المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المعالم الأثرية في الجولان



نضال الشوفي
01/04/2009, 09:30 PM
المعالم الأثرية في الجولان


منذ أحد عشرألف عام قبل الآن قررت إحدى جماعات الصيد والالتقاط التي كانت على الأرجح تجوب سفوح جبل حرمون الشرقية, قريبا من موقع قطنه الحالي, ألا تقضي شتاء آخر فوق السهل الممتد عند أقدام الجبل, فغادر هؤلاء الصيادين المنطقة حاملين معهم حبوب الذرة والشعير التي كانوا قد التقطوها قبل الرحيل وساروا حتى وصلوا مكان سهلي خصب يكثر فيه الماء. هذا الموقع الجديد هو تل أسود القريب من دمشق, سكنه قدماء الناس وبدأوا فيه إنجاز أهم مشروع عرفته البشرية إلى الآن, حتى أن العلماء وصفوه بالثورة وأطلقوا عليه الثورة النيوليتيه. وفي موقعين آخرين الأول شمال سوريا يدعى المريبط, والثاني في فلسطين وهو أريحا بدأت مجموعات بشريه أخرى تزاول الزراعة دون اتفاق مسبق أو اتصال مباشر بين الفرق الثلاثة.

والحديث إلى الآن أمر واقع وحقيقة أثبتها علم الآثار, وليست فصلا من أساطير الشرق القديم على الإطلاق, إذ أن الظروف الطبيعية المناسبة للزراعة قد توفرت على طول الخط الأخضر الموازي لشاطئ البحر في امتداده من الأناضول شمالاً وصولاً إلى فلسطين في الجنوب. الأرض في تلك البقاع خصبة والمعدل المطري يزيد سنويا عن 200 ملم مما يوفر شروط قيام زراعة بعلية في زمن كان فيه من السابق للأوان الحديث عن نظام ري مستحدث حتى إن توفر نهر ماء قريب أو بركة ماء ضخمة.
وقد تواترت تبعات هذا الحدث فيما تلا من الزمن فصنع الإنسان الفخار, ونظم شبكات الري, ثم اهتدى منذ الألف الخامس قبل الميلاد لمعدنة النحاس, ومع حلول الألف الرابع شهدت بلاد الرافدين والمناطق الشمالية من سوريا نهضة عمرانية توجت الجهد البشري المبذول حتى ذاك الحين بظهور المدن التي ازدهرت قريبا من مسار النهرين العظيمين دجله والفرات. مع الألف الثالث ق.م كان هناك نهضة عمرانية ثانية ظهرت فيها مدن جديدة مثل ماري وإيبلا وغيرهما الكثير من المدن. وعندما استقصى العلماء والمختصون على مدى القرن المنصرم العلاقة بين تلك الحواضر وأسباب قيامها انكشف لهم مواقع استيطان أخرى لم تتوفر فيها شروط زراعة تكفي لأن تكون سببا وحيدا وراء عمران تلك المستوطنات, وفي حقيقة الأمر لم تكن مواقع تلك المستوطنات مؤهلة لقيام زراعة يوازي مردودها ما كانت تكسبه مستوطنة من مرور قوافل التجار فيها, والدليل على صحة ذلك أن الحديث هنا يشمل مدن صغيرة قامت في البحرين وشواطئ الخليج العربي (دلمون – ماجان وغيرهما), أو ما تشير إليه إحدى وثائق مدينة ماري حين تحصي عدد الحمير المستعملة في القافلة الواحدة بما يربو على ألفي حمار.
إن الوفرة في المنتوج الزراعي في سوريا وبلاد الرافدين ساهمت بشكل رئيسي في توسيع حركة التجارة, واستهلاك مواد جديدة كحجر اللازورد الذي استورد بكميات كبيرة في الألف الثالث ق.م من منطقة أفغانستان الحالية عبر ثلاثة محاور رئيسية كان أسهلها ذاك المحور المنحدر مع نهر الفرات إلى الخليج العربي كي يكمل مساره البحري حول إيران. أما المحورين الآخرين سواء عبر جبال زاغروس في الشمال أو عبر صحراء الروكي وسط إيران, فقد كانا وعرين والسير فيهما محفوفاً بالمخاطر.
