المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كُـلُّ الـدُّرُوبِ تُـؤَدِّي إِلَـى نَخْلَـةٍ



محمد علي الهاني
31/03/2009, 09:34 PM
كُـلُّ الـدُّرُوبِ تُـؤَدِّي إِلَـى نَخْلَـةٍ*


قَمَرٌ فِي الْهَزِيعِ الأَخِيرِ مِنَ الانْشِطَارِ
يُرَفْرِفُ مُرْتَبِكًا،
يَتَأَبَّطُ أُغْنِيَتَيْنْ
و يُرَاوِدُ فِي سَاحِلِ الْفَجْرِ
بَيْنَ السَّنَى والشَّذَا نَجْمَتَيْنْ
فَتَلُوذُ النُّجُومُ بِأَصْدَافِهَا
يَتَبَعْثَرُ فِي الدَّرْبِ رِيشُ اللُّجَيْنْ

* * *
أَيُّهَا الضَّوْءُ، لاَ تَنْسَحِبْ...
أَيُّهَا الْمَوْجُ لاَ تَسْتَكِنْ...
أَيُّهَا اللَّحْنُ لاَ تَنْتَحِرْ...
فِي الْخَمِيلَةِ عِطْرٌ
يُفَتِّشُ عَنْ وَرْدَتَيْنْ

* * *
دَوْرَقٌ لِلْعَبِيرِ هُنَا
وهُنَا دَوْرَقٌ لِدَمِي...
مَنْ رَأَى فِي دَمِي أَنْجُمًا
سَيَرَى الشَّمْسَ تُهْدِي لِعُشَّاقِهَا قَمَرَيْنْ
* * *
وَطَنٌ لِلْعَصَافِيرِ فِي كُوخِ فَلاَّحَةٍ
زَخْرَفَتْ بِالسَّنَابِلِ والسَّوْسَنَاتِ مَفَاتِنَهَا،
وَاسْتَوَتْ تَغْزِلُ الانْتِظَارَ قَمِيصًا
لِفَارِسِهَا بَيْنَ دَاِلِيَتَيْنْ

* * *
نَخْلَةٌ تَتَعَطَّرُ فِي ظِلِّهَا الأُغْنِيَاتُ
ويَأْوِي إِلَيْهَا الْخَرِيرُ...
تُغَازِلُهَا نَسْمَتَــانِ...؛
فَتَحْتَضِنُ النَّسْمَتَيْنْ

* * *
غَادَرَ الْبَحْرُ أَمْوَاجَه
وتَمَدَّدَ فَوْقَ الرِّمَالِ الْمُضِيئَةِ
يَرْنُو إِلَى النَّْخْلِ يَعْلُو...
و يَعْلُو...
و يَعْلُو...
يُسَاقِطُ فَوْقَ النُّجُومٍ نُجُومًا
و فَوْقَ الرَّبِيعِ رَبِيعًا
و فَوْقَ الأَسَاطِيرِ أُسْطُورَتَيْنْ
غَادَرَ الْبَحْرُ أَمْوَاجَه
وتَمَدَّدَ فَوْقَ الرِّمَالِ الْمُضِيئَةِ
يَحْلُمُ بِالْمَوْجِ فِي قَطْرَتَيْنْ

* * *
قَامَةُ الــرِّيحِ تَصْفَعُهَا نَخْلَةٌ؛
تَتَشَظَّى الــرِّيَاحُ،
تُصَفِّقُ لِلنَّخْلِ كُلُّ الْمَوَاسِمِ،
تَكْتَظُّ كُلُّ الْمَسَافَاتِ بِالْيَاسَمِيِنِ،
وتَزْهُو الْمَوَاعِيدُ فِي بَاقَتَيْنْ

* * *
يَسْأَلُ الْبَحْرُ أَمْوَاجَهُ
يَسْأَلُ الْمَوْجُ تَيَّــارَهُ:
<< كَيْفَ تَذْرُو النَّخِيلُ الــرِّيَاحَ ؟! >>
أَيَا بَحْرُ...،
يَا مَوْجُ...،
إِنَّ الــرِّيَاحَ بِلاَ قَامَةٍ
إِنَّ لِلنَّخْلِ فِي وَاحَتِي قَامَتَيْنْ

