المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غرناطة وجنين وعمان: ثلاثية الإلهام في أدب د. صلاح جرّار



جمال الأحمر
16/03/2009, 07:57 PM
غرناطة وجنين وعمان:
ثلاثية العصر في أدب د. صلاح جرّار



مقاطع من سيرته
-ولد د. صلاح جرّار في كفر قود-جنين في العام 1952.
- يحمل درجة الدكتوراه في الأدب الأندلسي من جامعة لندن سنة 1982، ودرجة الماجستير في الأدب الأندلسي من الجامعة الأردنية .
- حائز على وسام الاستقلال من الدرجة الثانية سنة (2002 ).
- يشغل الان موقع نائب رئيس الجامعة الأردنية لشؤون الكليات والمعاهد الإنسانية من
- رئيس هيئة المديرين والقائم بأعمال المدير العام لشركة الدار الجامعية للاستشارات والدراسات 2007 ولغاية 2008.
- عميد الدراسات العليا وعميد البحث العلمي بجامعة آل البيت من 2006 ولغاية 2007.
- المنسق العام للجنة الوطنية العليا لإعلان عمّان عاصمة الثقافة العربية لعام 2002.
- أمين عام وزارة الثقافة 1999 - 2002.
- مدير مكتبة الجامعة الأردنية 1993 - 1997.
- أشراف على مشروع الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط في المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسسة آل البيت) 1985 -1990 .
- رئيس لجنة النشاطات الثقافية التابعة للجنة الوطنية لشؤون معرض هانوفر الدولي. وغيرها من اللجان.
له عشرات من المؤلفا ت و الأبحاث المنشوررة منها - : يحيى بن بقي الأندلسي (حياته وأدبه) -رسالة ماجستير / 1978.
- الأدب والحياة الأدبية في غرناطة بني نصر (بالإنجليزية) - رسالة دكتوراه / 1982.
- المقنع في الفلاحة لابن حجاج الإشبيلي (تحقيق ودراسة) بالاشتراك مع الأستاذ الدكتور عبد العزيز الدوري والدكتور جاسر أبو صفية، ط، مجمع اللغة العربية الأردني / 1982.
- المصادر وطريقة البحث في اللغة والأدب (بالاشتراك مع الأستاذ الدكتور محمود السمرة، والدكتور خالد الكركي) ، عمان / 1986.
- جنة الرضا في التسليم لما قدر الله وقضى، لأبي يحيى ابن عاصم الغرناطي (تحقيق ودراسة) 3 مجلدات، دار البشير، عمان / 1989.
- مرج الكحل الأندلسي (سيرته وشعره)، دار البشير/ عمان 1993.
- الرحلة الرابعة لحسين روحي (تحقيق ودراسة)، المطابع العسكرية، عمان، سنة 1998.
- ديوان الحمراء (الأشعار العربية المنقوشة على جدران الحمراء وجنة العريف) ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ بيروت، سنة 1999.
- أدباء مالقة لابن خميس (تحقيق ودراسة)، دار البشير/ عمان، سنة 1999.
- الإبانة في اللغة العربية الشريفة للعوتبي (تحقيق ودراسة مع مجموعة من الأساتذة)، وزارة الثقافة والتراث القومي ، عُمان 1999 (معجم لغوي في أربعة مجلدات ضخمة).
- التوقيعات الفارسية المعربة (بالاشتراك مع د. محمد الدروبي) جامعة آل البيت، 2000.
- التوقيعات الأندلسية (بالاشتراك مع د. محمد الدروبي) جامعة آل البيت ، 2001.
- جمهرة توقيعات العرب (بالاشتراك مع د. محمد الدروبي)، مركز زايد في الإمارات العربية المتحدة ، 2001 ، (3 مجلدات) .
- كتاب المنامات الأيوبية المسمى إخبار الأنام بأخبار المنام (أدب سردي) ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت 2002.
- المثقف والتغيير: قراءات في المشهد الثقافي المعاصر، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2002.
- زمان الوصل: دراسات في التمازج الحضاري والتفاعل الثقافي في الأندلس، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2004.
- صلاة في أروقة الزهراء - قراءة في المشهد الحضاري الأندلسي في القرن الرابع الهجري - أمانة عمان الكبرى ، 2003.
- قراءات في الشعر الأندلسي ، دار المسيرة ، عمان ، 2007.
- أطلال جرش : فصول في التاريخ والآثار والأدب ، يعقوب العودات (تحقيق ودراسة بالاشتراك مع كايد هاشم) ، جامعة جرش الأهلية ، جرش ، 2006.
- المذكرات والرحلات، الشيخ إبراهيم القطان (تحقيق ودراسة بالاشتراك مع كايد هاشم وريم القطان)، وزارة الثقافة، عمان (قيد النشر).
- شاعرات الأندلس (فصل من كتاب مجلس العتوبي، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان.

