المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشعب الشيشاني شهيد الإسلام



نبيل الجلبي
10/04/2009, 01:08 AM
الشعب الشيشاني شهيد الإسلام

عبده مصطفى دسوقي
باحث تاريخي وطالب ماجستير في التاريخ الحديث

عاش هذا الشعب منذ أن دخل الإسلام أرضه عيشة كريمة فأصلحوا أنفسهم بالإسلام، وأداروا حياتهم بالإيمان ودافعوا عن أرضهم بحب الجهاد وجعلوا ميدانهم الأول أنفسهم فانتصروا عليها.
عرف شعب الشيشان بأنه شعب يحب العزة والاستقلال ويأبى الاستعمار فهو شعب آمن بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلي الله عليه وسلم نبيًا ورسولاً، وتفانى في الدفاع عن إسلامه حتى ضرب أروع الأمثال وذكرنا بصحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم في التجرد والتضحية.
لقد كان للبيئة التي يعيشون فيها مكانة كبيرة في نفوس سكان الشيشان والتي أثرت في حياتهم بشكل كبير حيث وفرة الأنهار والغابات والتي تعتبر حصناً حصيناً لهم ضد هجمات أي عدو ويعتبر البترول الدعامة الكبرى للاقتصاد الشيشاني وتقع أكبر مصانع تكرير البترول في العاصمة جروزني، حيث كان يتم تصدير البترول عبر أنابيب تصل شاطئ بحر قزوين، وكانت تنتشر أيضًا الصناعات الغذائية وقطع الأخشاب، ويعد الفحم والغاز الطبيعي أهم الثروات الطبيعية لدى الشيشان بعد البترول، كما تحتل زراعة الفاكهة مكانة واضحة بين الإنتاج الزراعي المختلف.وبالرغم من ذلك فإن مستوى المعيشة لشعبها ظل منخفضاً.
وتعتبر الشيشان بجبالها الوعرة وغاباتها الكثيفة من المناطق التي لم تخضع عبر التاريخ لأي غاز وقد دخل الإسلام الشيشان في بداية القرن السابع عشر، على يد دعاة من جمهورية الداغستان ومنذ اعتناقهم للإسلام أصبحوا أكثر شعوب شمال القوقاز تمسكًا بدينهم فلا قياصرة النصرانية استطاعوا تنصيرهم ولا الشيوعيون نجحوا فى إبعادهم عن دينهم رغم اضطهادهم.
الشيشان في سطور
تقع جمهورية الشيشان في الأطراف الشرقية لمرتفعات شمال القوقاز.
العاصمة جروزني.
يحدها من الجنوب جورجيا ومن الغرب أوسيتيا الشمالية، ومن الشرق داغستان.
يغلب عليها الغابات الكثيفة التي يقطعها عدد من الأنهار الصغيرة العميقة السريعة التي تنبع من الجبال.
تتكون الشيشان من 12مقاطعة و4مدن رئيسة.
تركيبة سكانها من الشعب الشركسي والآفار.
يمتاز السكان بطولهم ونحافتهم وقوة بنيتهم، ووسامتهم وشجاعتهم وحضور البديهة.
يعتبر كرم الضيافة واجبًا مقدسًا عندهم.
اللغة الشيشانية تحتوي على ألفاظ عربية وفارسية وتركية وروسية هي لغة البلاد.
الشعب الشيشاني يتبع المذهب الشافعي، ولقد انتشر الإسلام فيها عن طريق الطرق الصوفية مثل النقشبندية والقادرية.
الأطماع الروسية
مع معرفة الشعب الشيشاني للإسلام عرفوا العزة بالجهاد، فلم يعطوا الدنية في دينهم يوماً ما حيث تعرضوا لحملات شديدة من الاضطهاد، إلا أنهم صبروا واحتسبوا لله، وتصدوا للأطماع الروسية في القوقازحيث استولوا على قلعة باردا في ألبانيا القوقازية، غير أن التاريخ يشهد بأن روسيا القيصرية لاقت إبان زحفها على القوقاز مقاومة عنيفة من قبل "الأديج" الشركس والشيشان والداغستان حتى ظهر في عام 1785م على ساحة الجهاد الشيخ منصور "الشيشاني" والذي التف حوله الآلاف من الشيشان، وكان شعاره "تطهير النفس على أسس وقواعد الشريعة الإسلامية والدعوة إلى الحرية" غير أنه وقع في الأسر ونُكِّل بأصحابه.
وقد أثمرت هذه الحركة حركة أخرى بقيادة الإمام غازي محمد الداغستاني، وبعد استشهاده تولى الإمام شامل القيادة منذ عام 1834 حتى 1889م والذي ألف جيشًا للبلاد قوامه 25 ألفًا من الرجال استطاع أن يصمد حوالي 30 عامًا أمام قوات القيصر المتفوقة في العدد والعدة إلى أن استسلم الشيشانيون بعد أن وجه لهم القيصر الروسي "باريافسكي" جيشًا قوامه 200 ألف رجل فهزم الإمام شامل في معركة "عونتيب" عام 1859م.
صمود شعب
