المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حبنظل بظاظا الحلقة الرابعة



محمد مزكتلي
10/04/2009, 10:15 PM
حبنظل بظاظا(4)
مكتب عصري فاخر يدل أثاثه على الترف والثراء,خلف الطاولة ثلاث كراسي جلس عليها كل من الخنزير والببغاء والحرباء.
الخنزير...وراء كل امرأة عظيمة رجل ذكي,وأنا أول من قالها لكنهم سرقوها مني ونسبوها إلى محارب فرنسي.
لايهم ..فاليسرقوا ما يشاؤون,فأنا قائل ألاف المواعظ والحكم.
أنا مدرسة الحياة,وملهم الحضارات,وأنا منهاج الشعوب والأمم.
وإن دل فعلهم هذا على شيئ فإنه يدل على أنهم أذكياء.
وأنا أحب الذكاء,وأحب الأذكياء,الذين يتتبعون خطى العظماء.
الأذكياء الذين ينسون بسرعة كل ما فات,ويفكرون فقط بالحاضر وبالغد الاّت.
الغد الصاعد..الغد الواعد هو ما يجب أن نفكر فيه في حاضرنا.
ونوصل حبالنا حبال من يمكن أن ينفعنا.
هذا منطق الحياة..وهذا منطق النجاح,وأنا أحب النجاح وخاصة هذا الذي لا يستدعي الكفاح.
أحب النجاح لأنه حلو,وكل شيئ حلو تهواه نفوسنا النبيلة.
المنزل الفاخر,السيارة الفارهة,والمرأة الجميلة..خاصة المرأة الجميلة.
إنها سلاح كل عصر..سلاح فتاك لا يخطئ ولا يهزم ولايستكين.
فكم من رجال هدّوا الجبال ركعوا أمامها ليقبلوا يديها الناعمتين.
والجيوش الجرارة لا تقدر أن تفعل ما يفعله سحر جاريتي عسل التين.
نعم أيها السادة .فمرة فتن علي أمير الدرك وشكاني إلى السلطان المعظم
بأنني أدير شبكة للدعاره والقمار وتجارة الحشيش والأرهاب المنظم.
لكن عسل التين دافعت عني أمام السلطان وبرأتني من كل التهم.
فألقي بأمير الدرك في السجن جزائاً وفاقا لمى أبداه من غباء وفدم.
ونصبت أما في مكانه لما أتمتع به من فضائل الخصال والشيم.
صحيح أن الناس لقبوا أميرالدرك بالقائد العظيم لكنه الأن غارق في ظلام السجن وأنا غارق في النعيم.
الناس أيها السادة ينسون بسرعة,لأن ذاكرتهم ضعيفة.
وأنا أعينهم على هذا بقليل من التلميع والتجميل والأقنعة المزيفة.
ولم أعدم أحد أجهد نفسه وآعيا قلبه وزور في كتب التاريخ السخيفة.
ليمد سلسلة نسبي ويصلها بأحد الأنساب الشريفة.
وأصبحت لا أمير الدرك فحسب,بل نبيلاًً أيضا صافي العرق والنسب.
ورحم الله أمي دليلة سليلة الحسب والنسب.
الحرباء:
لاتضحكوا أيها السادة,فالضحك مذموم إن كان من دون سبب.
فإن أمي لها فضل كبير على الأنسانية,لأنها قدمتني إليها بلا مقابل وبلا أنانية.
فالنسوة العظيمات من أمثال أمي هن اللاتي يغيرن وجه الحياة ويقدن البشرية.
والعالم عرف أقدارهن فأقام لهن التماثيل الذهبية وخلد جماهلن بأوصاف أسطورية.
وسمى مغامراتهن بأسمائها الحقيقة.
فهي كما تقول كتب التاريخ طموح عظيم لنساء عظيمات.
وأنا مدين لنجاحي لهؤلاء النسوة العظيمات.
فكم من أمرأة قدمت لي في بساطه ويسر وكرم طبيعي أجلَّ الخدمات.
وكأنهن ينتظرن الفرصة السانحة ليكن عظيمات.
حتى بت أؤمن بأن العظمة في المرأة هي غريزة كامنة تنتظر من يفجرها.
لتنطلق كالسيل الهادرمفصحة عن نفسها معربة عن وجودها.
وهنا أود أن أخبركم بأن ليس كل الرجال صالحين لمثل هذه المهمات,بل هم قلة نادرة لديها الأستعداد الفطري لتطفوا فوق سطح الحياة.
دون أن يخدش وجوهها الزبد المتطاير حولها.
ودون أن تلتفت إلى الموج المتكسر عند أقدمها
وهنا أسئلكم أيها السادة,هل فيكم من له أم مثل أمي؟..همم.
هل فيكم من له جارية مثل جاريتي ؟..همم,بل هل فيكم من عرف صداقة كصداقتي؟.
صداقه حقيقية الصداقة التي تكون بين الأصدقاء وأنتم جميعا تعرفون ما هي الصداقة التي تكون بين الأصدقاء.
الود الخالص,المنفعة المتبادلة ,والهدف الواحد ,وكل ما عدا هذا..هراء.
فالصداقة من دون هذه الأركان الثلاثة لن يكون لها أي محرك أو دافع.
فالود الخالص لن يستمر طويلا إذا تعددت الأهداف وتضاربت المنافع.
الببغاء:أليس هذا صحيح؟!..أليس هذا صحيح؟.
لاتهزوا رؤوسكم كثيراً فإن هز الرؤوس يسبب مرض الثغاء والمديح,وقد يسبب مرضًاً أخطر و هو مرض الذكر والتسبيح.
وقد يفيدني أنا مادمتم أنتم المصابين بهذا المرض,لكنه لن يفيدكم أنتم كثيرا طالما تهزون رؤوسكم لهذا الغرض.
الخنزير..اّه...تذكرت كنت أحدثكم أيها السادة عن جاريتي الجميلة.
أنكم تعرفونها بلا شك فهي عسل التين العظيمة.
التي كانت دائما وراء الأحداث في حياتي وحياة السلطان.
عسل التين التي أسمها يوقع الرعب في قلوب أعدائها وأعدائي وأعداء السلطان.
نعم أيها السادة إن أعدائي أعداء السلطان,ألسنا صديقين؟,السنا من سلسلة نسب واحدة؟.
ألست رجله المفضل وبيتي هو بيته,وجاريتي هي جاريته؟,وأمي _رحمها الله_كانت صديقته؟.
إذاً فمن أذآني فقد أذى السلطان.
ومن عاداني فقد عادى السلطان.
هذا أول درس تعلمته من عسل التين,وكم من دروس قيمة علمتها لكل من أخلص لها الود وأسلس لها القياد وكان لها دجين.
فهي وحدها صانعة المجد والشهرة,وهي وحدها صانعة النفوذ والقوة وهي وحدها صاحبت القربة والحظوة.
عسل التين التي سماها المأفونون ومن يعجبهم أندفاع الحمقى أمثال أمير الدرك وعلي الزنبق وقائد الفرسان.
الذين نسج حولهم الناس الخرافات والأساطير وعلقوا صورهم القبيحة في كل مكان.
سماها هؤلاء بعسل التين (الأفعى تحت الطين),وأنتم ترون أيها السادة بأنهم ظلموها هؤلاءالمهزومين.
لكنه الحقد الأعمى الذي يغطي القلوب فلا يجعلها تحس أو تلين,
أية أفعى!؟.. وهي التي ينحني أمام يدها البضة كل قائد ونبيل وعظيم ليقبلها في خشوع.
عسى أن ترضى عنه فتفتح له أبواب النعيم.
وللحديث تتمة