**********************


حوار مع د. صلاح جرار

د.صلاح جرار: أحبّ مدن المغرب العربي.. وأبكي بغداد والقدس

سميرة عوض - عمان وغرناطة وجنين ثلاثة أماكن تحتل وجدان وحياة الأكاديمي والناقد د.صلاح جرار.
لم تحدّثني نفسي يوماً أن أبحث عن عملٍ في غيرها من عواصم البلدان العربيّة... ..
أحب عمان التي لم يفارقها منذ اثنين وأربعين عاماً إلاّ عندما ذهب إلى بريطانيا للدراسة.
وأثناء عمله رسالة الدكتوراه قرّر السفر من لندن إلى غرناطة، فلما وصل إلى تلك المدينة لم يجد مشقّةً في معرفة جهاتها وآثارها وشوارعها وسائر معالمها، ووجدها بالفعل كما تخيّلُها، وكأنما بينهما عشرة طويلة، يحلم بالعيش فيها ضمن بيت صغير في قمة جبل (سييرا نيفادا) في الشتاء تكسوه الثلوج وتسدّ طرق الوصول إليه أو الخروج منه، ويكون لديّه مصباح وحطب ومدفأةٌ وطعام وشراب ومكتبة غنيّة وريشة ومداد.

س- ولدت في جنين على مقربة من مرج ابن عامر.. طفولتك الأولى، كيف هي علاقتك بهذا المكان ؟
ج- العلاقة مع مسقط رأسي علاقة وجد متجدّد وحنين دائم لا يتوقّف، وهي وإن كانت بعيدة عن العين إلاّ أنها شديدة القرب من الفؤاد لصيقة بالروح والضمير، وترتبط في مخيلتي بالورد والفَراشات والماء الزلال والخُضرة اليانعة... وهي المثال في الجمال والرقّة والدفء وعبق النواحي والأرجاء..

في الماء متأمّلاً السكينة:

س - أي أماكن طفولتك يحضرك كلما هبت ذاكرةٌ طفولتك؟
ج- كانت لنا قطعة أرض خارج القرية مستويةٌ بين مجموعةٍ من التلال، وكانت في احداهن اعينُ ماء جارية يتدفق ماؤها صيفاً وشتاءً، فيمر الماء في طريقه عبر تلك الأرض فيشكّل قناةً بديعة المنظر يجري ماؤها صافياً عذباً زلالاً، وينبت على جانبي القناة أزهار مختلفة ألوانها ونضرتها، ونباتات شتى وطيورٌ وفَراش متعددٌ ألوانه، فكانت أسعد اللحظات هي تلك التي أجلس فيها على حافة القناة وأجعل رجليّ أو يديّ في الماء متأمّلاً ذلك المنظر البديع، ومستمتعاً بالهدوء والسكينة والنسيم العليل والروائح العطرة.