ولكن لنتساءل قبل الاستطراد عن الفائدة من هذا التوغل في أعماق التاريخ فوق هذه المساحة الشاسعة من الأرض, فيما يقتصر موضوع البحث أساساً على جزء صغير منها. لعل ما ورد سابقاً يظهر بالدرجة الأولى أهمية الموقع من نواحي الجغرافية والطبيعة والمناخ وإمكانيات الحركة, وهي عوامل ستبعث في منطقة الجولان في الألف الثاني ق.م أهمية ذات أثر على بلاد الرافدين وسوريا معاً, ففي تلك الحقبة نشطت حركة الشعوب في بحر إيجة وجزيرة كريت, كما أن المصريين كانوا قد استكشفوا حركة التيارات المائية شرقي البحر المتوسط فوجدوها تلائم الملاحة تماماً إلى الشاطئ السوري, مما حضّر لدور هام ستلعبه المدن المنتشرة على الساحل كوسيط تجاري بين شعوب البحر المتوسط والعمق السوري مع بلاد الرافدين. هذا الدور سينهي وجهة التجارة إلى أفغانستان فيما يقدمه من كثرة البضائع وسهولة الاتصال على ثلاثة محاور بديلة ينطلق أولها من أوغاريت عبر جسر الشغور متجهاً إلى حلب ثم مدينة إيبلا, ومن هناك يتشعب إلى ماري وقطنه (قرب حمص) وتدمر. أما المحور الثاني فقد انطلق من ميناء جبيل عبر سهل عكار ثم فجوة حمص وصولاً إلى مدينة حمص ومن هناك تفرع أيضاً إلى تدمر وقطنه وماري. قام المحور الثالث في الجنوب وانتقلت هناك البضائع من شواطئ فلسطين عبر سهل عكا ثم اجتازت هضبة الجولان في نقطتين: الأولى في الشمال قرب بلدة بانياس, والثانية في الجنوب عند منطقة فيق, ومن هضبة الجولان كان هذا الطريق يتابع مساره إلى دمشق ومنها إلى مدينة إيمار وبلاد الرافدين. خلال تلك الحقبة على وجه التقريب تحقق نشاط استيطاني وحركة تنقّل دؤوبة فوق أراضي الجولان سبق أن أسس لها اندفاع موجات هجرة متعاقبة من الجزيرة العربية استقرت في الغرب من سوريا, وكان عمادها الكنعانيون الذين شيّدوا المدن الساحلية وبدلوا قبلة التجارة إلى الجهة المقابلة كما رأينا.
ولعل أكثر الظواهر التي شدّت أنظار المستوطنين الجدد ومن جاء بعدهم ذلك الارتفاع الشاهق لجبل الشيخ المطل على كافة السهول الممتدة إلى الجنوب من سوريا, فدفع جلال ذلك المنظر بالكنعانيين إلى تأليه الجبل, وأطلقوا عليه بعل حرمون, وشيدوا فوقه هياكل ومعابد لا زال يحمل آثارها إلى اليوم. كان السوريون القدماء يصعدون قمة الجبل أواخر كل صيف ويسكبون الماء عليه, وظلت الطقوس الدينية تقوم فوق الجبل إلى العهد البيزنطي - إبّان انتشار الديانة المسيحية - فالمصادر تذكر أن الوثنيين الذين عبدوا الشمس ظنوا أنهم يقتربون من معبودتهم الساطعة, فوق الجبل أكثر من أي مكان آخر. ولعل أقدم ما بقي من آثار المعابد الوثنية فوق بعل حرمون ذلك المعبد القابع فوق أعلى قمم الجبل, غير أن التنقيبات الأثرية لم تجر هناك, والمعلومات غير متوفرة عن تاريخ ذلك المعبد, مع ذلك تشير البقايا الحجرية إلى تصميم تقليدي ينقسم بين ساحة مصوّرة بحائط حجري على شكل بيضوي, وهيكل مستدير الشكل يبلغ قطره حوالي ستين قدماً وبداخله قدس الأقداس المحفور داخل صخرة ارتفاعها نحو خمسة عشر قدماً بعمق ثمانية أقدام. ويبدو أن الموقع استعمل في وقت لاحق مكاناً للسكن لذلك أسماه الناس قصر شبيب, وتداولوا حكاية أقرب إلى الأسطورة تقول أن شبيب كان أميراً يمنياً مات على أيدي أبو زيد الهلالي في إحدى حجرات القصر الذي عرف أيضاً بقصر عنتر, ولكن لا قيمة تاريخية لكلتا التسميتين. هناك أيضاً بناء آخر قريب من القصر قد بناه الأمير نجم الشهابي في العام 1195 م لغرض الاستجمام في فصل الصيف, وفيه فاضت قريحة الأمير ببعض الأبيات من الشعر منها:
ومنزلاً فوق قنّ الشيخ بتّ به
معانق الأنس واللذات والطرب
أهدى لنا من ربا نجد معطرة
ومنظراً من ديار العجم والعرب