* * *
نَخْلَةُ الْقَلْبِ بَاسِقَةٌ
جَسَدٌ فِي ظَلاَمِ الْحَرِيقِ يُضِيءُ
ويَسْحَبُ ظِلاًّ تَدَجَّجَ بِالْعُنْفُوَانِ؛
تَنَامُ الْمَوَاجٍعُ فِي بَيْدَرٍ أَحْرَقَتْهُ السَّنَابِلُ،
تَصْحُو الزَّغَارِيدُ فِي مُقْلَةٍ
وتُرَفْرِفُ لَحْنًا خَلُوبًا
تَوَالَدَ مِنْ بَرْقِ قِيثَارَتَيْنْ

* * *
سِر ْبِنَا، فَالْمَسَافَاتُ مُخَضْرَّةٌ
والْمَحَطَّاتُ تَكْتُبُ أَسْمَاءَهَا بِالنَّوَارِسِ
سِرْ بِنَا يَا دَمِي
أَيُّهَا الْعَاشِقُ الْمُنْتَمِي لِلنَّخِيلِ،
فَكُلُّ الدُّرُوبِ تُؤَدِّي إِلَى نَخْلَةٍ
آهِ يَا نَخْلَةَ الْقَلْبِ
مُدِّي إِلَى الطِّينِ أُمْنِيَتَيْنْ
هُوَذَا الطِّينُ يَلْبَسُ أَحْلاَمَهُ
والْكَوَابِيسُ تَلْبَسُهُ
وعَلَى الدَّرْبِ بَيْنَ الْكَوَابِيسِ والْحُلْمِ
يَذْوِي رُوَيْدًا رُوَيْدًا
وفِي آخِرِ التِّيهِ يَعْرَى مِنَ الْغُرْبَتَيْنْ

* * *
آهِ يَا نَخْلَةَ الْقَلْبِ ،
كَيْفَ الصُّعُودُ؟
خُذِينِي إِلَيْكِ...
فَتُفَّاحَةُ الْعُمْرِ يَنْهَشُهَا الانْتِظَارُ
ولِلطّينِ فَاتِحَةٌ لِلبُكَاءِ ،
وخَاتِمَةٌ لِلبُكَاءِ ،
وخُفَّــا حُنَيْنْ

* * *
بَاقَةُ الثَّلْجِ فِي كَفِّ عَاشِقَةٍ
تُشْعِلُ اللَّيْلَ فِي لَحْظَةٍ.
بَاقَةُ الْجَمْرِ تَجْرَحُ صَحْوَ الْمَوَاوِيلِ فِي لَحْظَتَيْنْ

* * *
أَيُّهَا الْمُسْتَجِيرُ بِأَفْرَاحِهِ،
أَوَّلُ الْحُلْمِ أُرْجُوحَةٌ
آخِرُ الْحُلْمِ هَلْ يَسْتَضِيءُ بِدَالِيَةٍ فِي الْخَمِيلَةِ
أَمْ يَنْطَفِي فَجْأَةً بَيْنَ حَشْرَجَتَيْنْ
* * *
مِنْ دَمِى جُلَّنَارُكِ يَا زَهْرَةً
أََيْنَعَتْ فِي الْخَرِيفِ،
نَمَتْ بَيْنَ عَاصِفَتَيْنْ
مِنْ دَمِى جُلَّنَارُكِ...،
فَامْتَشِقِي الْحُلْمَ قَبْلَ الْغُرُوبِ.
هُنَا جَسَدِي يَتَوَزَّعُ فَوْقَ الْمَدَى...
لَمْلِمِي الضَّوْءَ والزَّقْزَقَاتِ...
... ... ... أَنَا نَخْلَةٌ
والسَّمَاءُ تُجَمِّعُ صَوْتَ الْعَصَافِيِرِ فِي نَخْلَتَيْنْ

* * *
يَتَوَهَّجُ بَيْنَ النَّخِيلِ دَمِي
يَتَأَلَّقُ بَيْنَ النَّخِيلِ اخْضِرَارِي.
إِذَا انْطَفَأَ الْحُلْمُ
يَا نَخْلَةَ الْقَلْبِ
غَطِّي حَرِيقِي بِظِلِّك
غَطِّي بِشَمْسِكِ ثَلْجِي
لأَرْحَلَ مِنِّي إِلَيَّ...
وأَرْحَلَ فِيكِ...
وأَسْعَدَ، أَسْعَدَ بِالرِّحْلَتَيْن


شعر: محمد علي الهاني

( تونس)

-------------------------------------------------------------------------------------------
* فازت هذه القصيدة بالجائزة الأولى مفدي زكرياء المغاربية للشعر، الجزائر 1996.

