المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القيامة



مصطفى ملح
11/04/2009, 03:51 PM
القيامة


لَمْ أَدْرِ ما يَحْدُثُ :

ريحٌ صَرْصَرٌ عاتِيَةٌ ، دَمٌ

على الحائِطِ ، أًبْواقٌ ، يَدٌ تَلْطِمُ

خَدّاً ، قَمَرٌ يَسْقُطُ فَوْقَ العُشْبِ ،

ما يُشْبِهُ دَمْعَتَيْنِ في المِرْآةِ ،

عِشْرُونَ يَداً تَسْرِقُ بَعْضاً مِنْ نُجُومٍ

دَفَنَتْها امْرَأَةٌ في خِزانَةٍ سِرِّيَّةٍ بِقَلْبِها ،

بَابِلُ قَدْ ماتَتْ وأُورْشَليمُ أَيْضاً

وأَنا وأَنْتَ والتَّاريخُ ،

جُثَّةُ هُنا وجُثَّةٌ هُناكَ ،

ثُمَّ فَجْأَةً عاشِقَةٌ مَجْنُونَةٌ تَخْرُجُ مِنّي

لِوِلادَةِ القَصيدَةِ التي لَمْ أَكْتُبْ !




لَمْ أَدْرِ ما يَحْدُثُ :

يَسْقُطُ البَريدُ في مِياهِ النَّهْرِ ،

بَعْدَ لَحْظَةٍ قَصيرَةٍ جِدّاً يَمُرُّ قائِدُ القَراصِنَةْ

يَصْطادُ آخِرَ الرَّسائِلِ التي كَتَبْتُ ،

تَهْرُبُ النَّوارِسُ التي رَبَّيْتُها

تَتْرُكُ أَعْشاشاً وبَيْضاً وَتَفِرُّ ،

قَارَبٌ مِنْ خَشَبٍ يَزْحَفُ كَالثُّعْبانِ ،

سَبْعُ نِسْوَةٍ يَحْمِلْنَني يَرْبِطْنَني يَقْذِفْنَني ،

أَمُوتُ أَحْيى أَتَلاشَى أَنْوَلِدْ

تَفُكُّ قَيْدي امْرَأَةٌ ثَامِنَةٌ

أَحْمِلُ رُوحي وبَقايا جَسَدي وأَخْتَفي

وعِنْدَما يُغادِرُ القَراصِنَةْ

أَخْلَعُ ريشي كُلَّهُ .. وَأُولَدْ !



لَمْ أَدْرِ ما يَحْدُثُ :

قالَ الفُقَهاءُ صَوْتُ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ

يَئِنُّ مِنْ بَعيدٍ كَهَزيمِ الرَّعْدِ ؛

ذُو القَرْنَيْنِ واراهُمْ سِنينَ عِدَّةً في قَفَصِ النِّسْيانِ ،

ثُمَّ اسْتَيْقَظُوا كَاللَّعْنَةِ الغَضُوبِ ..

قالَ الشُّعَراءُ تِلْكَ أَرْواحُ أَدُونيسَ وَ هُوميرُوسَ

تَزْرَعُ الرِّياحَ

رُبَّما جيءَ بِها لِتَكْنِسَ القَلْبَ مِنَ الغازاتِ والأَدْرانِ

والحُبِّ الذي يَذْبُلُ كُلَّ ساعَةٍ

ومِنَ الكُرَيَّاتِ السَّوْداءِ ..

قالَ العُلَماءُ ذَلِكُمْ مُجَرَّدُ اصْطِدامِ غَيْمَةٍ بِأُخْرى ،

حَيْثُ تَعْزِفُ الرُّعُودُ صَرْخَةً كَوْنِيَّةً

وَتَضْرِمُ البُرُوقُ ناراً في حَواسِّ الغَيْمِ

والأَرْضُ تَرْتَجُّ

كَخَصْلَةِ شَعْرٍ يَحُكُّها جُنُونُ الزَّمْهَريرْ ..



لَمْ أَدْرِ ما يَحْدُثُ :

في الخَلْفِ يَدٌ تَدْفَعُني إِلى الأَمامْ
يَصْدِ
مُني مُرُورُ ظِلٍّ مُتَشَرِّدٍ

تَحُطُّ نَحْلَةٌ فَوْقي وَلا يَلْسَعُني إِلاَّ الزَّمَنْ !