من الآثار الباقية فوق جبل الشيخ أيضاً, تلك الأجران الرومانية المتواجدة في مكان يدعى المطابخيات قرب تلة الجراجمة, كان الرومان يشعلون فيه النار فتشاهد من مدينة قبرص على ما يذكر الدكتور فيليب حتّي. إضافة لتلك البقايا الأثرية, هناك نص اكتشف على أيدي الأثري البريطاني جورج سميث عام 1966 م, يعود إلى القرن التاسع ق. م دوّنه الملك الأشوري شلمنصر, ويصف فيه أعماله الحربية فيقول: " في السنة الثالثة من ملكي عبرت الفرات للمرة السادسة عشرة وكان الملك حزائيل الآرامي الواثق من قوته قد حشد جيشاً عظيماً وتمركز عند جبل سنيرو عند مدخل لبنان حصنه القوي ". حزائيل هذا كان ملك آرام دمشق, وسنيرو هو جبل الشيخ عند الأشوريين إضافة لما عرف به من أسماء كثيرة, فالصيدونيون كانوا يدعونه حرمون سيرون, والأموريون سنير أو شنير, وعرفه العبرانيون باسم سيئون وسعير كما ورد في العهد القديم, ودعاه الآراميون طور ثلجا, أما اليونانيون ومن بعدهم الرومان فأطلقوا عليه اسم أنتيليبانوس أي المواجه للبنان, وأخيراً أطلق عليه العرب اسم جبل الثلج, فقد جاء فيه في قصيدة لحسان بن ثابت يمدح فيها أميرين من أخواله من آل جفنه الغساسنة:
ملكاً من جبل الثلج إلى
جانبي آيلة من عبد وحر
ثم كانا خير من نال الندى
سبقا الناس بإقساط وبر
لا شك أن تسمية جبل الثلج أكثر الأسماء تعبيراً عن علاقة من نوع آخر قامت بين الجبل ومحيطه القريب والبعيد, إذ كان منذ العصور القديمة إلى وقت قريب يمد البلدان بالثلج خلال فصل الصيف القائظ. استورده الفراعنة عن طريق مدينة صور محملاً فوق السفن, كذلك فعل ملوك صيدا وصور ودمشق وتدمر حتى راجت هذه التجارة وامتهنها البعض من الناس.
بقي أخيراً أن ننوه إلى آثار قلعة جندل الواقعة على السفوح الشرقية لجبل الشيخ وسط قرية جندل التي أخذت اسمها عن القلعة. وينسب بناء القلعة إلى شخص يدعى جندل هو الجد الأول للجنادلة, لكن المؤرخ عيسى اسكندر المعلوف يذكر أن القلعة قد بنيت قبل استقرار الجنادلة في الموقع, ويشير المعلوف إلى كتابة يونانية كانت موجودة في العام 1934م على عتبة القلعة يرد فيها الإسم في اليونانية ساما آتي مما يعني أن اليونان هم أول من بنوها في أعقاب حملة الإسكندر المقدوني عام 333 ق.م على المنطقة, ويؤكد هذا الرأي وجود الكثير من المدافن اليونانية في المنطقة, إضافة إلى الاهتمام الروماني بتشييد الأبنية والقبور فيها, كما يلاحظ في منطقة برقش في قلب الجبل على مسافة قريبة شمالي قلعة جندل. وعلى ما يبدو فإن جد الجنادلة قد رمّمها, وظل الجنادلة بعده يتوارثونها إلى أن جاء الضحاك بن قيس واعتصم فيها أيام الملك العادل نور الدين الذي حاصرها ثم دمّرها بعد تخليصها من الضحاك, وظلت هذه القلعة مهملة إلى أن تحصّن بها الدروز أثناء حربهم مع إبراهيم باشا المصري الذي حاصرها هو الآخر ثم قام بتدميرها.
إن انتشار البقايا الأثرية فوق جبل الشيخ لا يقتصر على المواقع المذكورة, وقد تكون وعورة الجبل قد أجّلت قيام مسوحات أثرية فوق سطحه, كما أن وقوع القسم الجنوبي الغربي من الجبل ضمن نقاط الصراع العسكري بين العرب وإسرائيل قد منع من دراسة بعض الآثار المنتشرة عند تلك السفوح, على كل حال لم تنل آثار الجولان بمجملها قدراً من الاهتمام يناسب عراقة هذه الآثار لعدد من الأسباب الوجيهة, فمن المؤكد أن المواقع الأثرية في الجولان أو سواه من مناطق سوريا لا تنافس المكتشفات الكبرى التي أحدثت ضجة واسعة على مستوى محلّي وعالمي مثل: ماري وإيبلا وأوغاريت وغيرها, زد على أن محافظة القنيطرة قد استحدثت لاحقاً في العام 1964م أي قبل الاحتلال الإسرائيلي للجولان بثلاث سنوات فقط, وهو عامل آخر حال دون استكمال أعمال مسح وتنقيب كانت قد بدأ ت سابقاً وكشفت عن تعاقب استيطاني في الجولان منذ عصور ما قبل التاريخ, أي منذ العصور التي سبقت ظهور الكتابة في أواخر الألف الرابع ق.م . على ضوء هذه الأسباب تقلّ المعلومات التفصيلية المتعلقة بكل موقع على حدة, لذا سنتحدث فيما يلي عن منطقتي بانياس وفيق بشيء من التفصيل, ثم نقوم بتعداد باقي المواقع الأثرية التي تزيد عن 170 موقع ضمن حدود منطقة القنيطرة.