عشقي لعمّان وعشقي للغة:
س - ما أول مدينة أو بلدةٍ تعرفت إليها، بعد جنين وكيف تعالقت معها وجدانياً وإبداعياً؟
ج- عمّان التي كنت أحلم بها قبل أن أراها، وقد سبقني إليها والديا وأخي الأكبر الذي كان يدرس في وادي السير ثم أخوايا الآخران وكلّهم أكبر منّي سنّاً.
جئت عمان ولم أكن قد بلغت الخامسة عشرة من العمر، وبسبب شوقي إليها أخذت أذرع شوارعها وطرقاتها وأزقتها وأسواقها طولاً وعرضاً، ولمّا التحقت بمدرسة الأمير حسن الثانوية، كان أستاذ اللغة العربية حينذاك عمر الحضرمي، وكان له فضلٌ كبير في زيادة عشقي لعمّان وعشقي للغة العربيّة، وكان أوّل ما علّمني إيّاه قصيدة اللبناني سعيد عقل التي يقول من أبياتها:
أردنّ أرض العزم أغنية الربى ***** نبت السيوف وحدُّ سيفك ما نبا.
في حجم بعض الورد إلاّ أنّه ***** لك شوكةٌ ردّت إلى الشرق الصّبا.
وكان يقف طويلاً عند عبارة في حجم بعض الورد ويكاد يتغنّى بها.
لقد احتضنت عمّان من سنوات عمري ما يقرب من أربعة أخماسها، وما زالت الحبيبة إلى القلب والروح...
لم أفارقها منذ اثنين وأربعين عاماً إلاّ عندما ذهبت إلى بريطانيا للدراسة... ثم عدتُ إليها يغمرني الشوق والحنين...
ولم تحدّثني نفسي يوماً أن أبحث عن عملٍ في غيرها من عواصم البلدان العربيّة.
وقد أتاح لي إعلان عمّان عاصمة للثقافة العربيّة عام 2002 فرصة ثمينة لأعبّر لها عن حبّي وتعلقي بها، ثمّ اختياري منسّقاً للفعاليات والبرامج الثقافية لذلك العام، وعملت ليلاً ونهاراً من أجل إظهارها -كما هي في قلوب عشّاقها- عروساً زاهية نضرة، تضجُّ حيويّة وإبداعاً ووعياً وإشراقاً وتنويراً.

في نبضات أرواحهم:
س - أحياناً يكون السفر عبر الإبحار في معارف الحضارات القديمة، وكثيراً ما يكون عبر ناس المكان، فكيف تسافر من خلال هذه الأماكن الافتراضية؟
ج- وَقَع لي وأنا أعدّ رسالة الدكتوراة عن أدب غرناطة عشية سقوط الأندلس، أن درست المكان الغرناطي بادئ الأمر من خلال كتب الجغرافيا والتاريخ والأدب، ولشدّة ما تأمّلت تلك النصوص وتخيّلت المكان الغرناطي بتفاصيله شعرت أنني أعرف تلك المدينة بأحيائها ومبانيها وقصورها وأنهارها وأسواقها... وقبل أن أنهي إعداد رسالة الدكتوراه تلك قرّرت السفر من لندن إلى غرناطة، فلما وصلت إلى تلك المدينة لم أجد مشقّةً في معرفة جهاتها وآثارها وشوارعها وسائر معالمها، ووجدتها بالفعل كما تخيّلتُها، وكأنما بيني وبينها عشرة طويلة.
ولعلّ الدارسين للتراث هم أقدر الناس على الإبحار في معارف الحضارات القديمة، وهم الأقدر على تفعيل دور المخيّلة لطول ما يقضون من الوقت في تذكّر الغابرين وتخيّلهم وهم يذهبون ويجيئون وينشدون الشعر ويقتتلون ويتصالحون ويفرحون ويحزنون ويلبسون ويحتفلون.
وتجربتي مع التراث الأندلسيّ شاهدةٌ على ذلك، وقد حاولت من خلال دراساتي أن أطيل الوقوف عند الأندلسيّين في كلّ حركاتهم أو سكناتهم التي استطعت أن أرصدها من خلال أخبارهم، وفي كلّ نبضةٍ من نبضات أرواحهم مما تمكنت رصده من خلال أدبهم وأشعارهم وموشحاتهم وفنونهم وأغانيهم.
وقد بدأتُ في الآونة الأخيرة في ممارسة لونٍ جديد من ألوان الإبحار في المعارف القديمة عبر تنشيط الذاكرة وتفعيل المخيّلة، ذلك اللون هو قراءة كتب الرحلات العربيّة والأجنبية، وتتبع مسارات الرحّالة ومشاهداتهم ومحاولة تمثّل تجاربهم ومعاناتهم.

