المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أستاذ العلوم السياسية الدكتور قيس ألنوري: الصداقة السرية الإسرائيلية الإيرانية



الدكتور أحمد الياسري
12/04/2009, 12:55 AM
الصداقة السرية الإسرائيلية الإيرانية
وحلف المصالح المشتركةد . قيس ألنوري

بعض من المعلن يؤشر جزء من حقيقة ما يجري ، لكنه بالقطع لا يعبرعن كامل الصورة لما يراد لمنطقة المشرق العربي .. صيف العام الماضي التقيت دبلوماسي أوربي في عاصمة بلاده، تحدثنا مطولاً عن شؤون المنطقة، وأنصب أغلب حديث هذا الدبلوماسي، وهو الذي يحتل منصبا رفيعا في دائرة رسم السياسات في وزارة خارجية بلده ‘ عن الغاطس من السياسات أكثر من المعلن منها.. في معرض حديثه عن العلاقات الإيرانية مع بعض دول المنطقة ، وتشابكات السياسة الخارجية الإيرانية الملتبسة ما بين أهدافها الحقيقية وما تعلنه في خطابها الرسمي الذي لا يفصح بدقة عن نواياها، بل أن المعلن من مواقف يذهب بعيدا في التعتيم على حركة نشطة تتناقض كليا مع ما يصرخ به قادة النظام ..

الرجل كان يتحدث من موقع المطلع على ملفات ، أن لم يكن هو أحد صانعي خطط حركة دبلوماسية بلده ، السرية منها بشكل خاص ،وفي هذا الصدد لم يفاجئني حديثه عن قناة سرية ما بين إيران وإسرائيل ، بدأت بالعمل منذ سنوات مضت وتحديدا عشية غزو العراق واحتلاله من القوات الأميركية بالرغم من الضجيج الإعلامي الإيراني الحريص على إعلان العداء لإسرائيل.. وعند سؤالي عن طبيعة ومرامي هذا التنسيق، كانت أجابته واضحة، تتسق وتفسر الكثير من الأسئلة الغامضة والمتناقضة لأول وهلة..

أشار إلى أن هناك نقاط التقاء أساسية ما بين توجهات الدولتين ، أولهما ، أن من مصلحتهما إضعاف العدو المشترك لهما ، العرب ، بغض النظر عن اقتراب أو ابتعاد النظم العربية من الحليف الأميركي ، ثاني أسس التقارب ، دوافعه الفهم والقناعة المشتركة بينهما ، أن الدولتين يمكن لهما أن تكونا من أهم العناصر الإقليمية لضبط منطقة المشرق العربي وبما يتسق مع دور فاعل يكمل التصورات الإستراتيجية الأميركية حيال المنطقة ، بمعنى تقاسم الأدوار طبقا للحقائق الجغرافية .. يضيف محدثي ، أن هناك تيار قوي في الولايات المتحدة الأميركية في جعل دولتين فقط من دول المنطقة تتمتعان بالقوة المرجحة على باقي الدول هما إيران وإسرائيل ( جرى هذا الحديث قبل فوز أوباما بالانتخابات الرئاسية ) .. أتضح لاحقا بعد مجيء أدارةأوباما ، أن هذا التيار تقوده هيلاري كلينتون ، مما فتح الباب على مصراعيه للانتقال بما توصلت إليه القنوات السرية المشتركة نحو سياسة أميركية معلنة بضرورات الحوار المباشر مع إيران ، بصرف النظر على عدم تراجع إيران عن برنامجها النووي والذي توجته مؤخرا بافتتاح مصنع أنتاج اليورانيوم ، وهو تطور مفصلي ونوعي في مفردات هذا البرنامج الذي سوف يتيح لها ولوج النادي النووي، لقد جاءت تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية تعقيبا على هذا الحدث: ( البرنامج النووي الإيراني لا يؤثر على الحوار بين الطرفين )..

المسارات السياسية والدبلوماسية أذاً أخذت تفصح عن مشهد بالغ الغرابة ، فمن جهة تنشط القوى الإقليمية غير العربية في بناء علاقات قوية مدعومة أمريكيا تستهدف رسم خارطة سياسية جديدة ، يقابلها ركود عربي لا يرتقي إلى مستوى الحدث ، يتجاهل الأخطار الواضحة التي تستهدف البنية القومية العربية ، بل أن بعض هذه النظم ، خاصة من الدول العربية الكبيرة ما زالت تراهن على الحليف الأميركي باعتباره الضامن لأمنها ولوجودها دولا ، ما دامت هذه النظم تستجيب بحماسة ودون روية للأملائات الأميركية ..

ما تقدم يتطلب الإجابة على تساؤل مهم، بات ضروريا من أي وقت مضى نظرا لخطورة وطبيعة المرحلة وحجم التهديد المصيري الذي يهدد الأمة،كيانا، ووجودا، وفاعلية.. لماذا لا تغادر النظم العربية الاتكاء والخنوع، وتعمد إلى حراك يساهم في تعديل السياسات والتأثير فيها من خلال تفعيل الممكنات العربية ، وهي كثيرة ومؤثرة بلا شك، أولها الإدراك بأن الحليف الأميركي ، هو حليف غير نزيه ولا يمكن التعويل عليه حتى بالوفاء للنظم الحليفة له، وأن هذا الحليف يفضل ألف مرة ترجيح وتفضيل التعامل مع القوى الإقليمية على حساب المصالح العربية ، وانطلاقا من هذا الإدراك لصياغة موقف عربي يستند إلى المقاومة باعتبارها القوة الوحيدة القادرة على أجبار الولايات المتحدة والقوى الإقليمية المتحالفة معها بالسر والعلن على تعديل سياساتها..

المشهد المنظور لا يحتمل التسويف ودفن الرؤوس في الرمال .. الخطر قادم ويسعى لاستثمار الفرصة التاريخية التي يوفرها النظام الرسمي العربي قبل غيره، عن قصد أو بدونه..
الأغرب من هذا أن أوربا، وخاصة الدول الغربية منها، تدرك بل تتخوف من نجاح أميركا في التحكم بالمنطقة وما يرتبه من الهيمنة المنفردة على مصادر الطاقة واحتكار الأسواق فيها على حساب المصالح الأوربية..
فهل يدرك العرب أن فرصتهم السانحة، الآن وليس غدا.

أشارات ذات دلالة:

( الله أكبر .. خميني راهبر )
ـ الملحق العسكري إسحاق سيغيف ورئيس الموساد إليعازر تسافرير في تحية لعودة الخميني إلى إيران في ساحة شاهياد / ميداني زادي
11 شباط / فبراير 1979

( تخيل لو كان في مقدورك إسقاط صدام حسين وإقامة جمهورية إسلامية هناك..سيؤدي ذلك إلى تغيير موازين كل شيء ، وسيكون بمقدورك الهيمنة على المنطقة ، سيكون في مقدورك الهيمنة على الشرق الأوسط بأكمله)
ـ استراتيجي سياسي إيراني تحدث عن طموحات إيران في بداية الثورة.

( كل من إسرائيل وإيران بحاجة إلى الأخر ، لطالما كان الأمر على هذا النحو ، وسيبقى الأمر على هذا النحو)
ـ محلل إسرائيلي 1986 .

( احتجنا إلى غراء جديد للتحالف مع أميركا، والغراء الجديد.. كان الإسلام الراديكالي ، وإيران هي الإسلام الراديكالي )
ـ إفرايم إنبار ـ مركز بيغن ـ السادات.