذا الإثبات يدق بل يصعب فى مجال الصناعات الكيميائية ، فقد تمسكت الدول المتقدمة بهذه الصعوبة واستطاعت أن تمرر المادة (34) بعد بناءها على نحو يتضمن نقل عبء الإثبات من المدعى إلى المدعى عليه على تفصيل حملته أحكامها وذلك على النحو التالي : " فوفقاً للفقرة الأولى من تلك المادة فإن الأعضاء مطالبون بأن تتضمن تشريعاتهم تخويل السلطة القضائية صلاحية نقل عبء الإثبات إلى المدعى عليه فى الدعاوى المدنية بتكليفه بإثبات أن الطريقة التى اتبعها فى إنتاج المنتج المطابق تختلف عن الطريقة الصناعية المحمية بالبراءة ، كما يلتزمون بتضمين تشريعاتهم قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس مفادها افتراض أن المنتج المطابق صنع باستخدام الطريقة الصناعية المحمية بالبراءة إذا توافرت إحدى الحالتين التاليتين على الأقــل :
إذا كان المنتج جديداً .

إذا قام احتمال كبير على أن المنتج المطابق قد صنع وفق هذه الطريقة وعجز صاحب براءة الطريقة عن تحديد الطريقة المستخدمة فى إنتاجه على أن يكون قد بذل بالفعل جهوداً معقولة فى سبيل الكشف عنها .

وقد أجازت الفقرة الثانية للدول الأعضاء قصر نقل عبء الإثبات على إحدى هاتين الحالتين فقط .

أما الفقرة الثالثة فقد عنيت بحماية المدعى عليه وهو بصدد تقديم الدليل على عدم صحة ما ادعاه المدعى فقد أوجبت وهو فى هذه الحالة الاستثنائية ( الإثبات العكسى ) أن تؤخذ فى الاعتبار مصالحه المشروعة باتخاذ الإجراءات التى تكفل حماية أسراره الصناعية والتجارية

وقد عالج القانون هذا الموضوع فى المادة (34) فبدأ بوضع القرينة المشار إليها فى الفقرة الأولى من المادة (34) (TRIPS) فنـص علـى " اعتبار المنتج المطابق قد تم الحصول عليه وفقاً للطريقة المشمولة بالبراءة إذا أثبت المدعى فى دعواه المدنية :
أن المنتج المطابق قد تم الحصول عليه بالاستخدام المباشر للطريقة المشمولة بالبراءة . ( أو )
أنه قد بذل الجهد المعقول للكشف عن الطريقة التى استخدمت فـى الإنتاج ، وأجاز ـ عندئذ ـ للمحكمة أن تأمر المدعى عليه بأن يثبت أن الطريقة التى استخدمها فى الحصول على المنتج المطابق تختلف عن الطريقة المشمولة بالبراءة والمملوكة للمدعى .

ويبين من هذا الحكم أن القانون المصرى اعتمد الحالة الثانية من الحالتين المنصوص عليهما فى الفقرة الأولى من المادة (34) وهى حالة بذل الجهد المعقول من جانب المدعى للكشف عن الطريقة التى استخدمت فـى الإنتاج ، وهو بذلك يكون قد حقق حكم (TRIPS) على النحو الوارد فى الفقرة الثانية من المادة (34) .

أما الفقرة الثالثة من المادة (34) من القانون فقد كرسها المشرع لتقنين الفقرة التالية من المادة (34) من (TRIPS) وذلك بأن أوجب أن تراعى المحكمة وهى بصدد ممارسة عملية نقل عبء الإثبات حق المدعى عليه فى حماية أسراره الصناعية والتجارية .