* من : مجموعتي الشعرية " كُـلُّ الـدُّرُوبِ تُـؤَدِّي إِلَـى نَخْلَـةٍ "/ الجاحظية، الجزائر 1996.


.

خميس لطفي
31/03/2009, 09:46 PM
أثبت هذه القصيدة لجمالها ، وأرحب بصاحبها الشاعر الموهوب محمد على الهاني أيما ترحيب

أحمد نمر الخطيب
31/03/2009, 10:50 PM
الأخ الشاعر الرائع محمد علي الهاني
هنا يشتعل الشعر
وتنطفىء خمولة المفردات
لتتقد الجملة
وتمرح في بساتين الإضاءة
إضاءة الفضاء الداخلي للنص
مستندة على إضاءة خارجية قادمة من الانسجام
المفصلي بين تربتين:
تربة الكلام وتربة الخطاب

أحييك على هذا الإبداع

محمد نجيب بلحاج حسين
31/03/2009, 11:21 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المبدع الفاضل محمد علي الهاني

كنت على يقين من أن إبداعك سيتصاعد شيئا فشيئا

حتى يفيض على واتا خيرا عميما

ومازلنا ننتظر من قريحتك المعطاء كل الروعة

موغلة في الإبداع هذه

ملتحفة بالخيال الأصيل للجريدي الباذخ

لقد جعلت أخانا خميس يحيد عن العادة المتبعة في المنتدى

بتثبيت قصيدة واحدة لشاعر واحد في نفس الوقت

فهنيئا لك ... ولنا ...

تحياتي العطرة

نجران الحكيمي
31/03/2009, 11:35 PM
آهِ يَا نَخْلَةَ الْقَلْبِ ،
كَيْفَ الصُّعُودُ؟
خُذِينِي إِلَيْكِ...
فَتُفَّاحَةُ الْعُمْرِ يَنْهَشُهَا الانْتِظَارُ
ولِلطّينِ فَاتِحَةٌ لِلبُكَاءِ ،
وخَاتِمَةٌ لِلبُكَاءِ ،
وخُفَّــا حُنَيْنْ


شاعرنا الرائع / محمد علي الهاني
تحية تقدير

أحييك يا سيدي لما تسكب لنا من زلال الشعر الاكثر من رائع
أحس وأنا أقرأ بأنني في منعطفات وجدانية
أتسلَّقُ في قصيدتكَ صعوداً

أنا ساكنٌ في حنايا سطورك
فكيف لي بالنزول؟!

فقط تقبل مروري

وكن بخير
:fl:
فائق الاحترام والتقدير

محمد علي الهاني
01/04/2009, 12:14 PM
أثبت هذه القصيدة لجمالها ، وأرحب بصاحبها الشاعر الموهوب محمد على الهاني أيما ترحيب



أخي الكريم / خميس

أشكرك جزيل الشكر.

لك التحيّة و التقدير.

محمد علي الهاني
01/04/2009, 12:35 PM
الأخ الشاعر الرائع محمد علي الهاني
هنا يشتعل الشعر
وتنطفىء خمولة المفردات
لتتقد الجملة
وتمرح في بساتين الإضاءة
إضاءة الفضاء الداخلي للنص
مستندة على إضاءة خارجية قادمة من الانسجام
المفصلي بين تربتين:
تربة الكلام وتربة الخطاب

أحييك على هذا الإبداع



أخي الفاضل/ أحمد نمر الخطيب

كلماتك العذبة و المعطّرة أسعدتني...

