المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المصالحة تكتيك وليس استراتيجية



أيمن الدقر
21/03/2009, 04:44 PM
أيمن الدقر
لا يخفى على أحد بأن سياسة التفريق بين دولة وأخرى عُرفت منذ الأزل، وهي أحد أهم السبل التي يسلكها المستعمرون وأصحاب المصالح في دول غير دولهم، ليصلوا إلى غاياتهم منها، وذلك بإضعاف وحدتهم وإخراجهم عن وحدة القرار، ولعل ما جرى في السنوات الخمس الماضية على الساحة العربية من فرقة وتشرذم وخلافات كانت نتيجة لأفخاخ نصبت للعرب استطاع القلة منهم اجتيازها، ووقع فيها الكثيرون، والبعض الآخر حيد نفسه وخرج من الصف العربي بهدوء.
المصالحة (العربية – العربية) أو ما وصفه البعض بعودة العلاقات العربية إلى سابق عهدها، لم تكن مصالحة بالمعنى الحقيقي للكلمة، إذ أن الخلافات التي امتدت عبر سنين، وأججها نظام الرئيس (جورج بوش) غير المأسوف على ذهابه، وأسس لمفهوم شرق أوسط جديد، صممت كي تكون خلافات مبدئية وعميقة، بحيث لا يمكن لاجتماع أو أكثر أن يردم عمق الفجوة الغارقة فيها، وهذا يعني أن من حفر بئراً ورمى فيه الخلافات، ثم ردم البئر عليها، هو في الواقع قد ردم الحملات الإعلامية المتبادلة بين العرب المختلفين، وأوقف كيل الاتهامات التي دأب عليها لسنوات ماضية، والواضح أن المصلحة الأكبر في ردم الحملات الإعلامية هي في جانب من اتفق على تسميتهم بالمعتدلين العرب، لأن الواقع السياسي في المنطقة العربية واضح، ويقول، هناك حكومات عربية كانت قد وجدت مصلحتها في عدم الاختلاف مع (إسرائيل) رغم جميع الاعتداءات السابقة والمستمرة الواقعة على العرب من قبلها، واحتلالها حتى الآن لأراض عربية، واستيلائها على القدس كاملة، ورفضها عودة اللاجئين، وتأجيجها للصراع (الفلسطيني – الفلسطيني) وبالتالي أوجدوا لأنفسهم عدواً بديلاً هو (إيران) وذلك بعد أن خلقت الولايات المتحدة انطباعاً سمته الخطر الإيراني، وعملت على تضخيمه ومازالت، بسبب الموقف الإيراني المتشدد من الدولة العبرية، وبالمحصلة فإن حليف العدو الإيراني لهؤلاء، أصبح في صف العدو الجديد بالنسبة لهم، فبنوا سياساتهم وارتباطاتهم على هذا الأساس، وأصبح نهجاً معمولاً به، لا يمكن أن يتراجعوا عنه، ناهيك عن العلاقات الاقتصادية المتينة مع الولايات المتحدة الأمريكية، الداعم المطلق لـ (إسرائيل) ومؤجج العداوة المطلقة لـ (إيران).
ومع اشتداد العدوان الإسرائيلي على غزة، وأمام المذابح التي ارتكبها فيها، واختفاء الرئيس (جورج بوش) ونشوء مفهوم مختلف للسياسة الأمريكية، عن سياستها السابقة، كونها لم تؤت أكلها، كان شارعهم العربي يتابع ما يحدث، متذمراً من مواقف حكوماته، كون الحقائق ناصعة البياض، وكان يزداد تذمراً كلما بثت الفضائيات خبراً جديداً يصور الوحشية الإسرائيلية التي قوبلت بصمت بالغ من قبل بعض تلك الحكومات.
وبما أن الحال كذلك، فقد كان من الطبيعي أن تعمل الحكومات العربية المختلفة، على إيقاف الحملات الإعلامية فيما بينها، تحت اسم المصالحة (العربية – العربية).
العرب الآخرون الذين أطلق عليهم اسم جبهة الممانعة، فإن أجزاء من أراضيهم مازالت تحتلها (إسرائيل) التي رفضت جميع المبادرات السلمية التي أطلقها العرب، ولم يجدوا أمامهم سوى العودة إلى المربع الأول المتمثل بالمقاومة الوطنية، ودعمها طالما أن السلام مرفوض إسرائيلياً، وبالتالي كان حليفهم الطبيعي (إيران) التي تقف شوكة في حلق (إسرائيل) والولايات المتحدة الأمريكية الداعمة لها، ولهم كل المصلحة في وأد الخلافات ولو كان مجرد إدارتها بشكل أفضل، خاصة وأنهم يدركون أن الشارع العربي بمجمله في صفهم، وعليه فإن استمرار الحملات الإعلامية المعادية لهم، أو عدم استمرارها، لم ولن يؤثر على موقف الشارع العربي منهم، الذي يدرك الحقيقة، لكنهم آثروا القبول بذلك تحت اسم إدارة الخلافات، وهو الوصف الأقرب إلى الواقع، من المصالحة (العربية – العربية) متمنين من أشقائهم، أن يقفوا على الحياد بينهم وبين إسرائيل كأضعف الإيمان، طالما أنهم بنوا استراتيجياتهم على أساس عدم العداء لها.
أخيراً فإنه من الواضح أن المصالحة (العربية – العربية) هي مصالحة تكتيكية، وليست استراتيجية، فالخلافات القائمة، هي خلافات مبدئية نتمنى أن تتغير باتجاه الحقيقة الناصعة البياض.

ياسر طويش
21/03/2009, 07:48 PM
أخي الأديب ولإعلامي الكبير الأستاذ: أيمن الدقر حفظك الله ورعاك ...

سأكون أول المتكتكين على أمل أن يتكتكوا للخروج مما هم فيه من عزلتهم التاريخية التي وضعتهم بها إدارة بوش وقراراته المجنونه الفاشلة على كافة الأصعدة ....

وإن كنت غير مقتنعا بكل مايدور في عالمي العربي من مصالحات , وأدعم حسم الأمور بمصداقية المقاومة وانتزاع حقوقنا بالقوة ...إلا أنني أبقي الباب مفتوحا أمام من يوخزه ضميره من ساداتنا الحكام العرب في اللحظات الأخيرة قبل أن يسلم روحه إلى بارئها فيفعل شيئا لآخرته عسى ينفعهم ويكفر عنهم سيئآتهم يوم يكون الحساب

وبالمناسبة أخي أيمن منذ أيام قرأت الفاتحة على أرواح العديد من حكام العرب , وتمنيت على الله أن يحرق أنفاسهم في الدنيا والآخرة إنتقاما لشهداء غزة هاشم


تحية أخوية صادقة غير تكتيكية
ياسرطويش