المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حذف وإثبات ألف ظالم وظالمة



أبو مسلم العرابلي
06/04/2009, 10:41 AM
الكلمة السابعة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف ظالم
الظالم هو الذي مد نفسه بحق غيره أو حوله إلى غيره، وعلى ذلك فقد ثبتت ألف ظالم في المواضع الخمسة التي ذكر فيها الظالم المفرد المذكر؛
في قوله تعالى: (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (75) النساء.
وفي قوله تعالى: (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) الكهف.
وفي قوله تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَـاـلَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً(27) الفرقان.
وفي قوله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَـاـبَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) فاطر.
وفي قوله تعالى: (وَبَـاـرَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَـاـقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ (113) الصافات.
أما القرى الظالمة فد وردت أربع مرات؛ أثبتت ألفها في ثلاث مواضع؛ وحذفت في موضع واحد؛
وفي قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَـاـلِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ(102) هود
وفي قوله تعالى: (وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا ءاخَرِينَ(11) الأنبياء
وفي قوله تعالى: (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـاـهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ(45) الحج
وفي قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ(48) الحج
وكم من قرية كانت ظالمة أي قائمة بالظلم وكأين من قرية أمليت لها أو أهلكناها وهي ظالمة أي كانت على الظلم فاعلة له أي هي مدت عبادتها إلى غير الله فأشركت به وعصت أمره فأهلكها لذلك ثبتت ألف المد فيها ولولا هذا المد في الظلم لما هلكت.
أما آية هود ففيها شرط إذا أخذ القرى وهي ظالمة فهذه القرى لم تتعين ولا تؤخذ بأخذ أليم شديد حتى تكون ظالمة فقيام الظلم فيها ليس محققًا وإنما هو تمثيل لما يكون بما قد كان فسقطت ألف المد منها في هذا الموضع فقط.
أما الظالمون بصيغة الجمع؛ فقد ورد (33) مرة مرفوعًا، و(91) مرة منصوبًا أو مجرورًا؛ وقد أسقطت الألف على قاعدة تساوي أفراد الجميع، إلا إذا وردت قرينة بخلاف ذلك؛
كما في قوله تعالى: (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَـاـلِمُونَ (51) البقرة
وفي قوله تعالى: (وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّـاـلِمِينَ (35) البقرة
وأثبتت ألف الظالمين في موضعين وحيدين مضافين؛
في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّـاـهُمُ الْمَلـاـئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَـاـهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا (97) النساء.
وفي قوله تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّـاـهُمُ الْمَلـاـئِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) النحل.
والعلة في ثبات الألف؛ أن ظلم الظالمين الذين تتوفاهم الملائكة قائم فيهم وقت الوفاة، وأنه لم يكن هناك تساو بينهم في زمن الوفاة، ولا مكان الوفاة، فكل واحد منهم له زمنه ومكانه الذي يتوفى فيه. فهم متفرقون في أزمنة كثيرة، وأماكن متباعدة كثيرة، وعلى ذلك كان إثبات الألف في هذين الموضعين من صيغ الجمع فقط.
وحذفت الألف في اسم الفاعل بصيغة المبالغة (ظلاَّم) في أربع مواضع،
في قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلـاـئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَـاـرَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلَّـاـمٍ لِّلْعَبِيدِ (51) الأنفال.
وفي قوله تعالى: (ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَـاـمَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّـاـمٍ لِّلْعَبِيدِ (10) الحج.
وفي قوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَـاـلِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـاـمٍ لِّلْعَبِيدِ (46) فصلت.
وفي قوله تعالى: (قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّـاـمٍ لِّلْعَبِيدِ (29) الحديد.
في هذه المواضع نفي بوقوع الظلم من الله عز وجل، والظلم إنقاص للحق وصرفه لغير صاحبه ومن لا يستحقه؛ لذلك سقطت ألف المد منها لأن هذه الصفة ساقطة من صفات الله تعالى، وجيء بها انفيها،
وكل هذه الآيات تعلقت بيوم القيامة؛ يوم يكون الحساب العظيم، وينتهي أمر حساب الناس فيه، ويعرف كل واحد ما له وما عليه، أي عند الانتهاء من الحساب وتقدير الأعمال، وبعد ذلك إما إلى جنة وإما إلى نار.
وأثبت ألفه في موضع واحد فقط؛
في قوله تعالى: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ (182) آل عمران.
أما ثباتها في آل عمران فلأن الحديث فيها في زمن الدنيا؛ فقد جاء قبلها (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ(181) آل عمران؛ فقد سمع الله قولهم ذلك في الدنيا، وكتابة قولهم في الدنيا، وقتلهم الأنبياء في الدنيا، ونقول ذوقوا عذاب الحريق هو انتقال إلى التهديد والوعيد، ثم كمل التهديد والوعيد بشدة ذلك بما قدمت يداك، وأن الله ليس بظلام للعبيد، فالنفي هنا تطلب نفيًا دائمًا مستمرًا؛ لأن الدنيا لم تنته بعد، للناس في الدنيا لم ينته وقيام الآخرة، وحساب الناس، وعقاب الله للكافرين لم يأت بعد؛ فثبتت لذلك ألف المد فيها؛ لأنه نفي للظلم في زمن من مضى، وزمن من حضر، وزمن من سيأتي بعد ذلك إلى قيامة الساعة.
ومن مادة ظلم؛ "ظلمات"؛ وقد وردت في (23) موضعًا، وجميعها بحذف الألف على قاعدة تساوي أفراد الجمع بينهم، ما لم ترد قرينة على خلاف ذلك؛
كما في قوله تعالى: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَـاـتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ (17) البقرة.
والله تعالى أعلم.