المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استدراجٌ بريء



د. محمد اسحق الريفي
14/04/2009, 10:13 PM
استدراجٌ بريء


(1)
اللقاء الأول

أعجبتني براءته وطيبته، وذهلت من صدق كلامه، فقد كان يأتي لموقع "مكتوب" ليدردش كل مساء، فينصح الناس بالتأدب والابتعاد عن الكلام الفاحش، ويذكرنا بحق الله علينا. ولم يكن مثل أولئك الأنذال، الذين يأتون بحثاً عن بنات الإنترنت، ليقيموا علاقات حرام معهن، وليتبادلوا الحديث الفاحش معهن. ولقد سئمت من أمثال هؤلاء المحترفين في إغواء البنات الإنترنت، والباحثين عن كلمات تذكي نار الغريزة في أوصالهم، وتبعث الغرور والكبر في نفوسهم.

قررت أن أدخل معه في مغامرة حب بريء، حيث مال قلبي بشدة إليه، فوجهت إليه الكلام، وأثنيت على صدقه وطيب أخلاقه، وأخبرته أنني بنت مصرية. وكعادة مرتادي مواقع الدردشة، طلبت منه التعارف بأسلوب لا يفهمه إلا من سبق له الدردشة، فكتبت له asl، ولكنه لم يجب على سؤالي، فكررت عليه السؤال، فأجابني: فلسطيني، ظناً منه أن asl تعني الأصل!

فأخبرته بأن asl تعني ثلاثة أشياء: العمر (age)، الجنس (s*x)، اللغة (language). فكتب يسألني: ولماذا تسألين عن كل ذلك؟ فأجبته: لا عليك، فلا داعي لأن تتعب نفسك، ولكنني فقط أردت أن أتعرف عليك. فأخبرني مرة أخرى أنه فلسطيني، ولكنه أخفى عليَّ عمره، فسألته عن اسمه، فأجاب: ماجد. وأخبرته أن اسمي نيفين، وتفننت في إثارة فضوله للتعرف عليَّ ومواصلة الدردشة معي، عبر طرح أسئلة كثيرة حول فلسطين، وعبر الثناء عليه ومدحه، وإظهار رغبة ملحة في الاستفادة منه في أمور الدين. استمرت الدردشة لعدة ساعات حتى ساعات متأخرة، ثم قرر الانصراف، واتفقنا على اللقاء في الليلة التالية، لإكمال الحوار.

عبد الرشيـد حاجب
14/04/2009, 10:21 PM
بداية مشوقة يا أستاذ ، والأسلوب البسيط جذاب حقا ...
في انتظار الباقي ..
تقبل مودتي وتحياتي.

د. محمد اسحق الريفي
15/04/2009, 12:14 AM
(2)
وحدة قاتلة
عاد ماجد إلى موقع "مكتوب" للدردشة والحوار في الموعد المحدد، وكان هذه المرة أشد شوقاً للحوار معي، وكأن شيئاً ما يدفعه إلى ذلك بقوة. إنها الوحدة القاتلة، التي دفعته للبحث في الإنترنت عن مواقع الدردشة، هكذا أخبرني، حيث كان في بعثة علمية في الولايات المتحدة الأمريكية لتعلم فنون إدارة المنظمات غير الحكومية، على نفقة مؤسسة أمريكية، تعمدت أن تلقي به في بيئة شديدة التنوع الثقافي، لتعلمه إضافة إلى الإدارة كيف يعيش مع الآخرين بسلام، وكيف يتكيف مع البيئة التي يعيش فيها ويتأقلم مع الظروف الصعبة.

وكان ماجد وحيداً معظم الوقت، لا يجد من يتحدث معه باللغة العربية، ولا يجد من يملأ عليه حياته ويبدد وحدته القاتلة، سوى بعض الأجانب المشاركين في الدورات الإدارية، الذين لم يشعر تجاههم بارتياح، ولم يستطع الانسجام معهم، بسبب الاختلاف الثقافي والديني بينه وبينهم. واستمر ماجد على هذا الحال لعدة أشهر، بعيداً عن الأهل والأحبة... لا أصدقاء، ولا أقرباء، غريب الدين، غريب الوطن، غريب اللغة.

كان شوق ماجد للحديث مع من يتكلم لغته العربية يزداد يوماً بعد يوم، رغم أنه كان يقضي عدة ساعات كل أسبوع في الحديث مع أهله عبر الهاتف، إلا أن ذلك لم يبدد وحدته، ولم يخفف من لوعته، إلى أن تعرف على مواقع الدردشة، وتعرف على نيفين، التي استدرجته إلى حبها، وورطته في علاقة غرامية عن بعد. لم يدرك ماجد ما ستسببه له مواقع الدردشة من مشاكل عاطفية كبيرة، فقد كان واثقاً من قدرته على الثبات أمام الإغراءات والتحديات، ومن سلامة مقصده ونيته، وكان حريصاً على دعوة المتحاورين معه للالتزام بالدين والأخلاق، والابتعاد عن الكلام الفاحش والمثير للغرائز.

د. محمد اسحق الريفي
15/04/2009, 12:20 AM
بداية مشوقة يا أستاذ ، والأسلوب البسيط جذاب حقا ...
في انتظار الباقي ..
تقبل مودتي وتحياتي.


حياك الله أخي الأديب الناقد عبد الرشيد حاجب... شكرا جزيلا لك على مرورك العطر.

في الحقيقة، مضمون الرواية يهمني أكثر من الأسلوب، والأسلوب البسيط يحقق مقصدي وهدفي، ويتناسب مع ظروفي وانشغالي الكبير.

تحية كبيرة