المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أرجــــــــوحـة الـــــــزمن



فاطمة عتباني
22/03/2009, 11:40 PM
انتشلني الساعي من غفوتي ليقدم لي كوباً من الشاي ، رفعت رأسي المُثقل ، مددت يدي ببطء إلى حافظة النقود الموضوعة أمامي فكانت تهتز اهتزازاً رتيباً أثار في نفسي الضيق . تناولت الكوب ورفعته إلى فمي فوجدته يهتز أيضاً ، قربت الكوب من فمي لكني لاحظت أن شفتاي تهتزان ذات الإهتزاز الرتيب الذي يزيد من قلقي .
أعدت كوب الشاي إلى المنضدة التي كانت أمامي تتفرق عليها مجموعة من الأوراق . زاد ذلك الإهتزاز من شعوري بالثقل الذي لا أعرف له مبرراً. فوضعت رأسي بين كفي وأسندت يدي على المنضدة التي كانت أيضاً تهتز . بدأت أضيق ذرعاً لهذا التأرجح الرتيب الذي لم أجد له سبباً .
فتحت عيني وحاولت القراءة من الأوراق التي أمامي فعجزت ، تعجبت ما الذي يجعل رأسي يتأرجح . حاولت جاهدة أن أعتدل في جلستي حتى يتوقف ذلك الإهتزاز ، لكني فشلت . أثار ذلك الشعور المبهم في نفسي الضيق . وعلى الرغم من إصراري على التركيز كانت عيناي تتأرجحان ، ربما كان لعلة بهما، حاولت فتح عيني وإغلاقهما عدة مرات ثم مسحت عليهما بسبابتي . لكنها مازالت على حالها ، حينها دققت النظر في جلستي هل مقعدي هو الذي يتأرجح أم هي المنضدة التي أمامي . جلت ببصري في أنحاء الغرفة فوجدت أن كل ما بها يهتز ، سألت نفسي: لماذا يتارجح هذا المكان . وأين يكون ؟
لم تسعفني ذاكرتي بشئ
بدأت أعتصر ذهني عله يجود علي بالإجابة ولكنني فشلت ، ربما يكون سبب فشلي هو ذلك التأرجح الذي يتأرجحه رأسي ، أو ربما جسدي ، بل هو مقعدي ، أو على الأصح الغرفة كلها .
آه لو توقف ذلك الإهتزاز الرهيب ، لجمعت أفكاري واستطعت التذكر .
مرت بي فترة صمت بدأ جسدي يستسلم لذلك التارجح الذي يكاد يجعلني أغفو مرة أخرى. فأنبه نفسي بعد جهد وأعود لمحاولتي الفاشلة في التذكر . ألحّ علي خاطر بأن أقلّب الأوراق التي أمامي علها تدلني على المكان . وبعد حين من القراءة تبينت أنها أوراق رواية يفقد البطل فيها ذاكرته . على أي حال لم تدلني على المكان .
سمعت طرقاً على الباب . إنه الساعي ،وقف أمامي وحمل الكوب إبتسم لي ابتسامة لم أستدل منها على أي معنى سوى أنه يعرفني ،إذاً من هو ، هممت بطرح السؤال عليه، لكنه انصرف في صمت مثلما دخل . لم أتمكن من معرفته. ولم تدلني رؤيته على التعرف على المكان . بدأت أعتصر ذهني وشعوري بالثقل يزداد والإهتزاز الرتيب الذي يقلقني مازال مستمراً والسؤال المجهول يلح علي . فجأة تذكرت الرواية .إن البطل فيها يستيقظ في كوخ على قمة جبل وهو فاقد الذاكرة . يعجز عن التعرف على المكان وعلى نفسه . صرخ صوت بداخلي وقلبي يخفق بعنف هل أكون قد فقدت الذاكرة .
أُسقط في يدي ولم أجد الإجابة ، زاد انفعالي وعلت خفقات قلبي حتى كاد يخرج من حلقي . سال العرق على أطرافى وانتابتني حالة هستيرية من الخوف ،إن هذا لا يعني إلا شيئاً واحداً هو أنني قد فقدت الذاكرة ،وخفق قلبي بعنف أشد ، هل هذا التأرجح الرتيب الذي لا أكاد أفهم له سبباً هو الذي شتت ذهني ، ولا أستبعد أنه قد شتت ذاكرتي أيضاً. همست :آه لو يتوقف هذا التأرجح . هرولت نحو النافذة ، فتحتها لألقي نظرة إلى الخارج علني أتبين المكان . كان كل شيء بالخارج يجتاز النافذة مسرعاً إلى الوراء ، أحسست ببلاهة شديدة تنتاب تفكيري ، وسألت نفسي في سذاجة : مالذي يمكن أن يجعل العالم يجري بالخارج
اقتربت ببصري من النافذة وتبينت أن الأرض تجري مسرعة من تحتي و أن الغرفة التي أقف داخلها هي التي تجري وليس العالم ،إنها تجري على عجلات .
أدخلت رأسي وأطلقت ضحكة عالية . الآن فقط تذكرت أنني في إحدى المقصورات الفردية الملحقة بالقطار المتوجه إلى أقصى شمال السودان لأقضي عطلتي عند جدتي بعيداً عن ضغط العمل . وهذا ما كان قد نصحني به الطبيب المشرف على علاجي بعد إصابتي بنوبة ارتفاع في ضغط الدم ، توجب عليه ابتعادي لمدة شهر عن عملي المرهق بالصحيفة .

