المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا....



بنت الشهباء
05/10/2006, 12:23 AM
ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا....

بسم الله الرحمن الرحيم
(( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ))
[آل عمران 135 ]
خلق الإنسان ضعيفا , إنّه بكل ما يحمل من سمات إنسانية مخلوق بشري , تهيج منه فورة اللحم , والدم لتدفعه إلى حمى سورة الشهوات , وينزو نزوة الحيوان فيظلم نفسه حين يرتكب الفاحشة , والإثم ..

لكن الله الخالق المصور البارئ يدرك حقيقة ما تخفي سرائره , وما تبديه بصيرته , وما يكمن في مطاوي نفسه من ضعف لكونه كائناً بشرياً ضعيفاً , فلا يقسو عليه الرحمن حين يعلم أنّ ما في داخله شعلة مضيئة لن تهمد , وندوة إيمان لن تجف , وعروة وثقى لن تنقطع!!!...

الإيمان والنور الذي ينبعث من سلامة الضمير , وحسن النية قد يكون بذرة هامدة ..
والمشعل الهادي, والنور الساطع قد يخبو في بعض الأحيان , ومع هذا فرحمة الله التي وسعت ما في السماوات , والأرض لا تغلق باب التوبة في وجه هذا المخلوق الضعيف , والرجوع عن المعصية!!!...

يحاول أن يأخذ بيده المرتعشة إلى نور الإيمان والهدي , فيسند خطاه المتعثرة , ويوجهه إلى نور الدرب الساطع من خلال ندرة الفطرة الكامنة داخله , لتضيء له السلام والأمان , ويثوب إلى طريق الإيمان والحق !!!...

ستنبت البذرة الهامدة من فطرته مادام كلّ ما في الكون يسبّح باسمه , وسيحلّق في أفق الإيمان ليصل إلى مراقي الصعود حين يندم , ويبعد عن المعصية والاثم , لأنه يعلم بحقّ أن ما وراء الخطايا يجب أن يكون هناك سهم صائب يبعده عن الآثام, ويترفع بروحه عن الدنايا !!!...
يدعو الله ويستغفر لذنوبه , ومعاصيه حين يتجيش في نفسه الرجاء والتضرّع , والتوسلّ إلى من هو أرحم من في الخلق!!!...
يدعو ربه خجلا وخفية , وطامعا في عفوه ومغفرته ورحمته , ويجد روحه أمام باب واحد مفتوح على مصراعيه !!..
إنه باب الرجاء والاستغفار والتوسل إلى الله أن يأخذ بيده , ويسند خطاه المنزلقة لينير له ضوء الإيمان في القلب , وشعلة العقيدة في الروح , فيأخذ به إلى سلامة الطوية , ونقاء النفس , وصفاء البصيرة!!!...

لكن بما فيه من ضعف مع مدوالة , وابتلاء الأيام قد يعود مرة أخرى إلى المعصية !!!؟؟...
ترى ما السبب!!؟؟؟
الحياة بما فيها ليست سوى كتاب مفتوح على عالم النزوات ,والشهوات , والغرائز وقد زيّن الله لنا هذا كله , فتملّت منه الأبصار, وخفقت له القلوب!!!...
وكلّ ما يدور حول هذا المخلوق الضعيف منحنيات, وملتويات قد لا تصمد النفس البشرية أمام ما فيها من مغريات!!!....

في هذه الحالة يجد الإنسان نفسه أمام عملية تمحيص من الصعب اللجوء إليها !!!....
كيف به أن يكشف مكنونات شخصه , ويسلط الضوء على ما فيها ليخرج من عالم الأوشاب, والرزايا, والضباب الذي يحاول أن يطمس ضوء طهارة النية , وسلامة الطوية !!؟؟؟؟

قد يجهل الإنسان حقيقة نفسه , وحقيقة دروبها التي ربما ترمي به إلى عالم الهلاك, والانحلال بما يحيطه من رواسب اجتماعية وظروف بيئية وووو ...!!؟؟..
لذا نجده مجرد أن يظهر له مثير لرغباته يندفع إلى حمأة الشهوات, ونزوة الغرائز دون وازع , ولا رادع , ومن ثم يقف فجأة مع نفسه وقفة المتأمّل , ويحاول أن يكشف المخبوء داخلها , فيعلم أنّه كان عدوّاً لدوداً لها حين أطفأ شعلتها الطاهرة , وفطرتها الصادقة المؤمنة!!!...
يتجه عندئذ إلى الله , ويدعوه حين يعترف أمام عزّته وجبروته أنه قد وقع في حمأة الخطيئة رغما عنه !!!! ....
بما فيه من شواظ يلفح قلبه , ورفرفة تحوم حول آفاق نفسه , يطلب الرجوع إلى الأصل الثابت , والمنهج القويم !!!...
إلى الله العفو الحليم ويطلب منه المغفرة والرضا!!!...

إنها معركة لازالت قائمة تحوم بين الجدل والصواب , بين الباطل والحق , بين الهزل والجد , بين المعصية والمغفرة!!!...
ترى ما يفعل !!؟؟؟؟..
إلى أين !!؟؟؟..
وهل له من الأمر شيء !!؟؟..
ولو كان لمَ هذا !!؟؟؟..
في كل الأحوال الأمر كله لله الواحد القهار!!!...
إنها حكمة من العزيز القوي القادر على فعل كل شيء!!!...
حكمة الله لا لبس فيها ولا غشاوة , وفوق كلّ شيء , وليس ليد بشر فيها صنعة !!!...
شأن الحكمة والقدر هو شأن الله تعالى سبحانه مستندة إلى مشيئة مطلقة لا مرد فيها أبدا!!!...

المعركة التي تجري في أعماق النفس , ومحيط الحياة ليست سوى معركة ابتلاء حقيقي خالص لهذا المخلوق البشري , حتى يميز الله الخبيث من الطيب!!!...
ندعوك يا الله أن تستجيب لنفحات دعائنا, وتغفر لنا ذنوبنا , ومن يغفر الذنوب إلاّ الله!!!...
يا أرحم الراحمين ومستجير المستضعفين ارحم ضعف عبادك الحيارى!!!...
يا رب كن عونا لميدان النفس , وما يجري في مطاويها!!!...
ندعوك وندعوك يا الله , ولا نملّ الدعاء حتى نتحرر من داخلنا , وتظهر شفافية الإيمان ,ورفرفة النور, وضياء الحق فوق صدورنا!!!....
ندعوك أن تحرّر النفس من الشوائب وغبش التصور , وظلمة الخطيئة والمعصية , فأنت يا ربّ خبير عليم بمكنونات سرائرنا!!!....

نسلّم الأمر إليك يا الله !!..
أنت الوحيد القادر على حكمة صنيعك , وقدرة علمك , فالتدبير لك والأمر منك وإليك!!!...
ندعوك يا غافر الذنب أن تطهّرنا من ذنوبنا , ونهاجر إلى كنف رحمتك في أحرج , وأيسر الأوقات لننعم بوابل مناط عفوك , ورضوان مغفرتك !!!...
ندعوك أن تبعد عنا ظلمة الخطيئة بالإحسان, والعمل الصالح , وأن تعف عنّا زلات الخطأ , والإثم , والمعصية !!!..
نسألك يا الله ما قضيت لنا من قضاء , وما قدرته لنا أن تجعل عاقبته الصلاح والرشد لما فيه خير لنفوسنا وطهارة قلوبنا , وسلامة ضميرنا!!!...
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا , ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا....
يارب إنّك سميع مجيب


بقلم : ابنة الشهباء