بانياس:
تقع على السفوح الجنوبية لجبل الشيخ في الشمال الغربي من الجولان, وينبع من أراضيها نهر بانياس الذي يرفد نهر الأردن. يعود تاريخ المدينة المعروف إلى منتصف الألف الأول ق.م , فقد سيطر عليها الأنباط في القرن الرابع ق.م, ثم انتزعها منهم السلوقيون فدخلت ضمن منطقة الصراع بين السلوقيين وبطالمة مصرالذين طمعوا بدورهم في السيطرة على فلسطين والساحل السوري. إلا أن أنطيوخوس الثالث استطاع في العام 198 ق. م تحرير سوريا من النفوذ البطلمي عندما انطلق بجيوشه عبر جبال طوروس ومنها إلى آفاميا فبانيون أي بانياس, أما الاسم بانيون الذي أطلقه السلوقيون على المدينة فينسب إلى الإله بان, إله الرعي والغابات والمواشي عندهم, وقد شيّدوا له هيكلاً في المغارة التي تعلو نبع بانياس. لكن اسم المدينة في العصر اليوناني قد أصبح في العام 4 ق.م قيسارية فيليبّوس, إذ أن فيليبّوس ابن هيرودس الأول قد جعلها عاصمة إقليمه عندما حصل على لقب تيتراخوس الجولان وبيسان. ويرد هذا الاسم في إنجيل متّى عندما يتحدث عن قدوم السيد المسيح إليها.وقد ظلت هذه التسميه قائمه الى أن جعلها هيرودوس الثاني نيرونياس على اسم الامبراطور الروماني نيرون إلا أنها عادت لتسميتها السابقه بعد موت نيرون. وفي العهد البيزنطي دخلت المدينه في الديانه المسيحيه, وجعلت في القرن الرابع الميلادي مركز أسقفيه, ثم دخلت في العهد الإسلامي بعد فتح سوريا عام 636م وسادها الاستقرار حتى بداية الحروب الصليبيه فتناحر المسلمون والصليبيون على المدينه والقلعه القريبه منها الى أن جعلت خرابا مع الكثير من المواقع القريبه منها,وتحولت تلك المدينه الزاهره بعد هذه المرحله الى بلدة صغيره بعد أن فقدت أهميتها.وفي العصر الحديث كانت قبل العام 1967م تتبع لناحية مسعده ويسكنها 1125 نسمه. لقد جرت التنقيبات في المدينه منذ الخمسينات من القرن العشرين , وتم العثور على قطع من الفسيفساء, وخواتم نقش على بعضها صورة الالهه ديانا الهة الصيد عند اليونان, وعلى بعضها الآخر نقوش تعود الى العصر الاسلامي المتأخر, كما وجد نقش محفور على أحد الابواب يقول: " أمر بعمارة هذا الثغر المبارك الامير الكبير الموفق الغازي في سبيل الله ناصر أمير المؤمنين سنة سبع وستون وخمسمائه. صنعه أبو الفضل " . كما اكتشفت في بانياس حلي ذهبيه بينها ست أساور ذهبيه مرصعه بالأحجار الكريمه وثوب من البروكار بقيت عليه الخيوط الذهبيه, بالاضافه الى ذلك كشفت مجموعه نمن القطع النقديه من العهود السلوقي والبطلمي والروماني والبيزنطي والاسلامي, وكان من بين النقود الرومانيه ما يحمل بالاضافه الى صور الآلهه بان وأبولون وديانا, كان هناك قطع نقديه تحمل صورة زوجة نيرون وابنته. وقد أصبحت هذه المكتشفات من مقتنيات المتحف الوطني في دمشق. أما آخر التنقيبات التي جرت في بانياس قبل الاحتلال الإسرائيلي فكانت في العام 1965م , وجد على أثرها مدافن محفورة في الصخر قرب البلدة, وتابوت حجري في أحد البساتين القريبة يحوي على تمثال نصفي لسيدة بالحجم الطبيعي على شكل ميدالية من البرونز يعود تاريخه إلى القرن الأول الميلادي, وقد أطلق عليه المنقبون لقب أميرة بانياس, وهذه الآثار أيضاً من مقتنيات متحف دمشق. أما بالنسبة للأواني الزجاجية المكتشفة في بانياس فهي محفوظة في متحف الآباء الفرانسيسكان في الناصرة.