لك كلّ الود و عميق التقدير

محمد علي الهاني
01/04/2009, 12:41 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المبدع الفاضل محمد علي الهاني

كنت على يقين من أن إبداعك سيتصاعد شيئا فشيئا

حتى يفيض على واتا خيرا عميما

ومازلنا ننتظر من قريحتك المعطاء كل الروعة

موغلة في الإبداع هذه

ملتحفة بالخيال الأصيل للجريدي الباذخ

لقد جعلت أخانا خميس يحيد عن العادة المتبعة في المنتدى

بتثبيت قصيدة واحدة لشاعر واحد في نفس الوقت

فهنيئا لك ... ولنا ...

تحياتي العطرة


أخي الكريم المبدع/ محمد نجيب بلحاج حسين

أثلج صدري مرورك المعطر و المضيء و الموقّع...

أهديك باقة من الشكر و الامتنان...

محمد علي الهاني
01/04/2009, 12:46 PM
آهِ يَا نَخْلَةَ الْقَلْبِ ،
كَيْفَ الصُّعُودُ؟
خُذِينِي إِلَيْكِ...
فَتُفَّاحَةُ الْعُمْرِ يَنْهَشُهَا الانْتِظَارُ
ولِلطّينِ فَاتِحَةٌ لِلبُكَاءِ ،
وخَاتِمَةٌ لِلبُكَاءِ ،
وخُفَّــا حُنَيْنْ


شاعرنا الرائع / محمد علي الهاني
تحية تقدير

أحييك يا سيدي لما تسكب لنا من زلال الشعر الاكثر من رائع
أحس وأنا أقرأ بأنني في منعطفات وجدانية
أتسلَّقُ في قصيدتكَ صعوداً

أنا ساكنٌ في حنايا سطورك
فكيف لي بالنزول؟!

فقط تقبل مروري

وكن بخير
:fl:
فائق الاحترام والتقدير






أخي الكريم / نجران الحكيمي

كلماتك هزّتني ...

لك الشكر و الود و التقدير.

منى حسن محمد الحاج
01/04/2009, 03:54 PM
أَيُّهَا الضَّوْءُ، لاَ تَنْسَحِبْ...
أَيُّهَا الْمَوْجُ لاَ تَسْتَكِنْ...
أَيُّهَا اللَّحْنُ لاَ تَنْتَحِرْ...
فِي الْخَمِيلَةِ عِطْرٌ
يُفَتِّشُ عَنْ وَرْدَتَيْنْ

كم هو جميل هذا الشعر..
أستاذي العزيز محمد الهاني..حياك الله
ألاترى معي أن سماء الشعر خضراء بلون قصيدتك؟!
أحيي هذا الشعر السامي مبنىً ومعنى ولاغرابة في نيله أرفع الجوائز..
تحية تعانق النخيل..
ومرحبًا بك بيننا:fl:

عبدالوهاب القطب
01/04/2009, 05:26 PM
أخي محمد

قصيدة جميلة جدا
قضيت معها وقتا ماتعا

تحياتي القلبية واهلا بك

كن بخير يا جميل

عبدالوهاب القطب

محمد علي الهاني
02/04/2009, 02:13 AM
أخي محمد

قصيدة جميلة جدا
قضيت معها وقتا ماتعا

تحياتي القلبية واهلا بك

كن بخير يا جميل

عبدالوهاب القطب



أخي الشاعر المبدع / عبدالوهاب القطب

مرورك عطّّر قصيدتي...

تقبّل مودتي و تقديري.

مجذوب العيد المشراوي
02/04/2009, 10:31 AM
نص جميل وإيقاعي .. ودي أيها الجميل

محمد علي الهاني
03/04/2009, 12:16 AM
نص جميل وإيقاعي .. ودي أيها الجميل


أخي الكريم / مجذوب العيد المشراوي

و أنت أجمل .

لك تقديري.