وكان الجنرال "ألكسي يرملوف" 1818- 1827م قد طبق سياسة الأرض المحروقة والقسوة، غير أنه فشل في إخضاع الشيشان. إلى أن حاول "بطرس الأكبر" الاستيلاء عليها في عشرينيات القرن الثامن عشر وفشل، ثم حاولت الإمبراطورة "كاترين الثانية" في أواخر القرن الثامن عشر وفشلت أيضاً أمام صمود الشعب الشيشاني تحت قيادة الإمام منصور ثم الإمام غازي ومن بعده الإمام شامل والذي تعرض لحملتين من قبل دولة القياصرة الروس، فقد جاءت الحملة الأولى باسم حملة "دارجو الأولى" عام 1842م غير أنها هزمت.
ثم حملة "دارجو الثانية" عام 1845م والتي بلغ قوامها 18 ألف رجل فلم يعد منها سوى أقل من خمسة آلاف ونصفهم جرحى، وظل الحال على ذلك حتى هُزم الإمام شامل عام 1859م. وبحلول عام 1860م تم إخضاع بقية القوقاز عدا الشراكسة حتى تم ذلك في عام 1862م، حيث تم طرد حوالي 600 ألف شركسي من بلادهم والتي استوطن بها رعايا من الروس بدلا منهم.
وبعد قيام الثورة البلشفية في فبراير 1917م وسقوط القيصر وسيطرة الشيوعيين على مقاليد الحكم بدأت مرحلة جديدة من الاضطهاد ضد الشيشانيين، وأصبحت الدماء تجري كالأنهار، وقد اضطر ستالين لتهجير أكثر من نصف مليون شيشاني عام 1939م عن أراضيهم، غير أن الشعب لم يستسلم لذلك أيضاً وظل يناضل وعندما انضم الشيشانيون إلى الجيش السوفييتي برزت براعتهم القتالية وشكلوا فرقتين للفرسان هما الفرقة 114 والفرقة 25 فى الجيش السوفييتي، غير أن السوفييت لم يراعوا ذلك وقاموا بطمس معالم الأمة الشيشانية عن طريق التهجير والقتل، وطمس تاريخهم ومحاربة المجاهدين منهم ومنذ عام 1947م والشيشانيون في صدام وحرب ضد الدولة البلشفية.
بطل الاستقلال
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991م عملت كل جمهورية من الجمهوريات السوفيتية على الاستقلال ومنها الشيشان ففي يوم 6 سبتمبر عام 1991م استقال الجنرال جوهر دوداييف قائد القوات الجوية السوفيتية في جمهورية إستونيا وعاد إلى العاصمة جروزني ودعا للثورة ضد السوفييت، وفي 27 أكتوبر من نفس العام جرت أول انتخابات رئاسية في الشيشان والتي أجمع فيها الشعب على البطل المسلم جوهر دوداييف، واستقل الشعب الشيشاني أول نوفمبر من نفس العام.
وأمام مجريات هذه الأحداث لم تقف روسيا صامتة فحركت قواتها، غير أن الشعب الشيشاني تصدى لها وأعادها خائبة، لكن الرئيس الروسي السابق "بوريس يلتسين" سرعان ما حرك الجيوش مرة أخرى عام 1994م بعد انعقاد قمة دول الكومنولث في 10-4-1994م والتي ضمت 12 دولة مستقلة عن السوفييت، وكسبت فيها روسيا تأييداً لدورها كقوة للحفاظ على ما يسمى بالسلام داخل الاتحاد السوفييتي السابق ولحماية الحدود الخارجية لدول آسيا الوسطى وأيضاً لإيجاد جبهة مضادة لأمريكا وحلف الأطلنطي.
وكانت هناك بعض العوامل والأسباب التي دفعت روسيا لغزو الشيشان منها أن استقلال الشيشان سيعطي الفرصة لغيرها من الجمهوريات في الاستقلال، كما أن هذه الدولة ثرية بالنفط والمعادن التي في باطنها علاوة على أن بها أكبر المحطات النووية والتي تمد روسيا والقوقاز بالطاقة الكهربية، أضف إلى ذلك الانهيار الاقتصادي للاتحاد السوفيتي السابق والصدمة النفسية للروس بعد المجد الزائل والانهيار الأمني وسيطرة النزعة الانفصالية.
من أجل ذلك قامت الحرب الروسية ضد الشيشان تدعمها المعارضة الشيشانية، غير أن القوات الشيشانية بقيادة دوداييف شنت هجومًا مضادًا بددت فيه شمل القوات الروسية وقتلت وأسرت أعدادًا كبيرة، غير أن الرئيس الروسي حدد للشيشانيين وقتها يومين لتسليم سلاحهم ولكن قبل مرور ساعتين من الإنذار كانت القاذفات الروسية تهاجم شعب الشيشان، وبدأت إبادة شعب بأسره.
لقد أعلن الرئيس جوهر دوداييف استعداده للتفاوض مع ممثلي الحكومة الروسية في أي مكان تريده لتجنب سفك الدماء بشرط عدم التخلي عن استقلال البلاد ومن ثم فشلت المفاوضات وتعهد بافيل جراتشيف وزير الدفاع الروسي بالقضاء على المقاومة الشيشانية، غير أن المقاومة ظلت متمسكة باستقلال بلادها والولاء للإسلام. ولقد عانى الجنود الروس المشاركون في القتال من الانهيار التام في روحهم المعنوية بسبب الخسائر الفادحة التي تعرضوا لها حتى هزموا شر هزيمة عام 1996م لكن سرعان ما عادت القوات الروسية لشن حرب إبادة جديدة ومازالت متواصلة.. ولا يعلم إلا الله متى تنتهي .

عن موقع رابطة ادباء الشام