المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القصيدة كائن من لغة ولحم



مصطفى ملح
17/04/2009, 10:39 PM
القَصيدَةُ كائِنٌ من لُغَةٍ ولَحْم


.................................................. ..................................... يولد النص الشعري بعد مخاض قد يتجاوز التسعة أشهر ، لهذا فهو كائن حي مضمخ بالا نفعال والرؤية ، هذا المولود ا للغوي الغامض لا يفهم بطريقة التشريح التقليدية ، ولا بالزجّ به في مختبرات طبية لقياس درجة الحرارة فيه . لهذا ، علينا ان نغير أدواتنا ، لأن النص نظام (لحمي ) وليس كائنا ميكانيكيا .

الكتابة الشعرية عملية خلق عسيرة يشترك فيها العقل والحواس اللاشعور،
وتكون مدعمة بمقصدية تتسم بالحد الأدنى من الوضوح ، إضافة الى معرفة غير قليلة بأسرار الخلق الفني .
فإلى أي حد أحدث الشعر الحديث –التسعيني نموذجا – قطيعة معرفية وجمالية مع المنجز الشعري للأجيال السابقة ؟ وإذا حصل هذا ، فما هي المرتكزات التي يرتكن اليها في بناء اختلافه ؟

شخصيا ؛ أرى أننا نعيش عصر انحطاط شعري بالمعنى التاريخي والفني ..ربما يبدو هذا الكلام صادما بالنسبة الى الذين يسرهم أن يتحدثوا عن قارات وهمية فتحها الشعر الحديث .شعر العشريتين : الأخيرة من القرن العشرين والأولى من القرن الواحد والعشرين ، شعر جامد ، لا إحساس فيه ، لا شك أن كثيرا من الناس تأثروا بالرمزية والسوريالية ومزالق التجريد ووهم التغريب ، فانعكس ذلك على كتاباتهم بصورة مشوهة ؛ فلا هم كتبوا نصا عربيا محملا برائحة التراب وريح الصحراء ، ولا كتبوا نصا حديثا يستجيب لروح العصر.
هم مثل طاووس أراد أن يقلد مشية الحمامة فنسي المشيتين معا !
السوريالية كما ظهرت بأوروبا اتجاه فكري ،رؤية للمجتمع ، أسلوب انتقادي ، أنتجته ظروفه الخاصة ، وليس مسحوقا للتجميل نطلي به قصائدنا !
فما معنى أن نتسابق على سرقة الأحذية التي لم تصنع على مقاس أرجلنا !
في شعر الشباب تكرار.. الرؤية ضيقة .. ورشة العمل فقيرة .المهندس المعماري/ اللغوي تعوزه الخبرة والمراس .. المختبر الشعري غير مجهز بالأدوات الكيمياشعورية الكافية .
المنظار المستعمل لا يستطيع استشراف الكائنات المجهرية . اللغة مصابة بالحمى . العلاقة بالتراث النحوي والبلاغي هشة إن لم تكن منعدمة . ولكي يتضح هذا الكلام أكثر،يمكن تصفح المجاميع الشعرية التي ينشرها البعض باستمراروبلا خجل كما ينشرون سراويلهم في الريح !
إن الحساسية الجديدة غالبا ما تقوم على الوعي بأسرار المنتوج الشعري الذي سبقها ، الوعي بأسئلته ورهاناته ، الوعي أيضا بشروط انكتابه الداخلية والخارجية : فهل هذا متحقق في شعر الشباب ؟ إن معظمهم – سامحهم الله – لا يعرفون ما حدث شعريا في السبعينيات ! لكي تبني قارتك الشعرية الخاصة ستكون ملزما بأن تدرك عميقا جوهر الأسئلة التي سبقتك .
من أبرز نقط التشابه في شعرالشباب الاتفاق الجماعي اللاواعي على جملة من المرتكزات : تمجيد الخراب والشك . المضي غير الواثق والمتسرع نحو تحطيم وثنية اليقين والضوء . البحث في العبثي والفوضوي والمعتم .
شخصيا ، حين أتوجه صوب الكتابة ، لا أبتغي زرع الحرائق وإطلاق الرصاص على أعداء وهميين ، إن اصطناع المعارك الوهمية لعبة خاسرة أساسا ، وهي دليل على تيه الذات وعدم استقرارها .
الكتابة انطلاق من نقطة ضوء واضحة ..من نظام وجودي محدد ..من يقين ديني وفلسفي ومعرفي واضح .
أرى أن شعر الشباب يجب أن ينتبه إلى ما يلي :
القصيدة يجب أن تكون تعويضا جوهريا عن كل شيء ضاع منذ العصور الحجرية الأولى ، فهي بهذا المعنى نوع من التسامي والتعويض وخلق التوازن السيكلوجي العميق داخل عالم تحكمه الفوضى .
القصيدة في نظري مديح عالٍ للجمال والحرية والخلود . إنها بناء لواقع شعري آخرمتماس مع الواقع المرفوض . القصيدة ترمم ما فسد وتنقح ما غلط .
من واجبات القصيدة الجديدة اقتراح معنى جديد للإيديولوجيا . وتحضرني هنا قولة ( هنكلف ) " الالتزام ليس من الضروري أن يكون ارتباطا سياسيا فحسب ، فكل كاتب ملتزم ، بمعنى أن كتابته تبحث عن قيمة في عالم عديم القيم "


مصطفى ملح - المغرب

شوقي بن حاج
21/04/2009, 11:00 PM
أخي / مصطفى ملح

مقال نقدي جميل يبرز حقيقة القصيدة في مقصديتها

أعتقد أن الموضوع مهم كثيرا خاصة للشعراء الشباب

تقبل القصائد كلها

مصطفى ملح
01/05/2009, 05:57 PM
الأديب المحترم شوقي بن حاج:
أحييك بإخلاص ومودّة وأشكرك على الانطباع الطيب الذي تركه فيك نصي المتواضع،
فالنص لا يتمتع في نظري بقوة النقد أكثر مما يميزه بعض الصدق والرغبة الملحة
في إبداء الرأي بشكل تلقائي ..
طبعا أنا شاعر، غير أني أحب بين الفينة والأخرى أن أكوّن رأيا حول أسئلة الشعر
ومشكلاته الصغيرة والكبيرة ووضع اليد على أهم المثبطات المعرقلة لتطور الشعر
خاصة عند الشباب ..
لك محبتي