وبجانب التنظيم المباشر لبراءات الاختراع فى اتفاقية (TRIPS) على نحو ما تضمنته المواد من (27 : 34 ) ـ والتى يتضمنها القسم الخامس من الجزء الثانى من الاتفاقية ـ على نحو ما عرضنا له ، فإن هناك أحكاماً أخرى فى الاتفاقية ذات طبيعة عامة تتناول كافة مجالات الملكية الفكرية ـ ومن بينها براءات الاختراع ـ محلها الجزء الأول من الاتفاقية المتعلق بـ (الأحكام العامة والمبادئ الأساسية)، والجزء الثالث المتعلق بـ ( الإنفاذ ) ، وقد اقتضت هذه الأحكام تنظيماً قانونياً لمضمونها فى كافة مجالات الملكية الفكرية التى نظمها المشروع ، فكيف نظم الباب الأول من الكتاب الأول ( براءات الاختراع ) هذه الأحكام :
أولاً : تضمنت المادة (3) من اتفاقية (TRIPS) مبدأ المعاملة الوطنية ومفاده أن يلتزم أعضاء منظمة التجارة العالمية بمعاملة مواطنى الأعضاء الآخرين ومن فى حكمهم معاملة لا تقل عن تلك التى تعامل بها مواطنيها سواء من حيث الحقوق أو الالتزامات .
كما تضمنت المادة (4) مبدأ المعاملة الخاصة بحق الدولة الأولى بالرعاية ومفاده أن يلتزم الأعضاء بعدم التمييز فى المعاملة بين رعايا الأعضاء الآخرين ومن فى حكمهم أى عليهم المساواة بين رعايا جميع الأعضاء فى الحقوق والالتزامات .
بيد أن المادتين (3) ، (4) أجازت بعض الاستثناءات على المبدأين المشار إليهما يمكن للأعضاء الاستفادة بهما فأجازت عدم تسرية الميزة أو الأفضلية أو الامتياز أو الحصانة التى يتمتع بها البعض على الجميع إذا كان مصدرها ( اتفاقيات المساعدة القضائية أو اتفاقيات إنفاذ القوانين ذات الصبغة العامة ) .
كما استبعدت المادة (5) من نطاق تطبيق الميزة أو الأفضلية أو الامتياز أو الحصانة تلك النابعة من اتفاقيات الملكية الفكرية ذات الطبيعة الإجرائية الخاصة باكتساب حقوق الملكية الفكرية أو استمرارها .
وقد عالج القانون هذا الموضوع فى المادة (4) فأجاز لكل شخص طبيعى أو اعتبارى من المصريين أو من الأجانب الذين ينتمون أو يقيمون أو يتخذون مركز نشاط حقيقى وفعال لهم فى إحدى الدول أو الكيانات الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية أو التى تعامل مصر معاملة المثل الحق فى التقدم بطلب براءة اختراع لمكتب براءات الاختراع فى مصر …… ، وسرى المشروع أى ميزة أو أفضلية أو امتياز أو حصانة يمنحها أى قانون آخر لرعايا أى دولة على مواطنو الدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية ما لم تكن هذه الميزة أو الأفضلية أو الامتياز أو الحصانة نابعة من :
اتفاقيات المساعدة القضائية أو اتفاقيات إنفاذ القوانين ذات الصبغة العامة .
الاتفاقيات المتعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية والتى أصبحت سارية قبل أول يناير سنة 1995 .

ثانياً : ذكرنا أن المادة (28) (TRIPS) عالجت الحقوق الممنوحة لصاحب البراءة (الحقوق الاستئثارية) والتى تتمثل إجمالاً فى ( منع الغير من صنع أو استخدام أو عرض البيع أو بيع أو استيراد المنتج دون الحصول على موافقة مالك البراءة ) ، وليس ثمة شك أن من شأن منع الاستيراد تمكين صاحب البراءة من التحكم فى الأسعار ، وقد يكون من بين المنتجات التى يتحكم فيها ما هو حيوى ولازم وضرورى لصحة وغذاء الإنسان وغير ذلك من المجالات الحيوية ، من أجل هذا لجأت كثير من الدول من خلال تشريعاتها إلى الأخذ بمبدأ يحد من شطط وغلواء هذا الحق وهو ما يعرف بمبدأ ( استنفاذ الحقوق Exhaution of rights )
وقد شجر الخلاف بين الدول حول طبيعة هذا الاستنفاد وما إذا كان دولياً أم وطنياً ، فالدول النامية ترى ـ بصفة أساسية ـ أن هذا الاستنفاد يكون دولياً ، وطبقاً لهذه الرؤية يسقط حق صاحب البراءة فى منع الغير من استيراد المنتجات المشمولة بالحماية إذا ما طُرحت تلك المنتجات للتداول فى سوق أى دولة سواء طرحها صاحب الحق بنفسه أو عن طريق أحد تابعيه أو طُرحت بموافقته ، ومؤدى سقوط هذا الحق فتح الباب أمام ما يسمى بـ ( الاستيراد الموازى parallel import ) .
وإزاء سكوت المادة (6) من اتفاقية (TRIPS) عن حسم هذا الأمر ، فقد أخذ المشروع بمبدأ أن ( المسكوت عنه مباح ) ، فنص فى المادة (10) فقرة ثانية على أن " يستنفد حق مالك البراءة فى منع الغير من استيراد أو استخدام أو بيع أو توزيع السلعة إذا أقام بتسويقها فى أية دولة أو رخص للغير بذلك " .
وقد جاء إعلان الدوحة مواكباً لنظر المشروع المصرى إذ نص البند الخامس من الإعلان على أنه " فيما يتعلـق باستنفاد حقوق الملكية الفكرية أكد المؤتمرون أن أحكام اتفاقية ( TRIPS ) تترك الحرية لكل عضو فى إقامة نظامه الخاص بالاستنفاذ دون إخلال بمبدأى الدولة الأولى بالرعاية والمعاملة الوطنية " .