كم تحدّثت مع المعتمد بن عبّاد بإشبيلية:
س - كيف أخذك الأدب الأندلسي أو لنقل المكان الأندلسي نحو سلسلة كتاباتك ودراساتك الإبداعية؟
ج- المكان الأندلسي والأدب الأندلسي كلاهما مصدر إلهام لكل من يتّصل بهما أو يرتحل إليهما، وكيف لا يكون ذلك والأندلس تسكن في وجدان كلّ عاشق للجمال، والأدب الأندلسي نبعٌ من السحر والعذوبة والإبداع.
لم تنقطع زياراتي إلى الأندلس منذ ما يزيد على ربع قرنٍ من الزمان، وقد قضيت فيها عاماً كاملاً أتقرّى آثارها وأتنقل بين مدنها وقراها، وأستحضر صور من عرفت من ملوكها وعلمائها وشعرائها وكتّابها وفرسانها...، وكم وقفت مع ابن زيدون وولاّدة بنت المستكفي في قصر الزهراء بقرطبة، وكم تحدّثت مع المعتمد بن عبّاد بإشبيلية، وكم حاورتُ ملوك بني الأحمر في غرناطة وجنّة العريف، وغير هؤلاء كثير.
وقد دفعني ذلك إلى إصدار دراسات عديدة عن الأندلس أدبها وحضارتها وسكّانها وأعلامها... ومن هذه الكتب التي أجد لها مكانة في قلبي كتاب ديوان الحمراء الذي ضمّنته الأشعار الأندلسيّة المنقوشة على جدران قصر الحمراء وجنّة العريف، ودرست هذه الأشعار وحققتها.
ومنها أيضاً كتاب زمان الوصل الذي تناولت فيه بعض صور التمازج الثقافي داخل المجتمع الأندلسي. ومنها أيضاً كتاب صلاة في أروقة الزهراء وتحدثت فيه عن معالم الحضارة الأندلسيّة في عصر الخلافة الأمويّة، وغير ذلك من الكتب والأبحاث المنشورة. وقد كان للمكان الأندلسي وللأدب الأندلسي أثره الواضح في كتابي المنامات الأيوبيّة، وهو نصوصٌ سردية اقتفيت فيها أثر كتّاب المقامات.

مستودع كنوز الأندلس:
س- في دراساتك النقدية الأندلسيّة حضرت الأندلس المكان و التاريخ.. هل زرت بلاد الأندلس/ إسبانيا اليوم؟
ج- أكثر مكان زرته هو غرناطة، وبشكل خاصّ قصر الحمراء فيها، وأهمّ ما يشدّني إليه هو أنني في كلّ مرّة أزوره أكتشف أسراراً جديدة فيه، فهو في نظري مستودع كنوز. أمّا المكان الذي أتمنى زيارته في الأندلس فهو جزر البليار في الساحل الشرقي للأندلس (ميورقة ومنورقة ويابسة) فقد شهدت هذه الجزر حكماً عربيّاً طويلاً. كما أتمنى أن أزور ثانية مدينة كونكة بالقرب من بلنسية وهي ذات طبيعة ساحرة وآثار بديعة ومناظر خلاّبة.
وأحبّ الماء..
أنا أحبّ الطبيعة الجميلة منذ طفولتي فحيثما وجدتها تعلّقت بها سواءً في نصّ أدبي أو في بقعة جغرافية، وأحبّ الماء وخاصّة ماء الينابيع والأمطار والأنهار، والأندلس من أغنى بلاد الأرض بالماء، لأنّ الماء هو سرّ كلّ شيء حيّ، والأندلس بلادٌ معتدلة المناخ، وأنا أميل إلى الاعتدال في كلّ شيء...