محمد علي الهاني
24/02/2011, 05:24 AM
كُـلُّ الـدُّرُوبِ تُـؤَدِّي إِلَـى نَخْلَـةٍ*
قَمَرٌ فِي الْهَزِيعِ الأَخِيرِ مِنَ الانْشِطَارِ
يُرَفْرِفُ مُرْتَبِكًا،
يَتَأَبَّطُ أُغْنِيَتَيْنْ
و يُرَاوِدُ فِي سَاحِلِ الْفَجْرِ
بَيْنَ السَّنَى والشَّذَا نَجْمَتَيْنْ
فَتَلُوذُ النُّجُومُ بِأَصْدَافِهَا
يَتَبَعْثَرُ فِي الدَّرْبِ رِيشُ اللُّجَيْنْ
* * *
أَيُّهَا الضَّوْءُ، لاَ تَنْسَحِبْ...
أَيُّهَا الْمَوْجُ لاَ تَسْتَكِنْ...
أَيُّهَا اللَّحْنُ لاَ تَنْتَحِرْ...
فِي الْخَمِيلَةِ عِطْرٌ
يُفَتِّشُ عَنْ وَرْدَتَيْنْ
* * *
دَوْرَقٌ لِلْعَبِيرِ هُنَا
وهُنَا دَوْرَقٌ لِدَمِي...
مَنْ رَأَى فِي دَمِي أَنْجُمًا
سَيَرَى الشَّمْسَ تُهْدِي لِعُشَّاقِهَا قَمَرَيْنْ
* * *
وَطَنٌ لِلْعَصَافِيرِ فِي كُوخِ فَلاَّحَةٍ
زَخْرَفَتْ بِالسَّنَابِلِ والسَّوْسَنَاتِ مَفَاتِنَهَا،
وَاسْتَوَتْ تَغْزِلُ الانْتِظَارَ قَمِيصًا
لِفَارِسِهَا بَيْنَ دَاِلِيَتَيْنْ
* * *
نَخْلَةٌ تَتَعَطَّرُ فِي ظِلِّهَا الأُغْنِيَاتُ
ويَأْوِي إِلَيْهَا الْخَرِيرُ...
تُغَازِلُهَا نَسْمَتَــانِ...؛
فَتَحْتَضِنُ النَّسْمَتَيْنْ
* * *
غَادَرَ الْبَحْرُ أَمْوَاجَه
وتَمَدَّدَ فَوْقَ الرِّمَالِ الْمُضِيئَةِ
يَرْنُو إِلَى النَّْخْلِ يَعْلُو...
و يَعْلُو...
و يَعْلُو...
يُسَاقِطُ فَوْقَ النُّجُومٍ نُجُومًا
و فَوْقَ الرَّبِيعِ رَبِيعًا
و فَوْقَ الأَسَاطِيرِ أُسْطُورَتَيْنْ
غَادَرَ الْبَحْرُ أَمْوَاجَه
وتَمَدَّدَ فَوْقَ الرِّمَالِ الْمُضِيئَةِ
يَحْلُمُ بِالْمَوْجِ فِي قَطْرَتَيْنْ
* * *
قَامَةُ الــرِّيحِ تَصْفَعُهَا نَخْلَةٌ؛
تَتَشَظَّى الــرِّيَاحُ،
تُصَفِّقُ لِلنَّخْلِ كُلُّ الْمَوَاسِمِ،
تَكْتَظُّ كُلُّ الْمَسَافَاتِ بِالْيَاسَمِيِنِ،
وتَزْهُو الْمَوَاعِيدُ فِي بَاقَتَيْنْ
* * *
يَسْأَلُ الْبَحْرُ أَمْوَاجَهُ
يَسْأَلُ الْمَوْجُ تَيَّــارَهُ:
<< كَيْفَ تَذْرُو النَّخِيلُ الــرِّيَاحَ ؟! >>
أَيَا بَحْرُ...،
يَا مَوْجُ...،
إِنَّ الــرِّيَاحَ بِلاَ قَامَةٍ
إِنَّ لِلنَّخْلِ فِي وَاحَتِي قَامَتَيْنْ
* * *
نَخْلَةُ الْقَلْبِ بَاسِقَةٌ
جَسَدٌ فِي ظَلاَمِ الْحَرِيقِ يُضِيءُ
ويَسْحَبُ ظِلاًّ تَدَجَّجَ بِالْعُنْفُوَانِ؛
تَنَامُ الْمَوَاجٍعُ فِي بَيْدَرٍ أَحْرَقَتْهُ السَّنَابِلُ،
تَصْحُو الزَّغَارِيدُ فِي مُقْلَةٍ