أخيراً فإن هذه التنقيبات أظهرت على أن المنطقة الواقعة إلى الغرب من المغارة كانت تؤلف المركز الديني للمدينة, وفيه مجمع يضم معبد لحوريات المياه وساحة عامة من العصر الروماني, و12 حجرة كانت مقببة ومزينة بالفسيفساء من العصر البيزنطي. هذا وقد تحولت بلدة بانياس بعد الاحتلال الإسرائيلي إلى منطقة سياحية بعد أن خلت من سكانها. وقد أجرى الإسرائيليون في السنوات الأخيرة حفريات أثرية للكشف عن المدينة القديمة.
قلعة الصبيبة:
يطلق عليها أيضاً قلعة النمرود دون الإحاطة بمصدر هذا الاسم وتاريخه. وهي قلعة حصينة تقع شمالي مدينة بانياس فوق تل طبيعي تأخذ شكله في بنائها. ترتفع عن سطح البحر 816م , وعن مدينة بانياس 300 م. يشترك تاريخ القلعة الدفاعي مع تاريخ بانياس كونهما يقعان على منفذ عبور إلى منطقة دمشق, أو بالعكس من دمشق إلى فلسطين. لذلك نجد بعض المؤرخين القدماء قد أطلقوا عليها اسم قلعة بانياس. وقد بناها العرب المسلمون في تاريخ غير معروف بالضبط, فأول الإشارات التاريخية إلى القلعة جاءت على أنها كانت حصناً للأتابك الدمشقي, فقام ظهير الدين تغطكين عام 1126م بتسليمها إلى الإسماعيليين ليجعلهم على صدام مع الفرنجة ويتقي خطرهم عليه, لكنهم قاموا بتسليمها إلى الصليبيين عام 1129م بعد أن اشتد نزاعهم مع الأتابك الحاكم في دمشق. وقد قام الملك الصليبي بلدوين بمنحها إقطاعة لروبنيه بروس وورثته من بعده, لكن ذلك لم يدم طويلاً, إذ أن تاج الملوك بوري قد استعادها في العام 1132م بعد أن صار حاكماً على دمشق, ووضع فيها أحد قواده لكن هذا الأخير قام بتسليمها إلى عماد الدين زنكي صاحب حلب وعدو حكام دمشق اللدود. ولم يستطع هؤلاء استرجاعها إلا عندما قام مجير الدين أبق بن محمد بن بوري بالاتفاق مع الصليبيين على مهاجمة القلعة, واستردوها بالفعل بعد هجوم مشترك في العام 1139م , وأصبحت من جديد تحت السيطرة الصليبية بعد أن طردوا حليفهم مجير الدين المذكور, ووضعوا عليها القائد أنفري الثاني دو تورون نائب ملك القدس, فقام هذا بإصلاح التحصينات في القلعة, لكنه في العام 1164م قد رافق الحملة الصليبية على مصر, فانتهز السلطان نور الدين الفرصة وحاصر القلعة إلى أن سيطر عليها بعد عدة محاولات. وقد عاد الصليبيون في العام 1174م بتطويق القلعة بقيادة الملك أملريك الذي توفي أثناء الحصار فظلت القلعة سليمة بأيدي العرب إلى العام 1219م حيث قام المعظم أمير دمشق بهدم تحصيناتها خوفاً من استيلاء الصليبيين عليها, وجعلها قاعدة لهجماتهم على دمشق بعد النجاح الذي أصابوه في الحملة الصليبية الخامسة على المنطقة. وقد تم ترميم القاعة بعد ذلك من قبل العزيز عثمان إلا أن هولاكو ملك التتار أمر بهدمها عندما اجتاح سوريا, وظلت هكذا حتى قام الظاهر بيبرس في العام 1260م بترميمها من جديد, وأنشأ منارة لجامعها, وبنى داراً لنائب السلطنة, وجسراً يوصل إلى القلعة. لكن القلعة قد فقدت أهميتها بعد وقت قصير عندما زال الخطر الصليبي, وآلت أجزاؤها إلى خراب مع مرور الزمن. وآخر ما يذكر عن القلعة أن الأمير إسماعيل الشهابي حاكم حاصبيا قام بإصلاحها وسكن فيها فحضر إليه والي دمشق عثمان باشا الصادق الكرجي وحاصره إلى أن سلّم القلعة, فقام عثمان باشا بنهبها وهدمها للمرة الأخيرة.