ابراهيم عباس خليل
13/03/2009, 09:10 AM
ثالثاً : أفردت الاتفاقية المادتان (7) ، (8) لبيان الأهداف التى تسعى لتحقيقها ، والمبادئ التى ينبغى أن تحكم حركة الدول وهى بصدد إقرار أحكام الاتفاقية فى تشريعاتها ، فنصت المادة (7) على أن " الاتفاقية تهدف إلى إسهام حماية وإنفاذ حقوق الملكية الفكرية فى تشجيع روح الابتكار التكنولوجى ونقل وتعميم التكنولوجيا بما يحقق المنفعة المشتركة لمنتجى المعرفة التكنولوجية ومستخدميها بالأسلوب الذى يحقق الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية والتوازن بين الحقوق والواجبات .
ومفاد النص المتقدم ـ فى تقديرنا ـ أن نقل لتكنولوجيا وتعميمها هو الهدف الذى تسعى الاتفاقية إلى الإسهام فى تحقيقه ، ولا يتصور أن يأتى هذا إلا إذا استغل الاختراع ـ محل البراءة الممنوحة من الدولة ـ صناعياً على إقليمها ، وقد نحسب القانون المصرى لهذا الأمر وأولاه عنايتـه وهـو بصـدد تنظيـم التراخيـص الإجباريـة فنص فى المادة ( 23/رابعاً ) على جواز منح تراخيص إجبارية باستغلال الاختراع : إذا لم يقم صاحب البراءة باستغلالها فى مصر بمعرفته أو بموافقته أو استغلت فيها استغلالاً غير كاف رغم مضى أربع سنوات من تاريخ تقديم طلب البراءة أو ثلاث سنوات من تاريخ منحها أيهما أطول وكذلك إذا أوقف صاحب البراءة استغلال الاختراع بدون عذر قهرى لمدة تزيد على سنة 000 إلا إذا كان عدم استغلال الاختراع يرجع إلى أسباب قانونية أو فنية أو اقتصادية خارجة عن إرادة صاحب البراءة فأجاز القانون منحه مهلة أخرى كافية .
ـ أما المادة (8) من الاتفاقية ( trips ) فقد أجازت فى فقرتها الأولى للأعضاء عند وضع أو تعديل قوانينها " اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الصحة العامة والتغذية وخدمة المصلحة العامة فى القطاعات ذات الأهمية الحيوية للتنمية الاقتصادية الاجتماعية والتكنولوجية شريطة اتساق هذه التدابير مع أحكام الاتفاقية ، كما أجازت كما أجازت الفقرة الثانية للأعضاء أن تتخذ التدابير اللازمة لمنع حائزى حقوق الملكية الفكرية من إساءة استخدامها أو منع اللجوء إلى ممارسات تسفر عن تقييد غير معقول للتجارة تؤثر سلباً على النقل الدولى للتكنولوجيا .
ـ وقد وجدت هذه المادة صدى فى القانون من خلال الأحكام الخاصة بالتراخيـص الإجباريـة، فنشيـر إلـى كل ما ذكرناه بشأنها فى البند ( رابعاً ) ونضيف أن القانون قنن بعض هذه التدابير واستخدمها فى وضع ضوابط للحد من ارتفاع السعار أو عدم توفير المنتجات المشمولة بالحماية عن طريق البراءة فى السوق أو طرحها بشروط مجحفة أو وقف إنتاجها أو إنتاجها بكميات لا تحقق التناسب بين الطاقة الإنتاجية واحتياجات السوق ، أو القيام بأعمال أو تصرفات تؤثر سلباً على حرية المنافسة ، أو استعمال الحقوق التى يخولها القانون على نحو يؤثر سلباً على نقل التكنولوجيا ، وقد اعتبر القانون هذه الأفعال من الأفعال المضادة للتنافس ، وأجاز لمكتب براءات الاختراع منح ترخيص إجبارى لمجابهة أى من هذه الأفعال دون حاجة للتفاوض أو انقضاء مهلة على حصوله ولو كان الترخيص الإجبارى لا يستهدف الوفاء باحتياجات السـوق المحلى ، كما أجاز القانون لمكتب البراءات اسقاط البراءة ـ فى هذه الحالات ـ إذا تبين بعد مضى سنتين من منح الترخيص الإجبارى أن ذلك الترخيص لم يكن كافياً لتدارك الآثار السلبية التى لحقت بالاقتصاد القومى بسبب تعسف صاحب البراءة فى استعمال حقوقه أو لممارساته المضادة للتنافس .