الحاج بونيف
24/03/2009, 09:02 PM
الأخت الفضلى المبدعة /فاطمة محمد عمر عتباتي
السلام عليكم ورحمة الله
الحمد لله أن كانت رحلة بالقطار ولم يكن الذي ظل طول القصة يؤرقنا مما وضعتنا فيه من تأرجح لبعض أطرافك، ولكل ما تفع عليه يداك..
جميلة جدا هذه القفلة المتقنة التي تترك أثرها وهي تشد القارئ إلى النهاية ..
أحييك ومزيدا من التألق.
كل التقدير.

أرجوك مراجعة بعض الهنات البسيطة في النص.

سعيد أبو نعسة
24/03/2009, 09:33 PM
أختي الكريمة فاطمة
سامحك الله
بعد أن ارتحلت معك في عالم فانتازي مذهل هبطت بنا فجأة إلى عالم الوقع لماذا ؟
فليستمر العالم حولك بالإهتزاز و السماء و الكواكب و الكون إلى ما لا نهاية و يمكنك الترميز إلى السبب في داخل جسد القصة ( تذكر مشهد من مشاهد مجزرة غزة مثلا أو سواه ) .
لغة شائقة و أسلوب مدهش
استمري بهذا الجمال
دمت مبدعة

فايزة شرف الدين
25/03/2009, 12:21 AM
قفلاتك مدهشة فاطمة !
فأنت تثيري في القارئ الفضول .. ثم مع نهاية القصة تأتينا الإجابة .
لقد جعلتيني أعود بذاكرتي إلى أعوام طويلة عندما كنت طالبة في الجامعة وكنت أهوى الرحلات .. عندما عدت من أسوان بعد رحلة شاقة وطويلة في القطار رجعت للمدينة الجامعية .
وبعد أن نمت في الفراش المكون من دورين في أول ليلة لي بعد الرحلة .. كنت وزميلتي ننام في الأسفل وقد غطينا العواميد الحديدية بالبطاطين اتقاء الضوء .. وجدت نفسي أستيقظ وقد أصابتني حيرة شديدة جدا والسرير يهتز كما في القطار ، وأخذت أنظر حولي وأمسك القضبان وأصيح أين أنا ؟
جاءت صديقتي وأخذا تبحلق في وأخذت أتكلم في جدية وبحكمة :
ـ لم يعد لي إلا فم واحد .. أريد العديد من الأفواه .
صاحت صديقتي في فزع :
فاااااااااايزة هل جننت ؟!
قلت لها وبمنتهى التعقل :
ـ أريد هذا كي أستطيع المذاكرة فلن يكفيني فم واحد .
أخيرا بعد فترة استفقت من غيبوبة التفكير .. لكن الذي استغربه أني مازلت أتذكر ما قلته رغم الهذيان الذي أصابني .. ومع كل رحلة أعود بهذيان جديد وهذا حسب المعلم السياحي الذي كنت فيه .
آااااااااااااه منك يا فاطمة ومن شقاوة قصصك التي أحبها جدا .

فاطمة عتباني
03/04/2009, 02:02 PM
[QUOTE=الحاج بونيف;353732]الأخت الفضلى المبدعة /فاطمة محمد عمر عتباتي
السلام عليكم ورحمة الله
[SIZE="4"][COLOR="Magenta"]سيدي الأستاذ بونيف
أعتذر عن ردي بعد غيبة بسبب المرض " رضي الله عنه "
سعدت جداً بتعليقك ،لكنني سعدت أكثر بملاحظاتك وتوجيهك . أشكرك على اهتمامك
لمرورك عطر ياسمين معتق

فاطمة عتباني
03/04/2009, 02:04 PM
[quote=سعيد أبو نعسة;353746]أختي الكريمة فاطمة
سامحك الله

سيدي الأستاذ أبو نعسة
وهل واقعنا إلا فانتازيا ساخرة ومضحكة
لك مودتي
ولمرورك تحية خيالية

فاطمة عتباني
03/04/2009, 02:07 PM
[QUOTE=فايزة شرف الدين;353848]قفلاتك مدهشة فاطمة !

[SIZE="5"][B][COLOR="DarkGreen"]ههههههه
العزيزة جداً الأستاذة فايزة
أين أنتِ والله اشتقت لشقاوتك هذه
هاهي قصتك الواقعية تكون أجمل وأصدق من قصتي
لك تحية ملؤها ذلك الخيال الشقي