يَسْقُطُ مِنّي جَسَدٌ آخَرُ ،

أَجْري مُتَجَنِّباً سُقُوطَ ما تَبَقّى مِنّي ،

تَتْبَعُني أَسْرابُ طَيْرٍ بِمَناقيرَ غَليظَةٍ ،

أَصيحُ أَنْشُبُ الأَظْفارَ في التُّرابِ ،

حَرْبٌ ضِدَّ مَنْ ؟

أيْنَ العَدُوّ ُ؟

سارِقُ الشَّمْعِ مِنَ الأَضْرِحَةِ المَهْجُورَةْ ؟

أَمِ الرِّجالُ حامِلُو المِشْعَلِ في أَرْوِقَةِ الأُوديسا ؟

أَمْ فَأْسُ حَطَّابٍ تُصيبُ الوَعْيَ وَ اللّاوَعْيَ ؟

أَمْ حُكُومَةٌ تَزْرَعُ في حَديقَتي شَتائِلَ الخَوْفِ ؟

أَمِ الصُّدْفَةُ وَ الحَظُّ هُما العَدُوُّ ؟

أَمْ أَنا العَدُوُّ ؟

رُبَّما أَنا العَدُوّْ !

مصطفى ملح - المغرب

غازي سعيد
25/07/2009, 04:56 PM
الشاعر الرؤيوي مصطفى ملح
ما شاء الله
لقد حملتنا الى عالم البرزخ والآخرة
بقدرة لا يحسنها أحد غيرك
لك كل التقدير

أمل الفقها
25/07/2009, 08:40 PM
صور عميقة قوية تصور مشهد العالم الآخر
نجحت في تصويره اجمل تصوير
الله الله على إبداعك أخي
أحيى = أحيا

لا حرمنا الله من إبداعك وألقك
لك خالص التحية

مصطفى ملح
25/07/2009, 10:21 PM
الأخت الشاعرة أمل الفقها
أحيّيك على المرور
وسلمت روحك من جحيم يسعى النص إلى تصويره
بسلطة المجاز الكبيرة
شكرا

أحمد نمر الخطيب
26/07/2009, 12:43 PM
عندما تستعد اللحظة للولوج في قيامة القصيدة
وتستوعب الزلزلة
يحتاج الحرف إلى استنهاض كلّ شيء
المطلق
المقيّد
والوهمي
والدوران في سلسلة الدلالة التي يفرضها مثل هذا الاستنهاض
لذلك ليس غريباً هذا التكاثر الأسطوري
في نصّ يشعل فتيل القيامة
أخي الشاعر الفذ مصطفى ملح
أحييك لأنك أنت
شاعراً مثقفاً
ومثقفاً شاعراً
يُحسن إيقاعات الثقافة في ثوب الشعر
وإيقاعات الشعر في ثوب الثقافة التي تتوارى
رؤى تستجلبها من هذا التمازج
مع المودة

زياد عمار
26/07/2009, 02:45 PM
الأخ الشاعر مصطفى ملح
سلام الله عليك ورحمته
هنا حملتني إلى عالمٍ مختلف تماماً برؤى ماورائية جاءت فذّة.
تقديري لحرفك وفكرك.

مصطفى ملح
26/07/2009, 11:19 PM
الأخ الشاعر زياد موسى العمار
أحيّيك بصدق
وأشكرك على المرور البهي والاهتمام
الدال لا محالة على نبل وجمال

محسن الحسناوي
30/07/2009, 03:09 PM
قصيدة رائعة

بارك الله فيك أخي

مجذوب العيد المشراوي
13/08/2009, 12:13 PM
هذا نص بديع أيها الأنيق ...

تغافلنا عنه ليوم الشعر والبيان ..

ألم أقل لك لا تتعجّل ؟

أرجو أن تعود إلى وطن الشعر والرؤيا وأن تكون ثقيلا كجبل التوباد ..

ههههههههههه

عبد الله جدي
14/08/2009, 02:08 AM
نص فلسفي رمزي
حاول فيه الشاعر الخروج
عن دائرة المألوف ، ليغرق
في رمزية التوظيف التاريخي
واسقاطه على الحاضر ..
لقد نجح النص في رسالته .
تحياتي أخي مصطفى .

يحيى سليمان
28/08/2009, 11:51 PM
كم أفتقد قصيدتك المختلفة الثائرة يا صديقي
كل عام وأنت بخير
أيها الشاعر المبدع

محسن شاهين المناور
29/08/2009, 11:55 AM
أخي الجميل مصطفى ملح
تذوقت ملحك فنقلني إلى عوالم أخرى خارج حدود الزمن
مرحى لك ولحرفك الجميل
دمت بخير