تعتبر هندسة هذه القلعة نموذجاً لعدد من القلاع التي شاع انتشارها في تلك الحقبة التاريخية. بنيت جدرانها من الحجر الكلسي بسماكة أربعة أمتار, وزودت أسوارها بأربعة عشر برجاً دفاعياً, بعضها مربع الشكل, والبعض الآخر مستدير. وحوت بداخلها خزان ماء كبير للشرب ومخازن, إضافة إلى المسجد والمرفقات السكنية والدفاعية. وقد كان للقلعة مدخلاً وحيداً من جهة الجنوب محاطاً ببرجين دفاعيين على شكل مربع.
منطقة فيق :
تقع مدينة فيق فوق مرتفع بركاني يطل على الشاطئ الغربي لبحيرة طبريا. استوطنها القدماء من البشر, لكنها بدأت تتحول إلى مدينة منذ قدوم الآراميين إليها, وقد سبق وأن نوّهنا لأهمية موقعها كمنفذ جغرافي على طريق التجارة المحوري بين فلسطين والعمق السوري منذ الألف الثاني ق.م, هذه الأهمية ظلت ماثلة على مدى العصور الفاصلة بين حقبة الاستيطان الآرامي وبداية الفتوحات الإسلامية لبلاد الشام. زد على أنها قد اتخذت أهميتها العسكرية منذ عهد الصراع السلوقي البطلمي, فقد كانت شريكاً في اتحاد المدن العشر (ديكابوليس) أيام الدولة النبطية. لقد صكت مدينة فيق نقوداً خاصة بها, وتنتشر فيها أنقاض العمائر الأثرية على مساحة واسعة. يقوم في جنوب البلدة القديمة تل فيق الأثري بحجارته البازلتية السوداء, والأعمدة والتيجان الأيونية والكورنثية المزخرقة. كما يوجد في الاتجاه نفسه قصر العلّية, وهو بناء إسلامي تتناثر في محيطه الأنقاض الأثرية المنقوش على بعضها كتابات يونانية وعربية كوفية. وقد وجدت بعض اللقى الأثرية من مصنوعات زجاجية وحلي ذهبية محفوظة حالياً في المتحف الوطني بدمشق.
وعلى مقربة من المدينة تقوم قلعة الحصن فوق تل طبيعي يبعد 2 كم عن شاطئ بحيرة طبريا. يحيط بالقلعة من جهاتها الشرقية والشمالية والجنوبية خندق عميق محفور في الصخر. شيّد مدخلها من الحجارة البازلتية, وتتميز القلعة بوجود عدد من الأبراج المربعة فوق سورها الخارجي للرصد والمراقبة. تضم في داخلها منشآت قديمة بقي منها أجزاء من أعمدة بازلتية مع قواعدها وتيجانها, وعدد من الأضرحة فوق بعضها البعض مصنوعة من الرخام أو من الحجارة البازلتية. ولم يعثر فيها على كتابات تشير إلى تاريخ بناء القلعة, لكن الاعتقاد السائد أنها تعود إلى العصر الروماني.
وإلى الجنوب من مدينة فيق على الضفة اليمنى لنهر اليرموك منطقة بركانية تتفجّر فيها عدة ينابيع معدنية حارة, أقام الرومان عليها ثلاثة حمّامات حسب مبدئهم في تقسيم الحمّامات العامة الى قسم حار, ثم قسم معتدل, ثم قسم بارد. فخصصوا قسماً لأهم ينابيع الحمة حرارة , وتسميته الحديثة (المقلي) لأن درجة الحرارة فيه تصل إلى 49 درجة مئوية, أما القسم الثاني فيدعى (البلسم) ودرجة حرارة الماء فيه 40 درجة, وتصل درجة الحرارة في القسم الثالث ( الريح) إلى 36 درجة. وهناك تل يتوسط منطقة الحمّة على سطحه مدرج مؤلف من 15 صفاًُ من حجر البازلت, يستوعب حوالي 1500 شخص, وتشير استدارة هذا المدرج على شكل ثلثي دائرة إلى أنه يعود للعهد اليوناني.
مواقع أثرية جديدة:
في العام 1964م استحدثت محافظة القنيطرة, وقسمت إلى ست مراكز ناحية. سنعدد هنا المواقع الأثرية التابعة لكل ناحية على حدة, دون الخوض في التفاصيل لكثرة هذه المواقع. ولكن يجب أن ننوه أولاً إلى أن معظم هذه الآثار تقبع داخل القرى التي كانت مأهولة حتى العام 1967م, لذلك تم استخدام الأسماء الحديثة لهذه القرى كون الكثير من هذه المواقع لم تنقب, ولم يتم التوصل إلى أسمائها الحقيقية في الحقب التاريخية التي شيّدت فيها.
ناحية البطيحة

