المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكهف - قصة



خالد السروجي
05/01/2007, 01:38 AM
الكهف


حانت منى التفاته إلى المرآة 00 بدا شكلى غير مألوف 00 اللحية طالت بغير تشذيب 00 لم أطلقها عمدا ، ولكننى لم أفعل شيئا لتجميلها 0
فى جانب المرآة صورة لعبد العاطى وهو يعد الطعام 00 منذ أن تولى مسئولية أعاشتنا وهو لا يقدم لنا سوى النشويات 00 فى بلادنا لم نكن نحرم من اللحوم 00 أصبحت اعتقد ان عبد العاطى يوفر بعض الدراهم من واجباتنا 00 فليكن 00 ماذا يضيرنا طالما ان تكلفة الوجبات فى حدود المعقول . المعقول !! 00 ما المعقول؟ 00وغير المعقول ما هو ؟!
السيد الوردانى يرى أن المعقول هو غير المعقول !!
يقول عبد العاطى : من غير المعقول أن تتركز إعارتنا فى السودان واليمن 00 وغيرنا ينعم بالسعودية والكويت بل هذا هو عين المعقول 00 فلسنا محاسيب أحد ..
قام السيد الوردانى ليطمئن على ذخيرتنا من السكر والشاى قبل ان يستقر فى جلبابه ، ثم عاد يتمتم بكلمات غير مفهومه عن الزمن الردئ0
قال عبد العاطى وكان قريبا منه :
" قلت لكم أننا سنحتاج يوما إلى القات لننسى همومنا
ضحكنا بمرارة 00
فى خلفيه المرآة يظهر الشيخ سالم الدر عمى ، ممدداً على الفراش وفى يده المصحف ارتفع صوته الرتيب وهو يرتل :
" فضربنا على آذانهم فى الكهف سنين عددا 000 سالم يستنكر دائما حوارنا 00 ولكنه لا يسعى عاده لإيقافه
" وهل من المعقول أن تسقط جبهتنا فى انتخابات النقابة
" معقول جدا
" وتنجح جبهة " السرساوى " ؟
" بل هو عين المعقول 00 فالناس تختار اللصوص لآن غيرهم عاجزون عن العمل 00 من يستطيع آن ينفذ مشروع الإسكان 00 نحن أم هم ؟ !
" هذه المسائل تحتاج إلى الشرفاء !!
" وهل يمكن للشرفاء أن يتعاملوا مع واضع اليد والمقاول وبعض موظفى الأملاك الأميرية 00 هؤلاء جميعا لهم لغة لا يفهمها إلا اللصوص 00 والفهلويه0
ارتفع صوت ترتيل الشيخ سالم :
" انهم أن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم فى ملتهم ولن تفلحوا إذا أبداً "
عاد السيد الوردانى إلى وجومه السابق 00 وجهه تقلص وبدا كأنه ينزف من داخله ألماً 0
قال كأنه يخاطب الحائط :
" فرضت علينا الهزيمة 00 ووضعت أمامنا السدود " قلت :
" وسليط علينا المخربون "
التفت إلى الوردانى ، كأنه اكتشف وجودى لأول مرة :
" أصبح الأمل تهمه وعار 00 والاستسلام حكمه ودين 0
" كلما دعونا إلى إنقاذ السفينة قالوا : سلطويون 00 وإذا دعونا إلى تدمير الذات لقالوا تحرر"
" الحكمة تتداولها السنة اللصوص 00 والرحمة تنساب من بين أيدي القتله "
" والشرفاء ينكرون بعضهم بعضا "
" والبسطاء ضائعون 0 يسيرون فى دروب مهلكة كأنما يساقون لمذبحة " هلل عبد المعطى ليقطع الحديث ، وقد فرغ لتوه من إعداد الطعام :
" قوموا الى طعامكم 00 قبل ان نصل الى حديث المخطط الدولى والقوى المعادية التى تتربص بنا " 0
واتجه بحديثه الساخر الى السيد الوردانى وهو يقلد طريقته فى الكلام :
" القوى الكبرى لها مجالها المغناطيسي 00 انتبهوا أيها السادة00 لها مجالها المغناطيسي 00 والدول الصغرى تدخل هذا المجال ولا تستطيع الإفلات" 0 قال السيد الوردانى بتحد وشموخ :
" والأفراد أيضا يظنون أنهم أحرار 00 ولكنهم أيضا داخل المجال المغناطيسي.. تفرض عليهم الظروف وتتأثر سلوكياتهم وتفرض عليهم قيم وتقاليد جديدة 0"
ارتفع ترتيل الشيخ سالم :
" ولقد صرفنا فى هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الانسان أكثر شئ جدلا"
قبل أن نفرغ من طعامنا ، قال السيد الوردانى كأنما يرد على الشيخ سالم :
" نعم للإيمان 00 فالدين له مجاله المغناطيسي القادر على إخراجنا من مجالات القهر00 ولكن 000
" ولكن ماذا يا رجل 00 استغفر الله العظيم "0
" ولكنهم لم يغفلوا عن ذلك 00 فهم لا يريدون له ان يفعل ذلك "0
غضب الشيخ سالم قائــلا :
" لاتعد لهذا الحديث مرة أخرى " 0 قال عبد العاطى بمرح :
" لا تقلقوا 00 سوف تعيدكم البطاطس الى حالة السكون 0" وكان على حق فى ذلك 0 فقد بدأ الخمول يغزو عقولنا 0
حانت منى التفاته الى المرآة 00 لا زال وجهي غريبا غير مألوف 00 لم أشعر نحوه بصداقه ، ولكنني أيضا لم أشعر بعداء 000 كانت عيني أشبه بعيون المغارة 00 فى نظراتى شئ غائر 00 يشدني الى أسفل 00 إلي داخل الكهف 00 حيث تنعدم الحركة 000 ويتجمد الزمن.