رابعاً : من أهم ما تتميز به اتفاقية ( trips ) أنها اشتملت على تنظيم تفصيلى لأحكام تستهدف توفير أكبر قدر متاح من الانفاذ الفعال لحقوق الملكية الفكرية التى تضمنتها إلى الحد الذى افسحت معه الاتفاقية الجزء الثالث منها لمعالجة هذا الموضوع ، فأفردت له ( 21 مادة من موادها الـ 73 بنسبة 30% تقريباً ) وهى المواد من ( 41 ـ 61 ) .

وقد وضعت الاتفاقية تنظيماً شاملاً لكل مجالات الإنفاذ لتحقيق حماية فعالة لحقوق الملكية الفكرية سواء على صعيد الإجراءات الإدارية ، أو الإجراءات الوقتية ، أو على الصعيد المدنى ، أو الجنائى .

وتتمثل الإجراءات الإدارية فى ضبط السلع المقلدة أو المزورة تنفيذاً لأوامر القضاء والتحفظ عليها لحين الحكم فى الدعوى الموضوعية ، كما تتمثل أيضاً فى التصرف فى السلع المقلدة أو المزورة تنفيذاً لحكم المحكمة كمصادرة تلك السلع أو إتلافها ، وقد اشترطت الاتفاقية فى المادة (49) أن تكون هذه الإجراءات عادلة ومنصفة سواء اتخذت قبل المتعدين أو المتضررين .

أما الحماية على صعيد الإجراءات الوقتية والتى عالجتها الاتفاقية فى المادة (50) تحت مسمى " التدابير المؤقتة " فتستهدف الحيلولة دون حدوث تعد على أى حق من حقوق الملكية الفكرية لاسيما منع السلع المقررة فور التخليص عليها جمركياً من النفاذ إلى الأسواق التجارية ، وصون الأدلة ذات الصلة بالتعدى المدعى وقوعه .

ويقصد بالحماية على الصعيد المدنى ـ حسبما نظمتها المواد 42 : 48 من اتفاقية ( trips ) ـ توفير السبل أمام صاحب الحق فى طلب اقتضاء التعويض عن الضرر الناجم عن أى تعد على حق من حقوق الملكيـة الفكرية وذلك بطريق الدعوى المدنية أمام القضاء الوطنى التى لا تقتصر على التعويض فقط بل تشمل أيضاً المصروفات التى تكبدها صاحب الحق شاملة أتعاب المحاماة ، مع الأمر بالتصرف فى السلع التى نجد المحكمة أنها تشكل تعدياً على حقوق الملكية الفكرية تجنباً للإضرار بصاحب الحق ، وذلك بأى نوع من أنواع التصرف إلى حد إتلافها ، مع الأمر بالتخلص من المواد والمعدات التى تستخدم بصورة رئيسية فى صنع السلع المتعدية .