ناحية خان أرنبة
ناحية مسعدة
ناحية الخشنية
ناحية القنيطرة
ناحية فيق
دير عزيز جبا
بقعاثا
أم خشبة
أحمدية
أم خيط
عين العبدالله
بيدر وسن
البطحية
باب الهوى
أبو مدوّر

الكرسي

جباثة الزيت
تنورة
الثلجيات
البجورية
كنف
حسينية
دير مفضل
جرابا
برج المنطار

حفر
الرفيد
دبورة
البردويل

الحمراء
الرمثانية
دلوة
تليل


الدوير
السلوقية
دير الراهب
جديه

سحيتا
السويسة
رسم سند
جرمايا

سكيك
شبه
سنابر
الجرينة

السماقة
العشة
صير الخرفان
الجوخدار

صعار
الفرج
ضابية
جيبين

عين قنيا
قرقس
العدنانية
حوتيه

القلع
القصيبة
الشيخ مرزوق
حيتل

كريز الوادي
الهجّه
عين الباشا
خسفين

مجدل شمس
اليعربية
عين السمسم
الخشاش

المغير
مقبرة الزوانين
غدير النحّاس
دبوسية

قبة قرعة
الغسانية
رسم بلوط

قصرين
زاكية

كفر نفّاخ
ساعد ونطاح

المجامع
سكوفيا
المراوي
الشعبانية
نعران الغربية
شكوم
الشيخ خضر
صفورية

الصفيرة
العال
العامرية
كفر حارب
لاوية

مابرة
مجدولية
ماب

الناصرية

الياقوصة




مراجع البحث
1- أباظة, عصام – شيشكلي, هشام: الجولان – دمشق 1975.