غرناطة الأقرب إلى الذاكرة:
س - تحتلّ غرناطة مساحة من إبداعك، فما السرّ في ذلك، وماذا عنها كمدينة متفرّدة؟
ج- نعم، لقد ألّفت كتباً كثيرة ونشرت بحوثاً كثيرة عن غرناطة، منها رسالتي في الدكتوراه عن الأدب الأندلسي في عصر بني الأحمر، وكتاب ديوان الحمراء، وكتاب جنة الرضا لابن عاصم الغرناطي، وبحث عن الرياضة في عصر بني الأحمر كما تظهر في قصائد أندلسيّة، وفي كتاب المنامات الأيوبيّة وضعت منامة بعنوان المنامة الغرناطية ...
ولعلّ اهتمامي بغرناطة يرجع إلى أنّ هذه المدينة كانت آخر ما سقط من مدن الأندلس، وهي التي شهدت إخماد جذوة الحضارة العربية الإسلامية هناك، وأنها رمزٌ للانهيار والسقوط، وأنها الأقرب إلى الذاكرة من سائر المدن الأندلسيّة، وآثارها الأكثر حضوراً... وهي الدرْس الماثلُ أمام عيون العرب والمسلمين عن أثر التنازع والتناحر والانقسام والتخاذل والخيانة... فمن شاء أن يتعلّم فلينظر إليها.

مصارعة في تلك المدرجات:
س- عرف الأندلسيون في عصر بني الأحمر مصارعة الثيران، كيف أَثْرَتْ هذه الرياضة في الأدب والحضارة الأندلسية؟
ج- كانت هذه الرياضة معروفة في الأندلس منذ أيام الرومان، وفي أيام الوجود الإسلامي في الأندلس استفاد العرب من المدرّجات الرومانية المنتشرة في المدن الأندلسيّة مثل إشبيلية وقرطبة وطليطلة وقادس، مثلما أثبتت النصوص التاريخية والأدبية أنهم مارسوا رياضة مصارعة الثيران في تلك المدرجات في المناسبات الدينية والوطنية والاجتماعية، باعتبار ذلك شكلاً من أشكال الفروسية التي كانت مشهورة في الأندلس. ولذلك نجد عدداً من شعراء الأندلس قد وصفوا مصارعة الثيران ضمن ما وصفوه من ألعاب الفروسية، ومن هؤلاء الشعراء لسان الدين بن الخطيب وابن زَمْرك وأبو اسحق النميري، وكلّهم من شعراء عصر بني الأحمر. وكان اللاعبون في عصر بني الأحمر يستخدمون الكلاب الروميّة لإثارة الثور أولاً، ثم بعد ذلك ينزل الفرسان على خيولهم لمصارعة الثور، ولم يكن يسمح لهم باستخدام أيّ سلاح سوى رمح قصير ثقيل رأسه مغلّف بقطعة من الجلد، وقد تطلبت قواعد هذه الرياضة أن يقتل الثور بطعنة واحدة في العمود الفقري أمام الكتف، وإذا وقعت الضربة في مكان آخر فإن الفارس يجبر على ترك الحلبة.

عن صلة العربي بفرسه:
س - ألف العرب عبر التاريخ كتباً في الحيوان، فألفوا في الإبل، و الخيل، و الطيور، وهذا ذهابٌ إلى أماكن خاصّة ومتفرّدة في الكتابة.. كيف ترى هذا النوع الادبى ؟
ج- يكفي أن يشار إلى كتاب الحيوان للجاحظ وكتاب حياة الحيوان للدميري للدلالة على اهتمام العرب بهذا النوع من التأليف، ويكفي كي نتعرّف على نظرة العرب إلى الحيوان أن نقرأ الكثير الكثير من الشعر الجاهلي والقديم في وصف الناقة والاهتمام بها، والحديث عن صلة العربي بفرسه التي لا يمكن أن تباع أو تعار، والأشعار الكثيرة في رثاء الحيوان، مما يدلّ على مكانة الحيوان لدى الإنسان العربي، إضافة إلى قيمة الرفق بالحيوان.