أما الحماية على الصعيد الجنائى فقد عالجتها الاتفاقية فى المادة (61) ، وبمقتضى أحكام هذه المادة ألزمت الاتفاقية الدول الأعضاء بتطبيق الإجراءات والعقوبات الجنائية ( الحبس والغرامة أو أحداهما مع المصادرة والإتلاف ) على مجالين فقط هى ( العلامات التجارية ـ حقوق المؤلف ) وأجازت مدها إلى أية مجالات أخرى من مجالات الملكية الفكرية بشرط أن تتخذ حالة التعدى طابع العمد وأن تقع على نطاق تجارى .

ـ وقـد عالج القانـون فى الباب الأول من الكتاب الأول ( براءات الاختراع ) موضوع الإنفاذ فجاءت أحكامه على النحو التالي :
أجازت المادة (35) لصاحب براءة الاختراع أن يطلب من رئيس المحكمة المختصة بحسب الأحوال ـ إصدار أمر بإجراء تحفظى بشأن المنتجات أو البضائع المدعى بتقليدها للمنتج الصادر عنه البراءة وفقاً للوصف التفصيلى الذى تم الإفصاح عنه فى وثيقة براءة الاختراع ، ويصدر الأمر بالإجراءات التحفظية اللازمة لحفظ هذه المنتجات والبضائع على النحو الذى يضمن بقاءها بحالتها ، ويجوز أن يصدر الأمر المشار إليه قبل رفع الدعوى ويسقط بعد رفعها خلال ثمانية أيام من تاريخ الصدور .
أما المادة (32) من القانون فقد عالجت الحماية الجنائية فنصت على أنه " يعاقب بغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه :
كل من قلد بهدف التداول التجارى موضوع اختراع أو نموذج منفعة منحت عنه براءة وفقاً لأحكام هذا القانون .
كل من باع أو عرض للبيع أو للتداول أو استورد أو حاز بقصد الاتجار منتجات مقلدة مع علمه بذلك حتى كانت براءة الاختراع أو براءة نموذج المنفعة الصادرة عنها أو عن طريق إنتاجها صادرة ونافذة فى مصر .
كل من وضع بغير حق على المنتجات أو الإعلانات أو العلامات التجارية أو أدوات التعبئة أو غير ذلك بيانات تؤدى إلى الاعتقاد بحصوله على براءة اختراع أو براءة نموذج منفعة .
* أمـا فـى حالة العود فقد قرر لها القانـون عقوبة الحبس ( مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة التى لا تقل عن أربعين ألف جنيه ولا تجاوز مائتى ألف جنيه ) .
* أما عن العقوبات التكميلية فقد طبقها القانـون فى جميع الأحوال ( أول مرة أو العود ) وتتمثل فى مصادرة الأشياء المقلدة محل الجريمة والأدوات التى استخدمت فى التقليد ، مع نشر الحكم الصادر بالإدانة فى جريدة يومية واحد أو أكثر على نفقة المحكوم عليه .
ـ وأجازت المادة (35) من القانون للمحكمة الإدارية أو المدنية أو الجنائية المختصة ـ على حسب الأحوال ـ أن تأمر بالتصرف فى الأشياء المتحفظ عليها بالطريقة التى تحددها وفاء لما يقضى به من الغرامات أو التعويضات ، كما لها أن تأمر بإتلافها عند الاقتضاء .

… وبعد ، كان ما تقدم يمثل أهم ما تضمنه قانون حماية حقوق الملكية الصناعية من أحكام تعكس تنظيمه القانونى لأحد أهم مجالات الملكية الفكرية ألا وهو مجال براءات الاختراع ، وليس ثمة شك أنه يبين للقارئ ـ من خلال العرض المتقدم ـ منهج واضعوا القانون فى الاتساق مع أحكام اتفاقية (trips) فيما وضعوه من أحكام مع الاستفادة إلى أقصى درجة ممكنة من أية استثناءات تتيحها الاتفاقية على نحو يحقق المصلحة الوطنية فى إطار من الوفاء بالالتزامات الدولية .

[نهاية الوثيقة]