2- أبو عساف, علي: الآراميون تاريخاً ولغة وفناً – دار الأمانة 1988.

3- أبو عساف, علي: فنون الممالك القديمة في سوريا – دار شمأل 1993.

4- المعلوف, عيسى اسكندر: دواني القطوف – تحقيق عقبى زيدان – دار حوران 2003.

5- المعجم الجغرافي للقطر العربي السوري: طباعة المؤسسة العامة للمساحة – دمشق 1992.

6- دائرة المعارف الإسلامية: المجلد السابع – دار المعارف بيروت.

7- رائف العابد, مفيد: سوريا في عهد السلوقيين – دار الشمال 1993.

8- ساطع, أكرم: القلاع والحصون في سوريا – دار دمشق ومكتبة أطلس 1992.

9- سلوم, عبد الحكيم: درر البيان في تاريخ الجولان – دار النمير 2002.

10- شوماخر, جوتليب: الجولان – ترجمة منير كنعان – مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية.

11- عمارة يحيى, حسين: تاريخ وادي التيم والأقاليم المجاورة – ينطا 1985.

12- وولفغانغ, مولر: القلاع أيام الحروب الصليبية – ترجمة محمد وليد الجلاّد, سعيد طيان – دار الفكر 1984.

محمود أحمد درويش
02/04/2009, 02:19 AM
شكرا على الموضوع المتميز عن آثار الجولان المحتل
وليت المنتدى يتبنى حملة للكشف عن الممارسات الصهيونية تجاه المواقع الأثرية بالجولان
ومن المؤكد أن العدو الصهيوني قد قام بنهب المواقع الأثرية بها كما سبق ذلك في سيناء ويقوم العدو الأمريكي حاليا ومنذ عشرين عاما بنهب آثار العراق وليس بخاف ما قاموا به من تدمير للمواقع التاريخية والأثرية بافغانستان وقد شاهدنا العالم عندما تحرك بعد تدمير طالبان لتماثيل بوذا فيما لم نجد ذلك عندما دمرت آلاف المواقع الأثرية بأفغانستان أثناء الاجتياح الأمريكي وما تم من نهب وتدمير للمواقع الأثرية بالعراق والذي يستمر حتى الآن
أما ألاثار الفلسطينية فالجريمة واضحة للعيان في ظل صمت عربي مريب
هل يمكن أن يتبنى المنتدى حملة ضد الممارسات الصهيونية تجاه المواقع الأثرية والمتاحف بفلسطين والعراق وأفغانستان والجولان
لكم تحياتي

نضال الشوفي
04/04/2009, 11:40 AM
أخي د. محمود
أهلا بك وباقتراحك القيم الذي أرجو أن يتحقق
أما بالنسبة للموضوع فقد قمت بإعداده منذ العام 2004 م، ونشر في جريدة تشرين، وبعض المواقع الإلكترونية، لذلك أحسب بعض المعلومات الواردة فيه بحاجة إلى الاستزادة أو التجديد، لأن البحث والتنقيب، كما تعلم، يقدم لنا دائما المزيد من المعلومات، علّي أستطيع لاحقا المثابرة للحاق بما يجري على أرض الواقع، وفي الحقيقة كنت أأجل النشر في موضوع علم الآثار في هذا المنتدى لنفس السبب، لكن وللأسف صادفت سطوا على هذه المادة قام بها موقع القنيطرة على لسان مدير آثار القنيطرة، وأستاذ مدعي آخر، مما جعلني أعجل في نشر الموضوع كما هو هنا، ذلك بعد مراسلتي للموقع المذكور لأطالب بحقي دون أي رد، أو تجاوب يذكر.
أعتقد أننا نحن العرب على وضعنا الراهن نشجع تلك الممارسات التي ذكرتها حول سرقت وتدمير أثارنا،
" فلا يلام الذئب في عدوانه إن يكو الراعي عدو الغنم "
د. محمود أشكرك على هذا الاهتمام
دمت