المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : احتلال قبر .او بوش وبلير...قصة



علاء الدين حسو
06/01/2007, 12:09 PM
احتلال قبر... أو بوش وبلير.
أيقظني الحلم مرتين..
كان حلما غريبا، صندوق أحاول الحصول إليه، المحه من بعيد، أتخيل ثقل كنوزه، كلما اقتربت منه وجدته بعيد المنال، فاشعر باليأس.. فجأة ! وجدته أمامي محطما، وقد تبعثرت محتوياته لم أميز منها سوى صورة جدي
كأنها اقتلعت من غرفة الضيوف ودفنت في هذا الصندوق..دنوت لانتشال الصورة وإذ برجلين يقفان كجرسين منعاني من الإمساك بالصورة وحاولا دفعي نحو بحيرة فتمسكت بمئذنة وأحسست بألم في خصيتيّ لما رأيت عمق البحيرة .

كانت الساعة تشير إلى الرابعة فجرا عندما أيقظني الحلم ثانية.فززت من سريري واتجهت نحو المطبخ ،أخرجت عبوة بلاستيكية (كولا) من الحجم العائلي خصصتها أمي لشرب الماء بعد استخدامها وشربت نصفها فانتفخ بطني وبقي حلقي جافا..

اقتحمت غرفة الضيوف أتفحص صورة جدي ..وابتسمت متذكرا أمي تشكو من ردائة الصورة وأنها تخيف الأولاد وكان مخالفا لرأي صديقي الرسام الذي أدهشته الصورة. وقال عنها أن التحميض المائي في ذلك الزمان أعطى جمالية للصورة ومسحة الضباب تذكره بالموناليزيا .. مسحت قطرات العرق من على جبيني ورقبتي وحضنت العبوة ابرد يداي اللتان تتحسسان للحرارة خلال الصيف وقد نصحني الطبيب عندما شكوت من شعوري بحرارة الأطراف صيفا بالماء وفيتامين ب. لأني مصاب بالتهاب أعصاب حسب تشخيصه..وعدت إلى غرفتي..

أخفقت في النوم ، مثلما أخفقت في نزع الحلم وقد شغلني الرجلين وقارنتهما بكل الأشرار الذين اعرفهم فلم اهتدي إليهما. وطغى خاطر اخر اشد رهبة وقلقا من الاول، فجدي يرقد في مقبرة( الشيخ خضر)، التي تطل على حي شعبي سمي باسم الشيخ . كبر الحي خلال عقد من الزمن ، واصبح مركزا لصناعة وتجارة الاحذية في المدنية. فتوسع الحي على حساب المقبرة ، التي تقلصت جرّاء هجوم الاحياء على بناء المنازل غير المرخصة فوق المقابر. مما أكد الشائعات التي تقول بان محافظ حلب يفكر في ازلة المقبرة وتنظيم البناء..هذا الخاطر دفعني لزيارة قبر جدي في الصباح..

قبر جدي له ميزة خاصة .، يقع في اعلى منطقة من المقبرة. بجوار ضريح، أو مزار الشيخ خضر .لذا كنت تستطيع رؤيته قبل الوصول الى المقبرة بمسافة ..وكنت ازوره مرتين كل عام. في العيدين مع والدي. نتحدث فيها عن القبور التي باتت تختفي، وانه علينا شراء قطعة في المقبرة الحديثة شرقي المدنية. وحين العودة اذكّره بنصيحة عمتي بانه يجب صب الاسمنت فوق القبر لحمايته من السرقة، فيصبح مصانامن الاحياء ومن الحكومة لقربه من المزار حسب قولها..فيعلق والدي ضاحكا بأن الشيخ سيحميه...

اصابني الفزع عندما وصلت المقبرة.لمحت رجلين يقفان قرب قبر جدي ، وانقبض قلبي لما رأيت اطولهما يتفحص الشاهد واخافني الحلم..فاسرعت نحو القبر متجاهلا نصيحة عمتي بعدم الدوس على القبور..وصرخت:
- قف.
توقف الطويل وتطلع فيّ وانا ادنو منه لاهثا ..
- من انتما؟
كانا نحيفين ، امردين ، غزيرا الشعر، تطلعا ببعضهما واجاب الطويل بعنجهية:
- كما ترى نحاول فتح القبر.
- وهل من حكقما فتح القبور؟

ابتسم القصير وقال كانه يحدث زميله:
- وهل هذا قبر ؟ انه وكر ..
- انه قبر جدي ..

اقترب الطويل مني وهمس بلهجة تحمل التهديد :
- اسمع أيها الشاب ، المقبرة ليست نظامية..وستزال قريبا ، وقبر جدك سيفتح اليوم او غدا ..فلا تتعب نفسك.

ادركت عبث محاولاتي ، ولم يكن امامي الا الصمود..فقلت باصرار:
- لن اسمح لكم الارض واسعة.تتسع لاكثر من قبر ..

ضحك الطويل من لهجتي كاني طفل صغير وقال ساخرا:
- انظر جميع القبور المتبقية مصانة بالاسمنت الا قبر جدك..يكاد يخفس .
وتابع الثاني بسخرية:
- هذا ان كان قبر جدك..
- ماذا تقصد ؟
- الاثبات ؟ثم يمكننا وضع شاهد جدك مع مرحومنا ويصبح قبر بشاهدين ...

خرّس الطويل بنظراته القصير وعاتبه:
- المرحوم قطع الاف الاميال ، من امريكا ونضعه في قبر مشترك..

وبصوت يحمل توسلا سألت:
- ولما هنا؟

اجاب الطويل وقد احس بضعفي:
- مكان مرتفع ،وجوار الشيخ حسب وصية المرحوم..

كاني سمعت صوت جدي،استغاثة جدي، قفزت نحو القبر وجلست فوقه قائلا:
- على جثتي

مد الطويل رأسه نحوي دون ان يتحرك:
- اسمع يا ..وقبل ان يكمل التفت نحو اسفل المقبرة لحظة سماعنا ضجيج عربات فخمة وقفت لتوها وترجل منها بضعة رجال يحملون الفؤوس والمعاول فهتف القصير..
- اسرعوا تأخرنا

وضحك الطويل ورفسني فوقعت على رأسي فلم اشعر يشئ...


عندما استيقظت وجدت نفسي على سرير في مشفى وسمعت الممرضة تقول لي:
- حمد لله على سلامتك..

لم يكن يهمني كيف وصلت الى هنا ،كان همي القبر ، لذا قلت :
- لقد احتلوا قبر جدي

استطعت تميز الدهشة التي ارتسمت على الممرضة وشممت رائحة شعرها فاحسست بألم في رأسي فتأوهت .ضغطت الممرضة على جرس سمعتُ طقته ..فدخل طبيب عرفته من سماعته التي تحيط برقبته واستطعت ان افهم من الحديث الذي دار بينهما قوله:
- انه من تأثير المخدر اخبري اهله بان العملية نجحت وبامكانهم زيارته ..

تابعت عندها خروج الممرضة مراقبا وركيها كشطري تفاحة ..فتذكرت تصنيف صديقي الرسام لخلفية النساء بانهن قمسان قسم كالتفاح وقسم كالاجاص....


&
ملاحظة:
اعذرني ايها القارئ ان حدث التباس في العنوان فهذه القصة كتبت قبل عقد من الزمن وحين عاودني الحلم استطعت التعرف على الرجلين وانهما يشبهان بوش وبلير... وشكرا .......علاء...