د. فايز صلاح أبو شمالة
20/03/2009, 12:21 AM
جمل المقاومة الفلسطينية، وحمار الرباعية
د. فايز أبو شمالة
في الأيام الأخيرة من حياته، وبعد أن تأكد أنه ملاقي ربه، طلب الفلاح من الجميع مسامحته بما في ذلك حيوانات الحقل التي عملت معه، واستخدمها في الحرث، والدرس، والنقل، والركوب، والتشغيل صيفاً، وشتاءً، فجاءت جميع الحيوانات، ووقفت بين يدي الفلاح مشفقة عليه، مقدرة لوضعه الصحي، معربة له عن الشكر، والمسامحة، والدعاء له بالمغفرة، ما عدا الجمل، الذي وقف بعيداً، والدموع تسيل من عينيه، فاستغرب الفلاح صمت صديقه، ورفيق دربه جمل المحامل، وناداه بالاسم: يا جمل، سامحني إن قصرت معك يوماً، أو ظلمتك في شيء، قال الجمل: لقد سامحتك يا صديقي، على العمل الشاق، وعلى الجوع، وعلى قلة الماء، وسامحتك على السير في الليل، وفي الصحاري، وسامحتك على ما حملتني من أثقال، وعلى كل الشقاء الذي مر على كلينا، وتصبرنا عليه، ولكنني لن أسامحك يا فلاح على شيء واحد، قال الفلاح: ما هو يا جمل، قال الجمل: لن أسامحك على ربطي أثناء المشي في ذيل الحمار، فقد عزت عليّ نفسي وأنا أسير مربوطاً بذيل الحمار، جملٌ [مرفوع] وتربطني بذيل حمارٍ [مجرور]، والله لن أغفر إليك ذلك!.
حال الجمل هو حال المقاومة الفلسطينية التي تحملت عبأ قرار الساسة الفلسطينيين عشرات السنين، وصمدت، وصبرت، وتلقت على رأسها ضربات عدوٍ غادرٍ في أكثر من ساحة قتال، وسارت بين حقول الألغام، ولكن ما يغيظ جمل المقاومة الفلسطينية بعد حرب غزة أن الساسة الفلسطينيين يربطونها في ذيل شروط الرباعية، وكأن ما مر على المقاومة من صمود، وقتال، وصبر، وتضحية لا قيمة له، ليعاد ليّ عنق المقاومة، وحشرها ضمن شروط الرباعية في أحدث مأساة قيادية فلسطينية دأبت على عدم استخلاص العبر، وعدم الاستفادة من طاقة المقاومة، والمستجدات التي حققتها على الأرض، والقادرة على تثبيتها، ليربط عن طريق السياسة جمل المقاومة الفلسطينية في ذيل الحمار التفاوضي، فيغرق الشعب الفلسطيني في متاهات الصهيونية العالمية، ودهاليز الدهاء اليهودي.
سيغفر الشعب الفلسطيني لقيادته السياسية التاريخية كل ما قيل عنها، وكل ما اتهمت فيه من أخطاء قيادية، وما قيل فيها عن فساد إداري، وعن قهر وظيفي، وما تقوم فيه من تنسيق أمني، ومن سوء إدارة، وغياب الشفافية المالية، وسيغفر الشعب كل ما جاء عليه تقرير المجلس التشريعي السابق من انتقادات موثقة للساسة، ولكن الشعب الفلسطيني لن يغفر للقيادة السياسية ربطها جمل المقاومة الفلسطينية في ذيل حمار الشروط الرباعية.
د. فايز أبو شمالة
في الأيام الأخيرة من حياته، وبعد أن تأكد أنه ملاقي ربه، طلب الفلاح من الجميع مسامحته بما في ذلك حيوانات الحقل التي عملت معه، واستخدمها في الحرث، والدرس، والنقل، والركوب، والتشغيل صيفاً، وشتاءً، فجاءت جميع الحيوانات، ووقفت بين يدي الفلاح مشفقة عليه، مقدرة لوضعه الصحي، معربة له عن الشكر، والمسامحة، والدعاء له بالمغفرة، ما عدا الجمل، الذي وقف بعيداً، والدموع تسيل من عينيه، فاستغرب الفلاح صمت صديقه، ورفيق دربه جمل المحامل، وناداه بالاسم: يا جمل، سامحني إن قصرت معك يوماً، أو ظلمتك في شيء، قال الجمل: لقد سامحتك يا صديقي، على العمل الشاق، وعلى الجوع، وعلى قلة الماء، وسامحتك على السير في الليل، وفي الصحاري، وسامحتك على ما حملتني من أثقال، وعلى كل الشقاء الذي مر على كلينا، وتصبرنا عليه، ولكنني لن أسامحك يا فلاح على شيء واحد، قال الفلاح: ما هو يا جمل، قال الجمل: لن أسامحك على ربطي أثناء المشي في ذيل الحمار، فقد عزت عليّ نفسي وأنا أسير مربوطاً بذيل الحمار، جملٌ [مرفوع] وتربطني بذيل حمارٍ [مجرور]، والله لن أغفر إليك ذلك!.
حال الجمل هو حال المقاومة الفلسطينية التي تحملت عبأ قرار الساسة الفلسطينيين عشرات السنين، وصمدت، وصبرت، وتلقت على رأسها ضربات عدوٍ غادرٍ في أكثر من ساحة قتال، وسارت بين حقول الألغام، ولكن ما يغيظ جمل المقاومة الفلسطينية بعد حرب غزة أن الساسة الفلسطينيين يربطونها في ذيل شروط الرباعية، وكأن ما مر على المقاومة من صمود، وقتال، وصبر، وتضحية لا قيمة له، ليعاد ليّ عنق المقاومة، وحشرها ضمن شروط الرباعية في أحدث مأساة قيادية فلسطينية دأبت على عدم استخلاص العبر، وعدم الاستفادة من طاقة المقاومة، والمستجدات التي حققتها على الأرض، والقادرة على تثبيتها، ليربط عن طريق السياسة جمل المقاومة الفلسطينية في ذيل الحمار التفاوضي، فيغرق الشعب الفلسطيني في متاهات الصهيونية العالمية، ودهاليز الدهاء اليهودي.
سيغفر الشعب الفلسطيني لقيادته السياسية التاريخية كل ما قيل عنها، وكل ما اتهمت فيه من أخطاء قيادية، وما قيل فيها عن فساد إداري، وعن قهر وظيفي، وما تقوم فيه من تنسيق أمني، ومن سوء إدارة، وغياب الشفافية المالية، وسيغفر الشعب كل ما جاء عليه تقرير المجلس التشريعي السابق من انتقادات موثقة للساسة، ولكن الشعب الفلسطيني لن يغفر للقيادة السياسية ربطها جمل المقاومة الفلسطينية في ذيل حمار الشروط الرباعية.