احتفاء بالمكان الأردني:
س - كيف ترى حضور المكان الأردني في المنتج الإبداعي الأردني؟
ج- أعتقد أنّ المنتج الإبداعي في الاردن قد احتفى كثيراً بالمكان الأردني، ويكفي أن نشير إلى روايات المرحوم زياد قاسم وقصص قاسم توفيق وأشعار مصطفى وهبي التلّ وحيدر محمود وغيرهم كثير.

اللويبدة.. هيبةٌ ووقارٌ وأصالة:
س- عمّان المدينة والنّاس كيف أثّرت في مسيرتك الإبداعية؟. وأيّ الأماكن العّمانية أقربُ إليك؟.
ج- لقد وفّرت لي عمّان المدارس والجامعات والمكتبات، وأتاحت لي الاستفادة من كل من التقيت به من أهل الأدب والفكر والثقافة، ووفّرت لي منابر أنشر فيها مقالاتي وسائر كتاباتي، مثل جريدة الرأي ومجلة أفكار والمجلة الثقافية ومجلة عمّان...
أما أقرب الأماكن العّمانية إلى نفسي، فهو جبل اللويبدة، وقد كتبت عنه مرّة بأنه الأحرى بأن يُسمّى جبل الثقافة لأنه احتضن ومازال يحتضن معظم المؤسسات الثقافية العريقة، مثل رابطة الكتاب، ونقابة الفنانين، ومديرية المسرح والفنون، بالإضافة إلى المكتبات، والبيوت القديمة والمعالم التاريخية والثقافية... إنّه مكانٌ له - في نظري- هيبةٌ ووقارٌ وأصالة.

أحبُّ المدن العربية العريقة:
س- يظلُّ السفرُ خير وسيلة للتعّرف على أماكن جديدة.. كيف هي علاقتك بالمدن العربية؟
ج- أحبُّ المدن العربية العريقة التي تزدان بالمعالم الأثرية والتاريخية، وأحبُّ المدن التي تنتشر فيها المكتبات القديمة والحديثة والمسارح، وأحبُّ المدن التي يحافظ أهلها على أصالتها ونظافتها ولذلك أحبّ مدن المغرب العربي وأشعر فيها أنني أستند إلى تاريخ عريق وحضارة عظيمة وأبكي بغداد والقدس.

بين مالي وشاطبة:
س - يظلّ السفر خير وسيلة للتعرّف على أماكن جديدة ما هي أغرب الأماكن التي سافرت إليها، وهل من أماكن ظللت مسكوناً بها بعد مغادرتك لها؟.
ج- أغربُ مكانٍ سافرتُ إليه هو جمهورية مالي، لأنّ طرق العاصمة وبعض أحيائها بما فيها الحيّ الدبلوماسي ما زالت غير معبّدة، لكنها مكان جميلٌ ومتنوّع ويشعرك بالراحة.
أمّا الأماكن التي ظللت مسكوناً بها بعد مغادرتها فهي كثيرة منها مدينة شاطبة في شرق الأندلس ومنها مدينة شنغهاي في الصين، وأماكن أخرى كثيرة في لبنان وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا.

بيت في قمة (سييرا نيفادا):
س- ثمة أماكن مشتهاة في أحلامنا، ما مكانك المفضل في السفرو يحتلّ أولوية في حياتك؟
ج- مكاني الحلمي جزيرة قريبة من السواحل الغربية لأمريكا الجنوبية، سكّانها بسطاء ومسالمون ويعيشون ممّا تنبته الأرض وما يهبهم إيّاه البحر.. أمّا المكان الثاني فبيت صغير في قمة جبل سييرا نيفادا في غرناطة في فصل الشتاء حين تكسوه الثلوج وتسدّ طرق الوصول إليه أو الخروج منه، ويكون لديّ مصباح وحطب ومدفأةٌ وطعام وشراب ومكتبة غنيّة وريشة ومداد.
نعم إنّ السفر يحتل أولوية في حياتي.. ولكن لا أحبّ السفر الطويل الطويل!

http://www.alrai.com/pages.php?news_id=260726