وتُرَفْرِفُ لَحْنًا خَلُوبًا
تَوَالَدَ مِنْ بَرْقِ قِيثَارَتَيْنْ
* * *
سِر ْبِنَا، فَالْمَسَافَاتُ مُخَضْرَّةٌ
والْمَحَطَّاتُ تَكْتُبُ أَسْمَاءَهَا بِالنَّوَارِسِ
سِرْ بِنَا يَا دَمِي
أَيُّهَا الْعَاشِقُ الْمُنْتَمِي لِلنَّخِيلِ،
فَكُلُّ الدُّرُوبِ تُؤَدِّي إِلَى نَخْلَةٍ
آهِ يَا نَخْلَةَ الْقَلْبِ
مُدِّي إِلَى الطِّينِ أُمْنِيَتَيْنْ
هُوَذَا الطِّينُ يَلْبَسُ أَحْلاَمَهُ
والْكَوَابِيسُ تَلْبَسُهُ
وعَلَى الدَّرْبِ بَيْنَ الْكَوَابِيسِ والْحُلْمِ
يَذْوِي رُوَيْدًا رُوَيْدًا
وفِي آخِرِ التِّيهِ يَعْرَى مِنَ الْغُرْبَتَيْنْ
* * *
آهِ يَا نَخْلَةَ الْقَلْبِ ،
كَيْفَ الصُّعُودُ؟
خُذِينِي إِلَيْكِ...
فَتُفَّاحَةُ الْعُمْرِ يَنْهَشُهَا الانْتِظَارُ
ولِلطّينِ فَاتِحَةٌ لِلبُكَاءِ ،
وخَاتِمَةٌ لِلبُكَاءِ ،
وخُفَّــا حُنَيْنْ
* * *
بَاقَةُ الثَّلْجِ فِي كَفِّ عَاشِقَةٍ
تُشْعِلُ اللَّيْلَ فِي لَحْظَةٍ.
بَاقَةُ الْجَمْرِ تَجْرَحُ صَحْوَ الْمَوَاوِيلِ فِي لَحْظَتَيْنْ
* * *
أَيُّهَا الْمُسْتَجِيرُ بِأَفْرَاحِهِ،
أَوَّلُ الْحُلْمِ أُرْجُوحَةٌ
آخِرُ الْحُلْمِ هَلْ يَسْتَضِيءُ بِدَالِيَةٍ فِي الْخَمِيلَةِ
أَمْ يَنْطَفِي فَجْأَةً بَيْنَ حَشْرَجَتَيْنْ
* * *
مِنْ دَمِى جُلَّنَارُكِ يَا زَهْرَةً
أََيْنَعَتْ فِي الْخَرِيفِ،
نَمَتْ بَيْنَ عَاصِفَتَيْنْ
مِنْ دَمِى جُلَّنَارُكِ...،
فَامْتَشِقِي الْحُلْمَ قَبْلَ الْغُرُوبِ.
هُنَا جَسَدِي يَتَوَزَّعُ فَوْقَ الْمَدَى...
لَمْلِمِي الضَّوْءَ والزَّقْزَقَاتِ...
... ... ... أَنَا نَخْلَةٌ
والسَّمَاءُ تُجَمِّعُ صَوْتَ الْعَصَافِيِرِ فِي نَخْلَتَيْنْ
* * *
يَتَوَهَّجُ بَيْنَ النَّخِيلِ دَمِي
يَتَأَلَّقُ بَيْنَ النَّخِيلِ اخْضِرَارِي.
إِذَا انْطَفَأَ الْحُلْمُ
يَا نَخْلَةَ الْقَلْبِ
غَطِّي حَرِيقِي بِظِلِّك
غَطِّي بِشَمْسِكِ ثَلْجِي
لأَرْحَلَ مِنِّي إِلَيَّ...
وأَرْحَلَ فِيكِ...
وأَسْعَدَ، أَسْعَدَ بِالرِّحْلَتَيْن
شعر: محمد علي الهاني
( تونس)
-------------------------------------------------------------------------------------------
* فازت هذه القصيدة بالجائزة الأولى مفدي زكرياء المغاربية للشعر، الجزائر 1996.
* من : مجموعتي الشعرية " كُـلُّ الـدُّرُوبِ تُـؤَدِّي إِلَـى نَخْلَـةٍ "/ الجاحظية، الجزائر 1996.
.